البحث العلمى

مقدمـة:

  إن أهمية البحث العلمى توضيح المنهج الذى يمكن أن يستخدم عند التعرض لحل أى مشكلة تعترض الإنسان فى مجال عمله بعامة ومجال التربية البدنية والرياضة خاصة. حيث أن البحث العلمى مجال تطبيقى لعلوم الحياة المختلفة والمتعددة التى تخدم الإنسان وتساعده فى اختيار النشاط الحركى المناسب لقدراته واستعداداته. 

تعريف البحث العلمى:

    بحث الشئ طلبه والتفتيش عنه، وبحث الأمر هو الإجهاد فيه، وتعرف حقيقته، لاكتشافه واذاعته بين الناس، ويجمع على بحوث أو أبحاث.

ولقد تعددت الآراء حول تعريف البحث العلمى ونذكر منها الآتى:       

        البحث العلمى هو "سلوك إنسانى منظم يهدف استقصاء صحة معلومة أو حادثة هامة، أو توضيح موقف أو ظاهرة راهنة، أو "التفتيش" عن حل ناجح لمشكلة أكاديمية متخصصة أو سلوكية/ اجتماعية تهم الفرد والمجتمع. والبحث العلمى فى كل هذه الأحوال وهو أداة لنمو الادراك وكشف غموض المستقبل وتطوير الفرد والمجتمع لغاياتهما المنشودة.

    وهو "الاستقصاء الذى يتميز بالتنظيم الدقيق لمحاولة التوصل إلى معلومات أو معارف أو علاقات جديدة والتحقق من المعلومات والمعارف والعلاقات الموجودة وتطويرها باستخدام طرائق أو مناهج موثوق فى مصداقيتها.

وعرفه طلال المجذوب:

        بأنه "محاولة لاكتشاف المعرفة، وتدقيقها، ثم عرضها بذكاء وإدراك، لتسهم فى المعرفة الإنسانية".

        "أو أنه استقصاء منظم يهدف إلى إضافة معارف يمكن توصيلها، والتحقق من صحتها، عن طريق الإختبار العلمى".

وعرفه رومل:

        بأنه هو "تقص أو فحص دقيق لاكتشاف معلومات أو علاقات جديدة ونمو المعرفة الحالية والتحقق منها".

ويرى فان دالين:

    أن "البحث العلمى هو المحاولة الدقيقة الناقدة للتوصيل إلى حلول للمشكلات التى تؤرق الإنسان وتحيره".

    ومما سبق يمكننا أن نعرف البحث العلمى بأنه: "بأنه التتبع والتفتيش والتقصى المبنى على أسس علمية لموضوع ما، بغية الوصول إلى كل ما يتصل به من حقائق، وكشف ما
فيه من أسرار وتوضيح ما فيه من غموض وتعديل ما فيه من تناقض وأكمال ما فيه من نقص".

أغراض البحث العلمى فى التربيـة الرياضـة

التربية الرياضية:

        مجال نشاط من مجالات الحياة المختلفة وخاصة النشاط الحركى. وهو نشاط يطبق فيه جميع علوم الحياة والعلوم الإنسانية المتعددة بأساليب تربوية تهدف إلى إعداد وبناء الفرد بدنيا واجتماعيا بشرط توافر القيادة التربوية (المدارس أو المدرب) المؤهل.

أغراض البحث العلمى فى التربية الرياضية:

        يرى "صلاح قادوس" أن هناك أغراض للبحث فى التربية الرياضية وهى:

1- تقدير البحث العلمى وتنمية اتجاهات عامة إيجابية نحو الأسلوب العلمى للبحث والدراسة بين خريجى كليات التربية الرياضية.

2- إعداد جيل من الباحثين الأكفاء فى مجال التربية الرياضية مزودين بالمبادئ الأساسية فى البحث العلمى بطرقه وأدواته.

3- النمو المهنى المبنى على أساس علمى وذلك عن طريق:

أ- تربية وتنمية المقدرة على التعرف على المشكلات المهنية. (لأنه من الصعب جدا تحديد المشكلة – ففى وجود المشكلة يعتبر مشكلة).

ب- تنمية المقدرة على تحديد مصادر جمع المعلومات والحقائق اللازمة لحل المشكلات المهنية.

ج- التعرف على الطرق العلمية المناسبة لحل المشكلات المهنية (فطرق البحث العلمى واحدة لكن لكل مشكلة صفات معينة).

