يعد تعلم اللغة العربية ليس أمراً يسيراً بالنسبة للطلاب الجدد غير الناطقين بها، وذلك لأن اللغة العربية تحتاج إلى طرق وأساليب متعددة لاكتسابها لما لهذه اللغة من سمات مختلفة عن اللغات الأخرى ، ولهذا كثرت الشكاوى من أخطاء الدراسيين وتدنى مستواهم في تعلم اللغة العربية بشكل عام وتعلم مهارات القراءة بشكل خاص، وقد أرجع البعض تلك الشكاوى والأخطاء نتيجة استخدام أساليب تقليدية لا تتناسب مع طبيعية تعلم تلك المهارات.

وقد أدت التطورات التكنولوجية في مجال تقنية المعلومات والاتصال إلى تحول العالم إلى قرية صغيرة؛فأصبح المعلم الجامعي في حاجة ملحة إلى تصميم المقررات الإلكترونية بطريقة سهلة، من خلال توفير بيئة غنية متعددة المصادر، واستخدام تقنية سهلة تساعده على عملية التصميم، وتطوير التصميم الذاتي.

لذا يحرص المسؤولون والمختصون في التعليم الجامعي على الإفادة من هذه التقنية في تطوير التعليم السعودي وتقبَّل هذا النوع من التعليم،ولهذا قامت وزارة التعليم السعودي بإنشاء عمادات للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد بالجامعات يكون هدفها الأساسي تطوير المقررات التعليمية بشكل إلكتروني وفقا لاستراتيجيات حدثية فى التدريس من ضمنها استراتيجية التعلم المقلوب.

وتعد استراتيجية التعلم الإلكتروني المقلوب من الاتجاهات الحديثة ، والتي ترتكز على توظيف التكنولوجى الحديثة لتفعيل التعلم الرقمي أحد أنواع التعلم المدمج الذي يستخدم تكنولوجيا الانترنت لبث المحاضرات الدراسية خارج الصف الدراسي.

كما أن كثيرًا من الدراسات أكدت على أهمية استخدام استراتيجية التعلم الإلكتروني المقلوب في التعليم ومن هذه الدارسات دراسة الزين ،2015؛ ودراسة Bishop,2013؛ ودراسة Herveid,2013؛ ودراسة Randall,2013؛ ودراسة Nagel,2013.

      وفي ضوء ذلك أصبح توظيف التقنية في العملية التعليمية ضرورة حتميـة لمواكبـة التغيرات والتطورات التي حدثت في كافـة مجالات الحياة وبخاصة مجال التعليم والتعلم؛ومن هنا تأتى أهمية هذه الدراسة في التعرف على فاعلية استراتيجية التعلم الإلكتروني المقلوب القائم على الكتب الإلكترونية في تنمية بعض مهارات الفهم القرائي لدى طلاب معهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بالجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة.

وقد أسهمت عدة أمور فى الإحساس بمشكلة الدراسة :

  • نتائج ما أطلع عليه الباحث من دراسات سابقة في هذا المجال والتي أشارت نتائجها إلى أن طلاب اللغة العربية لغير الناطقين بها يعانون من ضعف وصعوبات في تحصيل واكتساب مهارات اللغة العربية بشكل عام ومهارات الفهم القرائي بشكل خاص نتيجة الطرق التقليدية المستخدمة في التدريس ومن هذه الدارسات دراسة عبد الرحمن ،2014؛ ودراسة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ،2009؛ ودراسة صيني ،2009؛ ودراسة الزهراني،2007.
  • الدراسة الاستكشافية التي أجراها الباحث على عينة من أعضاء هيئة التدريس ومن فى حكمهم بمعهد اللغة العربية لغير الناطقين بها بالجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة عددهم (45) ، للتعرف على تمكن طلاب اللغة العربية المستوى الأول لمهارات الفهم القرائي .
  • درجات الطلاب في التكليفات الفصلية والتي تم الاطلاع عليها والتي كانت نتائجها متدنية مما يؤكد ضعف مستوى الطلاب وعدم تمكنهم من مهارات الفهم القرائي.

فمن خلال ما سبق وانطلاقًا من تطوير العملية التعليمية واستراتيجيات التدريس وتوظيف تقنيات التعلم الإلكتروني التي أصبحت متاحة للجميع ،ووجود ندرة في الدراسات العربية، على حد علم الباحث التي تناول فاعلية استراتيجية التعلم الإلكترونى المقلوب القائم على الكتب الإلكترونية في تنمية مهارات الفهم القرائي لدى طلاب معهد اللغة العربية لغير الناطقين بها.

