ورقة عمل حول

 

استثمار القطاع الخاص في التعليم قبل الجامعي: رؤى مستقبلية

 إعداد

  • د/ نبيل سعد خليل جرجس

أستاذ التربية المقارنة والإدارة التعليمية المتفرغ

كلية التربية – جامعة سوهاج

 

مقدمة:

شهد العالم في السنوات الأخيرة من القرن العشرين تغيرات متسارعة على كافة المسارات السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية، بل وعلى التركيبة السكانية والأنماط والعادات الاجتماعية للأفراد داخل المجتمعات.

وبلغت هذه التغيرات ذروتها بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وانحصار نظرية الملكية الجماعية وهيمنة الحكومات على كافة المشروعات الاقتصادية والخدمية داخل الدولة، أمـام الفكر الرأسمالي وسيادة آليات السوق والذي بدأ يقوى ساعده ويبسط سيطرته على كافة المنظمات الدولية العاملة في مجال المال والاقتصاد وبالتالي على دول ومجتمعات العالم الثالث.

ولم يكن التعليم بمنأى عن هذه التغيرات حيث تعالت بعض أصوات الساسة والمثقفين التي تنادى بضرورة تخلى الدولة عن بعض مسئولياتها الاجتماعية السابقة نظراً لمحـدودية مواردها مع تزايد أعباء الحياة، وأصبحت الدعوة إلى مشاركة القطاع الخاص وإسهامات رجال الأعمال في دعم وتمويل التعليم من الجوانب الحيوية مع بداية القرن الحادي والعشرين في معظم دول العالم، ومنها جمهورية مصر العربية. وترتبط زيادة اللجوء إلى التعليم الخاص بسيادة أيديولوجية الخصخصة المؤثرة تأثيراً بالغاً في عالمنا اليوم، وهي أيديولوجية تتجه إلى تخفيض وتقليل الإنفاق العام على التعليم وزيادة دور القطاع الخاص فيه، لتضاؤل قدرة الدولة على توفير التعليم المتميز لكافة الأفراد بالمستوى المناسب الذي ينبغي تحقيقه.

وازدهار التعليم الخاص يمكن أن يسهم في علاج الكثير من المشاكل التي تواجه السياسة التعليمية في مصر مثل البيروقراطية وضعف الإنتاجية ونقص الجودة وقصور التمويل وانـعكاساته على كافة جوانب العملية التعليمية. فمن المأمول أن يشهد القـرن الحادي والعشرون نمو هذا النمط من التعليم، نظراً لأنه يلبى حاجات كل من المجتمع، وسوق العمل والأفراد، فخصخصة بعض المدارس قد يتيح الفرصة لعلاج الكثير من المشاكل التي تواجه السياسة التعليمية في مصر، لذا يجب على الدولة أن تسعى لإزالة أي عوائق تكون من شأنها إعاقة القطاع الخاص عن المشاركة في تمويل التعليم وذلك في ضوء الاعتبارات الأساسية التالية:

-   إن وجود المدارس الخاصة ضرورة تفرضها ظروف المرحلة التي تمر بها البلاد حالياً ويتحتم بقاؤها لتؤدي مع الدولة بعض التزاماتها في التعليم.

-   ضرورة العمل على قيام المدارس الخاصة بأداء الخدمة التعليمية بصورة مرضية تكفل النهوض بمستوى التعليم، ومواصلة الارتقاء به.

-   زيـادة رعاية الدولة ومعاونتها للمدارس الخاصة بجميع وسائل المعاونة الممكنة مع الرقابة عليها.

-   كفالة عائـد مناسب لرؤوس الأموال الخاصة المستثمرة في إنشاء المدارس الخاصة باعتبارها قطاعاً خاصاً يؤدى خدمة عامة تمشياً مع سياسة الدولة في هذا الشأن دون استغلال.

وإذا كانت زيادة مشاركة القطاع الخاص في التعليم تعد ظاهرة صحية إذ أدت إلى استقطاب جزء من التلاميذ القادرين على تحمل تكلفته، وإذ أدى ذلك إلى إيجاد نوع مرتفع النوعية من التعليم يؤدى إلى زيادة التنافسية والارتقاء بمستوى التعليم بصفة عامة إلا أنه من المشكوك فيه أن هذا هو ما حدث بالفعل في جمهورية مصر العربية.

فالدافع وراء إنشاء هذا النوع من التعليم هو تدنى مستوى التعليم الحكومي وانتشار ظاهرة الدروس الخصوصية، الأمر الذي دفع أولياء الأمور إلى إلحاق أولادهم بهذه المدارس التي نشأت للإفادة من هذا الوضع (بدافع الربح) والتي لا يرتفع مستواها عن التعليم الحكومي باستثناء بعض مدارس اللغات ذات المصروفات الباهظة والتي تؤدى على المدى الطويل إلى تعميق عدم تكافؤ الفرص التعليمية بين المواطنين.

مفهوم الخصخصة:

يُعد مفهوم الخصخصة من أكثر المفاهيم إثارة للجدل والاختلاف، فعلى الرغم من كثرة تداوله في الحياة اليومية، إلا أنه لا يوجد تعريف واحد ومحدد يتفق عليه الجميع، فالخصخصة هي الترجمة العربية المستخدمة في مصر لمصطلح Privatization، وهناك من يطلق عليها "التخصيصية" مثل صندوق النقد العربي والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، وقد تسمى "إعادة الهيكلة" كما هو الحال في التجربة التونسية، أو "الأهلية" في التجربة السورية، أو "الخوصصة" كما يقول أهل المغرب.

وفيما يلي عرض لبعض هذه المفاهيم:

-   الخصخصة هي عملية نقل ملكية أو إدارة المؤسسات العامة الصناعية أو التجارية أو الخدمية إلى القطاع الخاص، وهي عملية تقلل من الأعباء الإدارية والمالية والاقتصادية للقطاع العام من خلال مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.

-   ويعرف البنك الدولي الخصخصة على أنها "زيادة مشاركة القطاع الخاص في إدارة ملكية الأنشطة والأصول التي تسيطر عليها الحكومة أو تملكها".

-   والخصخصة هي وسيلة وأداة مهمة من أدوات الإصلاح الاقتصادي الذي بوحيه يستعيد الاقتصاد حيويته وفاعليته عن طريق إحياء دور وروح المبادرة الفردية والمنافسة بين قوى الإنتاج والعمل في الاقتصاد الوطني.

-   كما أن الخصخصة هي طريقة تفكير براجماتية تقوم على تصور نظام جيد لتقسيـم العمل والمهام داخل الاقتصاد القومي بين الحكومة والقطاع الخاص، يتم من خلاله تخلى الحكومة عن بعض المهام والأنشطة للقطاع الخاص وليس العكس.

وعلى الرغم من تعدد المفاهيم التي تحاول تحديد معنى الخصخصة، إلا أنها تدور حول ثلاثة اتجاهات أساسية على النحو التالي.

أ - تعنى الخصخصة توسيع الملكية الخاصة، ومنح القطاع الخاص دوراً متزايداً في الاقتصـاد القومي. ويقصد بتوسيع الملكية الخاصة انخفاض نصيب الدولة نسبياً من النشاط الاقتصادي عن طريق زيادة نصيب القطاع الخاص.

ب- كما تعتبر الخصخصة وسيلة للتخلص من الوحدات الخاسرة في القطاع العام، الأمر الذي يشير إلى أن تحول هذه الوحدات الخاسرة إلى القطاع الخاص يؤدى إلى ارتفاع مستوى الإنتاجية في هذه الوحدات وبالتالي زيادة الربح.

ج- وأخيراً تعنى الخصخصة الرغبة في التحرر من الاقتصاد الاشتراكي والتحول نحو اقتصاد السوق، ومواكبة النظام العالمي الجديد.

مفهوم خصخصة التعليم:

في ضوء المفاهيم السابق عرضها لمفهوم الخصخصة بصفة عامة وما يتضمنه مفهوم التعليم، توصل الباحث إلى مفهوم خصخصة التعليم قبل الجامعي على أنها: السياسة التي تهدف إلى جعل التعليم خاصاً وليس حكومياً، بمعنى أن يسمح بإنشاء مدارس مملوكة لأفراد أو شركات أو هيئات غير حكومية، لا يكون هدفها أساساً التربح ولا يمنع هذا أن يكون لها عائدها الاقتصادي للقائمين على إنشائها والاستثمار فيها، وأن تستهدف هذه المدارس نفس الأهداف التي تقصدها المدارس الحكومية.

والمتأمل للسياسة الاقتصادية في مصر وانعكاساتها على السياسات التعليمية في توجهاتها الحالية في خصخصة التعليم في كافة مراحله وأنواعه يلحظ زحف رأس المـال الخاص وشركات توظيف الأموال تدريجياً إلى قطاع التعليم، وعلى أنواع معينة من هذا القطاع تقل فيها تكلفة التعليم ويزداد فيها عائد الربح تحت شعار مساعدة الدولة في توفير الخدمات التعليمية.