د- تحسين وتنمية المقدرة على متابعة وتفهم وتقويم البحوث العلمية.

هـ- تنمية المقدرة على تطبيق نتائج البحوث العلمية (ليست لدى كل فرد المقدرة على القيام بالبحث ولكن يجب أن يكون لديه هذه المقدرة على التطبيق لنتائج البحوث والاستفادة منها).

4- ربط مجال التربية الرياضية لمفهوم البحث العلمى (حي أصبحت التربية الرياضية مجال واسع من الميادين العلمية واستمدت التربية الرياضية هذه الحقيقة من ارتباطها بسائر العلوم الكبيرة مثل علم الحركة، التشريح، الفسيولوجى، علم النفس، الخدمة الاجتماعية، التقويم، التربية، الميكانيكا الحيوية، الترويج، علم الصحة.

5- العمل على تقييم المناهج والبرامج الحالية فى ضوء الحقيقة العلمية.

6- وضع المناهج المستقلة بأسلوب علمى.

7- الإلمام بنواحى المعرفة المختلفة وعدم الاقتصار على المجال الضيق لفروع التخصص.

8- محاولة وضع طريقة ومستوى فى كتابة الرسالات العلمية فى المجال الرياضى.

9- التدريب العملى على إجراء البحوث العلمية.

10- حل المشكلات بالأسلوب العلمى فى المجال الرياضى.

11- إثارة الوعى بين المسئولين للاهتمام بدراسة البحث العلمى فى مجال التربية الرياضية.

12- إثارة الوعى الإحصائى الذى تحتاج إليه كأداة مساعدة.

13- تنمية إمكانيات عقلية إيجابية بين خريجى التربية الرياضية.

14- بناء جيل من الباحثين الأكفاء.

أما حسن الشافعى وسوزان أحمد على:

        فيرون أن أهداف التربية الرياضية كما يحددها البحث العلمى (حددتها سليز وآخرون 1959م) بالأهداف الآتية:

1- تحديد صفات وسمات فرد معين أو موقف أو جماعة أو ظاهرة.

2- دراسة الارتباط بين الظواهر درجة أكر تقدما من مجرد وصف الظاهرة.

3- العلاقة السببية بين الظواهر: وهى تدرس تأثير الظواهر بعضها ببعض وهى الهدف التالى من أهداف البحث العلمى فى التربية الرياضية.

معاييـر البحث الجيـد

        البحث العلمى الجيد هو ذلك البحث الذى يجرى فى إطار المبادئ والقواعد المهنية المتفق والمتعارف عليها فى أوساط البحث العلمى، وهى ترتكز فى أساسها على أن
هناك أخلاقيات بحثية لابد للباح أن يلتزم بها فى كل خطوة من الخطوات البحثية. وكما
هو معروف، قد لا تكون هناك قواعد أخلاقية بحثية معينة، ثابتة ومكتوبة عامة، فهذا قد
يرتبط بالقيم الأخلاقية لكل مجتمع، لكن يبدو أن هناك إجماعاً حول بعض العناصر الأخلاقية التى لابد من الالتزام وترتكز، فى مجملها، على عدم المساس، بأى شكل من الأشكال،
ومهما كانت المبررات، بحرية الشخص المبحوث، وعلى الصدق والأمانة والنزاهة العلمية البحثية.

   ويذكر "صلاح السيد قادوس" أن معايير البحث الجيد تتمل فيما يلى:

1- الدقــة:

        يجب أن يمتاز البحث بالدقة عن طريق الاستعانة بالأدوات والمقاييس التى تعين على دقة النتائج. وكذلك يجب أن يكون هناك دقة فى العمليات الإحصائية وفى جميع المعلومات وتبويبها أو تصنيفها، كذلك يجب نقل وتوصيل نتائج البحث إلى الأشخاص الذين تعنيهم
هذه النتائج عن طريق كتابة التقارير المفضلة التى تعرض فيها الخطوات وتدون فيها
النتائج.

2- أن يكون البحث منسق ومنظم:

        بمعنى أن يسير البحث بنسق معين وبأسلوب منطقى من باب إلى باب بحيث أن يكون الباب الأول كمقدمة تقوده إلى الفصل الأول ومنه إلى الشرح السهل البسيط وهكذا.

