يعد علم الاجتماع الإداري فرعا من فروع علم الاجتماع العام. ويدرس الأنظمة الإدارية التي ترتكز عليها الدولة أو الحكومة أو السلطة التنفيذية أو الوظيفة العمومية في أداء خدماتها ومشاريعها وإنجازاتها، وممارسة سلطتها المرفقية، وإصدار القرارات  الخاصة بكل واقعة إدارية على حدة. ومن هنا، يهتم علم الاجتماع الإداري بدراسة الإدارة باعتبارها فضاء مختبريا، يشتمل على مجموعة من الموظفين والمديرين ورؤساء الإدارة، تجمعهم علاقات وظيفية مختلفة، ضمن نسق تراتبي وهيرارشي بيروقراطي أو فيودالي أو ديمقراطي. ويعني هذا أن علم الاجتماع الإداري يدرس البيروقراطية، والنخب الإدارية، والنظم الإدارية، والحياة الداخلية للوظيفة العمومية، والتركيز على السلطة السياسية والقرارات الإدارية...

المطلب الأول: مفهـــوم علــم الاجتمـاع الإداري

يقصد بعلم الاجتماع الإداري دراسة الإدارة العمومية في ضوء رؤية سوسيولوجية، بالتركيز على بنية الإدارة واختصاصاتها ووظائفها ودورها في المجتمع من جهة أولى، ودراسة الموظفين في علاقتهم بالإدارة والمجتمع من جهة ثانية، ودراسة السلطة والقوة الإدارية من جهة ثالثة.

ويعني هذا أن علم الاجتماع الإداري يهتم بالوظيفة العمومية، والقرارات السياسية والإدارية. ومن هنا، تعد الإدارة مختبرا لتحليل مجموعة من الظواهر والقضايا والقرارات الإدارية التي تتسم بالغنى والثراء وتنوع المضامين، كموضوع الإدارة، وموضوع الوظيفة العمومية، والبيروقراطية، والنخب الإدارية، والتراتبية الإدارية، والإدارة المركزية واللامركزية، والسلطة الإدارية، والتقسيم الترابي، والقرارات السياسية، والتدبير الإداري، وعلاقة الإدارة بالمجتمع، والحكامة الجيدة، والإدارة الديمقراطية والإدارة الفيودالية، والصراع الإداري، والخدمات الإدارية، والإدارة بين التسلط والحرية، والمساواة الإدارية...

المطلب الثاني: منهجية علم الاجتماع الإداري

يعتمد علم الاجتماع الإداري على ملاحظة الظواهر الإدارية التي لها طابع اجتماعي، أو لها علاقة بالمجتمع من حيث التأثير والتأثر. وبعد ذلك، تأتي عملية جميع المعطيات والبيانات والوقائع حول الظاهرة الإدارية وتصنيفها ونمذجتها،وفق حقائق ومؤشرات ومنهجيات معينة. ويمكن للباحث أن يلتجىء إلى التجريب والاستقراء والاستقصاء الجزئي أو الكلي، بغية معرفة القوانين التي تتحكم في الإدارة بصفة عامة، والإدارة العمومية بصفة خاصة، بغية تحصيل النظريات وتجريدها وتعميمها علميا وكونيا. ومن هنا، يمكن اتباع منهجية كمية قائمة على الإحصاء والرياضيات، أو منهجية كيفية قائمة على المقابلة، ودراسة الحالة، ودراسة المضمون، والمعايشة، والملاحظة الميدانية المباشرة...

ومن ناحية أخرى، يمكن الاستعانة بالخطوات المنهجية المعروفة في علم الاجتماع، مثل: الفهم الداخلي للظاهرة بوصفها واستقراء دلالاتها ومضامينها الإدارية والمجتمعية، ثم تفسيرها تفسيرا سببيا أو عليا، بإرجاعها إلى عوامل داخلية أو خارجية، ثم تأويلها تأويلا ذاتيا أو مرجعيا أو إيديولوجيا.

وعليه، يتخذ علم الاجتماع الإداري طابعا نظريا أو طابعا تطبيقيا فيما يتعلق بالظواهر المتعلقة بأخذ القرار السياسي في مجال الإدارة، ودراسة حياة الوظيفة العمومية.

 

 

المطلب الثالث: تصورات نظرية حول علم الاجتماع الإداري

ثمة مجموعة من التصورات السوسيولوجية حول الإدارة، يمكن التوقف عند بعضها على النحو التالي:

الفرع الأول: ألكسيس توكـــفيل والإدارة الديمقراطية

الفرع الثاني: ماكس فيبـــر والإدارة البيروقراطية

الفرع الثالث: غـــوي روشي والإدارة المعاصرة

وخلاصة القول، يهتم علم الاجتماع الإداري بفهم الإدارة في علاقتها بالمجتمع، وتفسير وقائعها وظواهرها الفردية والجماعية وتأويلها. بمعنى أن هذا العلم فرع من فروع علم الاجتماع، ينصب اهتمامه، بشكل خاص، على مقاربة الوظيفة العمومية،بإدارتها ومرافقها وأدوارها، وفق المقترب السوسيولوجي. ومن ثم، يتم التركيز على العلاقات الموجودة بين الموظف والإدارة من جهة أولى، وعلاقة الموظف والمواطن من جهة ثانية،والعلاقة الموجودة بين الموظفين والحكومة من جهة ثالثة.

كما يهتم علم الاجتماع الإداري بوصف الحياة الإدارية وتفسير ظواهرها ووقائعها وتصنيفها وتحليلها أفقيا وعموديا، واستجلاء مختلف القواعد والقوانين التي تتحكم في نسق الإدارة وتوجهها، واستقراء مختلف الأدوار والوظائف التي تؤديها الوظيفة العمومية وإدارتها. ومن هنا، يهتم علم الاجتماع السياسي بالإدارة، وبنيتها، وأنواعها، ووظائفها، وتبيان مختلف العلاقات التي تتحكم في الإدارة، ودراسة الأنظمة الإدارية الإقطاعية والبيروقراطية والديمقراطية، وتحديد الخدمات الإدارية، والسلطة الإدارية، والهيرارشية الإدارية، والتنظيم الإداري، والقرارات السياسية والإدارية، والنخب الإدارية، وأدوار كل من الموظف والرئيس والمسؤول الأول عن الإدارة، ودراسة شطط السلطة الإدارية، وكيفية مقاضاتها موضوعا وشكلا ومسطرة.

إذاً، يهتم علم الاجتماع الإداري بحل المشاكل الاجتماعية التي تنتج عن الإدارة، وفهم بنية الإدارة في علاقة بالسلطة والقرار الإداريين. ومن ثم، فمازالت الدراسات السوسيولوجية، في المجال الإداري، قليلة جدا، منذ كتابات كل من أليكس توكفيل وماكس فيبر. حتى الدراسات السوسيولوجية المعاصرة حول البيروقراطية الإدارية هي أبحاث جزئية وشذرات مقطعة؛ والسبب في ذلك صعوبة تناول البيروقراطية العمومية التي تطرح تحديات ثقافية.أضف إلى ذلك ما تطرحه الحياة الداخلية للوظيفة العمومية من مشاكل وحالات ووضعيات صعبة ومعقدة.لذلك، كانت هذه الدراسات تكتفيبتحليلممارسات السلطة السياسية والإدارية. ومازالت السوسيولوجيا الإدارية، إلى يومنا هذا،  في حاجة ماسة إلى أدوات منهجية ناجعة لمقاربة الظواهر الإدارية بشكل دقيق، إما باستخدام المناهج الكمية، وإما باستخدام المناهج الكيفية.