أهداف خصخصة التعليم قبل الجامعي:

تهدف فكرة اللجوء إلى الخصخصة في التعليم إلى تحقيق العديد من الأهداف والتي من أهمها ما يلي:

  • ضخ المزيد من الاستثمارات في قطاع التعليم لزيادة فرص استيعاب المتعلمين في المدارس وتوفير المساعدات التعليمية لهم.
  • إيجاد مصادر مأمونة للاستثمار الفردي والجماعي في مجال التعليم.
  • حث المشاركة الشعبية في تملك وإدارة المدارس لرفع مستوى المؤسسات التعليمية.
  • الارتقاء بمستوى كفاءة وفعالية الأداء بالمدارس ومواجهة التحديات والمشكلات التي تعاني منها.
  • العمـل على تقليص دور الحكومة في أداء الخدمات التعليمية المختلفة، والسماح للقطاع الخاص بالقيام بدوره في أدائها، وذلك لتعويض عدم قدرة الدولة على الإنفاق على التعليم بالشكل الذي يحقق جودة وإنتاجية متميزة.
  • توسيع نطاق المنافسة في تقديم العملية التعليمية بين مدراس القطاع الخاص والمدارس الحكومية بما يحقق في النهاية الارتقاء بمستوى الأداء والارتقاء به.
  • خلق سياسة تعليمية مرنة تسمح بمواكبة الاحتياجات المتغيرة التي يواجهها المجتمع.
  • العناية ببعض الدراسات العملية والتطبيقية وإدخال تكنولوجيا التعليم إلى مجالات متنوعة بالمدارس.
  • الاستخدام الأمثل للموارد الموجهة للعملية التعليمية بالمدارس.
  • ضمان قيام الإدارة المدرسية بالعمل وفقاً لمعايير ومتطلبات الإدارة الحديثة.
  • تحقيـق التوظيف الكامل لكافة مدخلات العملية التعليمية وتحسين جهود الأفراد ورفـع مستواهم وكفاءتهم الفردية والاستفادة من الموارد بشكل كفء، وزيادة عائد ونتائج العملية التعليمية.

خصخصة التعليم قبل الجامعي بين التأييد والمعارضة:

تقوم المنطلقات الفكرية لخصخصة التعليم قبل الجامعي على عدد من الأسس التي تتطلب تنفيذ مجموعة من الاستراتيجيات، حيث يعتقد المدافعون عن الخصخصة أن تطبيـق آليات السوق الحر هو أفضل السبل لنجاح أي إدارة وأي مؤسسة، في حين تعتقد مجموعة أخرى من الأفراد أنه يجب تخفيف الأعباء عن الأسر التي ترغب في إلحاق أبنائها بالمدارس الخاصة هرباً من التعليم منخفض الجودة في المدارس الحكومية، ويرى المدافعون عن خصخصة التعليم أنها سوف تمنح الفرصة للتلاميذ الفقراء لكي يلتحقوا بنفس المدارس التي كانت مقصورة على أبناء الطبقة الوسطى العليا.

ويؤكد هؤلاء أن خصخصة التعليم سوف تقلل من عدد الإداريين العاملين في المدارس، وأنها سوف تعمل على جعل المدارس أكثر قابلية للمساءلة وللمحاسبية، وأنها سوف تحسن من التحصيل الدراسي للتلاميذ. وفي ظل القيود المالية التي تواجه التعليم الآن يرى المدافعون عن الخصخصة أنها سوف تجعل المدارس أكثر فاعلية واقل تكلفة. وفيما يلي وجهات النظر حول خصخصة التعليم قبل الجامعي.

أ - تأييد الخصخصة على مستوى التعليم قبل الجامعي:

يستند الاتجاه المؤيد لهذه السياسة إلى ما يلي:

-   أن الخصخصة سوف تحسن من العملية التعليمية، ففي ظل الخصخصة سوف تجبر المدارس على التنافس، وسوف تجتذب المدارس التي تقدم تعليماً مرتفع الجودة التلاميذ في حين أن المدارس التي تقدم تعليماً منخفض الجودة سوف تضطـر إلى تحسين التعليم المقدم فيها حتى لا يهجرها التلاميذ وتضطر إلى إغلاق أبوابها.

     ويعتقد المدافعون عن الخصخصة بوجود عاملين يخلقان الأوضاع الملائمة لعمل قوى السوق هما: أولياء أمور التلاميذ، والمعلمين والإداريين العاملين داخل المدرسة. وفي ظل خصخصة التعليم سوف يختار أولياء أمور التلاميذ أفضل المدارس لأبنائهم، كما سوف يسحبون أبناءهم من المدارس غير الفعالة، أما المعلمون والإداريون فسوف يبذلون في ظل الخصخصة أقصى ما في وسعهم للاحتفاظ بالتلاميذ، ومن ثم بوظائفهم.

-   أن التعليم الخاص يقدم مستوى متنوعاً ومتميزاً من التعليم لا يوفره التعليم العام، كما أن عدداً غير قليل من المثقفين أصبحوا يفضلون إلحاق أبنائهم بهذا النوع من التعليم سعياً منهم لضمان تعليم متميز لأبنائهم، بالإضافة إلى رغبة بعض الـدول في التخفيف من الإنفاق العام على التعليم والذي يرهق موازنتها.

-   ويرى المدافعون عن الخصخصة أن الخصخصة في مجال التعليم تعمل على.

  • مـلء الفجوات التي لا يمكن تلافيها في تقديمات التعليم العام نتيجة الوضع المتمثل في تزامن الانفجار السكاني المتزايد مع الضائقة الاقتصادية.
  • تلبيـة الطلب الخاص الناشئ عن الاختلاف الثقافي بين المجموعات السكانيـة التي يتكون منها سكان البلد الواحد. وقد يكون هذا الاختلاف لغوياً أو دينياً أو اجتماعياً، بمعنى حرص أولياء الأمور على إبقاء أبنائهم في إطار طبقتهم الاجتماعية، أو الإصرار على التحاق البنات بمؤسسات لا تطبق سياسة الاختلاط بين الجنسين في جميع مراحل التعليم.
  • أن المدارس الخاصة ليست مكبلة بالقيود البيروقراطية كما هو الحال في المدارس الحكومية، ومن ثم فهي قادرة على اتخاذ عدد من القرارات وتنفيذها على المستوى المحلى داخل المدرسة.

-   أن التـزام الدولة بالتعليم لا يعنى أن يكون تمويل التعليم والإنفاق عليه مسئولية الدولة وحدها، فالدولة مع حرصها الشديد على توفير الإنفاق المناسب على التعليم لا تستطيع الاستمرار في تحمل نفقات التعليم، فالزيادة السكانية وما يصاحبها من زيادة في أعداد التلاميذ تشكل عبئاً على ميزانية الدولة، ومن ثم فلا سبيل سوى قيام القطاع الخاص بدوره في الإسهام في تمويل التعليم والإنفاق عليه.

-   يؤكد المدافعون عن الخصخصة أن الاعتماد المتزايد على قوى السوق في توفير التعليم له عدة فوائد مثل تقليل التكاليف، وتحسين الكفاءة الاقتصادية، ووفقاً لآراء هؤلاء المؤيدين تعتبر التعقيدات الإدارية، وكثرة أعداد الإداريين العاملين بالمدارس وبالإدارات التعليمية أحد أسباب خصخصة التعليم.

-   يستفيد من التعليم الحكومي وبشكل أساسي أبناء الأغنياء أكثر من أبناء الفقراء، فالشريحة الأولى تحصل على التعليم بلا مقابل على الرغم من قدرتها المالية العالية بل إنها تملك فرصاً أكبر للنجاح والاستمرار في التعليم، ومن المعروف أن ظروف البيئة الاقتصادية والاجتماعية تؤثر إيجاباً وسلباً على أداء التلاميذ.

-   إن سياسة الدولة التعليمية تعلن أن الحكومة وحدها ومهما رصدت من مبالغ ضخمة لإصلاح التعليم لا يمكن أن تفي بمتطلبات العملية التعليمية والإصلاحات المنشودة، والأمر يحتاج- أكثر من أي وقت مضى- إلى تكاتف كل الجهود الوطنية المخلصة وإلى إسهام القطاع الخاص في إنشاء المدارس الخاصة بالمواصفات التي تضعها الوزارة للمدارس الحكومية، وتوفير المناخ الملائم لدفع استثمارات القطاع الخاص في المشروعات التعليمية.

ب- معارضة خصخصة التعليم قبل الجامعي:

ويرى أصحاب هذا الرأي رفض خصخصة التعليم قبل الجامعي، واعتمد الرد على الركائز التي اعتمد عليها من يؤيد سياسة خصخصة التعليم وأسباب الرفض هي:

