دراسة تحليلية مقارنة للتعليم الثانوى الصناعى نظام

الثلاث سنوات فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية

واليابان ومدى إمكانية الإفادة منها فى مصر

 

 

 

 

 

 

دكتور/ نبيل سعد خليل

أستاذ التربية المقارنة والإدارة التعليمية المساعد

كلية التربية بسوهاج – جامعة جنوب الوادى

 

 

 

مقدمة:

تعد عملية إعداد الأفراد للحياة العملية من المهام الأساسية لنظم التعليم، بل لعلها المهمة الرئيسية التى تناط بالمؤسسات التربوية والتى يتخذ منها المجتمع مجالاً حياً لتنمية موارده البشرية وإعداد طاقاته المنتجة فى الاتجاه الذى يحقق به وجوده ويبنى به مستقبله.

وتعد عملية إعداد القوى البشرية من أهم المقومات التى ترتكز عليها المجتمعات فى تقدمها، لأن الإعداد المناسب لهذه القوى يمكّن من استثمار جميع الإمكانات الاقتصادية والاجتماعية. وقد أدى التقدم العلمى وإدخال التكنولوجيا فى مجالات الإنتاج والتصنيع إلى عمق وتعدد التخصصات التى يحتاج إليها العمل، مما يتطلب إعداداً سليماً لتلك القوى خاصة الفنية الصناعية لضمان حسن استخدام التقدم العلمى والتكنولوجى لتحقيق الأهداف التنموية.

لذا أصبح الاهتمام بإدراج العمل اليدوى إلى جانب العمل العقلى ضمن مجالات التعليم من القضايا الجوهرية التى تحتل مكانة متميزة فى الفكر التربوى الحديث، لأن العلم والثقافة أساس التطور الفكرى والإبداع الحضارى والتقدم الاجتماعى والازدهار الاقتصادى (8: 9).

فالموارد البشرية هى إحدى وأهم المدخلات الرئيسية لإحداث التنمية، فالإنسان هو المحرك الأول لعناصر العمل والإنتاج، والإنتاج هو محور التنمية وصانع التقدم والحضارة معاً. لذا يقع على عاتق التعليم تدريب وتعليم ذلك العنصر البشرى الذى ترتكز عليه دعائم التنمية وإدارة عجلة الإنتاج، لأن التنمية الحقيقية للمجتمعات لن تتحقق إلا بتأهيل الكوادر البشرية الوطنية على كافة المستويات وفى مختلف التخصصات، وتنمية المواهب المختلفة والقدرات المتعددة لدى أفراد المجتمع.

وجمهورية مصر العربية ليست منعزلة عما يجرى فى العالم من أحداث، بل على العكس من ذلك فهى تقع فى قلب الأحداث لما لها من تاريخ حضارى وموقع جغرافى، بالإضافة إلى أن مصر لها ظروف خاصة بها، والتى مرت بها منذ أواخر الستينات من القرن العشرين والتى ما زالت تداعياتها مستمرة حتى الآن. فتواجه مصر حالياً سياسة السوق المفتوح وتشجيع القطاع الخاص وهى فى ذلك تحتاج إلى قوى بشرية على مستوى عال من الكفاءة فى جميع مجالات التنمية بحيث تكون قادرة على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة من ناحية وتطوير الأداء من ناحية أخرى (14: 1).

وتلك التغيرات تؤثر بشكل أو بأخر على الأنشطة الاجتماعية بصفة عامة والأنشطة التربوية بصفة خاصة مما يستلزم إعادة النظر فى تلك النظم من حين إلى آخر. وعلى قدر جسامة المتغيرات والتحديات العالمية يكون قدر الاستجابة ممثلاً فى الدور الذى يجب أن تضطلع به التربية بصفة عامة والتعليم الصناعى بصفة خاصة باعتباره أحد أنظمة التعليم الفرعية التى يقع على عاتقها إعداد القوى البشرية العاملة والمدربة القادرة على التعامل مع معطيات العصر التكنولوجية.

والتعليم الثانوى الفنى الصناعى يرتبط ارتباطاً وثيقاً مع خطط التنمية الاقتصادية باعتباره الأداة لتوفير احتياجات تلك الخطط من القوى العاملة المدربة والتى غالباً ما تتمثل فى فئة الفنيين التى تقع فى وسط الهيكل الوظيفى بين العمال المهرة وفئة المهندسين.

والاهتمام بالتعليم الثانوى الفنى الصناعى فى مصر جزء لا يتجزأ من اهتمام عالمى كبير على مستوى الدول النامية والمتقدمة على حد سواء، فالتعليم الثانوى الفنى الصناعى ينال اهتماماً كبيراً لاختصاصه بإعداد الفنيين فى مختلف قطاعات الصناعة وتزويدهم بالمهارات اللازمة لاستخدام طرق الإنتاج التكنولوجية المتقدمة، الأمر الذى من شأنه دفع التقدم الصناعى إلى المزيد فى عصر دائم التغير.

ففى الولايات المتحدة الأمريكية يشترك كل من التربويين والقائمين على الإنتاج بالقطاعات المختلفة بالمصانع والشركات والمسئولين عن التعليم الثانوى الفنى الصناعى فى تصميم وتخطيط المناهج فى كل ولاية (62: 2)، وتدعيم برامج التدريب المهنى للطلاب بالمصانع ومواقع الإنتاج.

وفى اليابان نجد أن هناك اهتماماً كبيراً من جانب المؤسسات الإنتاجية بعامة، والصناعية بخاصة بالتعليم الثانوى الفنى والتدريب ، حيث يحرص أصحاب العمل اليابانيين على إعداد وتدريب وتوفير قوى العمل الضرورية واللازمة لمؤسساتهم وفقاً لمتطلبات الحاضر والمستقبل، وفى ضوء ذلك فإن الشركات الكبرى وعدداَ من الشركات الصغيرة قامت بتطوير استراتيجيات العمل وخطط التدريب اللازمة لها (3: 237).

ولما كانت مصر تتجه حالياً نحو التنمية الشاملة وهى فى طريقها إلى ذلك فإنها فى حاجة مستمرة إلى القوى البشرية المدربة فى شتى المجالات، فقد رأى الباحث أهمية دراسة نظام التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان ومحاولة الاستفادة منهما فى تطوير نظام التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى مصر فى ضوء الأوضاع الثقافية المختلفة للمجتمع المصرى.

مشكلة البحث:

يعد التعليم الثانوى الفنى الصناعى أحد الركائز الأساسية لإعداد القوى البشرية المدربة التى تحتاجها مشروعات وبرامج خطط التنمية، لذا فإن اهتمام جمهورية مصر العربية بالتعليم الثانوى الفنى الصناعى يرجع إلى حاجتها المتزايدة إلى العمالة الفنية فى شتى مجالات العمل وعلى مختلف المستويات.

وعلى الرغم من هذا الاهتمام بالتعليم الثانوى الفنى الصناعى فى جمهورية مصر العربية، إلا أنه يعانى من جوانب قصور كثيرة تحول دون تحقيق أهدافه، والتى تجسدت فى الوثائق والتقارير الصادرة من وزارة التربية والتعليم والدراسات والبحوث المختلفة فى هذا المجال، والتى يمكن إيجازها على النحو التالى:

-  التعليم الثانوى الصناعى بشكله الحالى يبعد كثيراً عما تتطلبه تغيرات المهن، فقد لوحظ فى الآونة الأخيرة وجود فجوة بين التعليم الثانوى الصناعى وبين مقتضيات سوق العمل، ولا سيما وأن "هيكل ومستوى المهارات دائم التغير فضلاً عن استحداث مجالات جديدة للمهن" (23: 2).

-  أشارت نتائج الدراسة التى قام بها المركز القوى للبحوث التربوية والتنمية عن التعليم الثانوى الصناعى إلى (5: 123):

* عدم التناسب بين حجم التعليم الصناعى وأهميته.

* وجود فجوة بين الأهداف العامة وفلسفة التعليم الثانوى الصناعى، وبين الأهداف الخاصة وعدم مواءمتها لأهداف التنمية الاقتصادية.

* قصور الموارد المالية ومصادر التمويل.

* عزوف الطلاب وأولياء الأمور عن التعليم الثانوى الصناعى.

-  انعدام الصلة بين ما يدرسه التلميذ من ثقافة مهنية ومجالات عملية فى التعليم الأساسى والقبول بالتعليم الثانوى الصناعى، مما يدل على أن الصلة بين التعليم الأساسى والتعليم الثانوى الصناعى تكاد تكون منعدمة، حيث يتم توزيع التلاميذ على المدارس الثانوية العامة والفنية وفقاً لدرجاتهم فى امتحان نهاية مرحلة التعليم الأساسى، دون أن يؤخذ فى الاعتبار المجالات العملية، لأنها ليست شرطاً للقبول بالتعليم الفنى وهى من جهة أخرى لا تدخل فى المجموع الكلى للدرجات فى هذا الامتحان (2: 254).

-  خريجى التعليم الثانوى الفنى فى مصر دون مستوى الكفاية المطلوبة لمواجهة التقدم العلمى والتكنولوجى من جهة واحتياجات مجالات الخدمات والإنتاج من جهة أخرى (1: 212).

-  يواجه التعليم الثانوى الفنى بصفة عامة فى مصر بعض جوانب القصور من أهمها ما يلى (3: 222):

*   ضعف ارتباط التعليم الثانوى الفنى بمتطلبات الاقتصاد المصرى ومؤسساته.

*   غياب الشمولية والتنوع فى مناهج التعليم الفنى.

*   غياب المشاركة الحقيقية للمؤسسات الإنتاجية فى سياسات التعليم الثانوى الفنى وخططه وبرامجه.

*   النقص الشديد فى المعلمين الأكفاء للقيام بمهام التعليم والتدريب والتوجيه.

*   ضعف المكانة الاجتماعية لخريجى المدارس الفنية.

-  إحجام مؤسسات ومراكز الإنتاج عن استكمال التدريب العملى للطلاب. فمدارس التعليم الثانوى الصناعى تعانى من عدم كفاية التدريب بورشها، وإمكاناتها المحدودة (3: 217).

وفى ضوء ما سبق يتضح أن التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى جمهورية مصر العربية يعانى من بعض المشكلات التى تعوقه عن تحقيق أهدافه.

لذا تحاول الدراسة الحالية دراسة واقع التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان والاستفادة من خبرة كل منهما فى كيفية التغلب على بعض هذه المشكلات.

تساؤلات البحث:

وفى ضوء تحديد مشكلة البحث على النحو السابق يحاول البحث الإجابة عن الأسئلة التالية:

-  ما واقع التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى الولايات المتحدة الأمريكية؟.

-   ما واقع التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى اليابان؟.

-  ما أوجه الشبه والاختلاف بين واقع التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان؟

-  ما التصور المقترح لعلاج أوجه القصور التى تحيط بالتعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى جمهورية مصر العربية فى ضوء خبرة كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وبما يتناسب مع طبيعة وظروف المجتمع المصرى.

أهمية البحث:

-  تأمل الدراسة الحالية فى أن تتمكن من إبراز واقع التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان.

-  تأمل الدراسة فى تقديم تصور مقترح لعلاج أوجه القصور المحيطة بالتعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى جمهورية مصر العربية فى ضوء خبرة كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وبما يتناسب مع طبيعة وظروف المجتمع المصرى.

-  تأمل الدراسة أن تمثل إضافة- ولو محدودة- فى إبراز بعض جوانب التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وإمكانية الاستفادة منهما فى مصر.

هدف البحث:

يهدف هذا البحث إلى الاستفادة من خبرات كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان فى مجال التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى تطوير التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى جمهورية مصر العربية فى ضوء ظروف وإمكانات المجتمع المصرى.

حدود البحث:

     تمثلت حدود البحث فى :

-  الحدود الجغرافية أو المكانية: حيث أقتصر البحث على دراسة التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان.

-  الحدود الموضوعية: حيث اقتصر البحث على دراسة التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان من حيث العناصر التالية:

  • تطور التعليم الثانوى الصناعى.
  • أهداف التعليم الثانوى الصناعى.
  • شروط القبول بمدارس التعليم الثانوى الصناعى.
  • البنية التنظيمية للتعليم الثانوى الصناعى.
  • إدارة التعليم الثانوى الصناعى.
  • تمويل التعليم الثانوى الصناعى.

مصطلحات البحث:

التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات: هو ذلك النوع من التعليم الخاص بإعداد وتدريب العامل الماهر ومدة الدراسة به ثلاث سنوات بعد المدرسة الثانوية الدنيا (فى الولايات المتحدة الأمريكية واليابان)، وبعد المرحلة الإعدادية فى جمهورية مصر العربية ويقبل الطلاب الذين تتراوح أعمارهم من 14أو 15 سنة إلى 17أو 18 سنة والدراسة به متنوعة إلى فروع وتخصصات صناعية مختلفة.

منهج البحث وخطواته:

تسير خطوات البحث وفقاً للمنهج المقارن إذ يُعد أنسب المناهج المستخدمة وأكثرها دلالة على التربية المقارنة، وأكثرها شمولاً للمناهج الفرعية المستخدمة فيها (7: 87)، وقد استخدم الباحث أكثر من منهج- فى ضوء طبيعة مشكلة البحث- على النحو التالى:

-  دراسة تاريخية لتطور التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، استخدم فيها المدخل التاريخى وهو جزء من المنهج المقارن.

-  دراسة نظرية لتجارب كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان فى مجال التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات استخدم فيها المدخل الوصفى وهو جزء من المنهج المقارن.

-  تحليل مقارن لإظهار أوجه الشبه والاختلاف بين نظم التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، بهدف الوصول إلى تصور مقترح لعلاج أوجه القصور التى تحيط بالتعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى جمهورية مصر العربية، والذى يتناسب مع طبيعة وظروف المجتمع المصرى، وهذا هو الهدف الذى تقوم من أجله الدراسة المقارنة الحالية ويؤكد عليه المنهج المقارن.

وتتمثل خطوات البحث فيما يلى:

-  دراسة تحليلية للتعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان.

-  دراسة تحليلية مقارنة للتعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان.

-  وضع تصور مقترح لتطوير التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى جمهورية مصر العربية على ضوء النتائج التى أسفرت عنها الدراسة.

أولا: التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات

 فى الولايات المتحدة الأمريكية

مقدمة :

من المتعارف عليه أن الأمريكيين ليس لهم ماض بعيد أو حضارة عريقة تضرب بجذورها فى أعماق التاريخ، لذا فهم لا يؤمنون بالماضى ولا يمجدونه فهو من وجهة نظرهم عديم القيمة والفائدة ولهذا السبب فهم يتطلعون دائماً إلى المستقبل ويؤمنون بالتغير السريع وبأهمية التعليم فى إحداث هذا التغير وإرساء قواعد الديمقراطية الأمريكية والدفاع عنها (6: 103).

وقد جاءت الفلسفة البراجماتية تعبيراً صادقاً للعقلية الأمريكية، فقد أدرك الأمريكيون أن التعليم مفتاح التنمية واعتبروا انتشار التعليم ضماناً أساسياً للحرية والمساواة والحكم الذاتى، ونظروا إلى القوى البشرية باعتبارها مصدراً مهماً من مصادر الثروة وأن تعليم وتدريب تلك القوى هو السبيل الأمثل للاستفادة منها لتحقيق أكبر قدر ممكن من العائد (1: 78- 79).

وقد اتسم التعليم الأمريكى بالتعدد والتنوع لتعدد وتنوع الولايات الأمريكية إلا أن هناك بعض المبادئ والأسس التى يقوم عليها هذا التعليم والتى من أهمها ما يلى (1: 79- 80)، (11: 179- 180):

-  أن التعليم الأمريكي يرفض الأخذ بفكرة التوجيه العقائدى وفرض النظم من الخارج فكلاهما فى نظره من سمات المجتمعات التى تتحكم فيها السلطة المطلقة والديكتاتورية، لذا نجده يؤكد على التهذيب التلقائى أو الشخصية البناءة الحقة النافعة للفرد والمجتمع.

-  يأخذ التعليم الأمريكى بفكرة المدرسة العامة كمدرسة مناهضة للطائفية، فقد كان التفكير السائد هو أن إنشاء مدرسة لمذهب دينى خاص  يعد من الأعمال المخالفة للروح الأمريكية.

-  يأخذ التعليم الأمريكى بالمفهوم القائل بأن التعليم يجب أن يكون من مسئوليات المجتمع، لذا نرى سيطرة الشعب على شئون التعليم بطريقة مباشرة.

