يرى علماء الإسلام أن الدعوة إلى السخاء والكرم والبر والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، هى من صميم مبادئ الإسلام المقررة، ومن أهم ما يقوم عليه بناء المجتمع الإسلامى، ولهذا كانت إجابة الدعوى إلى الإنفاق، والبذل والعطاء ضرورية وهامة، بحيث لا يصح التهاون فيها، ولا التباطؤ أو التسويف فى مجالها، وكانت نظرة الإسلام إلى الذين يدعون إلى الإنفاق فى سبيل الله فيواجهون الدعوة بالبخل، كانت النظرة إلى هؤلاء مشددة، فإن بخلوا فإن نتيجة البخل أليمة، وأن أعرضوا عن دعوة نبيهم، فإن عاقبة الأعراض وخيمة، حيث يستبدل الله قوما غيرهم، قال الله تعالى: (هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) (محمد:38) وهناك دعوة الإسلام إلى البذل والإنفاق وضرورة أن تتسم بالمسارعة والأداء فى حالة الصحة لأن الإنفاق فى هذه الحالة دليل على صدق نية صاحبة، وعلى إخلاصه، وهذا بخلاف حال من أشرف على الموت، فإن صدقته تكون ناقصة بالنسبة لحالة، وهو صحيح البدن، قال تعالى: (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)(المنافقون10، 11). إن الإنسان فى حال صحته وتمام قوته، يكون من الصعب عليه أن يخرج ماله، لأن الشيطان حينئذ يزين له الحياة، وإمكان طول العمر، وأنه قد يحتاج إلى هذا المال، وتنشأ دوافع السوء والتكالب على الحياة والبخل بالمال، ومن مخافة الفقر، ومن الأمل الطويل فى الحياة، قال الله تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة:268). وكذلك من سمات دعوة الإسلام إلى السخاء والبذل، توضيح حقيقة الأمر، وبيان أن المال مال الله، وإننا مستخلفون فيه، وأن ما نقوم به من إنفاق فى وجوه البر والخير، وفى صنائع المعروف، هو الباقى، بل هو الذى يصح تسميته بأنه مالنا، لأننا ادخرناه ليوم الحاجة الكبرى، وأما ما جمعناه أو اكتنزناه فهو مال الورثة وليس مالنا، كما جاء فى قول الرسول : "أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله" قالوا : يا رسول الله ما منا أحد إلا ماله أحب إليه، قال: فإن ماله ما قدم، ومال وارثه ما أخر" رواه البخارى. ومصداق هذا قول الله تعالى (مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ) (النحل: من الآية96).

ومن هنا جاء هذا البحث لإبراز

أهمية تنشيط أدوار الوقف

لتدعيم وتمويل أنشطة التعليم قبل الجامعي