  • تعتمد السوق في توفيرها للسلع والخدمات على حافز المصلحة الذاتية، مما يدفع المستهلكين والمنتجين للتعبير عن رغباتهم وإمكاناتهم عن طريق الطلب والعرض بما يؤدى إلى تحقيق إشباع الحاجات الخاصة، وهكذا يعتمد تنظيم السوق في إشباع الحاجات على مبدأ المصلحة الذاتية والاختيار الحر للمستهلكين والمنتجين، ومع ذلك فإن هذا الأسلوب لا يصلح في توفير الخدمات العامة ومن بينها التعليم- كما قد لا يوفر الحجم الكافي والمناسب من الخدمات الاجتماعية ولابد من توفير هذه الخدمات عن طريق آخر، وهو طريق الدولة باستخدام أسلوب السلطة أو القهر القانوني، بدلاً من المصالح الفردية والاختيار، وبالمثل فإن السوق في ظروف الاحتكار تؤدى إلى إهدار الكفاءة أو استغلال المستهلكين، ومن ثم وجب التدخل لضبطها وحتى إلغائها كلية. فالتعليم يحقق مصلحة مباشرة للمستفيد من هذه الخدمة، ولكن للمجتمع مصلحة لا تقل أهمية في توسيع رقعة التعليم والتأكد من سلامته، ولذلك لا يمكن أن يترك الأمر كلية لآليات السوق- الخصخصة- وتتدخل الدولة عادة لدعم التعليم ونشره وضبط مناهجه والتأكد من سلامته، وهي أمور تهم الجماعة ولا تستطيع السوق وحدها أن تعبر عنها.
  • ويرى أنصار التعليم الحكومي أن تدخل الدولة ضروري لتحقيق تكافؤ الفرص التعليمية، فقد جرى منذ زمن إقرار مسئولية تدخل الدولة إزاء الناشئة، لأن الأطفال لا يستطيعون اتخاذ القرارات بأنفسهم فيما يتعلق بتربيتهم، كما أن جميع الآباء لا يمتلكون القدرة على اتخاذ قرارات حكيمة فيما يتعلق بتربية أبنائهم. وإذا أقصـى التلاميذ الموهوبون عن التعليم بسبب عدم قدرتهم على دفع الرسوم المدرسية فإن الخسارة ستكون كبيرة للمجتمع كله.
  • كما أن الصلة بين الدولة والتعليم الإلزامي أصبحت بديهية لا يمكن نكرانها، فالدولـة هي الجهة الوحيدة التي تملك السلطة لجعل التعليم إلزامياً. بالإضافة إلى أن الرغبة في إيجاد قيم مشتركة في المجتمع، ودور التربية العامة في تكوين هذه القيم يجعل التدخل الإيجابي للدولة في توفير التربية ضرورياً.
  • إن الخصخصة تضيق من المشاركة الديمقراطية بطرق متعددة منها:
  • إنها تضعف تأثير المنظمات المهنية (الاتحادات والنقابات) التي تطورت عبر الزمن بصفتها آليات للدفاع عن حقوق العاملين في التعليم ورفع مستوياتهم المادية والمعنوية.
  • ما لم يكن هناك جهد مركزي قوى للتخفيف من الفروق المادية، فإن الخصخصـة ستحابى أولئك الذين يملكون القدر الأكبر من الموارد، وستزيد بالتالي من التفاوت في المشاركة.
  • إن الخصخصـة تشجع التنوع، ليس فيما يتعلق بالحلول المقدمة للمشكلات المباشرة- وهو تنوع جيد بالفعل- ولكن فيما يخص القيم السياسية الأساسية أيضاً، مما يؤدى إلى إضعاف الالتزام بأي شكل من أشكال العمل الجماعي المشترك، ومن دون إمكان العمل الجماعي فإن المشاركة الديمقراطية ستكون عبارة جوفاء.
  • إن الذين يؤيدون الخصخصة يغفلون غالباً الثمن الذي يضطر المجتمع إلى دفعه على المدى البعيد على هيئة الفوارق الطبقية المتزايدة التي تنجم عن وجود ازدواجية في البيئة التعليمية.
  • من المتوقع أن تؤدى خصخصة التعليم إلى ازدهار مدارس الصفوة، تلك المدارس التي تحاول اجتذاب التلاميذ الذين ينتمون لأسر ذات مستويات مرتفعة من الدخل، وسوف تعمل هذه المدارس على تقديم تعليم فائق الجودة مقابل مصروفاتهـا المرتفعة. أما أبناء الطبقة الوسطى والطبقة الفقيرة فلن يبقى لهم سوى المدارس التي تكتظ بالتلاميذ، وتتسم بقلة مواردها، وانخفاض رواتب المعلمين فيها، وانخفاض جودة التعليم بها. وسوف يؤدى ذلك إلى تزايد التفاوت بين مدارس الصفوة الغنية ومدارس الفقراء. وسوف تقدم مدارس الصفوة تعليماً متميزاً يتيح لأبناء الأغنياء الحصول على وظائف ذات رواتب أعلى في سوق العمل. ومما لاشك فيه أن ربط الحصول على التعليم مرتفع الجودة بدخل الأسرة يتعـارض مع مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية، كما يتعارض أيضاً مع مصلحة الدولة التي لن يزدهر اقتصادها في ظل انخفاض أعداد العاملين الحاصلين على تعليم مرتفع الجودة.
  • يؤدى خفض الإنفاق العام وذلك بإلغاء دعم الحكومة للسلع والخدمات الأساسية كالسلع الغذائية والأدوية والمياه والكهرباء والخدمات والصحة … الخ إلى خفض الدخول الحقيقية وزيادة تكاليف المعيشة للفقراء، وذوى الدخول المنخفضة أصلاً، ومعهم شرائح متزايدة من الطبقة الوسطى. ومع المزيد من الانخفاض في الدخول الحقيقية والزيادة في تكاليف المعيشة، يصبح التعليم ترفاً لا تتحمـله الدخول المتناقصة لهذه الفئات من السكان، مع قصر التعليم المتوسط والعالي على من يستطيعون دفع نفقاته.

وفي ضوء ما سبق تتضح عدة حقائق مهمة:

  • أن توسيع مشاركة القطاع الخاص في التعليم مطلوبة، بل وضرورية في الوقت الراهـن لمواجهة الأعداد المتزايدة من طالبي التعليم، وتزايد أعباء وتمويل التعليم مع الأخذ في الاعتبار التحفظات والضمانات التي تحفظ لتجربة الخصخصة نجاحها وتقلل من سلبياتها والتي من أهمها:
  • التأكيد على أن الدولة هي الجهة الوحيدة التي تملك السلطة لجعل التعليم إلزامياً، وبالتالي فهي المسئولة مسئولية كاملة عن التعليم، وهي التي تحدد الإطار العام لسياسته وفلسفته، وهي المسئولة عن تقديم تعليم تتوافر فيه الجودة والمرونة للجميع بما يتلاءم مع التغيرات الاقتصادية الجديدة.
  • ما لم يكن هناك ضمانات وجهد مركزي من الدولة للتخفيف من الفروق المادية، فإن الخصخصة ستحابى أولئك الذين لا يملكون القدر الأكبر من الموارد على حساب الطبقات الفقيرة.
  • إن الرغبة في إيجاد قيم مشتركة في المجتمع، ودور التعليم العام في تكوين هذه القيم يجعل التدخل الإيجابي للدولة في توفير التعليم ضرورياً، بالإضافة إلى أن تدخل الدولة ضروري لتحقيق تكافؤ الفرص التعليمية خاصة فيما يتعلق برعاية الطلاب الموهوبين من أبناء الطبقة الفقيرة.
  • إن الجهد الخاص في التعليم لم يعد مجرد عمل خيري ومظهراً من مظاهر البر، وإنما هو نشاط استثماري تنفق فيه أموال وتبذل فيه جهود، ولابد لها من عائد وربح، لكن الربح لابد أيضاً أن يلتزم بحدود لا تدخله في باب الاستغلال، لأن الخصخصة في التعليم لا تخرج عن كونها عملاً تجارياً يحكمه مقياس الربح والخسارة، وإسهام بعض الشركات في مجال التعليم نوع من الاستغلال لحاجة الناس إلى المدارس والمعاهد التعليمية الراقية.
  • إن فتح باب الخصخصة على مصراعيه أمام القطاع الخاص أو المستثمرين الأجانب لإنشاء مدارس ومعاهد تعليمية سوف يكون عودة للوراء لطبقية التعليم، حيث تكون هناك فئات تملك القدرة المالية وقد لا تملك الكفاءة العلمية، ويبقى التعليم الحكومي ليكون تعليماً للفئات الفقيرة غير القادرة مما يصنع الثنائية في التعليم بالإضافة إلى تأثيره على التماسك الاجتماعي. ولكن كل المؤشرات تشير إلى أن التعليم سوف يكون ضمن نطاق الخصخصة وأنه يسير في ظل موجة السياسة الاقتصادية الجديدة، فالتعليم على مر تاريخه تترجم سياسته طبقاً لسياسة الدولة الاقتصادية.

أساليب خصخصة التعليم:

إذا كانت الخصخصة- بصفة عامة- تعنى قبول تحويل الاقتصاد من اقتصاد يعتمد على القطاع العام إلى اقتصاد يعتمد على القطاع الخاص. وبتطبيق  هذا المفهوم علـى التعليم فإن ذلك يؤدى إلى قبول تحويل اعتماد التعليم على الدولة بصفة كاملة إلى اعتماد التعليم على الدولة والقطاع الخاص من خلال: الخصخصة الكاملة للمؤسسات التعليمية والمدارس العامة، أو الخصخصة الجزئية، أو خصخصة إدارة المدارس. وفيما يلي عرض تفصيلي لهذه الأساليب المتنوعة:

أ – الخصخصة الكاملة للمؤسسات التعليمية والمدارس العامة:

وفيها تتم خصخصة المدارس وبيعها للقطاع الخاص، أو السماح للقطاع الخاص بإنشاء المدارس الخاصة وأن يحقق الربح من خلال ملكيته لهذه المدارس مثل أي مشروع آخر، وأن يقوم القطاع الخاص بتحصيل الرسوم الدراسية الكاملة من التلاميذ، وتقوم الدولة بتعويض التلاميذ بمبالغ مالية تعادل ما كانت ستقوم بإنفاقه على المدارس العامة.

ويرى الباحث أن الخصخصة بمعنى البيع ليست واردة في قطاع التعليم، فلن تبيـع الدولة إحدى مدارسها للقطاع الخاص، ولكنها سوف تسمح للقطاع الخاص بأن يكون له نشاط مماثل في قطاع التعليم.