-  يؤمن التعليم الأمريكى بالفروق الفردية بين التلاميذ، ويعمل على مراعاتها بكل السبل إلى حد كراهية فرض نمط موحد فى المناهج الدراسية أو تقديم مستوى تعليمى موحد لجميع التلاميذ، مما يساعد على وجود فروق تحصيلية فى المدارس بين تلميذ وأخر.

لذا يعتبر الأمريكيون التعليم العام أساس الديمقراطية الأمريكية، ومدته إثنتا عشرة سنة ويبدأ التعليم الإلزامى فى الولايات المتحدة الأمريكية من سن السادسة وحتى سن الثامنة عشر، وتعد هذه الفترة إلزامية وإجبارية بالنسبة لكثير من الولايات مع بعض الاختلافات بينهما.

ويحتل التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات المرحلة العليا من مرحلة التعليم الثانوى ككل، فضلاً عن وجود المدارس الثانوية الشاملة التى تجمع من خلال مناهجها بين الجوانب النظرية الأكاديمية العامة والجوانب العملية الفنية المتخصصة والمتنوعة، وتتمثل ديمقراطية التعليم الأمريكى بوضوح فى هذا النوعية من المدارس التى تراعى ميول واهتمامات واستعدادات وقدرات الطلاب الملتحقين بها (58: 13).

تطور التعليم الثانوى الصناعى فى الولايات المتحدة الأمريكية:

عرف التعليم الفنى بالولايات المتحدة الأمريكية فى نهاية القرن التاسع عشر، وتم ربطه بمتطلبات البلاد الاقتصادية، ففى عام 1906م وجه التعليم الفنى لخدمة الاقتصاد القومى الأمريكى، وفى عام 1907 صدرت عدة تشريعات قانونية عن الكونجرس الأمريكى لتنظيم التعليم الفنى الصناعى، وعلى أثرها تم التوسع فى إنشاء مدارس التعليم الثانوى الصناعى بموجب استراتيجية خاصة لذلك عام 1910م (32: 2).

وقد حظى التعليم الثانوى الفنى باهتمام الرؤساء الأمريكان على مر التطور التاريخى له، فقد وافق الرئيس وودرو ويلسون Woodrow Wilson  - الذى تولى رئاسة الولايات المتحدة عام 1913م- على تمويل التعليم الفنى عام 1914م لخدمة مصالح البلاد وللتوسع فى الصناعات المختلفة، وفى ضوء هذا الاهتمام صدر قانون سميث هوجس The Smith Hughes Act والذى يعد أول تشريع أمريكى يأخذ صورته التشريعية، والذى نص على : ضرورة تطوير التعليم الفنى من أجل التعاون لصالح الولايات المتحدة، وإعداد معلمى المواد الفنية، وخصص بموجب هذا القانون مبلغ 3.000,000 دولار للتعليم الثانوى الصناعى، ومبلغ 1.000,000 دولار للتدريب المهنى للطلاب (32: 2-3).

­وتلى هذا القانون قانون آخر صدر فى فبراير 1929م، أطلق عليه قانون جورج ريد The George Read Act، والذى نص على: ضرورة تدعيم التعليم الفنى بتمويل إضافى آخر بمبلغ 500.000 دولار سنوياً لمدة خمس سنوات، علاوة على التمويل السابق على أن يقسم هذا المبلغ بالتساوى على أنواع التعليم الثانوى الفنى.

وفى عام 1933م انتقلت مسئولية التعليم الفنى من المجلس الفيدرالى إلى مكتب التعليم الفنى، حيث صدر فى هذا الشأن قانون جورج إيلزى The George Ellezey Act فى 21 مايو 1934م مؤيداً لقانون جورج ريد السابق، حيث خصص مبلغ 3.000,000 دولار كل عام لمدة ثلاث سنوات للتعليم الثانوى الفنى توزع بالتساوى على أنواع التعليم الثانوى الفنى ومبلغ 100.000 دولار لمكتب التعليم الفنى (46: 3-4)

وقبل الحرب العالمية الثانية صدر قانون جورج دين The George Deen Act فى 8 يوليو عام 1936م بشأن التعليم الفنى أيضاً، حيث خصص الكونجرس الأمريكى للتعليم الفنى بموجب هذا القانون مبلغ 12.000,000 دولار توزع بالتساوى على أنواع التعليم الفنى بالإضافة إلى مبلغ 1.000,000 دولار سنوياً تخصص للتدريب المهنى الفنى ومبلغ 350.000 دولار لمكتب التعليم الفنى (46: 16).

ومع الحرب العالمية الثانية فتحت مدارس التعليم الثانوى الفنى عامة ومدارس التعليم الثانوى الصناعى خاصة أبوابها لتدريب 50.000 فرد للمساهمة فى الإنتاج الحربى بالإضافة إلى تدريب 7.500.000 فرد للعمل فى صناعات الأسلحة الحربية الأمريكية وصدر فى هذا الشأن قانون جورج باردن The George Barden Act فى أغسطس عام 1946 والذى تضمن تقديم دعم مالى للتعليم الفنى قدر بـ 28.850.000 دولار سنوياً الأمر الذى ساعد على التوسع فى إنشاء مدارس التعليم الفنى الصناعى. وفى عام 1963م ظهر اهتمام الرئيسى الأمريكى كيندى Kennedy بالتعليم الفنى فأصدر قانون التعليم الفنى فى نفس العام، واعتمد هذا القانون بعد ذلك الرئيس الأمريكى ليندون جونسون Lindon Johnson الذى تولى الرئاسة بعده (32: 3).

وفى عام 1968م أنشأ المجلس الاستشارى للتعليم الفنى The Advisory Council on Vocational Education، والذى قدم عدة توصيات لتطوير التعليم الفنى الصناعى، كما اقترح هذا المجلس تخصيص مبلغ 1.565 مليون دولار لتطوير التعليم الفنى بأنواعه المختلفة، واعتمد الرئيس الأمريكى اللائحة الخاصة بذلك والتى تم تعميمها فى عام 1968م، وبدأ الاهتمام بالتعليم الثانوى الصناعى يتزايد عام بعد عام إلى أن بلغت جملة المخصصات المالية للتعليم الفنى 675.000,000 دولار عام 1971م (32: 6).

وفى عام 1976م صدرت لائحة تشريعية توصى بضرورة إصلاح التعليم الفنى والتى اعتمدها الرئيسى الأمريكي فورد Ford فى 12 أكتوبر عام 1976م بعد توليه الحكم بعامين، ثم تلى ذلك تقرير أمة فى خطر Nation at Risk عام 1983م حيث بينّ هذا التقرير نقاط الضعف فى التعليم الأمريكى، وترتب عليه انطلاق موجات الإصلاح التعليمى مما ساعد على صدور قانون التعليم الفنى عام 1984م لكارل دى بركنـز Carl D. Perkins Act الذى نادى بضرورة تطوير التعليم الفنى بما فيه التعليم الصناعى بما يتمشى مع التقدم العلمى الحديث الأمر الذى ساعد على حدوث عدة تعديلات فى هذا القانون من بينها التعديلات التى حدثت فى عام 1991م وكان أخرها فى عام 1998م (13: 1- 2).

أهداف التعليم الثانوى الصناعى فى الولايات المتحدة الأمريكية:

تشتق الأهداف التربوية لأى مجتمع من المجتمعات من طبيعة وفلسفة المجتمع التى وجدت فيه وقيمه، كما أنها تتأثر بالتغيرات الاجتماعية والإصلاحية التى تتم بداخله ومن هذا المنطلق تختلف وتتنوع الأهداف التربوية لأى نظام تعليمى باختلاف الدول والمجتمعات نظراً لاختلاف فلسفة وطبيعة كل مجتمع:

وقد تتعدد الأهداف التربوية وتتنوع داخل المجتمع الواحد وذلك بحكم تركيبه وتوزيعه الجغرافى لأقاليمه كما هو الحال فى الولايات المتحدة الأمريكية التى تؤمن بالفلسفة البراجماتية والتى من سماتها التغير حيث تؤكد هذه الفلسفة على أن التغير هو جوهر الحقيقة، لذا رأت أن الفرد يجب أن يكون مستعداً دائماً لمواجهة التغير، وهكذا ربطت هذه الفلسفة بين التغير والاستعداد والتقدم. وأكدت هذه الفلسفة على أن تكون أهداف التربية ووسائلها ومحتوياتها مرنة ومتغيرة ومتجددة حتى تلائم الظروف المتغيرة التى تمر بها المجتمعات، كما يجب أن تكون موادها ومكوناتها مرتبطة بذلك الواقع ارتباطاً عضوياً وثيقاً ولا تكون موضوعاتها تأملية بعيدة عن حياة وواقع التلاميذ المعاش (4: 136- 137)، (53: 50-52).

وفى ضوء هذا الفلسفة أصبح هناك اهتمام متزايد بقيمة وقوة وفعالية وقدرة العقل الإنسانى الأمريكى فى إحداث التغييرات التى تؤدى إلى تقدم الإنسان وتنمية مجتمعه، حيث نادى جون ديوى John Dewy  بضرورة أن يكون التعليم مرتبطاً بالعمل وهاجم التربية التقليدية التى فرضت على التلاميذ مقررات دراسية بعيدة عن حياتهم وأكد على أهمية التدريب والعمل من أجل التعليم المنتج واكتساب الخبرات، ونادى أيضاً بأهمية تكامل المعرفة وارتباطها بحياة التلاميذ وبيئتهم. (4: 14).

وفى ظل هذه الفلسفة النفعية التى أكدت على أهمية التعليم من خلال التدريب والخبرة تطورت الأهداف العامة للنظام التعليمى فى الولايات المتحدة الأمريكية من أجل التغير.

وفى ضوء ذلك يمكن عرض الأهداف العامة للتعليم الأمريكى فى النقاط التالية (45: 56- 59)، (61: 15- 17):

-  تحقيق النمو الشامل للتلاميذ جسمياً وعقلياً واجتماعياً وثقافياً وانفعالياً.

-  مساعدة التلميذ على فهم ذاته.

-  العمل على إكساب التلاميذ المهارات الأساسية واللازمة للحياة.

-  إكساب التلاميذ العادات الصحية والجسمية السليمة.

-  مساعدة التلاميذ على معرفة فرص العمل المتاحة والعمل على إعدادهم الإعداد المناسب للالتحاق بهذه الفرص.

-  إكساب التلاميذ الاتجاهات الإيجابية نحو المواطنة السليمة.

-  إكساب التلاميذ الاتجاهات الإيجابية لفهم الحياة الأسرية وإدراك مسئوليتهم نحو أسرهم.

-  إتقان التلاميذ للمهارات الأساسية المتعلقة باستخدام اللغة والرياضيات والعلوم والدراسات الاجتماعية.

-  مساعدة التلاميذ على التكيف مع المتغيرات الاجتماعية، والتغير فى مجال العمل.

أما فيما يتعلق بأهداف التعليم الثانوى الصناعى، فتحرص مدارس التعليم الثانوى الصناعى فى الولايات المتحدة الأمريكية من خلال ما تقدمه من مناهج دراسية وبرامج للتدريب المهنى على تحقيق مجموعة من الأهداف التربوية والتى من أهمها ما يلى (42: 4)، (50: 2)، (51: 1)، (55: 31- 32):

-  إعداد وتأهيل الكوادر البشرية الفنية المدربة على المهارات الفنية الصناعية المختلفة للعمل فى إحدى الوظائف الصناعية التالية: هندسة السيارات، هندسة الكهرباء، ميكانيكا المحركات، الطباعة، الكهرباء، الزخرفة النسيج، الإلكترونيات، التصوير الفنى، أعمال التشييد والبناء، النجارة، اللحام المعدنى (الغازى)، الصيانة التبريد الهوائى، السباكة، بالإضافة إلى تخصصات أخرى متنوعة لتلبية الاحتياجات المستقبلية لفرص العمل فى المجالات الإنتاجية والتى من شأنها النهوض بالاقتصاد القومى الأمريكى.

-  تزويد الطلاب بقاعدة عريضة من المعلومات والثقافة والخبرات والمهارات الفنية النظرية والعملية التى تؤهلهم ليكونوا فنيين مهرة فى مجالات العمل الفنى الصناعى.

-  تدريب الطلاب على إتقان مهارات المهنة التى يتخصص فيها وذلك من خلال الاحتكاك والتدريب المباشر فى المصانع ومراكز التدريب المهنى المنتشرة.

-  غرس روح التعاون بين الطلاب وحب واحترام العمل اليدوى الذى يقومون به.

-  تنمية روح الولاء للوطن فى نفوس الطلاب وحب الإنتاج والولاء للشركات والمصانع التى يتدربون فيها.

-  غرس القيم الاستثمارية- لا الاستهلاكية- فى نفوس الطلاب من خلال استثمار أوقات الفراغ فى عمل إنتاجى مفيد وإقامة المشروعات الإنتاجية الصغيرة.

-  إكساب الطلاب المهارات والقدرات اللازمة لاستخدام الوسائل والأدوات المعينة على الإنتاج والعمل والتصنيع بطرق علمية سليمة وآمنة.

-  الوصول بالطلاب لأعلى مستوى من الكفاءة والمهارات الفنية التى تؤهلهم لكى يكونوا من إحدى عناصر القوى العاملة الناجحة فى المجتمع الأمريكى.

شروط القبول بمدارس التعليم الثانوى الصناعى فى الولايات المتحدة الأمريكية:

على الرغم من صعوبة الوصول إلى تعميمات بالنسبة لنظام التعليم الأمريكى بسبب تنوع الأنظمة التعليمية بتنوع الولايات، بالإضافة إلى أن كل ولاية تدير نظامها التعليمى وفقاً لظروفها، حيث تقوم كل ولاية من خلال السلطات التعليمية المحلية برسم سياسة التعليم بها وتحديد شروط القبول بالمؤسسات التعليمية الواقعة فى نطاقها.

وقد استطاع الباحث- من خلال ما اطلع عليه من مصادر مختلفة- تحديد بعض الشروط العامة للقبول بمدارس التعليم الثانوى الصناعى على النحو التالى (21: 8- 13)، (28: 202- 203)، (56: 42: 43):

-  ألا يزيد سن الطالب المتقدم عن خمسة عشر عاماً.

-  أن يكون الطالب قد أنهى دراسته فى المدرسة الثانوية الدنيا.

-  أن يجتاز الطالب اختبارات القدرات والاستعدادات والميول للمجالات الفنية المختلفة والتى يرغب التخصص فيها بالتعليم الثانوى الصناعى.

-  الأخذ فى الاعتبار نتيجة الطالب فى اختبارات المهارات الفنية.

-  أن ينجح الطالب فى المقابلة الشخصية التى تجريها السلطات التعليمية المحلية.

-  أن يكون الطالب لائقاً من الناحية الصحية والجسمية وأن يكون خالياً من الأمراض المزمنة، وأن تكون درجة الإبصار قوية.

-  الأخذ فى الاعتبار سجل الطالب الدراسى فى المدرسة الابتدائية والمدرسة الثانوية الدنيا، والذى يوضح سير سلوك الطالب ومستوى تحصيله ومواهبه وقدراته الفنية بالإضافة إلى استعداداته وميوله.

وفى ضوء ما سبق يتضح أن سياسة القبول بالمدارس الثانوية الصناعية فى الولايات المتحدة الأمريكية تقوم على أساس احترام رغبات وميول الطلاب واستعداداتهم وقدراتهم ومواهبهم فى اختيار تخصصات صناعية دون غيرها، الأمر الذى يوضح الروح الديمقراطية التى يتمتع بها التعليم فى المجتمع الأمريكى، بالإضافة إلى أن هذا النوع من التعليم ينال التقدير والاحترام من قبل أفراد المجتمع الأمريكى لما يعقد له من اختبارات ومقابلات وشروط للقبول بالمدارس الثانوية الصناعية.

البنية التنظيمية للتعليم الثانوى الصناعى فى الولايات المتحدة الأمريكية:

يلتحق بالمدارس الثانوية الصناعية نظام الثلاث سنوات الطلاب الذين أنهوا الدراسة بالمدارس الثانوية الدنيا والذين بلغوا سن الخامسة عشرة من عمرهم، يتم خلال سنوات الدراسة إعدادهم وتأهيلهم للعمل فى إحدى التخصصات الصناعية التى تحرص على تقديمها المدارس الثانوية الصناعية فى الولايات المتحدة الأمريكية والتى يتطلبها سوق العمل فى مجال الصناعة والتصنيع، كما يتم خلالها أيضاً تدريب الطلاب تدريباً مهنياً فى المصانع ومواقع الإنتاج المختلفة (21: 2-3).

