ملخص

الأطفال محل نظر الجميع،وكل ما يقدم لهم يوضع تحت ميكروسكوب دقيق، فما يقدم فى الصغر هو الذى يساهم فى بناء الشخصية وتحديد سماتها ، وتلك الشخصية هى التى تساهم فى بناء المجتمع والحضارات المختلفة؛ بما تحويه من اتجاهات وعقائد تُبث للأطفال فى صغرهم .

 ويقول المثل المأثور " التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر" لذا كان يجب أن يحتل أدب الأطفال مكانة أكبر مما هو عليه الأن، ولكن أغلب الشعوب لم تلتفت لهذا الأمر إلا مؤخراً.

 وقد شغلنى أمر الإنتاج الأدبى الذى يقدم للطفل منذ فترة طويلة، وزاد من هذا الاهتمام حصولى على ثمانى مجموعات قصصية للكاتب الإيرانى "مهدى آذر يزدى" بعنوان " قصه هاى خوب براى بچه هاى خوب"،(قصص حلوة للأطفال الحلوين).

 ولكن ما جذب انتباهى بالفعل من المجموعات الثمانية، المجموعة الثامنة بعنوان"قصه هاى چهارده معصوم"(قصص الأربعة عشر المعصومين)،وعلى الرغم من أنها أكبر مجموعة من ناحية الكم، وصعوبة المضمون على الأطفال، إلا أننى قررتُ دراستها من حيث المضمون.

فهناك العديد من التساؤلات التى طرحتها تلك المجموعة فى ذهنى منها:

- هل يمكن للطفل الاستفادة من المضمون الدينى والمذهبى بشكل صحيح؟.

- فى أى مرحلة عمرية يمكن تقديم هذا النوع من المضامين للطفل، وفى أى شكل فنى؟.

- هل نجح الكاتب فى اختيار المرحلة العمرية التى قدم لها مجموعته القصصية؟.

ومما زاد من حيرتى فى بداية الأمر أننى كنت أتوقع أن الكاتب سوف يختار مرحلة عمرية واحدة ليقدم لها المجموعة القصصية ، والمرحلة التى تتناسب مع هذا الموضوع هى المرحلة الأخيرة من الطفولة (مرحلة المثالية والرومانسية)،حتى يستطيع الطفل أن يدرك ويستوعب كل ما يقدم له تحت هذا المضمون.ولكن الكاتب حدد مجموعتين وليست واحدة، على الرغم من أن كل مجموعة لها سماتها الخاصة ومتطلباتها الخاصة أيضاً.

وللإجابة على كل الأسئلة المطروحة، كان لابد من دراسة تلك المجموعة من ناحية المضمون.ووجدت أن المنهج المناسب لدراستها هو المنهج النقدى التحليلى.

ولكثرة قصص تلك المجموعة ، وعلى الرغم من أنى قمت بترجمتها كاملة، فقد وجدت أنه من الأفضل أن أعرض بعض النماذج فقط على كل مضمون، خاصة وأنه كان هناك عدة قصص كنموذج على مضمون واحد.

ولأجراء هذه الدراسة قسمتها إلى تمهيد ومبحثين رئيسيين:

التمهيد: أدب الأطفال. الأدب الإسلامى. المضمون. المبحث الأول: - التعريف بالكاتب. المضمون الدينى  - المبحث الثانى: المضمون المذهبى.

وأهم النتائج التى توصل إليها البحث ما يلى:

1- إن مهدى آذر يزدى على الرغم من أنه لم يتعلم فى المدارس ويحصل على شهادة دراسية ، إلا أنه استطاع أن يثقف نفسه ويجعل له مكاناً هاماً فى المجتمع الإيرانى ، بل ويؤثر فى الأدب بشكل عام وفى أدب الأطفال بشكل خاص – ذلك المجال الذى أختاره لنفسه وفى رأينا أنه اختار المجال الأصعب فما يقدم للطفل أصعب بكثير مما يقدم لغيره- فقد حاز كما ذكرنا سابقاً على جائزة اليونسكو فى أدب الأطفال، وحصلت اثنان من مجموعاته على جائزة (أحسن كتاب لهذا العام).

2- أنه على الرغم من أن الكاتب حدد على غلاف المجموعة المراحل العمرية التى تقدم لها ،إلا أننا وبعد دراسة هذه المجموعة نستطيع أن نقول أنها تضم قصصاً تناسب أكثر من مرحلة غير التى حددها الكاتب،فهى تضم القصص الإرشادية لأطفال المراحل الأولى،من الممكن أن تقرأها الأمهات لأبنائهن ويستفاد منها فى تعليمهم بعض الفروض البسيطة كالوضوء وأيضاً بعض من أمور دينهم كالزكاة والتصدق ومساعدة الضعيف وغيره...

3- فى القصة الأولى من المجموعة وعند الحديث عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أضطر الكاتب أن يقدم للقصة بمقدمة طويلة بعض الشىء عن البيئة الصحراوية مراعاة منه إلى أن الأطفال المقدمة لهم القصص،لا يعرفون أى معلومات عن تلك البيئة.كما أن أسلوبه فى الكتابة تميز بتلك المقدمات فى المجموعة بأكملها.

4- نستطيع القول بأن المضمون كان هادفاً وجيداً فى تلك المجموعة فقد راعى الكاتب ، الشروط التى يجب توافرها فى المضمون الهادف.

5- جاءت أغلب العناوين للقصص مناسبة تماماً وتعبر عن المضمون داخل القصة، ولكن فى أحياناً أخرى وضع عنواناً لا يدل على المضمون وهو ما يسمى العنوان المضلل ، وفعل هذا تشويقاً للطفل حتى يقبل على القراءة، فمثلاً فى قصة بعنوان "گردنبند"(العقد) ، مضمون القصة عن التصدق لبيت المال، وزهد آل البيت فى أمور الدنيا .

6- استطاع الكاتب من خلال قصصه عن الأربعة عشر المعصومين، أن يوضح أعداء المذهب، ويبث كراهيتهم بشكل غير مباشر فى نفوس الأطفال.وعلى الرغم من أننى أعتبر هذا الجانب سلبى لدى الكاتب ولكن هذا ليس مجال للدراسة هنا ، ولذا أوضحت من خلال كثير من المواقف داخل القصص كيف أنتهز الكاتب الفرص ليعمق كراهية أعداء المذهب الشيعى كما يدعون هم فى نفوس الأطفال.

7- بناء على ما ذكرنا من تعريف أدب الأطفال الإسلامى أن نقول أن مهدى آذر يزدى وضع حجراً فى بناء أدب الأطفال المذهبى داخل إيران.

وفى النهاية أرجو أن يكون الله قد وفقنى فى إخراج هذا البحث بشكل جيد يتناسب وأهمية الموضوع والله الموفق.