تميزت مصر عبر عصورها الإسلامية المختلفة بكثرة ما عثر عليه فيها من شواهد قبور إسلامية وجدت في أرجائها المختلفة، وهي عبارة عن ألواح أو أعمدة من أنواع مختلفة من الحجر أو الرخام أو الخشب، توضع فوق القبور للإشارة إلى من يرقد بداخلها .

          وقد أثبتت هذه الشواهد بما احتوته من كتابات وزخارف اهتمام الفنان المسلم بها وبزخرفتها، وفي ذلك ما يبرز قيمتها التاريخية والفنية والاجتماعية والاقتصادية والحضارية، ويبرز أيضاً ما كشفت عنه من تطور الخط العربي وطرق كتابته وأسلوب تنفيذه على شتى المواد المختلفة .

          وتتألف الكتابات الجنائزية على شواهد القبور الإسلامية من حيث المضمون من العناصر التالية:البسملة، وبعض الآيات القرآنية، ثم التعريف بشخص المتوفى، وشهادة التوحيد والرسالة المحمدية، وإشادة بذكر الله وتعظيم الرسول"صلى الله عليه وسلم"، والاعتقاد بالساعة والبعث والجنة والنار، ثم التأريخ للوفاة، والترحم على المتوفى، وطلب المغفرة له، بالإضافة إلى معلومات أخرى تختلف من شاهد قبر إلى آخر، لها أهميتها التاريخية والأثرية والحضارية والاجتماعية والاقتصادية .

وكانت شواهد القبور الإسلامية تتبع في نقشها إحدى طريقتين هما:طريقة الحفر الغائر، وطريقة الحفر البارز، وهذه تتطلب من الصانع أو النقاش أو الفنان تصميماً كتابياً مسبقاً، وعناية خاصة في التنفيذ.وكانت بلاطة الشاهد تخطط أولاً بخطوط أفقية على مسافات متساوية، ثم يكتب فوقها النص بالمداد بالقلم الجيد، ثم يحفر ما حولها بآلات دقيقة، ثم تسوى متون الحروف، حتى تبدو ملساء .

          وبالنسبة للشكل العام لشاهد القبر الإسلامي فقد كان للشكل المستطيل الغلبة والانتشار، وكان هو الشكل المفضل في عمل الشواهد، ثم ظهر إلى جانبه الشكل الاسطواني، والذي هو عبارة عن عمود من الحجر أو الرخام، وقد تنوعت أشكاله وطرق زخرفته، وأيضاً ظهرت شواهد على شكل المحراب، بحيث تتدلى من منتصف عقده مشكاة زخرفية، وأيضاً ظهر شكل آخر عبارة عن مستطيل تبرز منه ثلاث زوائد علوية، واحدة في المنتصف مستطيلة الشكل، ذات حافة علوية مستقيمة أو هرمية، تتدلى من منتصفها مشكاة، واثنتان على جانبيها في الركنين العلويين للشاهد، على شكل المسدس أو المثمن، وفوق كل منهما شكل يشبه القبة، بالإضافة إلى أشكال أخرى عديدة .