وتتكون السنة الدراسة من 175 يوماً أو 180 يوماً، حيث تبدأ الدراسة فى شهر سبتمبر وتنتهى فى شهر يونيه كما هو الحال فى كثير من دول العالم. وتقسم السنة الدراسية فى معظم الولايات الأمريكية إلى أربعة فصول، فعلى سبيل المثال وليس الحصر تقسم السنة الدراسة فى ولاية أوكلاهوما Oklahoma وتلسا Tulsa إلى أربعة فصول دراسية على النحو التالى (21: 2-3):

-  الفصل الدراسى الأول First Quarter  ويبدأ من 14 أغسطس إلى 13 أكتوبر وعدد الأيام الدراسية الفعلية خلال هذا الفصل 44 يوماً، دراسياً.

-  الفصل الدراسى الثانى  Second Quarter ويبدأ من 16 أكتوبر إلى 15 ديسمبر وعدد الأيام الدراسية الفعلية خلال هذا الفصل 40 يوماً دراسياً.

-  الفصل الدراسى الثالث Third Quarter ويبدأ من 2 يناير إلى 9 مارس وعدد الأيام الدراسية الفعلية خلال هذا الفصل 44 يوماً دراسياً.

-  الفصل الدراسى الرابع Fourth Quarter ويبدأ من 12 مارس إلى 23 مايو وعدد الأيام الدراسية الفعلية خلال هذا الفصل 47 يوماً دراسياً.

وفى ضوء ما سبق يتضح أن عدد الأيام الدراسية الفعلية للعام الدراسى 175 يوماً دراسياً  تقريباً، وهذا العدد لا يتضمن الأجازات الرسمية والعطلات الأسبوعية التى تتخلل تلك الفصول الدراسية، وقد يزداد طول العام الدراسى فى بعض الولايات الأخرى، وكذلك تختلف الأجازات التى تعطل فيها الدراسة من ولاية إلى أخرى.

أما من حيث المناهج الدراسية التى تدرس فى مدارس التعليم الثانوى الصناعى فى الولايات المتحدة الأمريكية، فمن المتعارف عليه أن المجتمع الأمريكى دائم التطور والتحديث الأمر الذى انعكس بالضرورة على المناهج الدراسية التى تحمل بين محتوياتها سمات هذا التغير والتطور. وتتميز المناهج الدراسية بالمدارس الثانوية الفنية بالجودة العالية والتخطيط المنهجى الملائم لطبيعة المتعلمين وحاجات ومتطلبات الخطط التنموية الشاملة فى المجتمع الأمريكي.

فعلى مستوى التعليم الثانوى الفنى الصناعى فى الولايات المتحدة الأمريكية يشترك كل من التربويين والقائمين على الإنتاج بالقطاعات المختلفة بالمصانع والشركات (القطاع الخاص) والمسئولين عن التعليم الثانوى الصناعى فى تصميم وتخطيط المناهج فى كل ولاية، لذا تتسم المناهج الدراسية بمدارس التعليم الثانوى الصناعى بالتنوع لإتاحة الفرص أمام الطلاب للاختيار منها بما يتناسب مع ميولهم وقدراتهم واستعداداتهم، مما ساعد على ظهور المناهج المحورية ومناهج الوحدات (62: 2).

ومن خلال استعراض بعض التشريعات القانونية التى اطلع عليها الباحث والتى تتعلق بالتعليم الثانوى الصناعى فى الولايات المتحدة الأمريكية تبين أن هناك مجموعة من الإصلاحات والتطوير لمناهج التعليم الثانوى الصناعى، ومن أهم تلك التشريعات القانونية قانون كارل دى بركنـز Carl D. Perkins Act وتعديلاته التى نادت بضرورة تطوير مناهج التعليم الفنى بالولايات المتحدة الأمريكية وتطبيق سياسة الإدماج التى تؤكد على ضرورة الدمج بين الجوانب الأكاديمية والجوانب الفنية فى المقررات الدراسية المقدمة (62: 2).

ويقصد بسياسة الإدماج تكامل المناهج الفنية والمناهج الأكاديمية العامة فى برنامج دراسى موحد، وتهدف سياسة الإدماج إلى تحقيق ما يلى (13: 102- 114) (22: 240):

-  تحقيق العدالة الاجتماعية ومبدأ تكافؤ الفرص التعليمية بين الطلاب، ومراعاة الفروق الفردية بينهم.

-  تعطى سياسة الإدماج للطلاب إمكانية الوصول إلى فرص ومهارات تعليمية وفنية مهنية فى وقت واحد.

-  يؤكد المشرعون الفيدراليون على أن سياسة الإدماج تجعل الولايات المتحدة الأمريكية أكثر قدرة على التنافس فى عالم الاقتصاد وذلك من خلال تنمية المهارات الفنية والأكاديمية معاً لدى الطلاب فى مجتمع تكنولوجى متقدم.

-  تساعد سياسة الإدماج على زيادة الترابط والتعاون بين معلمى التعليم الثانوى الفنى والتعليم الثانوى العام وذلك من خلال ارتباط المناهج وتطويرها.

-  تساعد سياسة الإدماج على احترام طلاب التعليم الثانوى الفنى لأنفسهم عندما يرون أنهم يعاملون بالمساواة مع أقرانهم من طلاب التعليم الثانوى العام.

لذا تم تطبيق هذه السياسة فى جميع الولايات الأمريكية ضماناً لإحداث التقدم فى مجال التعليم الثانوى الفنى عامة والتعليم الثانوى الصناعى خاصة، وعلى هذا الأساس بدأ تطعيم المناهج الفنية بمدارس التعليم الثانوى الفنى بالمناهج الأكاديمية العامة تمشياً مع قوانين كارل دى بركنـز Carl D. Perkins  للتعليم الثانوى الفنى الصادرة فى عام 1984م، وعام 1991م، وعام 1998م على التوالى.

وتقوم مدارس التعليم الثانوى الصناعى فى الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم المقررات الدراسية الأكاديمية العامة جنباً إلى جنب مع المقررات الفنية التخصصية وذلك على النحو التالى (17: 36- 37)، (52: 15)، (55: 2):

*   المقررات الدراسية الأكاديمية العامة وتشمل: اللغة الإنجليزية، الرياضيات، العلوم (الطبيعة والكيمياء)، والدراسات الاجتماعية (التاريخ الأمريكى وجغرافية الولايات المتحدة الأمريكية).

*   المقررات الفنية التخصصية وتشمل: هندسة الكهرباء، هندسة السيارات، هندسة الإلكترونيات، الأشغال الخشبية، هندسة البناء والتشييد والعمارة، فنون العمارة، الأشغال المعدنية، المحركات، ميكانيكا المركبات، واللحام المعدنى (الغازى)، الرسم الفنى والهندسى، إدارة المشروعات الصناعية الصغيرة، الخراطة، التبريد الهوائى، التصوير والطباعة، الزخرفة، الديكور، النسيج، تكنولوجيا التصنيع، الكمبيوتر، المقايسات، والصيانة والدهانات، بالإضافة إلى التدريب المهنى للطلاب بمواقع العمل والإنتاج المختلفة مثل المصانع والشركات الإنتاجية الكبرى، بهدف تزويد الطلاب بالخبرات المهنية، والتدريب المهنى اللازم للعمل بالمجالات الصناعية المختلفة.

إدارة التعليم الثانوي الصناعى فى الولايات المتحدة الأمريكية.

يتسم النظام التعليمى بالولايات المتحدة الأمريكية باللامركزية الشديدة فى الإدارة والتمويل، بمعنى أن إدارة التعليم وتمويله من اختصاص الولايات المحلية، وعليه تقسم إدارة التعليم الثانوى الصناعى فى الولايات المتحدة الأمريكية على ثلاثة مستويات على النحو التالى:

1- إدارة التعليم الثانوى الصناعى على المستوى القومى:

تتمثل الإدارة التعليمية على المستوى القومى فى الحكومة الفيدرالية حيث يوجد مكتب الولايات المتحدة للتعليم U.S. Office of Education، ويعد هذا المكتب بمثابة وزارة مركزية للتعليم بالمعنى المأخوذ به فى كثير من دول العالم، وقد أنشئ هذا المكتب عام 1867م وكان يهتم بتقديم المعونات المالية والفنية للتعليم العام والفنى لجميع الولايات الأمريكية. وأنشئ بعد ذلك مكتب للتعليم الفنى الفيدرالى عام 1933م مع صدور قانون جورج إيلزى The George Ellezey Act كما أنشئ مجلس التعليم الفنى على المستوى الفيدرالى The American Vocational Association (63: 2-3) ، (64: 5). والذى يقوم بإعداد التقارير التربوية عن حالة التعليم الثانوى الفنى بالولايات المتحدة الأمريكية، ويرفعها إلى الكونجرس الأمريكى لسن التشريعات اللازمة لها.

2- إدارة التعليم الثانوى الصناعى على مستوى الولاية:

التعليم مسئولية الولايات ولكل ولاية حاكم ينتخب من جانب الشعب وله سلطات مهمة على التعليم، فهو يتمتع بسلطات على ميزانية الولاية التى ينفق منها على التعليم، وله تأثير على التشريعات التى تصدرها الولاية، وبعض حكام الولايات يشاركون فى رسم السياسة التعليمية للولاية، وفى معظم الولايات يعين حاكمها أعضاء مجلس التعليم بالولاية. وإلى جانب سلطاته الرسمية فإنه يمارس سلطانا غير رسمى من خلال مركزه ومنصبه القيادى (11: 193).

ويوجد بكل ولاية فى تنظيمها العام ما يلى:-

أ - الهيئة التشريعية للولاية: Legislature

وهى السلطة المختصة برسم السياسة التعليمية وتحديد الاعتمادات المالية للإنفاق على التعليم، وإصدار القوانين التعليمية، كما تقوم فى بعض الولايات بتعيين أعضاء مجلس الولاية للتعليم (11: 194).

ب- مجلس الولاية للتعليم: State Board of Education

وهو يُعد أعلى سلطة فى الغالبية العظمى من الولايات بعد الهيئة التشريعية للولاية ويختص هذا المجلس بتخطيط التعليم فى ضوء قرارات الهيئة التشريعية واحتياجات الولاية كما يقوم بتعيين مدير التعليم بالولاية، ويضم هذا المجلس فى عضويته عدداً من الأعضاء يتراوح ما بين خمسة وخمسة عشر عضواً فى معظم الولايات. وهؤلاء الأعضاء مواطنون عاديون يتم اختيارهم بالانتخاب أو التعيين وليست هناك مؤهلات معينة تشترط لعضوية هذا المجلس. كما أن الأعضاء لا يتقاضون أجوراً على عضويتهم، وتكون مدة عضويتهم لفترة تتراوح بين سنتين وست سنوات (1: 87)، (11: 194).

وينبثق من هذا المجلس عدة لجان فرعية تختص بنوعيات التعليم ومراحله المختلفة، فبالنسبة للتعليم الفنى يوجد على المستوى الإقليمى مجلس التعليم الفنى Vocational Education Board ويختص هذا المجلس بإدارة التعليم الفنى على مستوى الولاية، وينقسم هذا المجلس بدوره إلى لجان فرعية حيث يوجد مجلس التعليم الصناعى Industrial Education Board يختص بتنظيم شئون التعليم الثانوى الصناعى بالولاية (24: 12-15).

جـ- مدير التعليم العام:     Superintendent

وهو المدير التنفيذى المسئول وسكرتير مجلس التعليم، ويتم تعيينه بمعرفة حاكم الولاية أو مجلس التعليم، وقد يتم تعيينه بالانتخاب ويشترط فيه أن يكون جامعياً وله خبرة مناسبة فى مجال التعليم (11: 194).

د - قسم التعليم بالولاية:    State Department of Education

ويقوم بتنفيذ السياسة التعليمية التى يرسمها ويحددها مجلس التعليم، ويعد هذا القسم الهيئة التنفيذية للتعليم على مستوى الولاية، ويضم هذا القسم أقساماً مختلفة للتعليم الابتدائى والثانوى والفنى والعالى وإعداد المعلمين وتعليم الكبار ومن بين هذه الأقسام قسم التعليم الصناعى Industrial Education Division   الذى يهتم بتنفيذ اللوائح المنظمة للتعليم الثانوى الصناعى بالولاية (24: 16).

3- إدارة التعليم الثانوى الصناعى على المستوى المحلى:

يتولى مجلس التعليم المحلى توجيه العمل فى المدارس والإشراف عليه، ويعد هذا المجلس ممثلاً لمجلس التعليم بالولاية فى إدارة شئون التعليم العام والفنى، وأعضاء هذا المجلس يختارون بالانتخاب أو التعيين، وسلطاتهم واسعة فهم الذين يعينون المدير العام المحلى للتعليم ويحددون مدة خدمته، كما يقومون بتعيين مساعديه الإداريين بالإضافة إلى تعيين المعلمين وسائر موظفى التعليم. كما يقرر أعضاء مجلس التعليم المحلى المناهج الدراسية والكتب المدرسية وشروط القبول بمدارس التعليم الثانوى الصناعى وتحديد بداية السنة الدراسية ونهايتها، كما ينظمون برامج التدريب المهنى بمواقع الإنتاج كالمصانع والشركات الإنتاجية الكبرى بالتعاون مع المؤسسات الإنتاجية التابعة للقطاع الخاص والأشراف على هذه البرامج التدريبية.

ويختلف حجم هذا المجلس من حيث عدد أعضاءه ومجالسه الفرعية من ولاية إلى أخرى حسب مساحتها وعدد المؤسسات التعليمية المحلية التابعة له، ويساهم رجال الأعمال بالقطاع الخاص فى تقديم المشورة الفنية والمقترحات المتعلقة بإدارة التعليم الثانوى الصناعى وشئونه المالية (26: 224- 225)، (31: 4-5).

تمويل التعليم الثانوى الصناعى فى الولايات المتحدة الأمريكية:

تتعدد مصادر تمويل التعليم الثانوى الصناعى بالولايات المتحدة الأمريكية حيت تشمل المصادر التالية (25: 1-3)، (31: 1-2):

-    المصدر الأول: السلطات التعليمية المحلية وهى التى تتحمل الجانب الأكبر من التمويل. 

-    المصدر الثانى: حكومة الولاية التى تشارك فى تمويل التعليم بنصيب أقل نسبياً.

-    المصدر الثالث: الحكومة الفيدرالية التى تشارك بجزء ضئيل على الرغم من أنها تجمع وحدها ما يزيد على ثلثى الدخل من كل أنواع الضرائب المفروضة.

ويرجع ذلك إلى تخوف الولايات لقبول المساعدات المالية من الحكومة الفيدرالية بشكل أوسع لاعتقادهم أن هذه المساعدات تجعل الحكومة الفيدرالية تتدخل فى شئون التعليم طالما أنها تموله. وعلى الرغم من ذلك لا يمكن إغفال الدور الذى تقوم به الحكومة الفيدرالية فى توفير الدعم المالى والتجهيزات اللازمة للتعليم بالولايات الفقيرة سعياً وراء تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية بين الولايات الأمريكية.

ويتمتع التعليم الفنى بمصادر تمويل أخرى إضافية تساعد على تدعيمه وتطويره من أهمها ما يلى (15: 31- 35):

-  القطاع الخاص الذى يلعب الدور الرئيسى فى مجال التعليم الثانوى الصناعى والتدريب المهنى.

-  الصناعة والتجارة كما نص على ذلك قانون كارل دى بركنـز Carl D. Perkins الذى أوصى بضرورة التعاون بين التعليم الفنى ومراكز الصناعة والتجارة بالمجتمع الأمريكى.

-  القروض المقدمة للطلاب.

      وفيما يلى يقدم الباحث عرضاً تفصيلياً لهذه المصادر:

1- السلطات المحلية:

يعتمد التعليم الثانوى الصناعى على الاعتمادات المالية المقدمة من السلطات المحلية وتقدر نسبة ما تنفقه السلطات المحلية بحوالى 63% من إجمالى التمويل الكلى الموجه للتعليم العام والفنى. وعلى الرغم من أهمية التمويل المحلى إلا أنه يمثل ضعفاً فى بعض المحليات الأخرى الفقيرة التى لا تستطيع تمويل التعليم بهذه النسبة، ومن هنا تتدخل الحكومة الفيدرالية لتدعيم المحليات الفقيرة تحقيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية التى نادى بها الدستور الأمريكى (1: 88)، (27: 75-76)، (33: 44- 45).

