تتجسد الثقافة في الإسهام العقلي لمختلف فروع المعرفة الإنسانية، وهو ما تبني عليه الأمم حضارتها، وبما أن الحضارة هي التطبيق العملي لذلك التراث الثقافي، فهما إذن معيار تقدم الأمم وانحطاطها. كما أن العلاقة بين الثقافة والحضارة علاقة طردية شريطة التطبيق العملي، فكلما ازدادت الثقافة في أمة من الأمم ازدادت حضارتها، وكلما ضعفت الثقافة في أمة من الأمم ضعفت حضارتها، فالثقافة أشبه بالبناء التحتي التي تبني عليه الأمم حضارتها، فلا وجود لحضارة دون ثقافه تشكل وعيَّها وتنير عقول رجالها. ويخضع ذلك التشكيل لكثير من التحديات من قبل هيمنة الحضارات المتقدمة على الأمم المتأخرة في سياق زماني ومكاني معين.