وفي هذا الكتاب سوف نقوم بدراسة كائنات شعبة من شعب المملكة الحيوانية والتي تعتبر من أكبر شعب المملكة الحيوانية وأكثرها تقدما ورقيا ونجاحا. وهذه الشعبة يطلق عليها الآن اسم شعبة الحبليات أو المحبولات. وطبقا لأحدث النظريات يظن أن المحبولات قد نشأت من شوكيه الجلد لما لها من صفات تشترك فيها مع شوكيه الجلد كالتماثل الجانبي وأنها حيوانات ثلاثية الطبقات وذات جسم معقل وقناة هضمية حسنة التكوين وجوف حقيقي ورغم ذلك فان المحبولات تتميز بصفات تجعلها تنفرد عن شعب المملكة الحيوانية الأخرى.

 

أما ما يجعل شعبة المحبولات من أنجح شعب المملكة الحيوانية فهو غزوها لكل أنواع البيئات المائية منها والأرضية كما أنها تعيش تحت أقسى الظروف البيئية. ومما يدل على نجاحها أيضاً هو تنوع مصادر الغذاء فمنها ما هو عشبي ومنها آكلات الحبوب ومنها ما يتغذى على الجيف أي رمي التغذية وفيها آكلات اللحوم. كذلك تتعدد وسائل الحركة في كائنات هذه الشعبة تبعا للبيئة التي تعيش فيها. فالكائنات التي تعيش في البيئة المائية تتحرك بواسطة الزعانف التي إما أن تكون فردية فقط أو فردية وزوجية معا أما الكائنات ذات البيئة الأرضية منها فإما أن تكون وسائل الحركة فيها أرجل أو تتحول الأطراف الأمامية منها لتكون أجنحة للطيران وأما أن تكون الأطراف الأمامية والخلفية فيها موجودة ولا تقدر على حمل الجسم بعيدا عن سطح الأرض وعلى ذلك تزحف تلك الحيوانات على بطونها. وقد تنتهي الأطراف فيها بأصابع أو مخالب أو حوافر. وقد تتحول الأطراف لتناسب عملية القفز في بعضها أو تتحول الأطراف الأمامية لتناسب عملية التسلق أو العوم في بعضها الآخر.

 

وسوف نتناول أثناء دراستنا لشعبة المحبولات دراسة الصفات العامة للشعيبات الأربع المكونة لتلك الشعبة وكائن حيواني يمثل كل شعيبة من ناحية صفاته الخارجية و تركيب أجهزته المختلفة. وسوف تتناول أيضاً بعد ذلك بالتفصيل الطوائف الخمس الممثلة لشعبة الفقاريات ودراسة مثال لكل طائفة يتضمن دراسة شكله الخارجي وبنيانه الداخلي والهدف من هذه الدراسة هو المساهمة في معرفة تركيب جسم الحيوان الفقاري وبيئته وسجله وتاريخه ومدى تفاعله مع البيئة الذي يعيش فيها وعلاقته بالكائنات الأخرى المتواجدة معه في نفس البيئة وحتى تكون تلك الدراسة قاعدة للانطلاق إلى دراسة بقية أفرع علم الحيوان الأخرى كدراسة صفات الكائن الحيواني الوراثية ووظائف أعضاؤه المختلفة وطرق تكاثره وسلوكه.