2- حكومة الولاية:

تشارك حكومة الولاية فى تمويل التعليم العام والفنى بنصيب أقل نسبياً، وتقدر نسبة هذا التمويل بحوالى 30% من جملة التمويل المخصص للتعليم، وتقوم حكومة الولاية بدور كبير فى عملية تمويل التعليم الفنى والتدريب المهنى، فعلى سبيل المثال كانت تكلفة الطالب فى التعليم الفنى حوالى 26200 دولار كان نصيب الحكومة الفيدرالية 4300 دولار والباقى من هذه التكلفة كانت تتحمله حكومة الولاية (1: 88)، (18: 68)، (47: 3-6).

3- الحكومة الفيدرالية:-

تقدر نسبة ما تشارك به الحكومة الفيدرالية فى تمويل التعليم العام والفنى بحوالى 7% فقط من جملة المبالغ المخصصة لتمويل التعليم. وتتفاوت هذه النسبة من ولاية إلى أخرى حسب مستواها الاقتصادى، حيث تزداد هذه النسبة لتمويل التعليم فى الولايات الفقيرة والتى لا تستطيع تمويل التعليم فيها بالشكل الذى ينبغى أن تؤديه، لذا تلجأ إلى التمويل الإضافى والمنح الفيدرالية التى تقدمها الحكومة الفيدرالية لهذه الولايات (1: 88)، (16: 18).

وفى ضوء ما سبق يتضح تعدد مصادر تمويل التعليم العام والفنى بوجه عام والصناعى بوجه خاص فكان نصيب الحكومة الفيدرالية حوالى 7.9%، والحكومة المحلية 44.3%، وحكومة الولاية 47.8% وفقاً لإحصاء عام 1994م (65: 40-45).

4- القطاع الخاص:

يلعب القطاع الخاص دوراً حيوياً فى مجال تمويل التعليم الثانوى الصناعى من خلال تدعيم برامج التدريب المهنى بالمصانع ومواقع العمل الإنتاجية، كما أن هناك عدداً من المدارس الثانوية الصناعية تم إنشاؤها على نفقة القطاع الخاص بالولايات، كما توجد فصول صناعية ملحقة بالمصانع التابعة لهيئات القطاع الخاص الأمريكى، كما يتمتع التعليم الفنى بمستوى عام من الدعم المالى الشعبى على مستوى الولايات (19: 44- 46).

5- الصناعة والتجارة:

وفقاً لقوانين كارل دي بركنـز Carl D. Perkins Acts للتعليم الفنى الصادرة فى عام 1984، 1991، 1998م، تم الربط بين قطاعى الصناعة والتجارة بمدارس التعليم الثانوى الفنى بمختلف مجالاته التخصصية والفنية حيث أشارت هذه القوانين إلى ضرورة التعاون بين هذه الهيئات وتلك المؤسسات التعليمية من خلال التدريب داخل هذه الهيئات، فتقوم الصناعة بأمريكا على هذا الأساس بالدور الرئيسى فى تمويل التعليم الفنى حيث أنفقت عليه مبالغ كبيرة وصلت إلى 30 بليون دولار عام 1986م (19: 81).

6- القروض:

هناك نسبة من طلاب التعليم العام والفنى يعتمدون على القرون والإعانات الطلابية التى تقدم لهم من خلال حكومة الولاية ومن هيئات القطاع الخاص، بالإضافة إلى المساعدات والمنح التى تقدمها الحكومة الفيدرالية لهؤلاء الطلاب، وقد أوضحت بعض الدراسات أن متوسط قرض ستافورد لون Stafford Loan للتعليم الفنى يقدر بمبلغ 2300 دولار للطالب الواحد والذى يفوق متوسط منحة بيل Pell  لنفس الغرض والتى بلغت 1400 دولار للطالب. كما أوضحت الدراسة المقدمة من المركز القومى للإحصاء التربوى الأمريكى The National Center for Education Statistics أن متوسط المنح المقدمة من الحكومة الفيدرالية للطالب الواحد يصل إلى 3000 دولار وفقاً لإحصاء عام 1990م (57: 30).

ثانياً: التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث

سنوات فى اليابان

مقدمة:

لقد مرت اليابان بعدة مؤثرات ثقافية ساعدتها على أن تكون من بين مصاف الدول المتقدمة، ويرجع سر تقدمها إلى نظامها التعليمى الفريد الذى يتواكب مع متغيرات العصر التكنولوجية والتربوية دون تناقض أو تعارض. والنظام التعليمى فى اليابان يشابه النظام التعليمى الأمريكى من حيث السلم التعليم الذى يتبع نظام (6- 3- 3- 4)، أى ست سنوات للمرحلة الابتدائية، وثلاث سنوات للمرحلة الثانوية الدنيا، وثلاث سنوات للمرحلة الثانوية العليا، ثم أربع سنوات للتعليم العالى الجامعى. ويرجع ذلك للتدخل الأمريكى فى شئون التعليم اليابانى بعد الاحتلال الأمريكى لليابان بعد الحرب العالمية الثانية من خلال بعثة الإصلاح التعليمى الأمريكية فى هذا الوقت (66: 10 – 11).

وتتنوع برامج الدراسة فى مرحلة التعليم الثانوى العليا إلى ثلاثة برامج دراسية على النحو التالي (66: 12):

- برامج الدراسة نظام الوقت الكامل            Full – Time

- برامج الدراسة نظام بعض الوقت              Part – Time

- برامج الدراسة بالمراسلة                                 Correspondence

وتتنوع مدارس التعليم الثانوى العليا من حيث مجالات الدراسة، حيث توجد المدارس الثانوية العليا العامة، والفنية، والمتخصصة، والشاملة، فى حين تقسم مجالات الدراسة بمدارس التعليم الثانوى الفنى إلى خمسة مجالات فنية متخصصة هى: المجال التقنى أو الصناعى، المجال التجارى، المجال الزراعى، مجال الاقتصاد المنزلى، مجال التمريض. وتقتصر الدراسة الحالية على تناول التعليم الثانوى الصناعى فى اليابان على النحو التالى:-

تطور التعليم الثانوى الصناعى فى اليابان:

ارتبط نظام التعليم فى اليابان بالعديد من التغيرات والأحداث التاريخية اليابانية ارتباطاً وثيقاً، فقد مر المجتمع اليابانى بعدة عصور تاريخية مهمة من أهمها:

- عصر ميجى 1868م – 1912م              Meiji

- عصر تايشو 1912م -  1926م            Taisho

- عصر شوا 1926م – 1989م               Shooa

وقد ازدهر النظام التعليمى اليابانى خلال هذه العصور خاصة بعد ثورة ميجى Meiji عام 1868م فى إطار استراتيجية التحديث الشاملة للمجتمع اليابانى حيث انتشرت خلالها المؤسسات التعليمية والتى كان يطلق عليها تراكويا Tera- Koya والتى يقصد بها مدارس المعبد والتى بلغ عددها حوالى 14 ألف مدرسة فى أنحاء المجتمع اليابانى كله، ووصل معدل القبول بهذه المدارس فى أوائل الخمسينات من القرن التاسع عشر حوالى 40% من البنين، و 15% من البنات. وقد أوضحت إحدى الدراسات أن عدد طلاب التعليم الثانوى الأعلى (العام والفنى) عام 1910م بلغ 66300 طالب وطالبة (9: 13).

وفى نهاية القرن التاسع عشر عرفت المدارس الثانوية الفنية طريقها فى النظام التعليمى اليابانى خاصة التعليم الثانوى الصناعى الذى ارتبط منذ نشأته بتنمية موارد البلاد الاقتصادية حيث ازدهر التصنيع الذى صاحب الثورة الصناعية الكبرى التى اجتاحت البلاد فى الربع الأول من القرن العشرين، وارتباط التعليم الثانوى الصناعى باقتصاديات الحرب العالمية الأولى والثانية، الأمر الذى ساعد على تنمية الوعى لدى الشعب اليابانى بأهمية التعليم الثانوى الفنى عامة والتعليم الصناعى خاصة، وانتشار مدارس التعليم الثانوى الفنى بصورة واسعة بعد الحرب العالمية الثانية ودخول بعثة الإصلاح التعليمى الأمريكية أرض اليابان.

وكانت نتيجة زيادة الوعى لدى الشعب اليابانى بأهمية التعليم الثانوى الفنى ازدياد إقبال الطلاب على الالتحاق بالتعليم الثانوى الفنى خاصة التعليم الثانوى الصناعى، ففى عام 1955 م كان عدد الطلاب بالمدارس الثانوية الصناعية 237328 طالب وطالبة، وارتفع هذا العدد فى عام 1960م إلى 323520 طالب وطالبة، ثم وصل إلى 624105 طالب وطالبة فى عام 1965م (34).

ويرجع ارتفاع نسب القبول بالتعليم الثانوى الصناعى إلى حاجة البلاد فى تلك الفترة إلى النمو الاقتصادى وازدهار حركة التصنيع والتى كانت سبباً رئيسياً مباشراً فى تحقيق ما أطلق عليه بالمعجزة الاقتصادية اليابانية فى السبعينات من القرن العشرين.

­وفى عام  1970م بلغ عدد الطلاب الملتحقين بمدارس التعليم الثانوى الصناعى 565508 طالب وطالبة (34). ثم بدأ الانخفاض التدريجى فى أعداد الطلاب المقبولين بهذه المدارس، فبلغ عدد الطلاب عام 1975م، 508474 طالب وطالبة مقابل 474515 طالب وطالبة عام 1980م، 478173 طالب وطالبة عام 1985م، ويرجع هذا إلى اتجاه حركة التنمية الاقتصادية إلى مجالات أخرى غير الصناعة والتصنيع مثل الإدارة والخدمات والزراعة والتجارة والاقتصاد المنزلى والتمريض، بالإضافة إلى تلك السياسة العامة للدولة التى تعمل على تحقيق التوازن بين سياسة القبول بالتعليم الفنى ومتطلبات سوق العمل وحاجاته فى المجتمع اليابانى للقضاء على نسب البطالة اليابانية.

وفى عام 1990م بلغ عدد الطلاب الملتحقين بمدارس التعليم الثانوى الصناعى 486132 طالب وطالبة، وفى عام 1994م بلغ عدد الطلاب 425680 طالب وطالبة، وارتفع هذا العدد إلى 449968 طالب وطالبة فى عام 1995م، ثم انخفض هذا العدد فى عام 1997م ليصل إلى 387570 طالب وطالبة (35)، ويرجع ذلك إلى ربط التعليم بحاجات ومتطلبات سوق العمل والمجالات التنموية الاقتصادية المختلفة مثل الزراعة والصناعة والتجارة والنقل والمواصلات.

أهداف التعليم الثانوى الصناعى فى اليابان:

اختلفت أهداف التعليم باليابان بعد الحرب العالمية الثانية عما كانت عليه من قبل حيث كانت تركز فى المقام الأول على الولاء والطاعة أكثر من تركيزها على حرية الاختيار للأفراد وهذا ما دهش قادة دول الحلفاء التى استعمرت اليابان أثناء الحرب العالمية الثانية. فقد تم تعديل أهداف التعليم السابقة فى نصوص الدستور اليابانى عام 1947م وإصدار قانون التعليم فى نفس العام حيث جاء فى المادة الأولى من الدستور ما يلى: أن التعليم يهدف إلى التنمية الشاملة للشخصية، ومن أجل تربية وإعداد الأفراد عقلياً وجسمياً، بحيث يحبون الحقيقة والعدالة، ويحترمون قيمة الفرد والعمل، وتحمل المسئولية وأن يتحلوا بالروح الاستقلالية لبناء مجتمع السلام والعدالة. (1: 324)، (7: 254)، (20: 34).

كما نصت المادة الثانية على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية التى تتيح الفرص التعليمية المناسبة لكل طالب حسب قدراته (9: 21).

ويتضح من خلال ما تضمنته المادة الأولى من الدستور أن هناك تأثيراً أمريكياً واضحاً على صياغة أهداف التعليم فى اليابان وتأكيدها على احترام الأفراد لذاتهم، وتقدير قيمة العمل التى آمن بها المجتمع اليابانى طوال تاريخه القديم والحديث.

ويتضح من المادة الثانية حرص التربية اليابانية على اشتقاق أهدافها من طبيعة المجتمع اليابانى وأيديولوجيته ومراعاة حاجات ومتطلبات المتعلمين، وتأثر التربية اليابانية ببعثة الإصلاح التعليمى الأمريكية. وأنعكس ذلك بالضرورة على أهداف التعليم الثانوى الصناعى، حيث تحرص مدارس التعليم الثانوى الصناعى على تحقيق مجموعة من الأهداف من أهمها (29: 2-6)، (30: 197- 199) ، (37: 2-5):

-  تنشئة مواطنين يابانيين أصحاء جسمياً وعقلياً واجتماعياً يحترمون العمل والحقيقة ويقدرون قيمة الفرد.

-  إعداد الكوادر البشرية الفنية المدربة والمؤهلة للعمل بالمجال الصناعى.

-  تنمية الاعتقاد التام بأهمية العمل والتفوق التكنولوجى الصناعى فى نفوس الطلاب.

-  إكساب الطلاب المهارات الفنية والضرورية ذات الأصول المعرفية المرتبطة بالتصنيع ومجالاته المختلفة.

-  إكساب الطلاب مهارات التفكير العلمى وإتقان العمليات الصناعية وإجراءات تنفيذها.

-  إكساب الطلاب مهارات استخدام الآلات والأدوات وإنتقاء الخامات السليمة.

-  إكساب الطلاب القدرة على فهم وقراءة الرسومات الهندسية والمقايسات.

-  تنمية مهارات الفك والتركيب والصيانة فى مجال الهندسة الميكانيكية.

-  تنمية الوعى لدى الطلاب بأهمية تكنولوجيا المعلومات والتصنيع وتأثيرها على الحياة اليومية فى المجالات الصناعية.

-  غرس روح التفانى والإخلاص فى العمل وحب العمل التعاونى، وتأصيل احترام العمل اليدوى وتنميته فى نفوس الطلاب.

-  الوصول بالطلاب إلى المستوى الأعلى من الكفاءة من خلال التدريب العملى بالمصانع والمؤسسات الإنتاجية لتأهيلهم للمشاركة الفعلية فى إدارة عجلة الإنتاج القومى.

وتسعى مدارس التعليم الثانوى الصناعى فى اليابان على تحقيق هذه الأهداف من خلال تصميم المناهج الدراسية- بالمدارس الثانوية الصناعية- العلمية والفنية بواسطة نخبة ممتازة من الخبراء والاستشاريين فى مجال التعليم الصناعى، بالإضافة إلى تزويد هذه المدارس بالتجهيزات والإمكانات المادية مثل الوسائل التعليمية والآلات والأجهزة والخامات، فضلا عن وجود الكفاءات البشرية المدربة من المعلمين والفنيين والإداريين والمسئولين عن قطاع التعليم الثانوى الصناعى باليابان.

شروط القبول بمدارس التعليم الثانوى الصناعى فى اليابان:

تقوم السلطات التعليمية الإقليمية بالأقاليم والمقاطعات اليابانية برسم السياسة التعليمية للمؤسسات التعليمية التابعة لها والواقعة فى نطاقها، ومن بين تلك السياسات تحديد شروط وسياسة القبول بمدارس التعليم الثانوى الصناعى، ويرجع ذلك إلى طبيعة النمط الإدارى المستعار من السياسة التعليمية الأمريكية حيث النمط المركزى المرن فى الإدارة منذ وصول بعثة الإصلاح التعليمى الأمريكية أرض اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، والتى كان من أهم نتائجها صبغة التعليم اليابانى بالطابع المركزى المرن بعد أن كانت  الإدارة التعليمية تتسم بالطابع المركزى الشديد فى العصور القديمة وحتى قبل خوض الحروب العالمية الأولى والثانية (36: 158- 159).

ولكن مع تعدد السياسات التعليمية بالأقاليم اليابانية إلا أنه توجد بعض الشروط العامة التى تتفق عليها معظم المقاطعات اليابانية والمتعلقة بالتعليم الثانوى الصناعى ومن أهم هذه الشروط ما يلى (36: 160-162):

-  أن يكون الطالب حاصلاً على شهادة إتمام الدراسة بالمدرسة الثانوية الدنيا.

-  ألا يزيد سن الطالب فى بداية العام الدراسى عن خمسة عشر عاماً.

-  أن تتوافر لدى الطالب المتقدم الشروط الصحية والجسمية والخلقية التى تتلاءم مع طبيعة كل تخصص صناعى.

