تعتبر الإستثمارات الزراعية المحرك الرئيسي والدافع للتنمية الزراعية المستدامة من أجل تحقيق اعلى قدر ممكن من الانتاج ، ومواجهة معدلات الاستهلاك المتزايدة نتيجة لزيادة عدد السكان ، ورفع مستوى الدخل الزراعي على المستوى القومي والخاص وبالتالي رفع مستوى المعيشة وتحقيق تنمية إقتصادية حقيقية . حيث تعتبر الإستثمارات الزراعية احدى الأدوات الرئيسية لخطة التنمية الزراعية وذلك عن طريق الكفاءة العالية في إستغلال الموارد المتاحة  لمواجهة متطلبات الاستهلاك وتنمية القدرة الانتاجية ، زيادة قوة العمل الزراعي وإستيعاب عمالة جديدة مما يعمل على زيادة فرص العمل وإنخفاض مستوى البطالة ، وبالتالي زيادة معدلات النمو في الدخل وتحقيق الرفاهية الإقتصادية . لكن يتوقف نجاح سياسات التنمية الزراعية على عدة عوامل من بينها حجم الإستثمارات الزراعية ونسبتها من الإستثمارات الكلية وكفاءة توزيعها فى المجالات المختلفة . حيث تنحصر مشكلة الدراسة بصفة اساسية في نقص الإستثمارات الزراعية في مصر ، وتأثير ذلك على الدخل الزراعي والقومي والناتج والعمالة والهيكل الاقتصادي برمته ، وكذلك ضعف التمويل المحلي للإستثمارات الزراعية بما يتماشى مع التنمية التي يجب أن يساهم بها قطاع الزراعة في الدخل القومي في مصر . بالإضافة إلى تدني نسبة ما يحصل عليه قطاع الزراعة من الإستثمارات الاجنبية الوافدة إلى مصر من الخارج مقارنة بالقطاعات الإقتصادية الاخرى ، وعزوف المستثمر عن الإستثمار في القطاع الزراعي.

      وعليه فقد إستهدفت الدراسة إلقاء الضوء على الإستثمارات الزراعية واثارها ومعوقتها على التنمية في مصر وذلك من خلال التعرف على تطور الناتج المحلي الإجمالي والزراعي ، والإستثمارات الكلية والزراعية بشقيها العام والخاص ، والقروض الإستثمارية الممنوحة من بنك التنمية والائتمان الزراعي ، ودراسة بعض المؤشرات الإقتصادية لقياس كفاءة الإستثمارات الزراعية في مصر ، ودراسة الكفاءة التوزيعية للاستثمارات القومية على القطاعات الإقتصادية المختلفة وكذلك الإستثمارات الزراعية على أنشطة قطاع الزراعة فى مصر ، والتعرف على دور هيئة الإستثمار والمناطق الحرة فى زيادة الفرص الإستثمارية فى مصر ، والوقوف على أهم العوامل المحددة للاستثمارات القومية والزراعية والأجنبية المباشرة والأجنبية الزراعية فى مصر وذلك خلال الفترة من (95/1996 – 12/2013 ).

      أعتمدت المصادر الرئيسية لهذه الدراسة على البيانات والسجلات والتقارير المنشورة وغير المنشورة التي تصدرها كل من وزارة الإستثمار، وزارة التنمية الإقتصادية ، ووزارة الزراعة ، الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ، الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ، تقارير البنك الأهلي ، تقارير المتابعة السنوية للخطط الإقتصادية . كما إعتمدت الدراسة على البيانات المنشورة بالمواقع الالكترونية لوزارة التخطيط ، والجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء ، والبنك المركزي المصري ، والبنك الاهلي المصري ، وكذلك البيانات الصادرة عن الإدارة المركزية للإقتصاد الزراعي بوزارة الزراعة وذلك خلال الفترة ( 95/1996 – 12/2013 ) ، وكذلك الرسائل العلمية والابحاث والمراجع ذات الارتباط الوثيق بموضوع الدراسة. 