3- أن يكون البحث متماسك:

4- أن يكون البحث علمى فى منهجه وإجرائه:

        بمعنى أن يستخدم الباحث فى خطواته أثناء البحث الأسلوب العلمى لا أسلوب التفكير التأملى والقياسى أو الاستقرائى ويجب أن يسير الباحث بالخطوات العلمية السليمة.

أن يكون البحث غير متحيز:

      وخاصة بالنسبة للفروض التى يضعها الباح وهناك فرق بين التحيز والميل.

الميـل:

هو أن يميل الشخص إلى دراسة ظاهرة يحس من ناحيتها برغبة معينة ويرى أنه سوف يوفق فى تلك الدراسة.

التحيـز:

        فهو انقياد الشخص لإثبات صحة أو خطأ الظاهرة التى أمامه تبعا لم يريد هو.

مثـال:

        الباحث الذى تبع شركة للسجائر … هذا الباحث إذا كان متحيزا سوف يثبت أن السجائر لا تسبب السرطان، ومن الممكن أن يكون الباحث لديه ميل لدراسة ظاهرة وفى نفس الوقت يكون غير متحيزا وهذا هو المطلوب من الباحث.

6- أن يكون الباحث موضوعى:

        بمعنى أن يكون البحث خالى بقدر الأمكان من الميول الشخصية أو الذاتية أو الاعتبارية ونحن نقول بقدر الإمكان لأن التخلص من الذاتية يعتبر مستحيل لأن كل شئ راجع فى آخر الأمر إلى الذاتية.

7- أن يكون البحث كامل متكامل:

        وذلك بالنسبة للموضوع الذى يتناوله وأن يكون كاملا بمعنى أن يتم إكمال البحث لنهايته بنفس المستوى الذى بدأ به، وأن يكون متكلاملا بمعنى بحث المشكلة من جميع جوانبها وزواياها.

8- أن يكون البحث عملى:

        بمعنى التنقيب عن مشاكل المجتمع التى من الممكن أن تسهم فى تقدم المجتمع والعمل على حلها وأن يكون البحث ذو دلالة اجتماعية عامة ويبغى غايات عامة وليس غايات خاصة.

9- يعتبر قاعدة أو أساس للتعميم:

        وذلك مع التخطيط فى مجال التعميم فالغاية فى أى بحث علمى سليم هو تغذية الشوق إلى:

1- معرفة الحقائق ووصف الحوادث وتفسيرها.

2- الكشف عن العلاقات الكامنة فيها.

3- الوصول إلى مبادئ وتعميمات وقوانين عامة يمكن التنبوء على أساسها بالنسبة للمستقبل.

10- أن يكون البحث صادق:

        الصدق بمعنى أن البحث يقوم بالمهمة التى يجب أن يقوم بها.

مثـال:

المتر يقيس أطوال ولا يقيس أوزان أو إحجام إذا فهو صادق.

11- أن يكون البحث معاصر فى مشكلته:

        أى تتناسب متطلبات واهتمامات العصر الذى أجرى فيه البحث فيحاول بقدر الإمكان حل مشاكل اليوم وليس مشاكل سنوات مضت ويقاس البحث بقيمته فى المجتمع الحالى.

12- أن يكون البحث فريد وذو شخصية مستقلة:

        بمعنى أن لا يكون نسخة من بحث سابق لكن من الممكن بالطبع الاستفادة من البحوث السابقة ولكن ليس لدرجة أن يتم نسخ أو طبع أحد هذه البحوث وعمل تغييرات طفيفة فيه، فى الشكل ليكون بحث جديد.

13- أن يكون للبحث غرض واضح:

        بمعنى أن يكون له هدف يسعى لتحقيقه وأن الهدف فى حل مشكلة أو الإجابة على سؤال يخص المجتمع.

14- ينشر ويقرأ ويكتب بأسلوب سلس ولغة واضحة.

15- أن يكون أجرائى أى يمكن تنفيذه:

        وذلك بتوفر المصادر اللازمة لجميع البيانات والمال اللازمة لتمويلة وجميع الإمكانيات الضرورية التى يمكن أن تكون فى متناول يد الباحث لكى يكون البحث جيدا.

16- يحقق أو يلقى أضواء جديدة على الظاهرة التى يبحثها.

17- أن يفتح أفاقا جديدة لدراسات أخرى قادمة.

        فالبحث الجيد هو الذى يفتح أمام الناس مجالات لموضوعات عن الأبحاث المختلفة كتابة توصيات لحل المشكلات التى قابلت الباحث أثناء حل مشكلته الأساسية.