مازال الحديث النبوى الشريف، وسيظل- إن شاء الله – النبع العلوى الثانى – بعد القرآن الكريم – الذى يرتوى منه طلاب الفصاحة ورواد البلاغة، مادام للكلمة مجال، وللقول عند الناس مكان، ولن يستطيع إنكار بلاغته إلا أقوام عميت أبصارهم وبصائرهم، فهم فى دياجير الضلالة والغواية يتخبطون.

     ولما كان رسولنا صلى الله عليه وسلم معلما ومربيا فإننا لاحظنا أن خطابه لمتلقي هذه التربية وهذا التعليم لا بد أن يزخر بالأساليب الطلبية المختلفة تلبية لطبيعة المهمة المكلف بتأديتها, الأمر الذي يدفع إلى التساؤل عن كيفية تخطي الحديث النبوي لهذا الإشكال, وستأتي الإجابة عن هذا التساؤل مدعمة بتحليل نصوص من الحديث النبوي الشريف, ومن خلال هذا التحليل سنبين أهم الظواهر التي تتحقق بها بلاغة الأساليب الطلبية للحديث النبوي الشريف من خلال أبعاد ثلاثة متمثلة في العدول والتضمن والتوجيه السياقي.

     وجعلت هذه الدراسة في الأساليب الطلبية للخطاب النبوي الشريف، لأنها بعلاقاتها المتشابكة، وقدرتها على التجدد والحركة وفاعليتها في استقطاب المتلقى، و تشكيل البعد النفسى الذى يربطه بالمبدع .. تعطينا لوناً مميزاً من التعبير الفنى المؤثر عن أفكارنا ومشاعرنا".

     واقتضت طبيعة الدراسة الاهتمام بكثرة التطبيقات بجانب إبراز القواعد وتطبيقاتها، مستمدة نصوص الحديث النبوى الشريف من صحيح البخارى، وقد أردت من ذلك أن تكون بلاغة الحديث النبوى الشريف قطوفها دانية، وثمارها جنية، لهذا حرصت على بيان ما تنطوى عليه من أسرار ودلالات بلاغية فاقت كل وصف، لأنها قول من أوتى جوامع الكلم –  سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .

        وقد ضمت هذه الدراسة بين جوانبها مقدمة وتمهيد و خمس مباحث وخاتمة

  • أما التمهيد فقد تناولت فيه معنى الأسلوب الطلبي لغة واصطلاحا مبينة أنواعه.
  • وأما المباحث الخمسة(الأمر – النهي- الاستفهام – التمني – النداء) فقد ضمت بين جوانبها أنواع الطلب ودلالاته السياقية في الخطاب النبوي الشريف.
  • و انتهى البحث بخاتمة موجزة .