مما لا شك فيه أن نجاح السياسات والبرامج الاقتصادية التي تهدف إليها السياسة الزراعية لأي دولة من الدول ترتبط ارتباطا وثيقاً ومقدرة القطاع الزراعي علي تحقيق فائض ومدخرات ملموسة من ناحية ، وتحقيق نوع من التوازن بين أفراد هذا القطاع الهام من ناحية أخري ، ولا سيما فيما يتعلق برفع كفاءة استخدام الموارد الاقتصادية المتاحة .

       ويعني مصطلح الكفاءة عند الاقتصاديين الحصول علي أعلى إنتاج ممكن بأقل عدد من وحدات الموارد أو الموارد المستخدمة في إنتاج هذا الناتج . فالكفاءة الإنتاجية تعني الحصول علي كميات أعلى من الناتج باستخدام نفس القدر من الموارد، أو الحصول علي نفس القدر من الناتج باستخدام أقل     قدر من  الموارد المستخدمة في الإنتاج . ومما لا شك فيه أن معيار الكفاءة الإنتاجية يشير إلي نجاح الوحدات الإنتاجية الاقتصادية من عدمه  في إمكانية استغلال الموارد الاقتصادية المتاحة الاستغلال الأمثل ، الأمر الذي ينعكس أثره في النهاية علي الرفاهية المستهدفة سواء كان علي مستوي المزرعة الفردية أو علي المستوي القومي .

        وتكمن المشكلة البحثية في أن طريقة قياس الكفاءة الإنتاجية عن طريق قياس قوة العلاقة بين الناتج وبين مورد واحد فقط طريقة غير كافية وغير دقيقة ،لأن هناك العديد من الأنتجة التي يشارك في إنتاجها مجموعة من الموارد المختلفة ، كما أن هذه المقاييس العادية لا يمكن استخدامها للمفاضلة بين الوحدات الإنتاجية أو المشروعات المختلفة والتي تتطلب معرفة أعلى و/أو أقل متوسط للكفاءة الإنتاجية الذي يصل إليه متوسط الإنتاج عند دراسة تطور الإنتاج ، وبالرغم من أن هذه الوحدات الإنتاجية هي التي تصنع القرارات الإنتاجية في استخدام الموارد الإنتاجية كماً وكيفاً، إلا أن الإنتاج في هذه الحالة ليس عملية ميكانيكية في تحويل المدخلات غير التقنية إلي مخرجات بالصورة المطلوبة ، ولكي يتم تحقيق الأهداف المرجوة لأصحاب هذه الوحدات الإنتاجية لا بد من استخدام هذه المدخلات بالأسلوب الذي يحقق الجدوى والكفاءة المرجوة ، حيث أن استغلال الموارد المتاحة بطريقة حديثة ومتطورة تحقق أعلى كفاءة إنتاجية ممكنة  لهذه الموارد وذلك في الأمدين القصير والطويل .

         وتهدف هذه الدراسة  في المقام الأول إلي تقدير دالات الإنتاج ، ومن ثم حساب نسبة الكفاءة الإنتاجية لاستخدام الموارد الزراعية الاقتصادية ( الأرض – كميات التقاوي – كميات الأسمدة الازوتية – كميات الأسمدة الفوسفاتية – العمل الآلي – العمل البشري) وتحديد الحد الأقصي من الإنتاج الذي تحققه هذه الموارد من ناحية ، ومقارنة هذه الكفاءة بين المزارع المختلفة وفقاً لاستخدامها لهذه الموارد من ناحية ثانية ، ومعرفة العوامل الاقتصادية وغير الاقتصادية ( المساحة المنزرعة من المحصول – حجم رأس المال المزرعي – حجم العمالة الزراعية العائلية ) والتي تؤثر علي الكفاءة الإنتاجية بين تلك المزارع من ناحية ثالثة ، وذلك لأهم المحاصيل الحقلية ( القمح– الذرة الرفيعة– الذرة الشامية) في بعض المزارع المختلفة بمركز طما الذي يمثل شمال غرب المحافظة ومركز دار السلام  الذي يمثل جنوب شرق محافظة سوهاج  .

    ولقد تم الاعتماد في تحليل النتائج وتفسيرها علي طريقة دالة الحدود الإنتاجية Stochastic Frontier Production Function والتي تعتبر من الطرق التي يمكن من خلالها قياس كفاءة استخدام الموارد الاقتصادية الزراعية ، وبالتالي إمكانية مقارنة كفاءة المشروعات الزراعية ( المزارع الإنتاجية ) في استخدامها للموارد الاقتصادية الزراعية . ولقد تم تطبيق هذا الأسلوب علي البيانات التي تم جمعها من خلال عينة عشوائية لبعض المزارع بمركزي طما ودار السلام محافظة سوهاج بلغ عدد مفرداتها 100 مزرعة ( 50 مزرعة بكل مركز )، وذلك عن طريق الاستبيان الشخصي لأصحاب هذه المزارع عن العام الزراعي 2010-2011 ، كما تم الاستعانة ببعض الدراسات والمراجع العلمية التي لها علاقة وموضوع الدراسة .

