يُعدُّ العمل التطوعي ركيزة أساسية في بناء وتنمية المجتمع ونشر التماسك الاجتماعي بين المواطنين لأي مجتمع وهو ممارسة إنسانية ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بكل معاني الخير والعمل الصالح عند كل المجموعات البشرية منذ الأزل ولها دورها المهم في عملية التغيير الاجتماعي .
والعمل التطوعي النسائي بدأ منذ وقت قديم ، علاوة على تركز أنشطة الجمعيات النسائية التطوعية في البداية على تقديم الخدمات التعليمية التوعوية ، وإعداد البرامج التأهيلية للارتقاء بواقع المرأة ثقافيًا واقتصاديًا واجتماعيًا ، وبعدها ظهرت انطلاقة منذ أوائل القرن العشرين عندما قامت الجمعيات التبشيرية الأجنبية بتقديم بعض الخدمات التعليمية والصحية للمجتمع . وتزامن هذا العمل مع الدور الريادي للعمل الأهلي التطوعي في إنشاء عديد من الأندية الثقافية والرياضية الاجتماعية التي كانت تقدم الخدمات التعليمية الأهلية للمواطنين .
والعمل التطوعي يأخذ أبعادًا عديدة ومهما كانت هذه الأبعاد فإنها تنطلق جميعها من رغبة إنسانية للمساعدة الخالية من شوائب الدوافع المادية ، وقد تجد العمل التطوعي مبسطًا في مساعدة إنسان محتاج تعطلت به وسيلة نقله على الطريق وقد يتطور العمل التطوعي للمساهمة في التخطيط والتنفيذ لبرامج تطوير التنمية في المجتمعات والمساعدة في التخفيف من أضرار الكوارث الإنسانية . ومهما كان الوقت والجهد المبذول في العمل التطوعي فإن التطوّع يعكس حقيقة الإنسان وقدرة القيم على البقاء والصمود أمام طغيان المادة في عصرنا الحديث.
وأحيانا قد توجد بعض الأنماط الثقافية في أي مجتمع تساهم في تقليص مشاركة المرأة في العمل التطوعي كالتقليل من أهميتهن الاجتماعية ومن دورهن في بناء المجتمع ، وكذلك ضعف وعي النساء بمفهوم وفوائد العمل التطوعي كما أن هناك أسبابًا تتحمل مسئوليتها المؤسسات الحكومية والتعليمية والأهلية ، تتمثل في قلة التعريف بالبرامج والنشاطات التطوعية أو عدم السماح للنساء بالمشاركة في صنع القرار داخل المؤسسة وقلة تشجيع ودعم العمل التطوعي ، والنقد السلبي لأي عمل خيري والهروب من المشاركة في العمل التطوعي ، وبث الشائعات والشكوك ضد الأعمال التطوعية والقائمين عليها ، وإيجاد جو سلبي وزرع الإحباط واليأس في المحيط الاجتماعي ، وممارسة الهدم ضد أي عمل تطوعي بدلاً من المشاركة في البناء. وهذا ما دعا المؤلفة إلى القيام بهذا العمل للوقوف على الأبعاد التربوية لعمل المرأة في المجال التطوعي والمعوقات الثقافية التي قد تواجهها ، وهذا ما سيتناوله هذا الكتاب بإذن الله تعالى .
وبعدُ فإنَّ المؤلفة تتمنى أن تكون قد قدَّمتْ عملًا علميًا ذا فائدة للباحثين في مجال البحث التربوي ، ويكون عونًا لهم في التعرف على الأبعاد التربوية في عمل المرأة في المجال التطوعي ومعوقاته الثقافية .