ب- الخصخصة الجزئية من خلال تنويع أساليب التمويل داخل المدارس العامة:

إن خفض إسهامات الدولة في مجالات المواصلات والتغذية وإنشاء المكتبات والأنشطة التعليمية المختلفة قد تؤدى إلى تخفيض التكلفة التعليمية، ومن ثم تخفيض النفقات التعليمية المطلوبة والتمويل المطلوب، ويمكن أن تتبع أساليب إدخال الخصخصة الجزئية بالمدارس العامة من خلال النماذج التالية:

  • فرض رسوم دراسية متنوعة ومختلفة مثل رسوم المعامل والمكتبات والأنشطة والتكنولوجيا الجديدة وغيرها.
  • تقديم منح دراسية مجانية للتلاميذ الفقراء والمتفوقين فقط.
  • تأجير بعض الممتلكات المدرسية مثل الكافيتريات والأتوبيسات وغير ذلك.
  • عرض بعض الأراضي والمشروعات على القطاع الخاص لكي يقوم بإقامة مشروعات تعليمية عليها ثم يديرها لفترة زمنية محددة تعود بعدها الملكية للدولة.

ولكي تكون آليات المشاركة في التكلفة ناجحة فلابد من توافر شرطين أساسيين هما:

  • أن تكون الرسوم الدراسية المفروضة قليلة إلى أقصى درجة ممكنة.
  • أن يستفيد التلميذ من فرض تلك الرسوم الدراسية.

وهذا يعنى أن على الحكومة أن تقلل من أعداد الإداريين، وأن تطور المناهج الدراسية قبل أن تفكر في تطبيق آليات المشاركة في التكلفة.

ج- خصخصة إدارة المدارس العامة:

ويقصد بها خصخصة الإدارة مع بقاء الملكية بأكملها في يد الدولة، ويطبق هذا النظام على الفنادق حيث تعطى إدارتها للقطاع الخاص، ويمكن إتباع هذا النظام في مجال التعليم العام حيث يمكن تحويل إدارة بعض المدارس العامة إلى القطاع الخاص للاستفادة مـن مرونته في الإدارة، أو لتوفير مبالغ سيقوم القطاع الخاص بصرفها على المدارس لتحسين الجودة في العملية التعليمية داخل المدارس، وقد تتحقق خصخصة إدارة المدارس العامة بنماذج متنوعة من أهمها ما يلي:

  • إعطاء الفرصة للقطاع الخاص لإدارة مجموعة من المدارس العامة.
  • إعطاء الفرصة لمجموعة من الجمعيات الأهلية لإدارة مجموعة من المدارس العامة.
  • الاستعانة بالإدارة الأجنبية لإدارة بعض المدارس، حتى يمكن الاستفادة من الإدارة الأجنبية لتطوير بعض المدارس العامة.

وهذه التجارب جميعها تتم من خلال ملكية الدولة لمدارسها.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية يوجد عدد من أشكال خصخصة التعليم من أهمها ما يلي:

  • التعاقد:  Contracting Out

وفيه تقوم المدارس الحكومية بتوقيع عقود مع جهات خاصة لتقوم بإمداد المدرسة بخدمات معينة مثل نقل التلاميذ أ من المنزل إلي المدرسة والعكس، تقديم الوجبات الغذائية للتلاميذ، طباعة الكتب المدرسية، إعداد وتنفيذ برامج التنمية المهنية للمعلمين، وصيانة المباني المدرسية وما شابه ذلك.

  • مستندات الصرف التعليمية (نظام القسائم):  Vouchers School   

وفيه تقدم حكومات الولايات لأولياء أمور التلاميذ قسائم بقيمة مالية محددة لكل من هو في سن الالتحاق بالمدرسة وحتى انتهاء التلميذ من دراسته، وبالحصول علي هذه القسائم يتسنى للأهل من اختيار المدرسة التي يرغبون في التحاق أبنائهم فيها حتى لو كانت خارج منطقتهم التعليمية، وبحيث تتناسب رسوم هذه المدرسة مع القسيمة التي حصلوا عليها. كما يمكن للأهل أيضاً في هذا الشكل اختيار مدرسة ذات رسوم دراسية عالية علي أن يتحملوا الفرق بين رسوم المدرسة وقيمة القسائم. 

  • الإحلال: TakeOver  

وهو يعني إسناد إدارة المدرسة وتنظيمها إلي مؤسسات أهلية خاصة إذ تتعاقد الحكومة مع تلك المؤسسات لتتولى إدارة المدارس الحكومية مقابل رسوم تدفعها حكومة الولاية.

  • مدارس الميثاق أو المعاهدة:  Charter Schools      

والهدف من إنشاء تلك المدارس هو خلق مدارس بديلة للمدارس الحكومية، وهي مدارس تتمتع بالإدارة الذاتية ولها حريتها ولكن بالمقابل تتحمل المسئولية الكاملة عن نتائجها، وفي هذا النوع من المدارس تمنح المدرسة استقلالاً في إدارة شئونها ونظامها وميزانيتها وتتحرر بموجب هذا الاتفاق من قيود حكومة الولاية المتمثلة في النظم والقوانين المطبقة علي المدارس الحكومية في الولاية. والميثاق أو المعاهدة عبارة عن عقد يصف الطريقة التي ستعمل بها المدرسة، والخطوط العريضة للمناهج الدراسية وكيفية تقييم نتائج المدرسة.

  • رصيد الضرائب:  TaxCredit  

وفيه يقتطع حساب الضرائب من العائلات التي لديها تلاميذ في سن المدرسة للاستفادة منها في دفع الرسوم الدراسية.

  • امتلاك القطاع الخاص للمدارس:

وهي أكثر أشكال خصخصة التعليم انتشاراً، وفيه تكون المدرسة تحت إدارة أهلية سواء كانت ربحية أم غير ربحية. أي امتلاك قطاعات أهلية خاصة المدارس وتعمل علي إدارتها.

وعلي الرغم من كل هذه الأشكال المطروحة لخصخصة التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية يظل التعليم فيها مجانياً ما عدا الشكل الخاص بامتلاك القطاع الخاص للمدارس الذي تكون فيه ملكية المدرسة كاملة تعود إلي القطاع الخاص.

 

قوى تفرض خصخصة التعليم:

علي الرغم من الجدل والاختلاف في وجهات النظر حول نجاح خصخصة التعليم في إصلاح أوضاعه، إلا أن الخصخصة علي حسب ما يظهر آخذه في فرض وجودها علي العالم، وذلك لقدرة القطاع الخاص علي التكيف مع احتياجات الناس ومطالبهم المتغيرة وفق تغيرات العصر. فإن الظروف المعاصرة خلقت قوى متداخلة فيما بينها تدعم أو تفرض الخصخصة علي التعليم، وهي تتركز في بضعة عوامل من أهمها ما يلي:

  • الأزمة الاقتصادية:

بات التعليم في عصرنا هذا يستهلك قدراً كبيراً من إجمالي ميزانية الدولة، وأن الإنفاق علي التعليم في العقود الأخيرة تضاعف كثيراً مع تضاعف عدد الطلاب الملتحقين بالمراحل الدراسية المختلفة، كما أن نسبة التكاثر بين السكان في جمهورية مصر العربية كواحدة من الدول النامية تعد نسبة عالية إذا ما قورنت بنسبة التكاثر في الدول الصناعية، وزيادة الطلب الاجتماعي علي الالتحاق بالتعليم، مما يستدعي المزيد من النفقات واستمرار العجز في تغطية جميع الاحتياجات التعليمية.

  • تدهور أوضاع التعليم:

لقد تغير في السنوات الأخيرة موقف الناس من التعليم، واشتد نقدهم الموجه إليه من حيث ارتفاع كلفته وانحدار مستواه وتدني إنتاجيته وانتشار ظاهرة الدروس الخصوصية أو ما يسمى بالتعليم الموازي، وعدم كفايته وفعاليته، ويستند نقاد التعليم في شكله الحالي إلي بعض المعايير التي يرونها حجة بالغة تدعم قولهم بتدني مستواه، مثل: ضعف الانجاز الأكاديمي لدى الطلاب والتخلف في التحصيل العلمي في مجالات علمية أساسية كالعلوم والرياضيات. وانعدام التعليم الفعال، والقصور في الإعداد للمهنة أو الوظيفة، وعدم التمكن من مهارات التفكير والتنظيم العليا، وانخفاض روح المبادرة والمسئولية الوطنية.

  • التوجه نحو عالم ما بعد الصناعة:

الاقتصاد في هذا العصر أخذ في التحول من الصناعة إلي العلم، إذ أصبح العلم قادراً علي أن يستقطب القوة الاقتصادية ويخطفها من مصادرها السابقة. كما أضحى المجتمع المعاصر اليوم، مجتمع المعلوماتية أو العلوم، عالمياً في اهتمامه واضعاً تركيزه علي رأس المال الفكري والعلمي، ونتيجة لهذا فإن التعليم يبرز بوصفه أمراً أساسياً، في مجتمع العلم يحتاج إلي درجات عالية من المعرفة والتدريب.

وهذه القوى ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتغير الحادث في الحياة المعاصرة، فهي تفرض وجودها علي المجتمعات في غير حاجة إلي من يأذن لها، ومن مصلحة المجتمعات أن تكون مستعدة لملاقاة مثل هذه التغيرات التي تفرضها ظروف العصر الذي نعيشه.

