لغة العتقاء فى وليمة تريمالكيو لبترونيوس

        يُعرف إنجاز بترونيوس Petronius (كان قنصلاً حوالى عام 62م ومات عام 66م) الأدبى بالساتيريكا Satyrica أو كتب الساتيريكا Satyricon Libri, وتقع الساتيريكا فى ستة عشر كتاباً, وصلتنا منها شذرات من الكتب الرابع وفقرة طويلة بعنوان: "وليمة تريمالكيو Cena Trimalchionis" ربما هى فقرة من الكتاب الرابع عشر والخامس عشر. ([1])

        وبالنسبة للوليمة فقد قام تريمالكيو([2]) بدعوة مجموعة من أصدقاءه العتقاء, هم: داما Dama, وسليوكوس Seleucus, وفيليروس Phileros, وجانيميديس Ganymedes وإكيون Echion, وهابينّاس Habinnas, وهيرميروس Hermeros, ونيكيروس Nicros, وفى منتصف الوليمة ([3]) استأذن تريمالكيو ضيوفه بالذهاب إلى المرحاض, معطياً الفرصة لهم بالتحرر من حضور المضيف الخانق, فتحدث سلسلة من الحوارات يتخللها العديد من الأخطاء والخروقات اللغوية,([4]) وقد قام الباحث بتقسيم سمات مفردات حديثهم إلى ثلاثة أجزاء: سمات صوتية, وسمات تراكيبية, وسمات صرفية.

 

([1]) أحمد عتمان: الأدب اللاتينى ودوره الحضارى فى العصر الفضى, أيجيبتوس, القاهرة 1990, صـ190.

([2])  بعد وفاة سيده أصبح تريمالكيو Trimalchio وريثاً له, لأن سيده كان بلا أطفال, ومن ثم أصبح تريمالكيو متحرراً من الالتزامات التى تربط العتقاء بأسر أسيادهم السابقين. وبالنسبة لنشاطه بعد أن عُتق فكانت التجارة فى مقدمة اهتمامته ثم تلتها الزراعة والصناعة, ويرجع دى أرمس D' Arms مهارة تريمالكيو فى التجارة إلى أنه كان يتولى أنشطة سيده التجارية قبل العتق وبعده, فكانت لديه خبرة مسبقة, كما ساعدت إقامة تريمالكيو فى بوتيولى Puteoli على نجاح تجارته, لأن بوتيولى كانت الشريان التجارى الثانى بعد روما Roma. وبشكل عام وردت صورة المحرر الثرى فى العديد من الأعمال الأدبية, نذكر منها على سبيل المثال: ناسيديينوس Nasidienus عند هوراتيوس Horatius (Satires 2.8), وكالفيسيوس سابينوس Calvisius Sabinus عند سينيكا Seneca (Ep.27). وقد تشابهت شخصية تريمالكيو مع صورة مايكيناس Maecenas عند سينيكا فى (Ep.114) فكل منهما يرافقه اثنان من العبيد المخصيين, وتتسم موائدهم بالإسراف, كما تشابهت الأشعار التى تلاها تريمالكيو على ضيوفه (34.10, 55.6) فى اللغة والمحتوى مع الشذرات الباقية من شعر مايكيناس. وقد امتدت ممتلكاتهما لصقلية Sicilia وإفريقيا Africia, كما كانت رعايتهما للآداب والفنون محل سخرية. وقد امتلأت شخصية تريمالكيو بالمتناقضات ففى الوقت الذى يبحث فيه عن إخفاء ماضيه عن طريق ارتداء الخاتم الذهبى الخاص بطبقة الفرسان (32.3) وتقليده لسلوك النبلاء, نجده يسجل تاريخ حياته منذ العبودية على جدارية علقها على أحد أعمدة رواق منزله (29.3-5), ولم يكتف بذلك فقد أشار إلى ذلك التاريخ فى الوليمة أيضاً (69.3, 75.10-11). وبرغم جهله كان يتباهى بعلومه المتحررة كالخطابة والفلسفة ونظم الشعر, فقد ألقى على ضيوفه قصيدة شعرية بالوزن الخماسى عن علم التنجيم (39.3-4, 10) شابها العديد من الأخطاء اللغوية, وفى الفصل (63) ألقى على ضيوفه قصة "الساحرات" التى تشبه إلى حد كبير القصص الشعبى, حاول فيها تريمالكيو تقليد الأساطير الإغريقية, لكنها ظهرت مفككة.   

Cf.D'Arms, John H. 1981. Commerce and Social Standing in Ancient Rome. Cambridge, Mass. and London, pp.97-120, Sullivan J.P. 1968. The Satyricon of Petronius: A Literary Study. Bloomington and London, pp.46-47, and Baldwin, Barry 1971, "Trimalchio and Maecenas", Latomus 43, pp.402-403.

([3]) بالنسبة لمكان الوليمة فقد اقترح الباحثون أن تريمالكيو أقام تلك الوليمة فى كامبانيا Campania, لكن سولليفان رجح Sullivan بوتيولى كمكان للوليمة, أما دوثوى Duthoy فيرى أن لقب sevir augustalis "الحاكم الأوغسطى" المستخدم فى الوليمة فى (30.2, 57.6, 65.5,71.2) لم يكن شائعاً فى كامبانيا, فى حين تم وصف مكان الوليمة بـ  Graeca Urbs "المدينة اليونانية" وهو ما ينطبق على بورتيوم Bruttium. Cf.Sullivan J.P.op.cit., pp.46-7.                                             

([4]) Bret Boyce 1991, The Language of The Freedmen in Petronius' Cena Trimalchionis, New York, p.3.