     إعتمدت الدراسة في تحليلها للبيانات على اسلوب التحليل الوصفي والكمي وكان من أهم الأدوات المستخدمة في هذا الشأن العرض الجدولي والمقارنات النسبية والمتوسطات الحسابية وتقدير معادلات الاتجاه الزمني العام ، قياس كفاءة الإستثمار وكذا مؤشرات السياسة الإستثمارية من خلال بعض المؤشرات الإقتصادية المتمثلة فى كل من معدل الإستثمار، العائد على الإستثمار، مضاعف الإستثمار، معدل التكثيف الرأسمالي ، معامل التوطن الزراعي . وبعض الأساليب الإحصائية مثل أسلوب تحليل الانحدار فى صورتيه الكاملة والمتدرجة وذلك لقياس التغيرات الحادثة فى المتغيرات موضع الدراسة .

      وقد قسمت الدراسة إلي خمسة أبواب رئيسية بالإضافة إلى المقدمة وخاتمتها والتوصيات وموجزاً باللغة العربية والإنجليزية وقائمة بالمراجع العربية والإنجليزية ، قسم الباب الأول لفصلين الفصل الأول الإطار النظري لإلقاء الضوء على بعض المفاهيم الإقتصادية  والمرتبطة بموضوع الدراسة ، والفصل الثاني الاستعراض المرجعى لإستعراض لأهم الدراسات والبحوث الإقتصادية ذات الصلة بموضوع الدراسة . حيث إنقسم هذا الفصل إلى ثلاثة أقسام رئيسية ، تناول القسم الأول منها الدراسات والبحوث المتعلقة بالإستثمارات القومية حيث اوصت هذه الدراسات بزيادة حجم الإستثمارات مع مراعاة التوازن فى توزيع الإستثمارات بين القطاعات الإقتصادية ، والعمل على التطور المستمر للمناخ الإستثماري لجذب الإستثمارات الأجنبية والعربية وذلك للاحتياج لمشاركة الإستثمار الأجنبي الإجمالي والزراعي فى مصر، والعمل على وجود توازن فى التوزيع الجغرافي بمحافظات الجمهورية لأجمالي عدد الشركات وأجمالي رؤوس أموالها ، أما القسم الثاني فقد إختص بالدراسات والبحوث المتعلقة بالإستثمار الزراعي والتي أوصت بضرورة التوسع في منح القروض المتوسطة وطويلة الاجل لأهميتها في برامج التنمية ، وزيادة استثمارات القطاع الزراعى بإتباع سياسة نقدية توسعية لتشجيع الإستثمار فى المشروعات الزراعية من خلال تخفيض سعر الفائدة ، ووجوب سن التشريعات الضريبية الملائمة والمحفزة لتنشيط الإستثمار وتهيئة المناخ الإستثمارى لدعمه ، واهتم القسم الثالث بالدراسات والبحوث المتعلقة بالإستثمار الأجنبي المباشر الإجمالى والزراعي والتي أوضحت ضرورة مشاركة رأس المال المحلى العام والخاص مع رؤوس الأموال العربية والأجنبية فى مشروعات التنمية الزراعية. وقد تم وضع ملخص لأهم النتائج والتوصيات التي تم التوصول إليها بكل قسم من الاقسام الثلاثة لهذاالفصل.

     أما الباب الثاني فقد تناول تطور بعض مؤشرات أداء الاقتصاد المصرى وذلك خلال الفترة (95/1996- 2012/2013 ) وهي تطور قيمة إجمالي الدخل القومى ، وإجمالي الدخل الزراعي ، وصافي الدخل الزراعي ، وتطور قيمة مكونات الدخل الزراعى ( نباتي ، حيواني ، سمكي ) ، ونصيب الفرد من كل من الدخل الزراعي القومي وصافي الدخل القومي ، و قيمة الإستهلاك النهائي والإستهلاك الزراعي ، و قيمة الإدخار المحلى والإدخار الزراعى  حيث تبين عدم ثبوت المعنوية الإحصائية للنماذج المقدره لها . ومن خلال تطور قيمة  الناتج المحلى الإجمالى وقيمة الناتج المحلى الزراعى تبين ان حوالي 87% , 82% ، 90% من التغيرات الحادثة فى قيمة  الناتج المحلى الإجمالى والقطاع العام والخاص على الترتيب ترجع إلى عنصر الزمن ، وأن حوالي 84% ، 84% ، 68%  من التغيرات الحادثة فى قيمة الناتج المحلى الزراعى الإجمالى وبالقطاع العام والخاص على الترتيب ترجع إلى عنصر الزمن . كما تناول هذا الباب أيضاً تطور قيمة الواردات القومية والزراعية حيث تبين أن حوالي 87% ، 81% من التغيرات الحادثة فى قيمها ترجع إلى عنصر الزمن على الترتيب .

