على الرغم من أن الدولة تولى مشكلة الغذاء اهتماماً بالغاً من حيث العمل على زيادة الكميات المنتجة من الغذاء كماً وكيفاً من خلال برامج السياسات التوسعية ( الأفقية و/أو الرأسية ) ، إلا أنه نظراً للزيادة السكانية ومن ثم زيادة المعدلات الاستهلاكية من السلع الغذائية من ناحية ، وتغير النمط الاستهلاكى لدى الغالبية العظمى من أفراد المجتمع فضلاً عن زيادة معدلات الفاقد من بعض السلع الغذائية من ناحية أخرى ، فإن الناتج المحلى من الغذاء لا يكاد يكفى لمواجهة تلك الزيادة مما يضطر البلاد لسد العجز بين الإنتاج والاستهلاك عن طريق الاستيراد من الخارج مما يكلف الدولة أعباءً مالية ضخمة .
وعلى الرغم مما تعانيه القرى المصرية بصفة عامة وقرى صعيد مصر بصفة خاصة من الفقر وقلة الموارد الاقتصادية ، إلا أنه ونظراً لما يتصف به سكان القرى من عادات وتقاليد موروثة مثل " الشهامة والكرم والاعتزاز بالنفس " وكذلك زيادة معدلات أفراد الأسرة نتيجة الزواج المبكر وعدم اتباع وسائل تنظيم الأسرة ، فإن كل هذه العوامل منفردة و/أو متجمعة تؤدى إلى زيادة معدلات الإنفاق على السلع الغذائية بقدر يفوق بكثير المعدلات الضرورية ، كما أن عدم الاستقرار فى أسعار السلع الغذائية وارتفاعها المتتالى يساعد فى زيادة نسبة الفاقد خاصة فى السلع سريعة التلف مثل الخضر والفاكهة بطريقة ملحوظة نظراً لعدم توافر وسائل الحفظ لهذه السلع (الثلاجات) لدى الغالبية العظمى من أبناء القرى .
لذلك يهدف البحث إلى دراسة الأنماط المختلفة لاستهلاك الغذاء فى بعض قرى مركز المراغة ، محافظة سوهاج ، مع تقدير حجم الإنفاق على الغذاء والتعرف على أهم العوامل الاقتصادية والاجتماعية التى تؤثر عليه بطريق مباشر و/أو غير مباشر.
ولقد تبين من خلال الدراسة أن هناك فجوة بين الإنتاج المحلى والاستهلاك المحلى لمعظم السلع ما عدا الفواكه ، ولقد تراوحت نسبة الفجوة بين حدين أعلاهما بلغ حوالى 45.26 % من القمح ، وأدناهما بلغ حوالى 13.90 % من اللحوم والدواجن ، وذلك خلال متوسط الفترة (1994/2001 ) . كما تبين أن هناك زيادة سنوية لمتوسط نصيب الفرد من كل من الأرز ، والخضر ، والأسماك ، والسكر ، تقدر بحوالى 1.66 كيلوجرام ، 0.40 كيلوجرام ، 0,45 كيلوجرام ، 0.44 كيلوجرام على الترتيب خلال الفترة موضع الدراسة . بينما كان هناك انخفاضاً فى ذلك المتوسط لكل من القمح ، واللحوم ، والدواجن ، يقدر بحوالى 2.54 كيلوجرام ، 0.26 كيلوجرام ، و 0,24 كيلوجرام على الترتيب خلال الفترة 85/1986-2001.
وعند دراسة أثر العوامل الاقتصادية والاجتماعية المؤثرة على حجم الإنفاق على الغذاء ، تبين أن كلا من حجم الحيازة المزرعية س1 ، وعدد أفراد الأسرة س3 ، وجملة الدخل الشهرى س4 ، وجملة الدخل غير الزراعى س6 ، تعتبر أكثر العوامل تأثيراً على قيمة إنفاق الأسر على الغذاء بعينة البحث . كما تبين أن هناك فروقاً معنوية بين متوسطات حجم الإنفاق على السلع الغذائية بين أفراد العينة البحثية وفقاً لمهنة رب الأسرة .
وفى النهاية فإن الدراسة توصى بالآتى :
1- الاهتمام بسياستى التوسع الأفقى والرأسى فى قطاع الزراعة من أجل زيادة الإنتاج وسد العجز القائم بين الإنتاج المحلى والاستهلاك المحلى من السلع الغذائية الزراعية .
1-زيادة المقررات التموينية للفئات محدودة الدخل خاصة بالقرى المصرية .
2-توفير السلع الغذائية عالية القيمة الغذائية مثل اللحوم والدواجن والأسماك بالمجمعات الاستهلاكية الحكومية مع إحكام الرقابة عليها وتحدد نسبة كبيرة منها للطبقات الفقيرة بالمجتمع.
3-استمرار دعم رغيف الخبز حيث يمثل السلعة الضرورية لأبناء الريف المصرى مع تحسين مواصفاته وإحكام الرقابة على المخابز من أجل إنتاج رغيف جيد لتقليل الفاقد من استهلاك الخبز .
4-الاهتمام بأطفال المدارس فى القرى مع تقديم وجبات غذائية لتعويض النقص فى استهلاك السلع مرتفعة القيمة الغذائية .
5- استمرار الوعى والإرشاد بعدم الإسراف والتبذير فى شراء وتخزين واستهلاك السلع الغذائية عن الحاجة الضرورية لمنع رفع الأسعار وتقليل الفاقد منها .
.jpg)