 مبررات اللجوء للخصخصة في التعليم قبل الجامعي:

يستعرض الباحث أهم مبررات إنشاء المدارس الخاصة في النقاط التالية:

1-    مبررات تاريخية:

إن فكرة المدارس الخاصة ليست في الحقيقة فكرة طارئة فرضتها ظروف وأوضاع اقتصادية أو اجتماعية أو تعليمية جديدة. فالتعليم قبل الجامعي في نشأته التاريخية كان في الحقيقة تعليماً خاصاً تتولى أمر تقديمه مؤسسات أهلية أو خاصة. ولقـد نشأ التعليم الخاص في مصر الحديثة تعليماً حراً خيرياً، ثم مر بعدة مراحل حتى الوقت الحالي، متوازياً مع التعليم الرسمي ومتأثراً به وبما يصيبه من توسع ونقص، وما يحفل به من غايات وأهداف وما يسود المجتمع من تيارات فكرية، وتطلعات اجتماعية محكومة بقدرات اقتصادية معينة، فقد كان التعليم في مصر، منذ الفتح العربي يقوم على جهود أهلية من خلال الكتاتيب التي انتشرت في طول البلاد وعـرضها، بهدف تعليم القراءة والكتابة ومبادئ الحساب وحفظ ما تيسر من القرآن الكريم، وينتقل النابهون بعد ذلك إلى الأزهر الشريف، واستمرت هذه الكتاتيب تؤدى هذه الوظيفة لعامة الشعب حتى بعد إنشاء المدارس الحكومية في عهد محمد على.

وكانت هذه المدارس تتمتع باستقلال مالي وإداري، إلا أن هذا الطابع الخاص انحسر تدريجياً عندما ظهرت فكرة مسئولية الدولة عن التعليم في مختلف صوره ومراحله. وظهر ذلك جلياً في إنشاء المدارس الرسمية (الحكومية) خلال القرن التاسع عشر والقرن العشرين. وهي المدارس التي تتولى الدولة مسئولية الإنفاق عليها وتحديد أهدافها واعتماد برامجها الدراسية.

إن فكرة خصخصة التعليم قبل الجامعي الحديثة تختلف في مضامينها عن الخصخصة في منظورها التاريخي من حيث أن الفكرة الجديدة ترى في المدارس الخاصة مشروعاً استثمارياً  له عائده الخاص بجانب قيامه بدوره في تحقيق أهداف التعليم قبل الجامعي.

2- مبررات اقتصادية:

من السهل تتبع العلاقة بين العنصر الاقتصادي وحدوث التوجهات الجديدة نحو خصخصـة التعليم قبل الجامعي أو خضوعه لسيطرة الدولة، ففي الماضي اعتمد تمويل التعليم الخاص في عصر محمد على وخلفائه أساساً على التمويل الذاتي والتبرعات سواء من الأهالي أو الجمعيات الخيرية ولم تسهم الدولة في إعانة وتمويل ذلك التعليم، وكان ينفق على الكتاتيب من أوقافه الكثيرة.

ومع نمو الدولة القومية وسيطرة الدولة على إيقاع التطور الاقتصادي والاجتماعي والاعتراف المتزامن بأهمية التعليم في إنتاج الكوادر البشرية التي تقود عمليات التطوير والتنمية بدأت تظهر أهمية أن تتولى الدولة الإنفاق على التعليم باعتباره مشروعاً استثمارياً مجتمعياً له عائده على مختلف جوانب المجتمع. وقد تدعم الاتجاه نحو سيطرة الدولة على التعليم بنمو الفكر الاقتصادي الاشتراكي وقيام الدولة الاشتراكيـة في الاتحاد السوفيتي وغيره من الدول الأخرى وخاصة الدول النامية التي نظرت إلى مؤسسات التعليم باعتبارها مشروعات حكومية تستهدف إنتاج المواطـن الذي يؤمن بقيم مجتمعه الاشتراكي ويسهم في إحداث التغيرات الاقتصادية والاجتماعية المطلوبة.

إلا أن التطورات الاقتصادية الحديثة وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ونمو الفكر الاقتصادي الرأسمالي والليبرالي وسيادة اقتصاديات السوق أعادت النظر في الكثيـر من المفاهيم ومنها المفاهيم المرتبطة بالتعليم. وكان من أهم ملامح التغير إعادة النظر في مسئولية الدولة المطلقة على التعليم وضرورة ترك جانب من شئون التعليم للقطاع الخاص باعتباره المسئول الأول عن التنمية والاستثمار والإنتاج. وظهر نتيجة ذلك الدعوة إلى خصخصة التعليم والتي تهدف إلى تكثيف الدعوة إلى إسهامات رجال الأعمال والقطاع الخاص في دعم وتمويل برامج التعليم بما فيه المدارس الحكوميـة والأهلية. على أن الدعوة لإنشاء المدارس الخاصة لم تكتسب قوتها وحجتها من تداعيات النظام الاقتصادي العالمي وسيطرة قوى السوق، ولكن اكتسبت هذه الدعوة شرعيتها من ضعف قدرة الدولة على الإنفاق بسخاء على التعليم المتنامي. فقد صار التعليم مكلفاً بدرجة كبيرة، كما صار هذا التعليم محتاجاً لإنفاق متزايد بالنظرة إلى الرغبة الشديدة لدى الأفراد للحصول على نصيبهم العادل من فرص التعليم، بالإضافة إلى رغبة الدولة نفسها في التوسع في الفرص التي تقدمها للشريحة العمرية من الأطفال المقابلة لسن التعليم قبل الجامعي.

ولم يكن هذا متاحاً أمام حكومات العالم الثالث التي تعانى من أزمتي عجز الميزانية والمديونية الخارجية نظراً لمحدودية مواردها مع تزايد أعباء الحياة. وفي جمهورية مصر العربية كان لسياسة الإصلاح الاقتصادي آثارها على التعليم، والتي يمكن عرضها في النقاط التالية:

أ – انخفاض النفقات المخصصة للتعليم:

أدى تخفيض قيمة الجنيه المصري وإيجاد أسواق حرة للنقد الأجنبي وتحرير التجارة الخارجية- من خلال رفع الحواجز الجمركية وتحرير أسعار السلع والخدمات- إلى تخفيض الأجور الحقيقية للعاملين في الدولة، وخاصة العاملين في القطـاع التعليمي وهم أكثرية بحكم تعاملهم مع الملايين مع التلاميذ، وأدت هذه الإصلاحات إلى انخفاض جودة التعليم وعدم قدرة المدارس على استيعاب المزيد من التلاميذ الذين يرغبون في الالتحاق بالتعليم، مما أدى إلى ضرورة لجوء الدولة إلى القطاع الخاص، لكي يسهم في بناء المزيد من المدارس وفي إدارة وتمويل التعليم بصفة عامة. وقد أدى ذلك إلى ضرورة إعادة هيكلة الخدمات الاجتماعية العامة مثل التعليم والصحة وغيرها حتى يمكن تحقيق أقصى استفادة ممكنة وفي الوقت نفسه عدم زيادة التمويل المقدم لها.

ب- الأزمة الاقتصادية وآثارها على التعليم:

عكس البنك الدولي رأيه في أوضاع الاقتصاد المصري خلال فترة الثمانينيات في تقرير تم عرضه على مجلس إدارة البنك الدولي تمهيداً لتبرير برنامج الإصلاح الاقتصادي كما يلي:

-   أن الاقتصاد المصري يتميز بالإهدار في تخصيص الموارد على نطاق واسع، الأمر الذي نتج عنه تركه من التدخل الحكومي بالتملك والاحتكار والتخطيط المركزي.

-   أن  هيكل الحوافز مشوه بشكل كبير بما يعكس القيود الحكومية على الأسعار بما فيها أسعار الصرف.

-   ضعف المنافسة في الأسواق المحلية والخارجية مما ضاعف من عدم الكفاءة الاقتصادية.

-   زيـادة العجز في الموارد العامة للدولة، وقد تم تمويل هذا العجز عن طريق المعونات الخارجية، والديون الخارجية، والاقتراض الداخلي، وفائض نظام التأمينات الاجتماعية، وإصدار النقود.

-   أن الواردات السلعية أصبحت ضعف الصادرات مما يعنى عجزاً مستمراً في الميزان التجاري.

-   زيادة حجم الدين الخارجي مع انخفاض الموارد من النقد الأجنبي.

-   اختلال أسواق الصرف للعملات الأجنبية في مصر، ووجود سوق سوداء للدولار، وتعدد أسعار الصرف للدولار في مصر.

-   تعدد معوقات الصادرات ومنها القيود الرقابية على عمليات التجارة الخارجية.

-   الإسراف في استخدام الطاقة نتيجة انخفاض أسعارها وكذلك لقيام الحكومة بدعم أسعار الطاقة.

وفي نهاية الثمانينيات كان الاقتصادي المصري يعانى من مشكلات مزمنة مثل اختلال الهياكل الإنتاجية وضعف الإنتاج ومعدلات النمو وظهور الاختلالات المالية في شركات القطاع العام وظهور ظاهرة الشركات المتعثرة وغيرها، وبالتالي فإن مسألـة تطبيق الإصلاح الاقتصادي في مصر أصبحت القدر المحتوم، والمصير الذي ما كنا نستطيع الفرار منه.

وقد كانت مصر من بين الدول التي طبقت سياسة الخصخصة نتيجة تطبيقها برنامج الإصلاح الاقتصادي اعتباراً من عام 1991م، ويتضح الاتجاه نحو الخصخصة في مصر من خلال تطبيقها لسياسة الانفتاح الاقتصادي، والأسواق والمناطق الحرة، وقوانين الاستثمار. وقد قبلت مصر سياسة الخصخصة بشكل عام من خلال مفاوضاتها مع كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، غير أن تصريحات المسئولين كانت تؤكد في البداية أن القطاع العام لن يباع نظراً لضخامته وقيمة أصوله وكبر حجم العمالة فيه وذكر أن البيع سيقتصر فقط على المشروعات الصغيرة والخاسرة التي عمل فيها القطاع العام.