-  أن ينجح الطالب فيما تجربه مدارس التعليم الثانوى الصناعى من اختبارات المقابلات الشخصية واختبارات الميول والمهارات الفنية، حيث تحرص السلطات التعليمية الإقليمية والمحلية على عقد امتحانات يتم بمقتضاها الكشف عن مواهب وميول الطلاب للتخصصات الفنية المختلفة، والتى يرغب الطلاب فى الالتحاق بها وفقاً لميولهم واستعداداتهم النفسية والفنية. ويتم القبول بمدارس التعليم الثانوى الصناعى وفقاً لنتائج الاختبارات الفنية التى تعلنها مجالس التعليم بالأقاليم والمحليات.

-  أن يأخذ فى الاعتبار السجلات المدرسية للطلاب فى المراحل التعليمية السابقة والتى توضح نسب الحضور والغياب الخاصة بهم ومستواهم الدراسى والتحصيلى وسير سلوكهم.

ويتضح من خلال ما سبق أن السلطات التعليمية الإقليمية والمحلية تراعى ميول ورغبات الطلاب واستعداداتهم النفسية للالتحاق بمجال فنى معين دون إكراه أو إجبار، مع الأخذ فى الاعتبار درجات الطلاب التى حصلوا عليها فى شهادة إتمام مرحلة التعليم الثانوى الدنيا، الأمر الذى يوضح ديمقراطية التعليم وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية أمام الطلاب والتى نص عليها الدستور اليابانى بعد الحرب العالمية الثانية.

البنية التنظيمية للتعليم الثانوى الصناعى فى اليابان:

تحرص السلطات التعليمية الإقليمية والمحلية على السير على نظام التعليم المتبع باليابان والذى أرست قواعده  بعثة الإصلاح التعليمى الأمريكية والمتمثل فى نظام (6-3-3-4) أى المدرسة الثانوية العليا مدتها ثلاث سنوات، لذا نجد أن المدرسة الثانوية الصناعية أصبحت مدة الدراسة بها ثلاث سنوات فى جميع المقاطعات والمحليات اليابانية.

ويذهب طلاب التعليم الثانوى الصناعى إلى المدرسة الثانوية الصناعية ستة أيام فى الأسبوع منها خمسة أيام يتبع فيها نظام اليوم الدراسى الكامل أم اليوم السادس (السبت) يتبع فيه نظام نصف اليوم. وعلى الرغم من أن متوسط العام الدراسى اليابانى مدته 210 يوماً دراسياً، إلا إن معظم المدارس الثانوية الصناعية تتراوح مدة الدراسة بها ما بين 240 إلى 250 يوماً دراسياً (66: 6-8).

ويبدأ العام الدراسى فى اليابان فى أول إبريل من كل عام وينتهى فى 31 مارس فى العام التالى وهذا التوقيت يوافق بداية السنة المالية باليابان.

ويقسم العام الدراسى فى اليابان إلى ثلاثة فصول دراسية على النحو التالى:

  • الفصل الدراسى الأول :ويبدأ من أول أبريل وحتى أخر يوليو.
  • الفصل الدراسى الثانى: ويبدأ من سبتمبر وحتى آخر ديسمبر.
  • الفصل الدراسى الثالث: ويبدأ من منتصف شهر يناير وحتى منتصف مارس.

وتحصل كل المدارس على أجازة رسمية فى فصل الصيف تبدأ من نهاية شهر يوليو وحتى نهاية شهر أغسطس، وفى الشتاء من نهاية شهر ديسمبر وحتى منتصف شهر يناير، وأجازة الربيع التى تبدأ من منتصف شهر مارس وحتى أول شهر أبريل. وتحدد بداية الإجازات ونهاياتها بواسطة الإدارة التعليمية والمدارس فى كل إدارة محلية، ومنذ شهر سبتمبر عام 1992م تغلق المدارس أبوابها يوم الأحد من كل أسبوع (59: 44-46).

وتتأثر المناهج الدراسية بالعوامل الثقافية والتغيرات والتطورات التى يمر بها المجتمع اليابانى، كما تحمل المناهج من خلال محتوياتها الدراسية جملة من التوجهات السياسية والاجتماعية حيث فلسفة المجتمع وقيمه وأيديولوجيته والتغيرات الاقتصادية والثقافية والمعتقدات التى يتمسك بها المجتمع، وذلك بهدف نقل تلك الثقافات إلى الطلاب.

وقديما كانت المناهج الدراسية فى اليابان تحرص على غرس مفاهيم الولاء والطاعة للإمبراطور وتنمية الروح الأخلاقية فى نفوس الناشئة بالإضافة إلى حب العمل واحترامه وحب التعاون فى ظل روح الجماعة. وكانت وزارة التربية والعلوم والثقافة تقوم بتأليف الكتب وتصميم المناهج الدراسية للمراحل التعليمية المختلفة، ولكن مع نشوب الحرب العالمية الثانية والتدخل الأمريكى فى شئون التعليم أصبح حق تأليف المناهج الدراسية من اختصاصات المجالس التعليمية الإقليمية والمحلية ويتم اعتمادها من قبل وزير التربية والعلوم والثقافة.  وقد اتجهت الأهداف التربوية نحو تنمية الروح الاستقلالية فى نفوس الناشئة.

وتقسم المناهج الدراسية فى المدارس الثانوية العليا إلى مقررات دراسية عامة ومقررات دراسية تخصصية فنية، وتتسم المقررات الدراسية العامة بالمدارس الثانوية العامة بالطابع الأكاديمى النظرى التى تؤهل الطلاب للالتحاق بالتعليم الجامعى والعالى، أما المقررات الفنية فهى تتيح لطلابها التخصص فى مجال فنى بعينه للعمل به بعد التخرج أو لتأهيله لمواصلة الدراسة فى نفس التخصص الفنى بالجامعات والمعاهد الفنية العليا.

وتتنوع المناهج الدراسية فى المدارس الثانوية الفنية العليا وفقاً لمجالاتها حيث توجد المدارس الثانوية الزراعية والصناعية والتجارية والاقتصاد المنزلى وصيد الأسماك والتمريض ويخصص للمقررات الثقافية العامة 40% من جملة المقررات الدراسية، 60% للمقررات التخصصية الفنية (38: 6).

وتقوم المدارس الثانوية الصناعية باليابان بتقديم مقررات دراسية عامة تتضمن ما يلى: اللغة اليابانية، الدراسات الاجتماعية (التاريخ اليابانى وجغرافية اليابان)، الرياضيات، العلوم( الطبيعة والكيمياء والتاريخ الطبيعى)، اللغة الأجنبية (غالباً تكون اللغة الإنجليزية)، الفن والتربية الرياضية (48: 44-48).

وتهدف المناهج الدراسية التخصصية الفنية إلى إعداد الفنيين المتخصصين فى إحدى المجالات الصناعية المختلفة على أن يكونوا على درجة عالية من  الكفاءة والمهارة وذلك من خلال مجموعة من التخصصات الصناعية المتعددة وذلك من خلال مجموعة المقررات الدراسية التخصصية الفنية والتى من أهمها ما يلى (39: 1-2)، (41: 23-26):

أصول الصناعة، الرسم الصناعى، أساسيات تكنولوجيا المعلومات، أساسيات تكنولوجيا الخامات، مصطلحات صناعية، هندسة الآلات، هندسة الكهرباء، هندسة الميكانيكا، التروس ، المقايسات، تصميم الميكنة ، كهرباء السيارات، تكنولوجيا الاتصال، علم الإلكترونيات، تكنولوجيا المعادن والفلزات، الهندسة المعمارية، الرسم الهندسى، التخطيط والعمارة،تشريعات الهندسة المعمارية، علم المساحة، علم القوى المحركة، علم السوائل، الكيمياء الصناعية، تكنولوجيا الحفاظ على البيئة، تصميم المنسوجات، علم الصباغة، صناعة الخامات، صناعة الخزف والسيراميك، صناعة المنسوجات، هندسة بناء السفن، صيانة المحركات المائية والبحرية، التبريد والتكييف، الصناعات المعدنية، الصناعات الخشبية، اللحام الغازى (المعدنى).

ويختار الطالب من هذه المقررات ما يتناسب مع ميوله ورغباته الفنية الصناعية بالإضافة إلى التدريبات المهنية العملية التى يتلقاها فى أماكن العمل ومواقع الإنتاج، حيث المصانع والشركات الإنتاجية الكبرى المنتشرة بالأقاليم والمقاطعات والتى تربط بينها وبين مدارس التعليم الثانوى الصناعى، علاقات وثيقة من أجل تحقيق الهدف الرئيسى وهو الإعداد المهنى التخصصى للطلاب.

وهكذا تجمع المناهج الدراسية الفنية بالمدارس الثانوية الصناعية فى اليابان بين الجوانب التخصصية الفنية والجوانب الثقافية العامة والأكاديمية، فضلاً عن الجوانب التدريبية المهنية المتخصصة والتى تتم بمواقع العمل والإنتاج المختلفة بالقطاعات والأقاليم المختلفة، والتى تسهم فى إكساب الطلاب الخبرات التعليمية والمهنية الفنية والتى تساعدهم على الانخراط فى سوق العمل والإنتاج الصناعى فى مجالاته المختلفة بعد التخرج (41: 25-27).

إدارة التعليم الثانوى الصناعى فى اليابان:

تعتبر إدارة التعليم باليابان من الأنماط الإدارية ذات الصلة الوثيقة بالنظام الإدارى العام فى المجتمع اليابانى، ومن ثم جاء هذا النمط متجانساً مع النظام الإدارى فى هذا المجتمع، الأمر الذى أضفى عليه العديد من المميزات والخصائص التى تفتقدها إدارة التعليم فى كثير من المجتمعات وخاصة المجتمعات النامية.

وقد تأثرت إدارة التعليم باليابان بالعوامل الثقافية السائدة فى المجتمع اليابانى، فقبل الحرب العالمية الأولى كانت الإدارة التعليمية تسير على النمط المركزى الفرنسى لعدة أسباب: من أهمها: رغبة الحكومة اليابانية فى عهد الإمبراطور ميجى Meiji عام 1868م فى توحيد الدولة واختيار نظام تعليمى مركزى يكن الولاء والطاعة للإمبراطور،ومن ثم تضمن دستور 1872م مجموعة من القوانين التنظيمية التى تفسر وتوضح هذا النظام المركزى الجديد للإدارة والتمويل، وكان من أهم ما جاء فى هذا الدستور وقوانينه التنظيمية هو تركيز السلطة التعليمية فى قسم التعليم القومى، والذى تحول بعد ذلك إلى وزارة التعليم والثقافة والتى أصبح لها الحق فى سن التشريعات المنظمة للتعليم وإنشاء المدارس وتعيين المعلمين والمديرين والموجهين وتوزيع المنح والمساعدات على الوحدات التعليمية والمحلية وتأليف الكتب الدراسية واعتمادها (7: 281)، (20: 243).

واستمر هذا الوضع المركزى فى الإدارة التعليمية باليابان إلى أن جاءت الحرب العالمية الثانية،وبدأ التدخل الأمريكى فى شئون التعليم اليابانى من خلال بعثة الإصلاح التعليمى الأمريكية فى فترة الاحتلال الأمريكى لليابان، وصدور قانون التعليم الأساسى اليابانى والدستور اليابانى عام 1946م وقد بدأ تنفيذه عام 1947م واصبح التعليم من شئون السلطان التعليمية المحلية بالأقاليم، وأصبح دور الوزارة وضع السياسة التعليمية العامة وتقديم المشورة الفنية، وهكذا خفضت الإدارة التعليمية من حدة مركزيتها الشديدة، وبناء على توصية بعثة الإصلاح التعليمى الأمريكية صدر قانون عام 1948م ينص على إنشاء مجلسين منتخبين للتعليم أحدهما على المستوى الإقليمى (المقاطعات)، والآخر على المستوى المحلى (المدن- المراكز- القرى) (20: 243-244).

ومنحت هذه المجالس سلطة تعيين مديرى التعليم والمدارس والنظار وإعداد ميزانية التعليم، وأصبحت المجالس الإقليمية للتعليم هى التى تتولى منح الشهادات للمعلمين والتصديق على الكتب المدرسية. أما المجالس المحلية فكانت مسئولة عن البرامج المدرسية وإنشاء وصيانة المبانى المدرسية وتدريب المعلمين أثناء الخدمة، وهكذا تغيرت وظيفة وزارة التعليم تغيراً كبيراً فبعد أن كانت تمارس سلطة مطلقة على التعليم والإشراف عليه انحصرت مهمتها فى وضع السياسة العامة للتعليم وتقديم المشورة الفنية والمساعدات المالية للمحليات(12: 295-296).

وفى ضوء ما سبق يتضح الدور الحيوى الذى قدمته سلطات الاحتلال الأمريكى فى تحويل مسار ونمط الإدارة التعليمية باليابان من المركزية الشديدة المتمثلة فى سلطة وزارة التعليم إلى المركزية المرنة المتمثلة فى منح بعض الصلاحيات للسلطات التعليمية المحلية بالمقاطعات اليابانية المختلفة.

وتقسم إدارة التعليم الثانوى الصناعى فى اليابان على ثلاثة مستويات على النحو التالى:

1- إدارة التعليم الثانوى الصناعى على المستوى القومى:

يمثل التعليم الثانوى الصناعى نوعاً من أنواع التعليم الثانوى الفنى وما ينطبق على التعليم اليابانى بصفة عامة ينطبق على التعليم الثانوى الصناعى فيما يتعلق بالإدارة التعليمية. وتعتبر وزارة التعليم والعلوم والرياضة والثقافة Ministry of Education, Science, Sports and Culture هى السلطة المركزية للتعليم فى اليابان،ومن مهام وزارة التعليم ما يلى(49: 2-3):

-   تقديم المشورة الفنية للإدارات التعليمية الإقليمية والمحلية.

-   اعتماد الكتب والمناهج الدراسية المقترحة.

-   التخطيط لتطوير التعليم الفنى بأنواعه المختلفة وبرامجه التعليمية.

-   تقديم المساعدات المالية والمنح للسلطات التعليمية الإقليمية اللازمة لإنشاء المدارس الثانوية الفنية بأنواعها المختلفة وتوفير التجهيزات والخامات والآلات والوسائل المعينة بالورش الفنية الصناعية سعياً لتطوير التعليم الفنى بوجه عام والتعليم الصناعى بوجه خاص.

  • العمل من خلال قسم التعليم الثانوى الفنى The Vocational Education Division على تحقيق التنسيق والتعاون بين وزارة التعليم والعلوم والرياضة والثقافة وبين الوزارات الأخرى مثل وزارة العمل والتنمية من أجل إيجاد علاقات قوية بين مدارس التعليم الفنى الصناعى بصفة خاصة وبين الهيئات الإنتاجية كالمصانع والشركات الإنتاجية من أجل توفير أماكن التدريب الفنى المهنى فى المجالات الصناعية المختلفة لطلاب التعليم الثانوى الصناعى.

وتتكون وزارة التعليم والعلوم والرياضة والثقافة باليابان من الوزير، ووكيل الوزارة السياسى الذى يعين من قبل البرلمان (الدايت)، والوكيل الدائم للوزارة إلى جانب اللجان والأقسام المختلفة المعاونة والتى تختص كل منها بمهام تعليمية وإدارية معينة مثل لجنة التعليم الابتدائى، ولجنة التعليم الثانوى العام، ولجنة التعليم الثانوى الفنى،ولجنة التربية الرياضية، ولجنة العلوم والعلاقات الخارجية، ولجنة الشباب وتعليم المرأة، واللجنة العليا للتربية (40: 2-3)

ويوجد بجانب الوزارة على المستوى القومى اتحاد المعلمين اليابانى الذى يضم حوالى 90% من معلمى المدارس العامة والفنية والذى يقوم بدور مهم فى رفع مستوى كفاءة المعلمين مهنياً، ويوجد فى الأقاليم لجان فرعية للاتحاد، ومن أهم وظائف اتحاد المعلمين اليابانى ما يلى (10: 44):

-   الحد من قبضة الوزارة ومقاومة نفوذها.

-   توجيه العملية التعليمية والرعاية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمعلمين وتوصيل صوتهم إلى الوزارة.

-   حفظ التوازن بين مطالبهم وسلطات الوزارة.

كما توجد على المستوى القومى هيئتين فرعيتين تابعتين للتعليم الثانوى الصناعى هما مؤسسة تنشيط العمالة، واتحاد تنمية القدرات الفنية اليابانية الذى يسهم فى عمليات تدريب طلاب التعليم الثانوى الصناعى بالتعاون مع وزارة العمل اليابانية.

