دراسة تحليلية لبرولوج رواية التحولات لأبوليوس تعود شهرة أبوليوس( ) (Apuleius) (123- 180م) فى الأدب العالمى إلى مؤلفه الذى يحمل عنوان التناسخات أو التحولات( )(Metamorphoses) وإن ذاع صيت العنوان الآخر لنفس العمل وهو "الحمار الذهبى"( ) (Asinus Aureus)، تلك القصة اللاتينية الوحيدة التى وصلت إلينا كاملة. وتتمتع هذه القصة بقدرة فائقة على الخيال والسخرية والإثارة والمتعة. ( )أما بالنسبة لموقف القراء من الروايات التى تتناول تحولات البشر فقد ذكر لنا بلينيوس الأكبر (Plinius) (23- 79م) أنهم لم يأخذونها مأخذ الجد. ( ) homines in lupos verti rursusque restitui sibi falsum esse confidenter existimare debemus. ( ) "يجب أن نحكم عليها بشكل واثق إنها (حكايات) زائفة تلك التى (تسمح) للرجال أن يتحولوا إلى ذئاب ثم يعودوا إلى شكلهم الأصلى بعد ذلك". وفيما يتعلق بأعماله الأدبية الأخرى يدّعى أبوليوس أنه كتب فى شتى المجالات (omnigenus): ملاحم epos))، وشعر غنائى lyrae))، وكوميديا (soccus)،( ) وتراجيديا (coturnus)،( ) وهجاء (satirae)، وألغاز (griphi)، وتاريخ (historiae)، وخطب (orationes)، ومحاورات فلسفية (dialogi philosophi)، وموضوعات آخرى (alia) بكلتى اللغتين اليونانية (Graece) واللاتينية (Latine). ( ) أما بالنسبة للرواية فقد قدم كوينتليانوس (Quintilianus) (30/ 35- 100م) تعريفاً لها بأنها عرض لأحداث الماضى الفعلية (res gestae) أو المفترضة (res ut gestae). ( )وفيما يتعلق بأحداث الرواية فقد قام شيشرون (Cicero) (105- 43 ق.م) بتقسيمها إلى ثلاثة أركان: "التاريخ" (historia) الذى يتناول حقائق من الماضى، مثل إعلان أبيوس( ) (Appius) الحرب على القرطاجيين (Carthaginienses)، وكان "البرهان" (argumentum) هو الركن الثانى من تقسيم شيشرون، وهو عبارة عن قصة محتملة لأحداث ربما تكون قد حدثت بالفعل فى الماضى، مثل القطع التفسيرية فى الكوميديا وفن الميموس، أما الركن الثالث والأخير فيتمثل فى "القصة" (fabula) وتطلق على القصة غير محتملة الحدوث، ولا يمكن تصديقها لأنها تشتمل على أحداث ليست حقيقية (nec verae res continentur) ولا تشبه الحقيقة (nec veri similes)، ( ) وهو ما ينطبق على الرواية التى بين أيدينا. أما بالنسبة للبرولوجوس () فيرى دوناتوس( ) (Donatus) (القرن الرابع الميلادى) أنها كلمة يونانية تنقسم إلى شقين: حرف الجر () بمعنى "قبل" و () بمعنى "كلمة" والكلمة اصطلاحاً مشتقة من الفعل اليونانى () ويعنى "يفتتح" رواية أو مجموعة روايات. correpte dicitur, non producte .( ) "يُسمى البرولوجوس بإيجاز من (العبارة): "ما يُقال أولاً، وليس ما يُقال أولاً" من حيث الطول". وتكمن وظيفة البرولوجوس فى تقديم بعض التفاصيل التى تهدف إلى إمداد القارئ بخلفية لما تشتمل عليه الرواية من أحداث، وقد يتضمن البرولوجوس أسلوب الرواية ولغتها، وقد يتناول أيضاً حبكة الرواية على لسان الراوى، كما يشتمل البرولوجوس على الأماكن التى شهدت أحداث الرواية وتحديد هوية الراوى، وهو ما ينطبق على برولوجوس الدراسة التى بين أيدينا. ويهتم هذا البحث بدراسة تحليلية لبرولوجوس رواية التحولات لأبوليوس من خلال ثمانية محاور: أسلوب الرواية، وصورة مصر، وحبكة الرواية، وهوية الراوى، ومواقع أحداث الرواية، ولغة الرواية، واعتذار الراوى، وخاتمة البرولوجوس.