وقد بدأ إجراء برنامج الخصخصة المصري بصدور قانون 203 لسنة 1991م والذي سمي بقانون قطاع الأعمال أو القطاع العام في ردائه الجديد والذي أدى صدوره إلى إعادة تشكيل القطاع على أساس نوعى من خلال سبع عشرة شركة قابضـة في مختلف الأنشطة ويتبع كل شركة قابضة شركات تابعة لها بالشروط نفسها، وكانت أهم عناصر القانون.

  • الفصل بين الملكية والإدارة من خلال الشركات القابضة كما تم الفصل بين ميـزانية الشركات والميزانية العامة للدولة لكي تصبح كل شركة مواجهة لنتائج أعمالهـا، ولا يخفي أثر ذلك ودوره في تخفيف العبء على الميزانية العامة للدولة وتحرير قطاع الأعمال.
  • وَكَل القانون للشركات القابضة الإشراف على الشركات التابعة مع طرح نسبة من رأسمال الشركات التابعة لا تتعدى 49% من أسهمها للبيع كما أعطى للشركات القابضة حق تصفية الشركات الخاسرة بالإضافة إلى إمكانية تأجير خطوط الإنتاج.

وقد استهدفت السياسة الاستثمارية التي تبنتها الحكومة المصرية جذب مدخرات القطاع الخاص وتشجيع استثماراته وكان ذلك من خلال:

  • إطلاق حرية الاستثمار في كل المجالات (باستثناء عدد محدود منها له علاقة بأمن وسيادة الدولة).
  • عدم منح قطاع الأعمال العام مزايا (مثل الدعم) تعطيه فرصة التفوق على القطاع الخاص، وعدم تحميله بأي أعباء (مثل فرض الأسعار) تخل من حرية الأسعار.
  • قيام الدولة ببيع بعض الحصص المملوكة لها، ولقطاع الأعمال العام في المشروعات المشتركة للقطاع الخاص.
  • أباح قانون 203 لسنة 1991م تداول أسهم قطاع الأعمال العام في البورصات بيعاً وشراء.
  • صدور قانون 95 لسنة 1992م لتنظيم سوق رأس المال وتشجيعه.

وعلى الرغم من وجود اتجاه واضح للحكومة المصرية نحو الخصخصة، إلا أن التصرفات السياسية لها تنم عن معارضة بيروقراطية للاتجاه الإصلاحي، وتحتاج الأجهزة الحكومية العليا إلى تغيير اتجاهاتها نحو مزيد من الحرية في السياسة الاقتصادية، ونحو تقليل سيطرة الوزراء وأجهزة الحكومة والقوانين على الاقتصاد والإدارة المصرية.

ومن آثار سياسة الإصلاح الاقتصادي لجوء الحكومة إلى بعض الخطوات التي أدت إلى تخفيض إسهامها في تمويل التعليم والإنفاق عليه والتي من أهمها:

  • أن ما يصرف على طفل التعليم الابتدائي في العام في مصر لم يكن يتعدى88 دولار في حين يتم الإنفاق على مثيله الإسرائيلي في حدود 880 دولار، وقد يتعدى في بعض المجتمعات الأخرى الألف دولار.
  • لقد انعكست الأزمة الاقتصادية على الإنفاق على التعليم في مصر حيث استحـوذت الأجور على نسبة كبيرة من ميزانية التعليم قبل الجامعي، وقد أدى انخفاض نسبة الإنفاق الاستثماري على التعليم قبل الجامعي إلى استمرار مشكلة المباني المدرسية، وإلى عدم بناء العدد الكافي من المدارس واللازم لتحقيق الاستيعاب الكامل.
  • تزايد كثافة الفصول، مما يقلل من الوقت المتاح لكل تلميذ/ طالب للتعلم، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة عدد التلاميذ إلى المدرسين مما يقلل من الوقت المتاح لكـل تلميذ، ويؤثر سلباً على تحصيل التلاميذ، مما يؤدى بدوره إلى بحث التلاميذ عن طرق تعويضية تتمثل أساساً في الدروس الخصوصية التي تفشت بشكل لا يحتاج إلى تدليل في كل مراحل التعليم، مما زادت معه تكلفة التعليم بشكل ملحوظ. ويقول سعيد إسماعيل على في هذا الصدد "فإذا بالمدارس الحكوميـة تتدنى في ما تقدمه من خدمة تعليمية.. وإذا بالتعليم الخاص يحسن من هذه الخدمة، وبدأ التعليم الحكومي يكتسب سمعة سيئة، وفي المقابل بدأ التعليم الخاص يكتسب سمعة حسنة".

ويتطلب الأمر ضرورة زيادة معدل الإنفاق على التعليم ولن يتحقق هذا الأمر إلا من خلال البحث عن موارد أخرى بجانب التمويل الحكومي، والقطاع الخاص من أهم المصادر البديلة لذلك.

ج- تزايد فجوة الإنفاق على التعليم بين مصر والدول الكبرى:

تعرضت الدول النامية ومنها مصر في سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين لمشكلات اقتصادية كبرى، نتيجة لكثرة الديون المتراكمة عليها ولانهيار النظم الاشتراكية وسيطرة بل وغطرسة النظم الرأسمالية على دول العالم، وقد أدت هذه الضغوط إلى انخفاض الاستثمارات المتاحة للتعليم والالتحاق به وتحسين نوعيته، وتزايدت الفجوة بين ما تستطيع الدول الغنية من إنفاقه على التعليم وما تقوم بإنفاقه الـدول الفقيرة.

3- مبررات اجتماعية:

إذا كان للعامل الاقتصادي فعله المباشر في نمو التوجه نحو خصخصة التعليم، فهناك أيضاً كثير من المبررات الاجتماعية التي أسهمت في تشكيل هذا التوجه، ولعل من أهم هذه المبررات زيادة الطلب الاجتماعي على التعليم، وقد نشأت الزيادة في هذا الطلب نتيجة عاملين أساسيين: الأول النمو السكاني السريع الذي تشهده الدول النامية بوجه خاص، والثاني هو التزام الدولة في معظم الدول النامية بمبادئ تكافؤ الفرص التعليمية وتحقيق التعليم الإلزامي حتى نهاية المرحلة المتوسطة، الأمر الذي يترتب عليه زيادة في الفرص المقدمة للتعليم الثانوي، وما يتلوه من تعليم جامعي.

وفي جمهورية مصر العربية تؤدى زيادة الطلب الاجتماعي على التعليم إلى عدم الاتزان بين ما يجب أن يكون وما هو قائم بالنسبة لكم الفرص التعليمية، وذلك بسبب النمو السكاني المتزايد في مصر، كما أن مجانية التعليم ينقصها الإمكانات التي تتيح لها أداء النظام التعليمي لدوره مما ينتج عنها تدهور في مستوى الخريجين، فلا يوجد ارتباط بين مجانية التعليم وتدهور المستوى التعليمي، حيث إن مجانية التعليم لابد أن يواكبها إمكانات في نظام التعليم.

فالمجانية أدت إلى زيادة الطلب على التعليم في سهولة ويسر وذلك لارتباط التعليم بالمكانة والوضع الاجتماعي، مما جعل هناك حالة من عدم التوازن من حيث الكم في نسبة الاستيعاب وفي الكيف وفي توفير تعليم على درجة عالية من الجودة مما أثر بدوره على مجانية التعليم.

كما أن النظام الاقتصادي والاجتماعي الجديد قد أفرز في الكثير من الدول النامية ومنها مصر شريحة من البشر تتمتع بمستويات اقتصادية واجتماعية متميزة وتبحث عن تعليم متميز أيضاً، وقد رأت هذه الشريحة أن التعليم الذي تقدمه المدارس الحكومية غير مناسب لأبنائها على المستوى التعليمي والاجتماعي، وأن هؤلاء الأبناء يستحقون الالتحاق بمدارس خاصة تتوافر فيها مواصفات معينة لا توفرها المدارس الحكومية.

ولعل من هذه المبررات الاجتماعية أن هذه الشريحة من البشر وقد صار لها نفوذها السياسي والاجتماعي، ترغب في تأكيد وجودها السياسي والاجتماعي من خـلال تنشئة أبنائهم في مدارس خاصة تساعدهم وتؤهلهم لدخول مؤسسات تعليمية جامعية يركنون إلى توجهاتها الاقتصادية والاجتماعية ويضمنون بها تأكيد وجودهم كقوة اقتصادية اجتماعية سياسية تضمن مصالحهم وتصون طموحاتهم، وفي المقابل كان رد الفعل لهذا التوجه نشوء قوى اجتماعية أخرى تنادى بأن تتولى هذه الفئة أو الشريحة الاجتماعية الجديدة الإنفاق على تعليم أبنائها من جيبها الخاص.

 

 

4- مبررات تعليمية:

إضافة للمبررات السابقة فإن هناك بعض الاعتبارات التعليمية الثقافية كان لها أثرها في طرح قضية خصخصة التعليم بقوة، ومن هذه الاعتبارات التكدس الكبير للتلاميذ في المدارس الحكومية مما كان له أثره في ضعف كفاية التعليم المقدم فيها.