2- إدارة التعليم الثانوى الصناعى على المستوى الإقليمى:

تقسم اليابان جغرافياً إلى 47 مقاطعة أو إقليم وكل إقليم مقسم إلى عدد من البلديات المحلية، ولكل إقليم مجلساً خاصاً بالتعليم يكون مسئول عن إدارة وتنظيم التعليم، وعن كل نشاط تربوى أو ثقافى فى الأقاليم.

ويتكون مجلس التعليم من خمسة أعضاء يتم تعينهم لمدة أربع سنوات من قبل حاكم الإقليم بعد أخذ موافقة وزير التعليم والعلوم والرياضة والثقافة، ويعين مجلس التعليم الإقليمى مديراً عاماً للتعليم يكون مسئولاً عن تنفيذ السياسة التعليمية على مستوى الإقليم ويكون مسئولاً أمام المجلس عن تنفيذ السياسات والإجراءات التى يقترحها المجلس الإقليمى أو يقرها.

وتسعى مجالس التعليم الإقليمية إلى النهوض بالتعليم الثانوى الصناعى والعمل على توثيق العلاقات بين مدارس التعليم الثانوى الصناعى والمؤسسات الإنتاجية ومواقع العمل بالأقاليم والمقاطعات من أجل إنجاح عمليات التدريب المهنى الصناعى وتحقيق أهداف التعليم الثانوى الصناعى من حيث تأهيل وإعداد الكوادر الفنية المدربة على أعلى مستوى من الكفاءة والخبرة.

ويعتبر المجلس الإقليمى للتعليم مسئولاً عن إدارة التعليم الثانوى الصناعى على المستوى الإقليمى، وتحديد ووضع شروط القبول بمدارس التعليم الثانوى الصناعى، بالإضافة إلى الإشراف على برامج التدريب المهنى الفنى للطلاب بمواقع العمل والإنتاج وتصميم وإعداد المناهج والمقررات الدراسية (49: 6). حيث يوجد بكل إقليم مجلس للمناهج The Curriculum Council وهو مجلساً فرعياً للمجلس القومى للمناهج The National Curriculum Council.

3- إدارة التعليم الثانوى الصناعى على المستوى المحلى:

توجد على المستوى المحلى المجالس البلدية والتابعة لمجالس الأقاليم أو المقاطعات، ويتم تعيين المجالس البلدية من قبل السلطات السياسية المحلية وسلطات الإقليم. ويبلغ عدد المحليات فى اليابان حوالى 3255 بلدية ولكل بلدية مجلس محلى للتعليم بها يختص بإدارة شئون التعليم، ويتكون المجلس البلدى من خمسة أعضاء يعينهم حاكم الإقليم لمدة أربع سنوات بعد موافقة مجلس الحكم المحلى،ويختار المجلس المحلى مراقب للتعليم الفنى على مستوى الإدارة المحلية الذى يعمل كمسئول ورئيس تنفيذى لشئون التعليم الفنى،ويختص المجلس المحلى بإدارة المؤسسات التعليمية المختلفة بما فيها التعليم الثانوى الصناعى فى المنطقة التابعة له، بالإضافة إلى متابعة تنفيذ الخطط والسياسات التعليمية المحلية بتلك المدارس، كما أنه يعد مسئولاً عن تنفيذ برامج التدريب المهنى بالتعاون مع المؤسسات الإنتاجية المحلية بالبلديات المختلفة (1: 336-337)، (49: 6-7).

كما يقوم مجلس التعليم المحلى بالإشراف على إنشاء المبانى والورش الصناعية والإشراف على خطط وبرامج التدريب الفنى للطلاب بالمصانع ومؤسسات الإنتاج المختلفة وتحديد سياسة القبول بمدارس التعليم الثانوى الصناعى وبلورة أهدافها ومناهجها واستحداث التخصصات الصناعية الحديثة التى يتطلبها سوق العمل الخارجى (49: 7).

تمويل التعليم الثانوى الصناعى فى اليابان:

تعد عملية تمويل التعليم فى اليابان مسئولية مشتركة بين السلطات المركزية الوطنية والإقليمية، بالإضافة إلى القطاع الخاص الذى يسهم فى تقديم الدعم المالى الإضافى للإنفاق على التعليم. وتتعدد مصادر تمويل التعليم الثانوى الصناعى على النحو التالى:

1- الحكومة المركزية الوطنية:

تتحمل الحكومة الوطنية باليابان النصيب الأكبر من نفقات التعليم بأنواعه المختلفة وذلك من خلال تقديم الدعم المالى إلى الأقاليم والبلديات لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية بين الأقاليم والمحليات المختلفة وتخفيف حدة التفاوت فى الإمكانات المالية بينهم.

فقد وصلت مساهمات الحكومة الوطنية فى عملية تمويل التعليم عام 1994م إلى 24.1%، نتيجة لنمو مفهوم اللامركزية فى الإدارة والتمويل حيث كان معدل مساهمة الحكومة فى عام 1979م 48%، وفى عام 1992م 24.5%. وتقوم الحكومة المركزية بتقديم المعونات والتجهيزات اللازمة للسلطات التعليمية المحلية، وبرامج التدريب بمدارس التعليم الثانوى الصناعى (60).

2- الحكومة الإقليمية:

تتولى الحكومة الإقليمية عملية تمويل التعليم العام والفنى، ويتضح ذلك من خلال تحملها مسئولية دفع مرتبات المعلمين وإنشاء المدارس والورش الصناعية والتجهيزات المدرسية وإمداد المدارس بالعدد والآلات والخامات التى تساعد على نجاح سير العملية التعليمية بمدارس التعليم الثانوى الصناعى، كما تقدم الحكومة الإقليمية المساعدات المالية للبلديات والمحليات للإنفاق على التعليم، وقد بلغت نسبة مساهمات الحكومة الإقليمية فى تمويل التعليم حوالى 95.9% عام 1994 (44: 2). وتتفاوت هذه النسبة من إقليم لآخر حسب المستوى الاقتصادى والاجتماعى للإقليم، إلا أنه فى الغالب تصل غالبية الأقاليم والمقاطعات إلى هذه النسبة، وقد بلغت تكلفة الطالب فى المدارس الثانوية اليابانية حوالى 4000 دولار عام 1994م، بعد أن كانت 3016 دولار أمريكى عام 1993م (43: 1).

3- الحكومة المحلية:

تكاد لا تكون هناك مصادر محلية للإنفاق على التعليم فى اليابان حيث تعتمد المحليات فى عملية تمويل التعليم على المساعدات والمبالغ التى تخصصها الحكومة الإقليمية فى كل إقليم أو مقاطعة. ففى عام 1992م بلغت نسبة ما تحملته كل من الحكومة المركزية وحكومات الأقاليم فى الإنفاق على التعليم اليابانى حوالى 24.5%، و75.5% على الترتيب فى حين لم تقم المحليات بتقديم أى دعم فى هذا المجال (60: 22).

4- القطاع الخاص:

يلعب القطاع الخاص باليابان دوراً حيوياً فى عملية تمويل التعليم تمويلاً إضافياً، ويظهر ذلك بوضوح فى التعليم الفنى بصفة عامة والتعليم الفنى الصناعى بصفة خاصة حيث تسهم شركات ومصانع القطاع الخاص فى الإنفاق على برامج التدريب المهنى لطلاب التعليم الثانوى الصناعى، وليس هذا فحسب بل يتم هذا التدريب داخل هذه المصانع وقطاعات الإنتاج، فضلاً عما تقدمه هذه الشركات من مساعدات مالية ومادية مثل العدد والآلات والخامات لمدارس التعليم الثانوى الصناعى.

وقد بلغت جملة المساعدات المالية التى يقدمها القطاع الخاص اليابانى للتعليم الثانوى الفنى بشكل عام حوالى 9% من جملة مصادر التمويل الموجهة للتعليم الثانوى الفنى. وتختلف نسبة مساهمات القطاع الخاص فى تمويل التعليم الثانوى الفنى الصناعى من إقليم إلى إقليم وفقاً لاقتصاد كل إقليم وظروفه الاقتصادية والاجتماعية (60: 22-23).

5- الرسوم الدراسية:

لا تفرض أية رسوم دراسية على تلاميذ المدارس الابتدائية والمدارس الثانوية الدنيا، بينما تحصل رسوم دراسية من طلاب المدارس الثانوية العليا بأنواعها المختلفة (العامة والفنية)، وأيضاً طلاب معاهد التعليم العالى الحكومية.

وتعتبر حصيلة هذه الرسوم إيرادات عامة للسلطة التى تدير المؤسسات التعليمية، ولا يشترط أن تخصص هذه الرسوم للإنفاق على التعليم فى بعض الأقاليم، وعلى الرغم من أن وزارة التربية والعلوم والرياضة والثقافة اليابانية هى التى تحدد الرسوم الدراسية التى تفرضها المؤسسات التعليمية، إلا أن السلطات التعليمية الإقليمية والمحلية هى التى تحصل الرسوم المدرسية للمدارس المسئولة عن إدارتها.

وتقدر الرسوم التى تفرضها المؤسسات التعليمية الوطنية للمدارس الثانوية العليا (العامة والفنية) بحوالى 45900 ين يابانى، وتبلغ الرسوم التى تحصلها المؤسسات التعليمية الرسمية المحلية حوالى 60000 ين يابانى، أما حصيلة الرسوم الدراسية التى تحصلها المؤسسات الأهلية من المدارس الثانوية العليا فتبلغ حوالى 166863 ين يابانى، وتختلف حصيلة هذه الرسوم من عام لآخر (60: 23).

6- القروض والمساعدات الطلابية:

تقدم كثير من الجهات فى اليابان مساعدات مختلفة للطلاب ومنها على سبيل المثال المؤسسات اليابانية للمنح الدراسية التى تدعمها الحكومة المركزية الوطنية والحكومات الإقليمية والمحلية والقطاع الخاص وهيئات النفع العام. ويرجع تاريخ إنشاء هذه المؤسسة إلى عام 1944م بهدف تقديم منح دراسية على هيئة قروض ومساعدات للطلاب الذين تحول ظروفهم الاقتصادية عن متابعة ومواصلة الدراسة، الأمر الذى يساعد على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية للطلاب، وتصرف هذه المساعدات بناء على توصيات من الإدارات المدرسية والمحلية بالبلديات والأقاليم.

ثالثاً: دراسة تحليلية مقارنة للتعليم الثانوى الصناعى

نظام الثلاث سنوات فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان

فى ضوء ما انتهت إليه هذه الدراسة لحركة التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، يمكن تحديد العناصر الرئيسية المشتركة والتى دار الحديث عنها خلال العرض السابق وتتمثل فيما يلى:

-   تطور التعليم الثانوى الصناعى.

-   أهداف التعليم الثانوى الصناعى.

-   شروط القبول بالتعليم الثانوى الصناعى.

-   البنية التنظيمية للتعليم الثانوى الصناعى.

-   إدارة التعليم الثانوى الصناعى.

-   تمويل التعليم الثانوى الصناعى.

1- تطور التعليم الثانوى الصناعى:

هناك أوجه تشابه فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان لبداية ونشأة التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات، فكلا البلدين عرف التعليم الثانوى الصناعى فى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.

ففى الولايات المتحدة الأمريكية، تم ربط التعليم الثانوى الصناعى بمتطلبات البلاد الاقتصادية، وفى عام 1906م وجه التعليم الثانوى الصناعى لخدمة الاقتصاد القومى، وفى عام 1907م صدرت عدة تشريعات عن الكونجرس الأمريكى لإدارة وتنظيم التعليم الثانوى الصناعى وعلى أساسها تم التوسع فى إنشاء مدراس التعليم الثانوى الصناعى بموجب استراتيجية خاصة لذلك عام 1910م.

وقد حظى التعليم الثانوى الفنى بصفة عامة والتعليم الثانوى الصناعى بصفة خاصة باهتمام رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية على مر التطور التاريخى للتعليم الثانوى الصناعى.

وفى نهاية القرن التاسع عشر عرفت المدارس الثانوية الصناعية طريقها فى النظام التعليمى اليابانى التى ارتبطت منذ نشأتها بتنمية موارد البلاد الاقتصادية خاصة فى مجال التصنيع الذى صاحب الثورة الصناعية الكبرى التى اجتاحت البلاد فى الربع الأول من القرن العشرين، ثم ارتباط هذا النوع من التعليم باقتصاديات الحرب العالمية الأولى والثانية.

2- أهداف التعليم الثانوى الصناعى:

تقوم أهداف التعليم الثانوى الصناعى فى عامة الدول على الإسهام فى إكساب الطلاب المهارات الفنية والضرورية ذات الأصول المعرفية المرتبطة بالتصنيع ومجالاته المختلفة، وتأهيلهم للعمل بالمجال الصناعى، مع الأخذ فى الاعتبار أن أهداف التعليم تشتق من طبيعة وفلسفة المجتمع وارتباطها به والإسهام الرشيد فى تنميته، بالإضافة إلى احترام تلك الأهداف لقيمة الأفراد ذاتهم وتقدير قيمة العمل.

وقد تحددت أهداف التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى الولايات المتحدة الأمريكية، فى أنها مرحلة تعمل على إعداد وتأهيل الكوادر البشرية الفنية المدربة على المهارات الفنية الصناعية المختلفة والمتنوعة باختلاف التخصصات الصناعية الفرعية للعمل فى أحد المجالات الإنتاجية والتى من شأنها النهوض بالاقتصاد القومى الأمريكى وذلك من خلال غرس روح التعاون بين الطلاب وحب واحترام العمل اليدوى وحب الإنتاج والولاء للشركات والمصانع التى يتدربون بها.

أما الأهداف العامة التى يرتكز عليها التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى اليابان فتتمثل فى أنها تقوم على إكساب الطلاب المهارات الفنية والضرورية ذات الأصول المعرفية المرتبطة بالتصنيع ومجالاته المختلفة، وتنمية الاعتقاد التام بالعمل والتفوق التكنولوجى الصناعى فى نفوس الطلاب، وإعداد الكوادر البشرية الفنية المدربة المؤهلة للعمل بالمجال الصناعى،وغرس روح الجد والاجتهاد فى العمل وفى ظل التعاون الجماعى وتأصيل احترام العمل اليدوى وتنميته فى نفوس الطلاب.

وتتشابه كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان فى كثير من أهداف التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى كل منهما، فهو يرتكز حول إعداد الكوادر البشرية والفنية المدربة اللازمة لسوق العمل وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتأصيل احترام العمل اليدوى فى نفوس الطلاب، والولاء للوطن ولمؤسسات الإنتاج التى يتدربون فيها، بالإضافة إلى إكساب الطلاب الخبرات والمهارات الفنية للتخصصات الصناعية المختلفة والتى يتطلبها سوق العمل.

3- شروط القبول بالتعليم الثانوى الصناعى:

تتشابه كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان فى رسم سياسة القبول التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات وذلك على النحو التالى:

-   ألا يزيد سن الطلاب عند التقدم عن خمسة عشر عاماً، وأن يكون الطالب حاصلاً على شهادة إتمام الدراسة بالمدرسة الثانوية الدنيا.

-   أن تتوافر لدى الطالب المتقدم الشروط الصحية والجسمية والعقلية والنفسية التى تتلاءم مع طبيعة كل تخصص.

-   أن يتم القبول وفقاً لرغبات وميول واستعدادات الطلاب النفسية والذهنية للتخصصات الصناعية المختلفة

-   أن يجتاز الطلاب اختبارات المقابلات الشخصية والميول والمهارات الفنية التى تجريها السلطات التعليمية للكشف عن إمكانات واستعدادات الطلاب للتخصصات المختلفة.

4- البنية التنظيمية للتعليم الثانوى الصناعى:

تختلف كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان فى تحديد بداية ونهاية العام الدراسى والأجازات الرسمية، ففى الولايات المتحدة يبدأ العام الدراسى فى بداية شهر سبتمبر وينتهى فى نهاية شهر يونية، ويقسم العام الدراسى إلى ثلاثة فصول دراسية.

أما فى اليابان فيبدأ العام الدراسى فى بداية شهر أبريل وينتهى فى نهاية شهر مارس من العام التالى،وتقسم السنة الدراسية إلى أربعة فصول دراسية. ويرجع الباحث هذا الاختلاف إلى اختلاف الظروف المناخية فى كلا البلدين.

