رغم انتشار المؤسسات العملاقة ذات الفروع المتعددة على مستوى العالم والتي تعمل بمليارات الدولارات، إلاَ أن التوازن الاقتصادي والاجتماعي في الدول يحتم عليها الاهتمام بالرياديين وأصحاب المشروعات الصغيرة الذين يغامرون وينشئون أعمالاً صغيرة ترفد الاقتصاد الوطني بالقدرات الإدارية والفنية، وتعمل على توازن المجتمع من الناحية الاقتصادية والاجتماعية. ولذلك أصبحت المشروعات الصغيرة والمتوسطة محل تركيز جهود معظم حكومات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء.

وأنطلاقا من الدور الحيوي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للدول التي تهتم بتنمية هذا القطاع نظرا لقدرتة علي تحقيق تنمية اقتصادية متكاملة ومتوازنة ومستدامة وتوفير فرص عمل والحد من مشكلة البطالة التي تعاني منها كثير من الدول ومنها مصر.

إضافة الي أن تكلفتها الراسمالية منخفضة نسبيا فضلا عن أنها تساهم في زيادة الناتج القومي وبما ينعكس علي تحسين ميزان المدفوعات من خلال التآثير الايجابي علي الصادرات وفي ذات الوقت الحد من الاستيراد لمكونات الانتاج والمواد الاولية بإعتبار أن جانب من إنتاجها يمثل مدخلات للمشروع الكبير إضافة الي قدرة هذه المشروعات علي تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة نتيجة قدرتها علي الانتشار الجغرافي ووصولها الي المناطق العشوائية والاقل إهتماما.

وعادة ما تناط مسؤولية إقامة المشاريع الكبيرة بالحكومات نظراً لحجم الاحتياجات المالية والبشرية الكبيرة إضافة إلى المستلزمات والمتطلبات الأخرى، والتي يصعب على المستثمر الفرد تأمينها، تاركة للقطاع الخاص مهمة إنشاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

لو رجعنا الي الاقتصاد الكوري الجنوبي لوجدناه في الماضي كان يعتمد علي سلعة تصديرية واحدة وهي الأرز خاصة مع ندرة الموارد الاقتصادية وضعف المساحة القابلة للزراعة, ومع هذا لجأت الحكومة الي وضع خطط للتنمية كانت جميعها مرتبطة بتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال إنشاء بنك متخصص للصناعات الصغيرة والمتوسطة وأيضا هيئة لتدعيم الصناعات الصغيرة والمتوسطة تساهم في وضع السياسات الاقتصادية المرتبطة بتنمية هذه المشروعات بالتوازي مع إنشاء مدن صناعية وإقامة مجمعات صناعية كل هذا ساهم في تحقيق تنمية عالية وزيادة القدرات التصديرية بها.

في مصر نجد أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة قد لاقت الاهتمام علي ذات المستوي الذي تناولته تجارب الدول بداية من إنشاء الصندوق الاجتماعي للتنمية والذي يقدم الدعم الفني والمالي للمشروعات الصغيرة منذ فترة طويلة وكان له دور ملموس في تحقيق أهداف لتنمية هذا القطاع فضلا عن دور الجهاز المصرفي تحت مظلة البنك المركزي المصري الذي قدم مجموعة من المبادرات والتي ساهمت الي حد كبير في تحقيق تنمية لهذا القطاع تمثلت في إعفاء البنوك التي تقدم تمويل للمشروعات الصغيرة من نسبة الاحتياطي النقدي الالزامي لدي البنك المركزي المصري إضافة الي إنشاء بوابة الكترونية مسجل عليها بيانات حوالي36 ألف مشروع فضلا عن سابق تآيسيس الشركة المصرية للاستعلام الائتماني وما لها من دور كبير في توفير قاعدة بيانات تاريخية عن عملاء هذا القطاع وتقديم تقييم لمستوي جدارة هؤلاء العملاء وتوجه عدد من البنوك الي إنشاء ادارات متخصصة لاقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

وتمثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة إحدى القطاعات الاقتصادية التي تستحوذ على اهتمام كبير من قِبَل دول العالم كافة والمشروعات والهيئات الدولية والإقليمية, والباحثين في ظل التغيرات والتحولات الاقتصادية العالمية, وذلك بسبب دورها المحوري في الإنتاج والتشغيل وإدرار الدخل والابتكار والتقدم التكنولوجي علاوة على دورها في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لجميع الدول. ولكن من الملاحظ أن الوضع الحالي للتنمية الاقتصادية في الدول النامية ومنها مصر متردي ومعدلات النمو منخفضة، ومما هو مشاهد استفادة الدول المتقدمة في تحقيق مستوى عالي من التنمية الاقتصادية من خلال تنبي ودعم سياسيات واضحة لتفعيل دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقد ظهر ذلك في محاولة القضاء على البطالة والحد من الفقر، بل وتحقيق رفاهية اقتصادية في بعض الدول.وتُمثِّل هذه طبيعة مشكلة الدراسة التي يهدف الباحث بحثها ومعالجتها، وذلك من خلال إلقاء الضوء على الدور الذي تقوم به المشروعات الصغيرة في تحقيق التنمية الاقتصادية.