وأصبح التعليم في المدارس الحكومية قائماً على الحفظ والتلقين، بالإضافة إلى أن هذه المدارس تعانى حالياً من قصور واضح في إمكاناتها البشرية والمادية، وقد انعكس ذلك كلـه على الأداء التعليمي لهذه المدارس، كما أن نسبة المدارس الحكوميـة التي تعد ناجحة في ضوء الأهداف التعليمية التي وضعت لها منخفضة جداً نتيجة انخفاض معدلات الإنفاق على التعليم بالنسبة للدخل القومي، وانخفاض مؤشرات عديدة ومقومات مختلفة للعملية التعليمية لتتدنى في المداس الحكومية عن الحـد الأدنى، وانطلقت مدارس خاصة عديدة تحاول أن تظهر أنها تقدم خدمة تعليمية متميزة لا يحصل عليها التلاميذ في مدارس الحكومة، فبدأ آباء وأمهات يهربون بأبنائهم من المدارس الحكومية إلى المدارس الخاصة، وفي نظير ذلك، بدأت المصروفات ترتفع تدريجياً حتى وصلت إلى ألوف الجنيهات.. في الحضانة ورياض الأطفال.

وعلى الرغم من أن الأداء في الامتحانات العامة ومعدل الانتقال من مرحلة تعليمية إلى التي تليها هما من المؤشرات التي تعبر عن الفروق بين المدارس الناجحة والأخرى غير الناجحة، إلا أن من الملاحظ أن التلاميذ يحققون أكبر قدر ممكن من الاستفادة في المدارس ذات التكلفة، والتي تتميز بالتنظيم الجيد والفاعلية الأكثر تأثيراً، والتي هي في العادة من المدارس الخاصة.

أما المدارس ذات التكلفة المنخفضة والتي تتسم بسوء التنظيم وعدم انتظام التلاميذ في الحضور إليها وسوء استخدام مصادر التعليم فإن تلاميذها لا يحققون إنجازاً يذكر، وهي في معظم الأحيان من المدارس الحكومية.

تعقيب:

وفي ضوء ما سبق يتضح أن التعليم الخاص قبل الجامعي باعتباره أحد قطاعات التعليم ليس قطاعاً مستقلاً بذاته، منعزلاً عن الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد، وإنما كان وليد تلك الأوضاع، وقد كانت نشأة المدارس الخاصة ضرورة تفرضها ظروف وطبيعة كل عصر سواء عصر محمد على أو خلفائه، فقد كان التعليم الخاص رد فعل لتضييق الفرص التعليمية وتحديد مجالات التعليم أمام المصريين، أما في عصر الاستقلال فقد كان نتيجة زيادة عدد المدارس الأجنبية ورفع مصروفاتها والمدارس ذات المصروفات العالية والتي لا يقدر على دفعها إلا الطبقات الغنية. وفي العصر الحالي تأثرت السياسة التعليمية في مصر ببرنامج الإصلاح الاقتصادي ووضح ذلك من خلال رفع الرسوم المدرسية في مختلف المراحل التعليمية، ودخول القطاع الخاص ومساهمته في قطاع التعليم من خلال المدارس الخاصة.

تصور مقترح لخصخصة بعض مدارس التعليم  قبل الجامعي في مصر:

 

 

تمهيد:

مع بداية تسعينيات القرن العشرين وسقوط الشيوعية واختفاء المفهوم التقليدي لتقسيم العالم إلى قطبين رئيسين أصبحت معظم دول العالم تسير نحو تطبيق النظام الاقتصادي الذي يقوم على الاقتصاد الحر الذي أدى إلى تحقيق التقدم التكنولوجي والعلمي في معظم الدول التي تبنته، وكان لإخفاق العديد من دول العالم الثالث في تحقيق نمو اقتصادي واضح من خلال تطبيق النظم الاقتصادية الاشتراكية التي تقوم على مركزية التخطيط وملكية الدولة لعناصر الإنتاج أكبر الأثر في زيادة مديونية هذه الدول وحاجتها إلى إعادة بناء اقتصادها على أسس جديدة تزيد من قدرة هذه المجتمعات على تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة ومواجهة مشكلة البطالة وتحريـر التجارة وكسر القيود أمام حركة النمو الاقتصادي في إطار من التنافس الحر على أساس تحقيق الجودة العالمية للخدمات والسلع المنتجة بالمجتمع وتحقيق أقل سعر ممكن لها.

وكان من ضروريات تحقيق ما سبق أهمية وجود نظم إدارية وفنية للوحدات الاقتصادية والخدمية في هذه الدول تضمن حداً أدنى من الجودة للسلع والخدمات مما أدى إلى ظهـور نظم الإيزو لضمان الجودة التي تنظم عملية منح شهادات وإجراءات تأهيل الشركات والمؤسسات الخدمية إدارياً وفنياً بما يؤدى إلى ضمان جودة الخدمات والسلع المقدمة، كما بات من الضروري وجود نظم فنية في كل الوحـدات الخدمية والإنتاجية تضمن حماية البيئة الطبيعية والمحافظة عليها والأخذ بنظـم اقتصادية تعتمد على آليات السوق والمنافسة الحرة، وتحد من تدخل الدولة قدر الإمكان بحيث يكون تدخلها في أضيق الأمور لحماية المجتمع من التلاعب ومنع الاحتكار وتحقيق التوازن، مع ضرورة توسيع الملكية الخاصة على حساب الملكية العامـة لوسائل وأدوات الإنتاج والخدمات وتطبيق برامج الخصخصة في إطار برامج شاملة للإصلاح الاقتصادي خاصة في المجتمعات التي كانت تعتمد على مركزية التخطيط واتساع الملكية العامة فيها على حساب الملكية الخاصة.

ويعد التعليم أحد أهم الخدمات والاستثمارات في المجتمع التي ينبغي توسيع قاعدة الملكية الخاصة به على حساب الملكية العامة من خلال السعي إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص فيه وزيادة دوره، الأمر الذي أدى إلى ضرورة تغيير نظم وأساليب التعليم.

وتناولت الدراسة الحالية التعليم الخاص قبل الجامعي في مصر، وخصخصة التعليم قبل الجامعي، ثم استعرضت بعض الاتجاهات العالمية في مجال خصخصة التعليم قبـل الجامعي، وفي النهاية توصلت الدراسة إلى تصور مقترح يساعد على التوجه نحو خصخصة بعض مدارس التعليم العام في مصر بحد أدنى من الآثار الجانبية وبما يحقـق التوصل إلى جودة تعليمية مناسبة لأداء المدارس المتجهة للخصخصة، وفيما يلى عرض لجوانب هذا التصور:

1- الفلسفة:

-   التأكيد على أن يرسخ التعليم الخاص قبل الجامعي عقيدة الإيمان بالله، والأخوة في الله، والأخوة في الإنسانية، وأن يبنى قيم العلم، والحرية المسئولة والشورى والديمقراطية، والوحدة وحب العمل.

-   التأكيد على ضرورة أن يستمد التعليم الخاص قبل الجامعي أهدافه ومضامينه من عقيدة المجتمع المصري وتاريخه، ومع فلسفة التنمية الشاملة للإنسان في تفاعله مع المجتمع المصري.

-   التأكيـد على خصخصة التعليم قبل الجامعي لا تعنى تحويل المدارس الحكومية إلى مدارس خاصة، ولكنها تعنى إنشاء مدارس خاصة تشارك في تعليم أبناء المجتمع المصري مع المدارس الحكومية التي ينبغي أن تستمر وتتزايد

-   التأكيـد على أن خصخصة التعليم قبل الجامعي تعنى عملية إنسانية وليست مجرد عملية استثمارية، وأن خريج المدرسة هو إنسان وليس سلعة وأن الإنسان هو صانع التنمية وغايتها، وأن التنمية لا تقوم على أسس اقتصادية فقط، بل يجب أن تقوم على أسس ثقافية واجتماعية لابد منها لبناء الحاضر وصناعة المستقبل.

-   التأكيـد على ضرورة أن لا تؤثر المدارس الخاصة سلباً على ديمقراطية التعليم أو مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية.

-   ضرورة أن تتيح الدولة نسبة متزايدة من الفرص التعليمية بالمدارس الخاصة للتلاميذ الراغبين في الالتحاق بها من القادرين أكاديمياً وغير القادرين مادياً، وذلك تحقيقاً لنوع من ديمقراطية التعليم وتكافؤ الفرص التعليمية بين أبناء المجتمع.

2- التشريعات:

-   تشكل لجنة أو هيئة مشتركة من بعض المسئولين عن التعليم قبل الجامعي في وزارة التربية والتعليم ورجال القطاع الخاص لدراسة أحوال التعليم قبل الجامعي ومدى حاجته إلى التعليم الخاص، ومدى إمكانيات الاستثمار فيه، وتحديد نوعيات التعليم الثانوي، والتخصصات التي تتطلبها التنمية الشاملة والمتزايدة.

-   عـدم المغالاة في فرض الرسوم الدراسية، وإخضاع هذا الأمر لقواعد الاعتدال، ومراعاة لظروف الناس، وضماناً لمسيرة التطور الإيجابي للمدارس الخاصة.

-   وضـع سياسة واضحة تحدد رؤية الدولة للتعليم الخاص، هل يراد له أن يقوم بدور مركزي أم تكميلي أم هامشي؟

-   ضرورة تيسير التشريعات، وعدم تغيير معايير الترخيص والاعتماد على فترات قصيرة.

-   علـى الحكومة أن تعمل على حماية المتعاملين مع المدارس الخاصة، فمن حق هؤلاء أن يتلقوا مردوداً يكافئ تكلفة التعليم، ويمكن أن يتم ذلك من خلال:

  • وضع نظام لتقويم أداء المدارس الخاصة.
  • إرساء نظام التدريب، وتطوير المناهج، وعمل كل ما من شأنه رفع جودة العملية التعليمية في المدارس الخاصة.
  • الحرص على ألا يؤدى التعليم الخاص إلى استغلال المتعاملين معه.
  • التأكد من جودة المباني المدرسية والمختبرات والوسائل التعليمية ونظم السلامة وغير ذلك.

