مقدمة:
إن من أهم مقومات ارتقاء المحاسبة وضمان استمرارها كعلم اجتماعي هو قدرتها الدائمة على الاستجابة لمتطلبات التطورات المتجددة في عالم الأعمال.
وقد شهد الاقتصاد العالمي في الآونة الأخيرة مجموعة من الظواهر والأحداث التي فرضت نفسها على المحاسبة وألزمتها بأن تطور أساليبها وطرقها في مجال القياس في اتجاه يكفل حل القضايا المحاسبية التي أفرزتها تلك الأحداث.
ولعل من أهم الأحداث والظواهر الاقتصادية المعاصرة ما يلي:
أ- الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها معظم بلدان العالم في العصر الراهن تمثل ظاهرة عامة تكاد تكون دورية متجددة، وقد أفرزت هذه الظاهرة قضايا تتعلق بالتغير في مستويات الأسعار.
ب-حالات الاندماج الواسعة التي تشهدها الشركات المساهمة، وقد أفرزت هذه الظاهرة قضايا محاسبية غاية في التعقيد سواء من جهة قياس استثمارات الشركة الدامجة بالمندمجة أو من جهة إعداد القوائم المالية بعد الاندماج.
جـ-توسع أسواق المال الدولية وتعاظم دورها في بناء الاقتصاد العالمي وقد أفرزت هذه الظاهرة قضايا محاسبية تتعلق بمعالجة الاستثمارات المالية الهائلة الموظفة في تلك الأسواق وخاصة تلك الأدوات المالية المشتقة والتي تستخدم في إدارة المخاطر.
د-الظروف التضخمية قد تجعل التكلفة الدفترية التاريخية للأصل طويل الأجل غير قابلة للاسترداد بشكل كامل، وهنا تواجه الشركة قضية انخفاض قيمة الأصول طويلة الأجل، وهذا أدى إلى حاجة المجتمع المالي لمعايير محاسبية جديدة تغطي مسألة تقييم الأصول طويلة الأجل.
هـ-تطور الفكر الإداري وظهور نظرية العلاقات الإنسانية وتركز الاهتمام على دور العنصر البشري في زيادة الإنتاجية، وقد أفرزت هذه الظواهر قضايا محاسبية تتعلق بكيفية معالجة الموارد البشرية في دفاتر المنشأة.
و-نمو وازدهار التجارة الدولية وذلك بفضل الثورة الهائلة التي حدثت في عالم المواصلات والاتصالات وقد أفرزت هذه الظاهرة قضايا محاسبية تتمحور حول معالجة الفروق الناشئة عن أسعار صرف العملات الأجنبية التي تنفذ بموجبها الصفقات التجارية فيما بين المصدرين والمستوردين.
ضمن المعطيات سالفة الذكر يعتبر هذا الكتاب بمثابة محاولة للتعرف على أبعاد القضايا المحاسبية المشار إليها أعلاه وذلك من خلال عرض مفصل ومبسط بقدر الإمكان للجوانب النظرية والتطبيقية لتلك القضايا وذلك باستخدام مجموعة من الأمثلة والحالات العملية التي قصد بها تيسير استيعاب تلك القضايا وفهمها.
وأخيراً أسأل الله عز وجل أن أكون قد وفقت في تقديم مادة علمية وعملية تثري القارئ وتعود بالنفع على الدارسين، والله من وراء القصد.