أما فيما يتعلق بالمناهج الدراسية، ففى الولايات المتحدة الأمريكية تقوم السلطات التعليمية المحلية بالولايات بوضع وتصميم المناهج الدراسية وتطويرها بما يتناسب مع التطورات العلمية والتكنولوجية، لذلك تقسم المناهج فى التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات إلى مقررات عامة أكاديمية وأخرى فنية تخصصية.

وتتضمن المقررات العامة: اللغة الإنجليزية، الرياضيات، الطبيعة والكيمياء، التاريخ والجغرافيا. بينما تتضمن المقررات الفنية التخصصية: هندسة الكهرباء، وهندسة السيارات، هندسة الإلكترونيات، الأعمال الخشبية، هندسة البناء والتشييد، فنون العمارة، المحركات، ميكانيكا المركبات، الرسم الفنى والهندسى، الخراطة، التبريد والتكييف، التصوير والطباعة، الزخرفة، النسيج، الدهانات والصيانة وغيرها من التخصصات الأخرى.

بينما فى اليابان نجد أن وزارة التعليم بها تقدم دليلاً للعمل على المستوى القومى للمناهج المدرسية من أجل ضمان تحقيق مستوى قومى للتعليم مع الحرص على مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية. وفى إطار هذه السياسة تقوم السلطات التعليمية الإقليمية والمحلية بتأليف المناهج الدراسية واعتمادها من وزير التعليم اليابانى. وتنقسم المناهج الدراسية فى المدارس الثانوية الصناعية نظام الثلاث سنوات إلى مقررات دراسية عامة وأخرى فنية تخصصية.

وتتضمن المقررات الدراسية العامة: اللغة اليابانية، الدراسات الاجتماعية، الرياضيات، العلوم، اللغة الأجنبية، التربية الفنية والتربية الرياضية. أما المقررات الدراسية الفنية التخصصية فتتضمن ما يلى: أصول الصناعة، الرسم الصناعى، أساسيات تكنولوجيا المعلومات، أساسيات تكنولوجيا الخامات، مصطلحات صناعية، هندسة الآلات، هندسة الكهرباء، هندسة الميكانيكا، كهرباء السيارات، الهندسة المعمارية، علم الإلكترونيات، علم المساحة، علم القوى المحركة، النسيج، الصباغة، الخزف والسيراميك، هندسة بناء السفن، التبريد والتكييف، الصناعات الخشبية وغيرها من التخصصات الأخرى.

وفى ضوء ما سبق تتشابه كلا البلدين فى عدم وجود خطط للمناهج الدراسية والمقررات الدراسية موحدة لجميع الولايات والأقاليم المختلفة، ولكن تنفرد اليابان عن الولايات المتحدة الأمريكية فى اعتماد تلك المقررات الدراسية من وزارة التعليم والعلوم والرياضة والثقافة بسبب تمسك اليابان بالإدارة المركزية على إدارة التعليم. كما تتشابه كلا البلدين فى تنوع وتعدد المناهج الفنية التخصصية فى مجال الصناعات المختلفة، وتدريب الطلاب التدريب المهنى فى مواقع العمل ومؤسسات الإنتاج.

5- إدارة التعليم الثانوى الصناعى:

يختلف نمط الإدارة التعليمية فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، ففى الولايات المتحدة الأمريكية تتسم الإدارة التعليمية بالنمط اللامركزى الشديد فى الإدارة والتمويل، حيث تختص السلطات التعليمية فى الولاية بإدارة التعليم وتمويله. أما فى اليابان فنجد أن نمط الإدارة التعليمية يتسم بالمركزية المرنة، حيث اكتسب نظام التعليم اليابانى نوعاً من الوحدة يضمن مستوى تعليمياً معيناً فى كل أنحاء اليابان تاركاً فرصة ضئيلة جداً للتباين بين نظم التعليم الإقليمية، وأصبح لا يوجد إلا نظام قومى واحد، ولا تبدد الفروق المحلية إلا فى إطار هذا النظام الواحد وهذا المستوى الواحد.

ومن الوجهة التنظيمية أو الإدارية يمكن تقسيم مستويات الإدارة التعليمية فى كلا البلدين إلى ثلاثة مستويات على النحو التالى:

أ – المستوى القومى (المركزى):

فى الولايات المتحدة الأمريكية تتمثل الإدارة التعليمية على المستوى القومى فى الحكومة الفيدرالية حيث يوجد مكتب الولايات المتحدة للتعليم والذى يعد بمثابة وزارة مركزية للتعليم بالمعنى المأخوذ به فى كثير من الدول، وعلى الرغم من ذلك نجد أن الحكومة الفيدرالية لا تشرف إشرافاً مباشراً على التعليم بصفة عامة والتعليم الثانوى الصناعى بصفة خاصة. كما يوجد على المستوى القومى مجلس التعليم الفنى والذى يختص بإعداد التقارير التربوية عن حالة التعليم الثانوى الفنى بالولايات المتحدة الأمريكية والقيام برفعها إلى الكونجرس الأمريكى لإصدار التشريعات اللازمة.

أما فى اليابان تتمثل الإدارة التعليمية المركزية فى وزارة التعليم والعلوم والرياضة والثقافة والتى تقوم بإجراء الدراسات وتضع الخطط التعليمية والتى تشمل تنظيم السلطات التعليمية الإقليمية والمحلية وتحديد أعداد المعلمين وجمع ونشر المعلومات والإحصاءات المتعلقة بالتعليم، كما تقوم الوزارة بتحديد المستوى التعليمى لكل مرحلة من المراحل التعليمية بعد الأخذ فى الاعتبار جميع القوى والعوامل، بالإضافة إلى ذلك قيام الوزارة بتقديم المشورة والنصيحة لمجالس التعليم الإقليمية والمحلية، وتقديم المساعدات المالية للسلطات التعليمية فى الأقاليم.

وفى ضوء ما سبق يتضح اختلاف نمط الإدارة التعليمية فى كلا البلدين على المستوى القومى، كما أشار الباحث من قبل.

ب- المستوى الإقليمى:

يختلف نمط الإدارة التعليمية على المستوى الإقليمى فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، فنجد فى الولايات المتحدة الأمريكية أن كل ولاية تقوم بوضع نظمها التعليمية دون رقابة أو إشراف من السلطات الفيدرالية، حيث يوجد بكل ولاية حاكم ينتخب من جانب الشعب، وله سلطات مهمة على التعليم من حيث وضع الميزانية، والتشريعات التى تصدرها الولاية، ويوجد على مستوى كل ولاية الهيئة التشريعية للولاية، ومجلس الولاية للتعليم، ومدير التعليم العام، وقسم التعليم بالولاية.

أما فى اليابان يوجد المجلس الإقليمى للتعليم الذى يمثل السلطة الإقليمية للتعليم ومن أهم وظائف هذا المجلس: إدارة المنشآت التعليمية مثل المدارس الثانوية العليا والمدارس الخاصة بالمعوقين، والإشراف على المجالس المحلية للتعليم، والداخلة فى نطاق المقاطعة وتقديم المشورة والمساعدة المالية لها، بالإضافة إلى طلب التقارير من المجالس المحلية للتعليم وإصدار الأوامر عند الضرورة لهذه المجالس لتطوير أنشطتها أو تصحيح مسارها.

جـ- المستوى المحلى:

فى الولايات المتحدة الأمريكية يوجد مجلس التعليم المحلى الذى يختص بوضع شروط القبول بمدارس التعليم الثانوى الصناعى، وتحديد بداية ونهاية العام الدراسى، وإقرار الكتب والمناهج الدراسية وتنظيم برامج التدريب المهنى للطلاب فى مواقع العمل والإنتاج، بالتعاون مع مؤسسات القطاع الخاص.

أما فى اليابان فيختص المجلس المحلى للتعليم بإدارة وتنظيم التعليم قبل الجامعى، وتنظيم المناهج الدراسية وتدبير الكتب الدراسية التى سوف يتم استخدامها، وتنفيذ السياسة التعليمية التى وضعتها السلطات التعليمية الإقليمية تحت إشراف السلطات التعليمية المركزية، والإشراف على إنشاء المبانى والورش الصناعية وتنظيم برامج التدريب المهنى للطلاب بالمصانع ووضع شروط القبول بمدارس التعليم الثانوى الصناعى، واستحداث التخصصات الصناعية الحديثة التى يتطلبها سوق العمل الخارجى.

ومن خلال العرض السابق يتضح أن هناك أوجه تشابه فى اختصاصات مجلس التعليم المحلى فى كلا البلدين، أما نمط الإدارة التعليمية فى كلا البلدين، يمكن أن نقول مرة أخرى أن الإدارة التعليمية فى الولايات المتحدة الأمريكية تتسم باللامركزية الشديدة، أما فى اليابان فإن الإدارة التعليمية مركزية بشكل عام إلا أن بها بعض العناصر اللامركزية.

6- تمويل التعليم الثانوى الصناعى:

تتشابه كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان فى تعدد مصادر تمويل التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات، حيث يعتمد كل منهما على: الحكومة المركزية، حكومات الولايات (أو الأقاليم)، الحكومات المحلية، القطاع الخاص، القروض والمساعدات الطلابية.

ولكن يختلف كل من البلدين فى مدى ونسب مساهمات كل مصدر من هذه المصادر فى تمويل التعليم الثانوى الصناعى فى كل منهما، ففى الولايات المتحدة الأمريكية تتحمل السلطات التعليمية المحلية العبء الأكبر فى عملية الإنفاق على التعليم حيث تتحمل وحدها حوالى 63% من جملة الميزانية المخصصة لتمويل التعليم، بينما نجد فى اليابان أن السلطات التعليمية المحلية تعتمد على الحكومات الإقليمية والحكومة المركزية فى تمويل التعليم.

أما بخصوص تمويل التعليم على مستوى الولاية أو الإقليم، فتتفوق الحكومات الإقليمية باليابان على حكومات الولايات، حيث تسهم حكومات الأقاليم فى اليابان بحوالى 75.9% من جملة المبالغ المخصصة للإنفاق على التعليم، فى حين تسهم حكومات الولايات الأمريكية بحوالى 30% من جملة المبالغ المخصصة للتمويل.

وتسهم الحكومة المركزية (الفيدرالية) بحوالى 7.9% من الميزانية المخصصة للتعليم، بينما تسهم الحكومة المركزية باليابان بحوالى 24.1% من جملة مصادر التمويل الموجهة للتعليم.

وتتشابه كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان فى تعدد مصادر تمويل التعليم الثانوى الصناعى، مثل المساعدات التى تقدمها كل من الصناعة والتجارة والقطاع الخاص، والقروض والإعانات الطلابية.

رابعاً: التصور المقترح لتطوير التعليم الثانوى الصناعى

نظام الثلاث سنوات فى جمهورية مصر العربية

بعد عرض بعض أوجه التشابه وأوجه الاختلاف بين النموذجين الأمريكى واليابانى، فإن الدراسة الحالية تحاول الوصول إلى مبادئ عامة ومحددة على ما تم ملاحظته بطريقة نظرية، وسبق عرضه فى المحاور السابقة تساعد على التغلب على بعض المشكلات والصعوبات التى تواجه التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى جمهورية مصر العربية.

وتود الدراسة- بادئ ذى بدء- فى هذا المقام أن تؤكد على أن الهدف من وضع الخطوات العامة التالية لا يعنى التطوير الجذرى لفلسفة وأهداف ومؤسسات وبرامج التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى جمهورية مصر العربية، بل- وفقاً لقدرات الباحث المحدودة ورؤيته الذاتية- هى اجتهادات فكرية تستند إلى الخبرات والاتجاهات العالمية فى هذا المجال من جانب،وفى ضوء القوى الثقافية المحيطة بالمجتمع المصرى والموجهة لسياسة التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات من جانب آخر، لذا يقترح الباحث بالتوصيات التالية:

أهداف التعليم الثانوى الصناعى:

ينبغى أن تشتق أهداف التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات من الأهداف العامة للتربية ومن طبيعة وفلسفة المجتمع المصرى، وأن تنطلق من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة، حيث التقدم العلمى والتكنولوجى المتلاحق. ومتطلبات سوق العمل، وأن تراعى تحديات القرن الحادى والعشرين مع الأخذ فى الاعتبار المتطلبات النمائية لطبيعة مرحلة النمو التى يمر بها الطلاب، والاستفادة بقدر الإمكان من الاتجاهات العالمية المعاصرة.

وفى ضوء ذلك ينبغى أن تحرص مدارس التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات على تحقيق الأهداف التالية:

-   إعداد الكوادر الفنية اللازمة للعمل فى التخصصات الصناعية المختلفة والتى يتطلبها سوق العمل إعداداً فنيا وثقافياً على أعلى مستوى من الكفاءة الفنية والتدريب.

-   تدريب الطلاب على اكتساب مهارات اقتصاديات العمل.

-   تهيئة الطلاب للانخراط فى القطاع الإنتاجى والإسهام فيه بفاعلية عالية وفق ما تستدعيه المتطلبات التنموية بمجالات التصنيع المختلفة، وتنمية استعدادات الطلاب لتقبل تلك التطورات والمستجدات فى مجال تخصصاتهم.

-   تحقيق فرص الاختيار للتخصصات الفنية الصناعية أمام الطلاب وفقاً لميولهم واستعداداتهم ورغباتهم تجاه تلك التخصصات.

-   تسليح الطلاب بمهارات إدارة المشروعات الإنتاجية الصناعية الصغيرة.

-   ربط التعليم الثانوى الصناعى بالتعليم العالى الصناعى وإتباع سياسة الباب المفتوح لتمكين الطلاب الراغبين فى مواصلة تعليمهم الجامعى وتشجيعهم على ذلك.

سياسة القبول بالتعليم الثانوى الصناعى:

ينبغى أن تتيح سياسة القبول بمدارس التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فرص الاختيار أمام الطلاب لاختيار ما يناسب ميولهم وقدراتهم واستعداداتهم النفسية والعقلية للتخصصات الصناعية التى يتضمنها التعليم الثانوى الصناعى تحقيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية التى كفلها الدستور.

كما يجب تحقيق التوازن بين سياسة القبول بمدارس التعليم الثانوى الصناعى وبين متطلبات سوق العمل من العمالة اللازمة وذلك من خلال توافر قاعدة بيانات إحصائية من وزارة القوى العاملة تحدد متطلبات سوق العمل من القوى العاملة اللازمة فى التخصصات الفنية الصناعية اللازمة لحركة التصنيع فى المجتمع المصرى.

لذا يقترح الباحث أن تكون شروط القبول بالتعليم الثانوى الصناعى على النحو التالى:

-   حصول الطالب على شهادة إتمام مرحلة التعليم الأساسى.

-   ألا يزيد سن الطالب عند التقدم عن خمسة عشر عاماً.

-   أن ينجح الطلاب فى المقابلات الشخصية والاختبارات التى تكشف ميولهم واستعدادهم للتخصصات الصناعية المختلفة، والتى فى ضوئها يتم ترشيحهم للتخصصات التى تتناسب مع ميولهم واستعداداتهم وقدراتهم، وبهذا يتم القضاء على سياسة زج الطلاب فى تخصصاتهم دون مراعاة لميولهم ورغباتهم واستعداداتهم.

المناهج الدراسية للتعليم الثانوى الصناعى:

ما زالت تعانى مدارس التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات من الجمود والركود، كما أنها ما زالت بمعزل عن مواقع العمل والإنتاج بالمجتمع المصرى، لذا يقترح الباحث فى ضوء تجارب كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وفى ضوء ظروف وطبيعة المجتمع المصرى ما يلى:

-   أن تتمشى سياسة تصميم وتطوير المناهج بالمدارس الثانوية الصناعية مع المستجدات التربوية المعاصرة والتغيرات التكنولوجية والثقافية والعلمية.

-   أن تعمل مناهج التعليم الثانوى الصناعى على الوفاء بحاجات ومتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وحاجات سوق العمل من الكوادر البشرية الفنية الماهرة، والتخصصات الجديدة.

-   أن يشارك فى إعداد وتصميم المناهج الدراسية خبراء ومستشارين وأساتذة الجامعات المتخصصين فى المجالات التربوية والفنية والعلمية، بالإضافة إلى رجال الأعمال بالقطاع الخاص والمهتمين بالمجالات الفنية الصناعية للاستفادة منهم فى تحديد متطلبات سوق العمل من التخصصات الفنية الصناعية.