على ذلك فإننا في حاجة إلى استخدام استراتيجية أكثر فاعلية من التدريس التقليدي المتبع " في معهد اللغة العربية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها تتيح مزيد من وقت المعلم للمتعلمين مما يترتب عليه اتاحة مزيد من التفاعل بين المعلم والمتعلمين ، لذلك تسعى الدراسة الحالية الى استخدام استراتيجية التعلم الإلكتروني المقلوب القائم على الكتب الإلكترونية كطريقة ملائمة لحل المشكلات السابق ذكرها وقياس فاعليته في تنمية مهارات الفهم القرائي لدى طلاب معهد اللغة العربية لغير الناطقين بها

ولغرض الدراسة تم إعداد الأدوات والمواد التالية:

  • اختبار مهارات الفهم القرائي الإلكتروني.
  • كتيب الطالب الإلكتروني التفاعلي المصمم وفقا لإستراتيجية التعلم المقلوب.

وقد تناول الإطار النظري للدراسة الحالية ثلاثة محاور رئيسية هي: المحور الأول استعرض فيه: مهارات الفهم القرائي من حيث المفهوم، وأنواع مهارات الفهم القرائي،وجوانب الفهم القرائي،ومستويات الفهم القرائي.

أما المحور الثاني استعرض فيه: تعريف الكتاب الإلكتروني ،ومسميات الكتاب الإلكتروني،أشكال الكتاب الإلكتروني وطرق قراءتها، مميزات الكتاب الإلكتروني التفاعلي، نموذج الكتاب الإلكتروني المصمم وفقا لإستراتيجية التعلم الإلكتروني المقلوب

أما المحور الثالث استعرض فيه: التعلم المعكوس، وإيجابيات التعلم المقلوب، ونماذج من الفصول المقلوبة، مميزات تطبيق استراتيجية الفصول المقلوبة في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، معوقات تطبيق استراتيجية الفصول المقلوبة في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها

وتكونت عينة الدراسة من طلاب المستوى الأول بمعهد اللغة العربية لغير الناطقين بها بالجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة بطريقة عشوائية، وبلغ عدد أفراد العينة 64 طالباً (32 طالباً في المجموعة التجريبية، تدرس موضوعات القراءة بأسلوب التعلم الإلكتروني المقلوب، 32 طالباً في المجموعة الضابطة، تدرس موضوعات القراءة بأسلوب التعلم التقليدي).

وقد توصلت نتائج الدراسة إلى : فاعلية استخدام اسلوب التعلم المقلوب في تنمية مهارات الفهم القرائي لدى طلاب معهد اللغة العربية لغير الناطقين بها، وهذا يدفع الباحث الى تقديم بعض المقترحات والتوصيات التالية:

  • استخدام الكتب الإلكترونية المصممة وفقا لإستراتيجية التعلم المقلوب في تدريس مهارات الفهم القرائي في جميع المستويات الدراسية.
  • ضرورة اعداد برامج تدريبية لأعضاء هيئة التدريس بالجامعة الاسلامية لتدريبهم على تصميم الكتب الإلكترونية وفقا لأسلوب التعلم المقلوب.
  • ضرورة تهيئة المناخ المدرسي والفصلي لاستخدام الكتب الالكترونية والمصممة وفقا لإستراتيجية التعلم المقلوب في العملية التعليمية.
  • بحث الصعوبات التي تواجه معلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها عند استخدام هذه الاستراتيجية.

بناء على ما سبق فقد برزت أهمية الدراسة ، وقيمتها التربوية من كونها تستمد أهميتها مما يلي:

  • بالنسبة الى الطلاب: تنمية بعض مهارات الفهم القرائي لديهم، وزيادة العملية التشاركية في عملية التعليم من خلال الأنشطة التفاعلية التي تتم داخل الصف.
  • بالنسبة إلى المعلمين: تطوير أساليبهم التدريسية من خلال استخدامهم أساليب حديثة كأسلوب التعلم المقلوب والذي يعتمد بصورة أساسية على التطور التكنولوجي وـأساليب تقويم الفهم القرائي للطلاب، وذلك من خلال اطلاعهم على اختبار مهارات الفهم القرائي.
  • تُعد استجابة للتوجهات الحديثة في مجال استخدام تقنيات التعلم الإلكتروني وتطبيقاتها في الميدان التربوي.
  • حاجة الميدان التربوي في المملكة العربية السعودية إلى نوع جديد من التعلم يناسب تطلعات طلاب القرن ال21 وتوجهاتهم.
  • قد تفيد نتائج هذه الدراسة، ومن خلال التركيز على أهمية الكتب الإلكترونية المعتمدة في تصميمها على فكرة التعلم المعكوس ،الباحثين في مجال تكنولوجيا التعليم بالقيام بإجراء دراسات أخرى تتناول جوانب أخرى في هذا الموضوع.
  • محاولة هذه الدراسة إلى وضع أساس علمي من الناحيتين التربوية والتقنية لاستخدام الكتب الإلكترونية المصممة وفقا لإستراتيجية التعلم المقلوب.