      أما الباب الثالث فقد تناول الوضع الراهن للإستثمار فى مصر وذلك خلال الفترة (95/1996- 2012/2013 ) . حيث أظهر تطور قيمة الإستثمار القومى والزراعى فقد تبين أن حوالي 25% ، 76% ، 84% من التغيرات الحادثة فى قيمة الإستثمار القومى الإجمالى وبالقطاع العام والخاص ترجع إلى عنصر الزمن ، أما بالنسبة للإستثمارات الزراعية  بالقطاعين العام والخاص تبين عدم ثبوت المعنوية الإحصائية للنماذج المقدره لها. كما تم التعرف على القروض الإستثمارية الممنوحة من بنك التنمية والإئتمان الزراعي لتمويل الإستثمارات الزراعية وفقاً لأجالها حيث تبين أن حوالي 49% ، 43% من التغيرات الحادثة فى قيم القروض قصيرة وطويلة الأجل ترجع إلى عنصر الزمن بينما تبين عدم ثبوت المعنوية الإحصائية للقروض متوسطة الأجل ، وكذلك تم إستعراض الوضع الراهن للإستثمار الأجنبي المباشر وأهميته النسبية الي الإستثمار القومي ونصيب الفرد منه ، والإستثمار الأجنبي في القطاع الزراعي وباقي القطاعات وأهميته النسبية ، فضلاً عن التعرف على بعض المؤشرات الإقتصادية لقياس كفاءة الإستثمارات الزراعية والتي نتج عنها بعض النتائج منها أن معدل الإستثمار كان أقل من الواحد الصحيح في كلا من القطاع الزراعي الإجمالي والقطاع الزراعي الخاص مما يدل على كفاءة الإستثمار في القطاع الزراعي الخاص وذلك لإنخفاض قيمة الإستثمار اللازم لإنتاج وحدة واحدة من الناتج الزراعي . في حين أن معدل الإستثمار في القطاع الزراعي العام كان أكبر من الواحد الصحيح وهذا يشير إلى عدم وجود كفاءة في إستثمارات القطاع الزراعي العام ، مما يبين مدى الإسراف الحكومي وإهدار الموارد الإستثمارية في هذا القطاع ، وأن العائد على الإستثمار لإجمالي الإستثمار الزراعي والإستثمار في القطاع الخاص كان اكبر من الواحد الصحيح مما يدل على وجود كفاءة في الإستثمارات الموجهة للقطاع الزراعي الخاص ، في حين كان العائد على الإستثمار في القطاع الزراعي العام أقل من الواحد الصحيح مما يدل على عدم وجود كفاءة في الإستثمار الموجه لهذا القطاع ، و أن مضاعف الإستثمار لإجمالي الإستثمارات الزراعية والإستثمارات المنفذة في القطاع الزراعي الخاص يتزايد عن مضاعف الإستثمار في القطاع الزراعي العام مما يشير إلى وجود كفاءة في إستثمارات القطاع الخاص مقارنة بنظيرة في القطاع العام ، وأن معامل التوطن في إستثمارات القطاع الزراعي الإجمالي والقطاع الخاص كان أقل من الواحد الصحيح مما يدل على وجود كفاءة في القطاع الزراعي الخاص ، بينما كان معامل التوطن أكبر من الواحد الصحيح للأستثمارات الموجهة للقطاع الزراعي العام مما يعني أن مساهمة إلقطاع الزراعي العام في الناتج المحلي الإجمالي الزراعي كانت أقل من مساهمة إستثمارات القطاع الزراعي الخاص في الناتج المحلي الإجمالي الزراعي خلال فترة الدراسة .

