( تأويل أفلاطون للفلاسفة اليونان الأوائل) ([1]).

لقد احتفظ الكُتَّابُ القدماءُ، في أوقاتٍ لاحقة، بشذرات المفكرين السابقين على سقراط من أفلاطون، في القرن الرابع قبل الميلاد، وحتى سيبمليكيوس (Simplicius)، في القرن السادس بعد الميلاد (من البيوجرافيين (biographers = رواة سِيَر الفلاسفة) أو الدوكسجرافيين (doxographers = رواة الآراء الفلسفية)، بل وفي أحوال نادرة، إلى أواخر الكتاب البيزنطيين مثل جون تزيتزيس (John Tzetzes). والمصدر الذي يتم فيه الاقتباس قد لا يُعَد، بطبيعة الحال، دليلاً موثوقًا أو دقيقاً من الناحية التاريخية ([2]). فباستثناء أعمال أفلاطون وأرسطو، لم تكن هناك كتاباتٌ فلسفيةٌ قديمةٌ معتبرة، قد تم الحفاظُ عليها، لا كعملٍ كامل، أو حتى جزءٍ كبيرٍ متصلٍ من عمل، من قِبَل أيٍ من الفلاسفة العديدين الذين سبقوهما أو كانوا معاصرين لهما. وهكذا من خلال بقاء حوارات أفلاطون وأطروحات أرسطو أصبحت لدينا أقدم الروايات، وأكثرها موثوقيةً، وفي كثير من الحالات، صارت مصادرنَا الرئيسةَ بشأن أوائل الفلاسفة اليونان([3]).

على ذلك جاز لهانز جورج جادامير أن يرى أن أيَ بدايةٍ لتاريخ الفلسفة يجب أن تبدأ بأفلاطون وأرسطو، فذلك هو المدخل الفلسفي الوحيد لتأويل الفلسفة قبل سقراط ([4]). وذلك لأن النصوصَ الحقيقيةَ الأولى لبحث فلسفات السابقين، هي كتاباتُ أفلاطون وأرسطو معًا، وانطلاقًا من سياق هذه النصوص الكاملة لأفلاطون وأرسطو فقط، يمكننا أن نفهم حتى الشذرات التي جمعها هيرمان ديلز Hermann Diels))، للفلاسفة السابقين على سقراط ([5]).

 

([1])  راجع: د. شرف الدين عبد الحميد: " ثيولوجيا التأريخ :تأويل أفلاطون لبعض الفلاسفة السابقين على السوفسطائيين"، بحث ألقى في المؤتمر السنوي الدولي الثالث لقسم الفلسفة، جامعة الإسكندرية، كيف نقرأ الفلسفة ؟ (في الإبداع ونقد النقد)، الفترة من 7-8 نوفمبر 2017.

([2]) G.S.Kirk & J.E.Raven, The Pre-Socratic Philosophers, Cambridge At The University Press, New York, 1957, p.1.

([3]) Richard McKeon, Plato and Aristotle as Historians: A Study of Method in the History of Ideas ,Ethics, Vol. 51, No. 1, The University of Chicago Press, Chicago, (Oct., 1940), pp. 66-101,p.66.

([4])  هانز جورج غادايمر: بداية الفلسفة، ص 7.

([5])  هانز جورج غادايمر: المرجع نفسه، ص ص 41-42.