-   ضـرورة إشراف الدولة على المدارس الخاصة بهدف التأكد من أن هذه المدارس تستوفي جميع الاعتبارات التي تضمن كفاءة التعليم الذي تقدمه من خلال ضبط جميع العناصر التي تؤثر في تحقيق كفاية هذا التعليم وجودته.

-   إيجاد مجلس أو آلية يستطيع القيام بالرقابة والمتابعة على المدارس الخاصة في المجالات التالية:

  • برامج وخطط الدراسة.
  • عدد ساعات الدراسة.
  • المحتوى العلمي للبرامج والخطط الدراسية.
  • طرق وأساليب التدريس.
  • الضـوابط الخاصة بنوعية ومستوى المعلمين القائمين بالمدارس الخاصة ومدى تأهيلهم العلمي وأنماط ونظم تدريبهم وغير ذلك مما يتعلق بالقوى البشرية اللازمة للعمل بالمدارس الخاصة.

-   ضرورة الالتزام بتنفيذ ما ورد بقانون التعليم قبل الجامعي بحيث يتم عقاب وتوقيع الجزاء على المدارس المخالفة للقواعد القانونية المنظمة لذلك.

-   إصدار القرارات التنفيذية التي تؤدى في النهاية إلى إلغاء كافة أشكال الروتين والبيروقراطية التي عانت منها المدارس فترات طويلة.

3- المباني والتجهيزات المدرسية:

-   إعداد نموذج متكامل لما ينبغي أن تكون عليه المدرسة الخاصة يكون مجهزاً بالتجهيزات المثلي والمعايير المتفق عليها كي تستطيع المدارس الخاصة الاقتداء بها وتنفيذ مدارسها وفقاً لها.

-   ضرورة أن تتوافر داخل المبنى المدرسي كل التجهيزات اللازمة لممارسة الأنشطة المختلفة الرياضية والفنية والثقافية وغيرها، هذا فضلاً عن توافر كل ما يلزم للمعامل والمكتبات والتربية الموسيقية والمسرحية والفنية وغيرها.

-   ضرورة أن تتوافر الأجهزة اللازمة (لمعينات التدريس) مثل: أجهزة العرض السينمائي، الفيديو، التليفزيون، الخرائط، أجهزة عرض الشرائح، النماذج المجسمة، وأجهزة الحاسب الآلي.

-   زيادة الاهتمام من قبل القطاع الخاص بالاستخدام الأمثل لتكنولوجيا التعليم، باعتباره القطاع القادر مالياً لاقتنائها واستخدامها وتوفير الأبنية المدرسية اللازمة لمتطلبات تكنولوجيا التعليم، بما يسهم في تطوير التعليم الخاص وجعله فعالاً اقتصادياً.

-   تشجيع الاستثمار في التعليم الخاص بتخفيض أعباء الرسوم الجمركية والضرائب بالنسبة لاستيراد ما يحتاجه من أجهزة ومعدات لتحسين العملية التعليمية، وذلك للإسهام في الخطط القومية الخاصة بتنمية المجتمع تعليمياً واجتماعياً واقتصادياً.

-   ضرورة إنشاء شركات متخصصة لمجموعة من الأعمال المعاونة للعملية التعليمية، فمن المنتظر أن تدخل مجموعة من الشركات والمؤسسات للعمل مع المدارس الخاصة، فمن الطبيعي أن تقوم هذه المدارس بتأجير بعض العمليات التي لا تستطيع القيام بها إلى شركات ومؤسسات أخرى مثل:

  • عمليات الأمـن والحراسة حيث ستقوم بها شركات أو مؤسسات متخصصة ومسئولة عن تنفيذ المهام التي ستكلفها بها إدارة المدرسة.
  • عمليات الصيانة وستقوم بهذه العمليات شركات ومؤسسات متخصصة بعيدة عن النظام التعليمي ووفقاً لحاجات إدارة المدرسة.
  • عمليات الخدمات الصحية.
  • عمليات الخدمة الاجتماعية والإرشاد التربوي والثقافي.
  • عمليات النظافة والخدمات المعاونة.

ولذا فإن عملية خصخصة المدارس الحكومية على الرغم من أنها تحمل في طياتها التخلص من العمالة الزائدة إلا أنه ستنتج الكثير من العمليات التي تؤدى إلى توفير أعمال أخرى من الضروري توفيرها تحقيقاً للحفاظ على المباني التعليمية والعملية التعليمية بهذه المدارس.

4- الإدارة:

-   إعداد تحليلات هيكلية، تقوم على تحديد الموقف الحالي للمدرسة وفقاً لمعايير معينة تحدد على أساسها الهياكل الأساسية والهياكل المساعدة من العاملين بالمدرسة، مثل التعليم، المؤهل، الخبرة، الوظائف والأعمال، المستويات الوظيفية، الأجور.

-   وضع قوالب عمل جديدة على أسس مناسبة، بمعنى تحديد أعداد ومستويات العمالة المناسبة من معلمين ومساعدين وموظفين وعمال، وكذلك تحديد الجوانب الإيجابية والسلبية للهياكل الحالية لتقديم كم معين من الخدمات التعليمية.

-   وضع خطة مناسبة لإعادة توزيع العمالة في المدرسة استناداً إلى نتائج التقييم للهياكـل الحالية مما يترتب على هذا الأمر إعادة تدريب بعض الفئات، وأيضاً نقل بعض الأفراد من وظائفهم في حالة عدم الحاجة إليهم، أو الاستغناء عن العمالة الفائضة.

-   إطلاق حرية المدارس في اختيار أسلوب العمل الذي تراه مناسباً ومحققاً لوظائفها في ضوء أحكام القانون وكفالة الحرية الأكاديمية وحرية الفكر والتعبير المهني.

-   الإشراف الدقيق على المدارس الخاصة بحيث لا تتحول إلى عملية استثمار للأموال المستخدمة فيها بقصد الربح، وهذا يتطلب العمل على قصر إنشاء مدارس التعليم الخاص على الهيئات التعاونية بحيث نضمن عدم تحوله إلى مجال للتجارة.

-   منح مدير المدرسة بعض السلطات مثل الصرف من بند الحوافز لكل عمل يؤدى بالإضافة إلى عمل الموظف الأساسي للأمور العاجلة، مما يدفع العاملين للقيام بأي عمل تكلفهم به إدارة المدرسة.

-   التأكيد على أهمية أن يكون مدير المدرسة الخاصة من خريجي الجامعات ويحمل مؤهلاً تربوياً.

-   ترك بعض الصلاحيات لمديري المدارس الخاصة للتصرف اللامركزي بما يحقق تميزاً معيناً للمدرسة، وإتاحة فرصة للابتكار والتفرد.

-   تشكيل مجلس أعلى للتعليم الخاص برئاسة محافظ الإقليم، على أن تكون قرارات هذا المجلس ملزمة.

5- التمويل:

-   التأكيـد على أن التعليم الخاص كان هو الأصل في قيام التعليم الحكومي، وكان يمول من خلال القطاع الخاص، فالاستثمار في التعليم الخاص هو في الواقع عودة إلى الأصول، وتوفير للحاجات الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة، بشرط أن يكون هذا الاستثمار لحساب التعليم وليس على حسابه.

-   ضرورة أن تتحمل مؤسسات المجتمع المدني وتنظيماته غير الحكومية نصيباً متزايـداً من مسئوليات التعليم الخاص: إدارة وتنظيماً وتمويلاً، بحيث يتركز جهد الدولة في توفير التعليم الأساسي الإلزامي، الذي يمثل جذع الشجرة التعليمية، الهادف إلى بناء المواطن والمواطنة، وإتاحة الفرص التعليمية لأبناء الشعب غير القادرين.

-   الانفتاح على القطاع الخاص وإقامة المدارس المشتركة (حكومية- خاصة)، يسهـم في رأسمالها وإدارتها القطاعان الحكومي والخاص، ويفيدان من رسوم التلاميذ ومصادر أخرى في الإنفاق عليها، ويتبادلان الخبرات، ويوجهان العملية التعليمية بما يحقق التوأمة بين التعليم وسوق العمل.

-   تشجيـع الحكومة على تخصيص منحة سنوية للمدارس الخاصة المتميزة، وتشجيع المؤسسات المدنية غير الحكومية، والأوقاف الخيرية على التبرع والوقف لصالح التوسع في إنشاء وتمويل المدارس الخاصة.

-   استبعاد حافز الربح في ميدان التعليم الخاص، أو ضبطه على أقل تقدير، وتشجيع قيام المداس الخاصة غير الهادفة للربح، وتشجيع الجهود الأهلية واللجوء إلى المساعدات الوقفية والخيرية والتبرعات.

خاتمة:

إن كل القضايا التي أثيرت بشأن التعليم الخاص قبل الجامعي، تؤكد أن التعليم الخاص وفقاً لما تم استعراضه تعليم مهم. وفي ضوء التطورات العالمية الحادثة الآن فهو التعليم الذي سوف ينمو ويتسارع، بل أن التعليم الحكومي نفسه قد يواجه في المستقبل القريب جداً ضغوطاً موضوعية للخصخصة تخلصاً من البيروقراطية ودفعاً لتحديث نظمه ومناهجه وأساليب إدارته، لذلك فإن هناك مسئولية ملقاة على عاتق الدولة بتشجيع الخصخصة في إطار ضوابط علمية ووعى بهذه الإشكاليات التي أشرنا إليها في تلك الورقة.