تتزايد القناعات بأهمية التعليم في تحقيق النمو الاقتصادي المنشود نتيجة آراء عديدة أبرزت أهمية جودة التعليم في النمو الاقتصادي من خلال العوائد الإيجابية للتعليم علي المجتمع الإنساني ، والتي تمثلت قي تقدم المعارف وظهور التكنولوجيا الحديثة وازدهار وسائل المواصلات ، إلي جانب أن النظريات الاقتصادية أبرزت علاقات متمايزة ما بين مستويات إنتاجية الأفراد وبين مستوياتهم التعليمية ، وأن التعليم- غالباً- ما يؤدي إلي تحسن نسبي في مستوي الإنتاجية بين الأفراد ، ومن ثم في عمليات النمو الاقتصادي . كما أشارت الدراسات المرتبطة بالنظريات التي عرضتها الدراسة الحالية إلي العديد من فوائد التعليم في النمو الاقتصادي من خلال نشر المعرفة ، وتوسيع الأفق ، وترقية الشخصية ، ومنع الجريمة، وتنمية سلوكيات الأفراد ، فهذه العوامل تعتبر محددات هامة في النمو الاقتصادي . - ففي ضوء رؤية نظرية رأس المال البشري وتفسيراتها حول أثر جودة التعليم في النمو الاقتصادي للمجتمعات الإنسانية ظهر مدي استفادة مشروعات النمو الاقتصادي من كافة أشكال وقدرات رأس المال البشري ، حيث يمكن زيادة هذه القدرات عن طريق التعليم ، والتدريب ، والخبرة والرعاية الصحية ، وهلم جرا. في حين أن الاستثمار في التعليم كرأس مال بشري يؤدي أيضا إلى تحسينات في الكفاءة الفنية والتخصيصية ، وهذه من آثار التعليم على الأداء الاقتصادي من وجهة نظر نظرية رأس المال البشري . - كما تفترض نظرية متطلبات القوى العاملة أن التعليم يساعد في تنمية المهارات والقدرات وسمات الشخصية بين الأفراد ، وأن التعليم أحد ركائز التطور الاقتصادي والاجتماعي للفرد وللمجتمع علي السواء من خلال إعداد العمالة اللازمة لسوق العمل كما أن نقص العمالة في بعض المهن في سوق العمل يؤدي إلي خلل فيه ، هذا الخلل يأتي بتأثيرات متمايزة في فعاليات النمو الاقتصادي في المجتمع ، حيث إن مؤثرات الأداء بين هؤلاء العمال في وظائفهم بالمؤسسات الإنتاجية هي االإنجاز التعليمي ، والتأهيل التدريبي للفرد ، إضافة إلي موقف الفرد وتسلسله في الهيكل المهني والسلم الوظيفي بها . - ووفقاً لنظرية قطاعات سوق العمل فقد أصبحت "المهارات العامة" لدي العديد من الأفراد والمكتسبة من خلال النظم التعليمية الرسمية غير كافية وعلى نحو متزايد في دخول سوق الإنتاجية في قطاعات معينة ، ومن ثم فالكثير من هذه المهارات العامة والمكتسبة من النظم التعليمية الحالية يجب تعديلها من أجل أن تتواءم مع متطلبات قطاعات سوق العمل . كما أن معدلات الأجور ترتبط بصورة أكبر بنمط العمل الذي يمارسه الشخص في قطاع محدد من قطاعات سوق العمل ، وليس راجعاً إلى المؤهلات الدراسية التي حازها هذا الشخص أو ذاك ، كما أن الزيادة في الأجور المستحقة ليست متجاوبة تماماً مع النقص أو الزيادة في فئات معينة من العمال . إن الاختلافات في مستويات التعليم بين الأفراد لا تعكس بالضرورة الاختلافات في الأرباح، وفي إحداث فعاليات النمو الاقتصادي المنشود في المجتمع . - أما نظرية التنافس في الوظيفة فقد قدمت رؤية مغايرة لما جاءت به نظرية رأس المال البشري حول إسهامات التعليم في النمو الاقتصادي ، فالتوسع التعليمي من وجهة نظرها لم يسهم في النمو الاقتصادي بالصورة التي رسمتها نظرية رأس المال البشري . ومن ثم وجدت هذه النظرية أسباباً للتفكير بأن رأس المال البشري- من خلال البنية المعرفية المكتسبة خلال المراحل التعليمية - لديه تأثير في استيعاب تكنولوجيا العصر ، ولكن قدرة المجتمع على اعتماد التكنولوجيات الجديدة في سوق عمله من أساسيات النمو الاقتصادي . ومع ذلك، فإن معوقات كثرة تعيق هذا الأمر مثل عدم كفاية رأس المال البشري المنتج من أنظمة تعليمية حالية ، وهكذا ظهرت فعاليات اقتصادية أخري لتقييم الاستثمار في رأس المال البشري والدعوة إلي جودة التعليم من أجل نمو اقتصادي مثمر .