-   أن تهدف المناهج الدراسية إلى تأصيل احترام العمل اليدوى فى نفوس الطلاب، وأن يكون التدريب المهنى للطلاب فى المؤسسات الإنتاجية ومواقع العمل جزءاً أساسياً من هذه المناهج.

-   مراعاة تحقيق التوازن بين مكونات الخطط الدراسية بالتعليم الثانوى الصناعى من حيث المقررات الدراسية الثقافية والفنية التخصصية والتدريبات المهنية للطلاب وذلك على النحو التالى:

  • المقررات الدراسية الثقافية العامة: وتتضمن: اللغة العربية والتربية الدينية، التربية الوطنية، الدراسات الاجتماعية، الرياضيات، العلوم، علم النفس، الفنون التشكيلية. بهدف إعداد الطلاب إعداداً ثقافياً وعلمياً وخلقياً ونفسياً وغرس مبادئ المواطنة الصالحة فى نفوسهم.
  • المقررات الدراسية الفنية التخصصية: وتتضمن:

شعبة الكهرباء: وتشمل هندسة الكهرباء، هندسة الإلكترونيات، التبريد والتكييف، الدوائر الكهربائية، الآلات والمحطات الكهربائية، التوصيلات الكهربائية، صيانة الأجهزة الكهربائية والإلكترونية.

شعبة الميكانيكا: وتشمل اللحام الغازى (المعدنى)، تصميم الميكنة، تكنولوجيا المعادن والفلزات، علم القوى المحركة، الخراطة والمعادن، بناء السفن البحرية، الصيد البحرى، الهندسة الميكانيكية.

شعبة العمارة : وتشمل هندسة العمارة والبناء والتشييد، السباكة، النجارة، التسليح والخرسانة، الداهانات.

شعبة النسيج: وتشمل صناعة الغزل والنسيج، صناعة الملابس، تصميم الأزياء، صناعة السجاد، التريكو، علم الصباغة.

شعبة السيارات والمحركات: وتشمل هندسة السيارات، ميكانيكا السيارات، كهرباء السيارات، هندسة المحركات والتروس، صيانة وتصليح السيارات.

    كما يقترح الباحث ضرورة استحداث تخصصات جديدة فى مجال صناعة الورق، المعدات الطبية، صيانة أجهزة الحاسب الآلى، هندسة الاتصالات.

  • التدريبات الفنية المهنية: ضرورة أن يتم التدريب المهنى للطلاب فى مصانع الإنتاج ومواقع العمل.

إدارة التعليم الثانوى الصناعى:

أ – على المستوى القومى:

يقترح الباحث تكوين مجلس استشارى مركزى للتعليم الثانوى الصناعى يتكون من الأعضاء التاليين:

  • وزير التربية والتعليم. رئيساً
  • وكيل وزارة التربية والتعليم للتعليم الفنى. نائباً
  • وكيل وزارة التربية والتعليم للشئون المالية والإدارية. عضواً
  • وكيل وزارة التنمية الإدارية. عضواً
  • وكيل وزارة الصناعة. عضواً
  • وكيل وزارة القوى العاملة. عضواً
  • مدير عام التعليم الثانوى الصناعى بالوزارة. عضواً
  • خمسة من رجال الأعمال المهتمين بمجالات الصناعة. أعضاء
  • ثلاثة من أساتذة الجامعات المتخصصين فى شئون التعليم الصناعى. أعضاء

     وأن تكون مهمة هذا المجلس ما يلى:

-   إصدار التشريعات التنظيمية للتعليم الثانوى الصناعى واللوائح الداخلية له.

-   تحديد سياسة القبول بمدراس التعليم الثانوى الصناعى وأهدافه ومناهجه.

-   استحداث بعض التخصصات الفنية الصناعية الجديدة.

-   إنشاء المدارس الثانوية الصناعية وإمدادها بالتجهيزات المادية اللازمة.

-   التعرف على الأعداد المطلوبة من الكوادر الفنية الصناعية فى التخصصات المختلفة من وزارة التربية والتعليم.

-   قبول التبرعات والدعم المالى من القطاع الخاص والمساعدات المالية من المنظمات الدولية مثل منظمة العمل الدولية واليونسكو.

ب- على المستوى الإقليمى:

     يقترح الباحث تكوين مجلس للتعليم الثانوى الصناعى على المستوى الإقليمى ويتكون من:

  • محافظ الإقليم رئيساً
  • مدير مديرية التربية والتعليم.           نائباً
  • مدير التعليم الثانوى الفنى بالمديرية. عضواً
  • ثلاثة أعضاء من أعضاء هيئة التدريس المتخصصين فى المجالات

     الفنية الصناعية.                                                                                              أعضاء

  • خمسة من رجال الأعمال المهتمين بالمجالات الصناعية. أعضاء
  • ثلاثة من مديرى المدارس الثانوية الصناعية بالإقليم. أعضاء
ويختص هذا المجلس بإدارة شئون التعليم الثانوى الصناعى على مستوى المحافظة وكتابة تقارير عن حالة التعليم الثانوى الصناعى بالمحافظة ورفعها لمجلس التعليم الثانوى الصناعى بالوزارة لمناقشتها وتقديم الحلول والبدائل المناسبة.

جـ- على المستوى المحلى:

يقترح الباحث تكون مجلس محلى للتعليم الثانوى الصناعى يتكون من:
  • رئيس الوحدة المحلية بالمدينة رئيساً
  • مدير الإدارة التعليمية بالمدينة. نائباً
  • مدير المدرسة الثانوية الصناعية بالمدينة. عضواً
  • ثلاثة من موجهى التعليم الثانوى الفنى الصناعى. أعضاء
  • ثلاثة من رجال الأعمال المهتمين بمجالات الصناعة. أعضاء
  • ثلاثة من أعضاء المجلس الشعبى المحلى بالمدينة. أعضاء
ويهتم هذا المجلس بمناقشة الأمور المتعلقة بالتعليم الثانوى الصناعى بالمدينة، وحصر المشكلات التى تعوق تقدم هذا النوع من التعليم، وكتابة تقرير عن حالة التعليم الثانوى الصناعى ورفعها إلى مجلس التعليم الثانوى الصناعى بالمحافظة.

تمويل التعليم الثانوى الصناعى:

يؤكد الباحث على أهمية تعدد مصادر وقنوات تمويل التعليم الثانوى الصناعى نظام الثلاث سنوات فى جمهورية مصر العربية، لتوفير التجهيزات والخدمات التعليمية بهذا النوع من التعليم، والتوسع فى إنشاء المدارس الثانوية الصناعية والتوسع فى استحداث تخصصات فنية صناعية جديدة،وذلك من خلال:

-   زيادة الميزانية التى تخصصها الدولة للتعليم الثانوى الصناعى.

-   زيادة مساهمات الشركات ومصانع القطاع الخاص بالإنفاق على برامج التدريب المهنى للطلاب داخل مواقع الإنتاج فى تلك الشركات والمصانع.

-   تشجيع الجهود الأهلية فى دعم التعليم الثانوى الصناعى.

-   قبول التبرعات والمعونات الأجنبية.

-   الرسوم الدراسية.

 

المراجع

1- أحمد إبراهيم أحمد. دراسات فى التربية المقارنة ونظم التعليم: منظور إدارى. الإسكندرية: مكتبة المعارف الحديثة، 2000.

2- أحمد إسماعيل حجى. التربية المقارنة. القاهرة: دار الفكر العربى، 1998.

3- بيومى ضحاوى. "القوى الثقافية الموجهة للتعليم الفنى فى اليابان وألمانيا ومدى الإفادة منها فى مصر: دراسة تحليلية مقارنة”. دراسات تربوية. سلسلة أبحاث تصدر عن رابطة التربية الحديثة. المجلد التاسع. الجزء (64). القاهرة: عالم الكتب، 1994.

4- ثابت كامل حكيم. قراءات فى الفكر التربوى: واقعه وفلسفته. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1996.

5- جمهورية مصر العربية- المركز القومى للبحوث التربوية والتنمية. مناهج التعليم الثانوى الصناعى فى بعض الدول المتقدمة: دراسة مقارنة. القاهرة: المركز القومى للبحوث التربوية والتنمية، 1997.

6- شبل بدران وفاروق البوهى. نظام التعليم فى دول العالم: تحليل مقارن. القاهرة: دار قباء للطباعة، 2001.

7- عبد الغنى عبود وآخرون. التربية المقارنة: منهج وتطبيقه. القاهرة: دار الفكر العربى، 1997.

8- عبد القادر فضيل. تجارب واتجاهات الدول العربية فى إدخال العمل اليدوى والتربية التكنولوجية فى مرحلة التعليم الأساسى. تونس: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 1998.

9- كارو أوكاموتو. تربية الشمس المشرقة: مقدمة فى التربية فى اليابان. ترجمة جابر عبد الحميد جابر. القاهرة: وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع المركز القومى للبحوث التربوية والتنمية، 1999.

10- ليونارد كانتور. التعليم المهنى والتدريب فى الدول المتقدمة: دراسة مقارنة. ترجمة محمد بن شحات. السعودية: مكتبة العبيكات، 1995.

11- محمد منير مرسى. المرجع فى التربية المقارنة. القاهرة: عالم الكتب، 1994.

12- محمد منير مرسى. التربية المقارنة بين الأصول النظرية والتجارب العالمية. القاهرة: عالم الكتب، 1998.

13- Ann M. Milne and Others. Educational Reform and Vocational Education. U.S. Department of Education: Office of Educational Research and Improvement, 1998.

14- Arab Republic of Egypt. Ministry of Education. An Egyptian Paper Presented to: The Second International Congress on Technical and Vocational Education 26-30 April. Seoul: Unesco Institute, 1999.

15- Becky J. Hayward. Vocational Education Practices that Support Welfare Reform: A Compendium of Promising Practices. U.S. Department of Education: Office of Vocational and Adult Education, 2000.

16- Bragg Debra. “Focuses on Technical Preparation in the United States: Purpose of Technical Preparational Approval of Tech-Prep Educational Act of 1990 by U.S. Congress”. Vocational Educational Journal. Vol. 7, April 1995.

17- California Department of Education. Educational Resources 2001. U.S.A.: California Department of Education, 2001.

18- Cantor Leonard. Vocational Education and Training in the Developed World: A Comparative Study. New York: Champon and Hallinc Land, 1999.

19- Dahlgren J. and Stone J. K. “Industry Perception of Industry- Based Training Provided by Technical Colleges”. Journal of Vocational Education. Vol. 8, 1996.

20- Edward R. Beauchamp and James Mrardaman. Japanese Education Since 1945: A Documentary Study. London: M. E. Sharpe, 1994.

21- Gene Callahan. Information Guide for Full Time Students. Tulsa: Oklahoma, 2001.

22- Gert Loose. Vocational Education in Transition: A Seven Country Study of Curricula for Lifelong Learning. Unesco Institute for Education, 1998.

23- Hijazi and Others. Policy and Legislation for Technical and Vocational Education to Enhance Co-operation with the World of Work-Egypt, Sudan and Tunisia. Beirut: Unesco, 1995.

24- Idaho Department of Education. Description of How Professional- Technical Centres are Administered and Funded in the State of Idaho. Idaho: 2000.

25- Jay Chambers and Others. Study of Education Resources and Fedral Funding: Final Report. U.S. Department of Education: Office of the Under Secretary, 2001.

26- Jim Carl. “Parented Choice as National Policy in England and the United States”. Comparative Education Review. Vol. 38, No. 3, August 1994.

27- Joanne Bogart and Others. Promising Results, Continuing Challenges: The Final Report of the National Assessment of Title 1. U.S. Department of Education, 1999.

28- John Middelton. Vocational and Training in Developing Countries. New York: University Press, 1993.

28- Kinji Onishi. Industrial Education: Metalworking Area. Japan: Aichi University of Education, 2001.

30- Koyo Kitsuta. Teacher Training for Industrial Arts Education: Woodworking Area. Japan: Aichi University of Education, 2001.

31- Marsha K. Silverberg and Alan M. Hershey. Emergence of Technical Preparation at the State Local Levels. New Jerse: U.S. Department of Education, 1995.

32- Melrin L. Barlow. Legislative History of Vocational Education. U.S.A. : Nation Association of State Directors of Vocational Education, 1981.

33- Michael Rubenstein. Stepping up to the Challenge: Case Studies of Educational Improvement in Title 1 Secondary School. U.S. Department of Education, 1999.

34- Ministry of Education, Science, Sports and Culture. Changes in the Number of Upper Secondary School Students by Course From School Year 1955 to 1970. Japan: Tokyo, 1970.

35- Ministry of Education, Science, Sports and Culture. Changes in the Number of Upper Secondary School Students by Course From School Year 1975 to 1995. Japan: Tokyo, 1995.

36- Ministry of Education, Science, Sports and Culture. Current Status of the Specialized Upper Secondary School. Japan: Tokyo, 2000.

37- Ministry of Education, Science, Sports and Culture. Overall Objectives in Industrial Arts Education. Japan: Tokyo, 2000.

38- Ministry of Education, Science, Sports and Culture. The Recent Movement of National Curriculum Revision. Japan: Tokyo, 2000.

39- Ministry of Education, Science, Sports and Culture. Subject Area of Industry. Japan: Tokyo, 2000.

40- Ministry of Education, Science, Sports and Culture. Organization of the Ministry of Education, Science, Sports and Culture. Japan: Tokyo, 2001.

41- Muneharu Iwamoto. Industry Education in Senior High School. Japan: Ministry of Education, Science, Sports and Culture, 2001.

42- Oklahoma Department of Education. A School- To- Work Program for Careers in Manufacturing. Oklahoma, 2001.

43- Organization for Economic Co- operation and Development Education. Expenditures per Pupil for Staff Compensation Public and Private Elementary and Secondary Schools, 1993, U.S.A.: Washington, 1994.

44- Organization for Economic Co-operation and Development Education. Public Expenditures for Elementary and Secondary Education by Source of Funds 1994. U.S.A.: Washington, 1997.

45- Roger Marples. The Aims of Education. New York: Routledge International Studies, 2000.

46- Roy P. Stewart. Programs for People: Oklahoma Vocational Education. Oklahoma City: Western Heritage Books, Inc., 2000.

47- Rupert N. Evans. Foundations of Vocational Education. Second Edition. U.S.A.: Merill Publishing Company, 1998.

48- Scientific Education and Industrial Education Council. The Future Model for Educational Specialized Upper Secondary School Report. Japan: July 1998.

49- Scientific Education and Industrial Education Council. Co-operation System Between Vocational Secondary School and Local Communities. Japan, 1999.

50- South Carolina Department of Education. Let’s Make You Proud. South Carolina, 2000.

51- South Carolina Department of Education. Let’s Explore Your Options. South Carolina, 2000.

52- State Board of Education of Pennsylvania. Vocational Education. Pennsylvania Board of Education, 1991.

53- Susan J. Rippberg. “Ideological Shifts in Bilingual Education: Mexico and the United States”. Comparative Education Review. Vol. 37, No. 1. February, 1993.

54- Tulsa Technology Centre. Industrial Maintenance, Tulsa: Oklahoma, 2000.

Tulsa Technology Centre. Business and Industry Training Services, Tulsa: Oklahoma, 2000.

56- Tulsa Technology Centre. Preparing People for Success in the Work Place. Tulsa: Career Services Centre- Oklahoma, 2001.

57- Tunma John and Others. Student Financial Aid and Post- Secondary Vocational Education Sponsoring Agency. Washington: National Assessment of Vocational Education, 1998.

58- U.S. Department of Education. Education Indicators: An International Perspective. National Centre for Education Statistics. November 1999.

59- U.S. Department of Education- Office of Educational Research and Improvement. Vocational Education in G-7 Countries. U.S.: Washington, 1999.

60- U.S. Department of Education. Distribution of Public and Private Expenditure on Primary and Secondary Education by Initial Source of Funds and Country 1992. U.S.A.: 1996.

61- U.S. Department of Education. America’s Education Goals. United States of America: Department of Education, 2000.

62- U.S. Department of Education. The 1990 Carl D. Perkins Vocational Education. Washington, 2000.

63- U.S. Department of Education- Office of Educational Research and Improvement. Education in the United States. U.S.A.: National Centre for Education Statistics, 2000.

64- U.S. Department of Education. The Condition 2001 of Education National Centre for Education Statistics, 2001.

66- U.S. Department of Education- Office of Educational Research and Improvement. Elementary and Secondary Education: An International Perspective. U.S.A.: National Centre for Education Statistics. April 2001.

66- Yoshio Katagiri. Education in Japan: The Past and Present. Japan: Aichi University of Education, 2000.