      أما الباب الرابع فقد تناول المناخ الإستثماري في مصر وذلك خلال الفترة (95/1996- 2012/2013 ) . حيث تناول هذا الباب التعرف على التوزيع القطاعي للشركات الجديدة التي تم تأسيسها والتوسعات في الشركات القائمة بإجمالي القطاعات والقطاع الزراعي حيث تبين أن حوالي 56% من التغيرات في عدد الشركات بإجمالي القطاعات ترجع إلى عنصر الزمن ، وكذلك تبين أن حوالي 67% من التغيرات في عدد الشركات بإجمالي القطاعات في التوسعات ترجع إلى عنصر الزمن ، وأن  حوالي 64% من التغيرات في عدد الشركات بإجمالي القطاعات لإجمالي التأسيسات والتوسعات ترجع إلى عنصر الزمن  ، والتوزيع القطاعي للشركات التي تم تأسيسها طبقا لقوانين الإستثمار المختلفة خلال الفترة من ( 1/1/1970 حتي 30/6/2013 ) ففي شركات الإستثمار الداخلي تبين أن قطاع الزراعة كان ترتيبة فى المركز الثالث بنحو 5962 شركة وبنسبة 12.4% من إجمالى عدد الشركات . أما بالنسبة لشركات المناطق الحرة جاء قطاع الزراعة فى الترتيب الخامس بنحو 4 شركة وبنسبة 0.2% وفي شركات قانون 159 أخذ قطاع الزراعة المركز الاخير ، والتوزيع القطاعي لرؤوس الاموال المصدرة للشركات الجديدة التي تم تأسيسها والتىوسعات في الشركات القائمة بإجمالي القطاعات والقطاع الزراعي ، وتطور مساهمات المصريين والأجانب فى رؤوس الأموال المصدرة  حيث  تبين أن حوالي 43% من التغيرات في مساهمات المصريين في رؤوس الاموال المصدرة بإجمالي الـــتــــوســــعــــات ترجع إلى عنصر الزمن وأن حوالي 38% من التغيرات في مساهمات المصريين في رؤوس الاموال المصدرة بالإجمالي العام ترجع إلى عنصر الزمن  ، كما تم عرض التوزيع الجغرافى للشركات الجديدة التي تم تأسيسها وتقديرات فرص العمل بها ورؤوس الأموال المصدرة حيث إتضح من النتائج عدم وجود توازن فى التوزيع الجغرافى الاجمالى لعدد الشركات الجديدة التي تم تأسيسها وتقديرات فرص العمل بها ورؤوس الأموال المصدرة ، كما تبين من تطور كل من إجمالي الودائع وودائع القطاع الزراعي بالعملة المحلية والأجنبية تبين أن حوالي 97% ، و48% من التغيرات في إجمالي الودائع وودائع القطاع الزراعي بالعملة المحلية ترجع إلى عنصر الزمن ، وأن والي 87% ، و76% من التغيرات في إجمالي الودائع وودائع القطاع الزراعي بالعملة الأجنبية ترجع إلى عنصر الزمن ، كما تم إستعراض إجمالي الأرصدة وأرصدة القطاع ا لزراعي بالعملة المحلية والأجنبية تبين أن حوالي 87% ، و46% من التغيرات في إجمالي الأرصدة وأرصدة القطاع الزراعي بالعملة المحلية ترجع إلى عنصر الزمن ، وأن حوالي 92% ، و74% من التغيرات في إجمالي الأرصدة وأرصدة القطاع الزراعي بالعملة الأجنبية ترجع إلى عنصر الزمن ، أما عن إجمالي الإقراض وإقراض القطاع الزراعي من بنوك القطاع العام بالعملة المحلية والأجنبية . تبين عدم ثبوت المعنوية الإحصائية للنموذج المقدر لإجمالي الإقراض وأن إقراض القطاع الزراعي بالعملة المحلية تبين أن حوالي 74% من التغيرات الحادثة فيه ترجع إلى عنصر الزمن ، وأن حوالي 64% من التغيرات في إجمالي الإقراض بالعملة الأجنبية ترجع إلى عنصر الزمن مع عدم وجود إقراض للقطاع الزراعي بالعملة الأجنبية من بنوك القطاع العام خلال الفترة (2000 - 2013) ، إجمالي الإقراض وإقراض القطاع الزراعي من بنوك القطاع الخاص بالعملة المحلية والأجنبية . تبين أن حوالي 96% من التغيرات في إجمالي الإقراض ترجع إلى عنصر الزمن . أما بالنسبة لإقراض القطاع الزراعي من بنوك القطاع الخاص بالعملة المحلية تبين عدم ثبوت المعنوية الإحصائية للنموذج المقدر، وأن حوالي 96% ، 62% من التغيرات في إجمالي الإقراض و إقراض للقطاع الزراعي بالعملة الأجنبية من بنوك القطاع الخاص خلال الفترة (2000 - 2013) .