يتفق معظمُ الباحثين على أن الفلسفة الفيثاغورية فلسفة سرية صوفية، ولها جانبان: جانب فلسفي وجانب علمي رياضي. ثم يقومون بالفصل بين الجانب العلمي الرياضي وبين الجانب الفلسفي؛ وذلك لعدم إمكان التوفيق بين الجانين الذين يبدوان وكأنهما متعارضين. وفي تقدير الباحث أنه لا يوجد فصلٌ بين تعاليم فيثاغورس الفلسفية الدينية وبين آرائه العلمية؛ بل ربما أجسر على القول- دون أن استبق النتائج- بأنه لم يكن لفيثاغوس آراءٌ علمية- مقصودة لذاتها- أصلاً! كيف وقد تحدث المؤرخون عن آراء لفيثاغورس في الرياضيات والحساب والهندسة والعدد والفلك والطب والموسيقى؟ يحاول الباحث أن يثبت أن كل ما عده المؤرخون آراء علمية – عند فيثاغورس- ما هو إلا محض مواجيد صوفية؛ ذلك لأن المثل الأعلى الفيثاغوري لا يهتم بالعلم لذات العلم أو لفائدته العملية، بل العلم كله ليس له إلا فائدة واحدة هى: التخلص من عجلة الميلاد. إن فيثاغورس لم يكن إلا رجل فلسفة دينية يمارس العلم لهدف ديني ليس غير، غايته النهائية تحرير الإنسان وضمان خلاصه الروحي في هذا العالم، وقد مثل ذلك طريقًا جديدًا للفلسفة في القرن السادس قبل الميلاد، وهذا الطريق الجديد الذي اختطه فيثاغورس للفلسفة، ويسعى إلى دراسة الرياضيات والفلك والموسيقى والطب، لتحقيق "التطهر النظري" هو ما أطلقتُ عليه "التصوف الرياضي عند فيثاغورس".