ملخص بحث:

"دراسة تحليلية للإليجية السابعة من الكتاب الرابع لبروبيرتيوس"

        تنتمى هذه القصيدة إلى الإليجية القصصية يلعب فيها بروبيرتيوس Propertius (تقريباً 50-45 ق.م- 15م) دور الراوى الذى يسرد لنا كيف عادت كينثيا Cynthia من العالم السفلى على نحو غير متوقع, ويُعتبر شبح كينثيا هو محور الأحداث فى إطار قصصى يلقى فيها بروبيرتيوس الضوء على علاقته بكينثيا من خلال عملية استرجاع فنى بإيراد أحداث ومشاهد وقعت فى زمن سابق. وقد انقسمت هذه الإليجية إلى ستة أجزاء:

أولاً: وصف شبح كينثيا:

       بعد هروب شبح كينثيا من المحرقة الجنائزية, كان بروبيرتيوس راقداً بمفرده فى فراشه حزيناً على موت كينثيا, فإذا به يرى شبح كينثيا واقفاً أمام فراشه, ومن ثم يقدم لنا الشاعر وصفاً دقيقاً لمظهر كينثيا من حيث قصة الشعر والعينين والشفتين حتى الرداء والأصابع.

ثانياً: شكاوى كينثيا:

   يتحول محور حديث الشبح من كينثيا التى تذكر المحب الغافل إلى سيل من الشكاوى التى تبدأ بافتقار جنازتها إلى وجود نائحة praefica تقوم بالنداء conclamatio على إسمها لتثير عاطفة المشيعين. أما شكوى كينثيا الثانية فترجع إلى تقصير بربيرتيوس فى استئجار الحارس ذى العصا المشقوفة التى كان يطرد بها الأرواح الشريرة المحيطة بالجثمان. وتتمثل الشكوى الثالثة فى إهمال بروبيرتيوس الذى أدى إلى إصابة رأس كينثيا بالقرميد المكسور. ويواصل شبح كينثيا شكواه باتهام بروبيرتيوس بالقسوة لأنه لم يحزن على فراقها والتكاسل فى السير فى موكب الجنازة. لم تكن القسوة آخر شكاوى كينثيا, فنجدها هنا تعاود اتهامها للشاعر بالإهمال فى البحث عن مكان به رياح مناسبة تساعد على زيادة اشتعال المحرقة الجنائزية, وافتقار المحرقة لمرهم الناردينلإخفاء الرائحة الكريهة للجسد المحترق, كما أهمل الشاعر إلقاء الزنبق على الجثمان, وأخيراً لم يهتم بروبيرتيوس بسكب الخمر على رماد الرفات.

ثالثاً: قَسَم كينثيا:

        تُقسم كينثيا بأنشودة إلهات القدر بإخلاصها لبروبيرتيوس أثناء حياتها, ومقابل ذلك الإخلاص تكافأها الآلهة, وإن كانت كاذبة فى قسمها فلتعاقبها الآلهة.

رابعاً: صورة العالم السفلى:

        صور بروبيرتيوس مياه العالم السفلى أنها منقسمة إلى تيارين متعارضين, يسير فى كل تيار فئة معينة كل حسب الذنب الذى اقترفه فى عالم الأحياء. بدأ بروبيرتيوس وصفه للعالم السفلى بالآثمين وخاصة الزناة أمثال كليتمنسترا وباسيفاى الذين يعتقد أن عقابهما يتمثل فى أن تسير بهما المركب سجينة بلا هدف فى مياه تارتاروس Tartarus القاحلة. أما مصير المحبين المخلصين من وجهة نظر بروبيرتيوس فيعتقد أنهم يسيرون فى مركب شراعية مكللة بزهور الفردوس Elysium وسط أجواء احتفالية راقصة. ووسط هذا الجو الاحتفالى تحكى بطلات بروبيرتيوس اللاتى فزن بالفردوس عن معاناتهن فى الحياة الدنيا التى كانت سبباً رئيسياً فى النجاة من جحيم تارتاروس.  

خامساً: وصايا كينثيا:

        تقدم كينثيا وصاياها لبروبيرتيوس فى صورة أوامر, حيث توصيه بحسن معاملة عبيد منزلها, وحرق جميع القصائد التى كانت هى بطلتها, والاهتمام بنظافة مقبرتها. وفى مشهد طبوغرافى لطبيعة مكان مقبرة كينثيا تقدم وصيتها الأخيرة, وهى تتعلق بمفردات شاهد القبر ومكانه.

سادساً: حياة الأشباح:

   تنهى كينثيا بروبيرتيوس عن ازدراء ذلك الحلم, وتصف له حياة الأشباح وكيف يُطلق صراحها ليلاً لتتجول كما تشاء ثم تعاود مع ضوء الفجر إلى مستودعها طبقاً لقوانين العالم السفلى. وعلى أمل أن يلقاه فى العالم الآخر يتلاشى شبح كينثيا من أمام الشاعر ويتركه لكل من تستطيع أن تمتلك قلبه وتعبث به. 

د/ طه محمد زكى عبد المعطى – قسم الدراسات اليونانية اللاتينية – كلية الآداب جامعة سوهاج