  ولقد توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج الهامة التي يمكن إبرازها في النقاط التالية :

  • تشير النتائج التي أمكن التوصل إليها من خلال دالة الحدود الإنتاجية إلى أن زيادة بعض العناصر الإنتاجية المستخدمة في زراعة المحاصيل الحقلية موضع الدراسة (القمح – الذرة الرفيعة – الذرة الشامية ) بكل من مركزي طما ودار السلام يترتب عليه زيادة في الناتج الكلي من هذه المحاصيل والبعض الآخر  يترتب عليه انخفاضاً في الناتج الكلي منها . كما تجدر الإشارة هنا إلي أن البعض منها كان تأثيره قوياً والبعض الآخر كان تأثيره ضعيفاً ،كما لوحظ أيضا أن هناك إسرافاً ملموساً في عدد ساعات العمل الآلي وكمية العمالة المستأجرة المستخدمة في زراعة محصول القمح بمركزي طما ودار السلام ، كما تبين أن هناك إسرافاً في حجم العمالة العائلية المستخدمة في زراعة محصول الذرة الرفيعة بالمركزين موضع الدراسة ، أما بالنسبة للذرة الشامية فكان هناك إسرافا في استخدام حجم العمالة المستأجرة بمركز دار السلام .
  • تشير نتائج تحليل نسبة الكفاءة الفنية باستخدام الموارد الاقتصادية المتاحة في إنتاج المحاصيل موضع الدراسة أنها لم تكن عي قدرً سواء بين المزارع المختلفة للمحاصيل موضع الدراسة ، كما تشير النتائج إلي أن الموارد في مجملها تم استغلالها استغلالا جيدا بمركز طما بصورة أفضل من استغلال تلك الموارد بمركز دار السلام .

  وعند دراسة متوسط نسبة الكفاءة الفنية لاستخدام الموارد الزراعية  المتاحة في زراعة محاصيل

 ( القمح – الذرة الرفيعة – الذرة الشامية ) بمركزي طما ودار السلام وفقاً لأهم العوامل الاقتصادية وغير الاقتصادية التي قد يكون لها الأثر المباشر أو غير المباشر علي كفاءة استخدام الموارد الزراعية المتاحة أمكن الحصول علي النتائج التالية :

  • عند دراسة متوسط نسبة الكفاءة الفنية باستخدام الموارد الزراعية المتاحة في زراعة المحاصيل سالفة الذكر وفقاً للمساحة المزروعة من المحصول تبين أن ذلك المتوسط بلغ أقصاه بمزارع الفئة الحيازية الثانية ( من 2-4 فدان) لمحاصيل القمح والذرة الرفيعة والذرة الشامية ، وأدناه بمزارع الفئة الحيازية الثالثة ( أكبر من 4 فدان ) بمحصولي القمح والذرة الشامية ، وبمزارع الفئة الحيازية الأولي ( أقل من 2 فدان ) بالنسبة لمحصول الذرة الرفيعة بمركز طما. أما فيما يتعلق بمتوسط نسبة الكفاءة الفنية لاستخدام الموارد الزراعية لزراعة المحاصيل موضع الدراسة بمركز دار السلام فلقد بلغ ذلك المتوسط أقصاه بمزارع الفئة الحيازية الثانية (2-4فدان) لمحصول القمح ، وبمزارع الفئة الحيازية الثالثة( أكبر من 4 فدان ) بمحصولي الذرة الرفيعة والذرة الشامية ، وأدناه بمزارع الفئة الحيازية الثالثة ( أكبر من 4 فدان) لمحصول القمح ، وبمزارع الفئة الحيازية الأولي (أقل من 2 فدان ) بمحصولي الذرة الرفيعة والذرة الشامية .  
  • عند دراسة متوسط نسبة الكفاءة الفنية باستخدام الموارد الزراعية المتاحة في زراعة المحاصيل سالفة الذكر وفقاً لرأس المال المملوك لدي أصحاب المزارع موضع البحث تبين أن ذلك المتوسط بلغ أقصاه بمزارع أصحاب رؤؤس الأموال الكبيرة وأدناه بمزارع أصحاب رؤؤس الأموال الصغيرة لكل من المحاصيل ( القمح – الذرة الرفيعة – الذرة الشامية ) بمركزي طما ودار السلام علي حد سواء مما يعكس أهمية رأس المال في زيادة كفاءة استخدام الموارد الإنتاجية .

 ج - عند دراسة متوسط نسبة الكفاءة الفنية باستخدام الموارد الزراعية المتاحة في زراعة المحاصيل سالفة الذكر وفقاً لعدد أفراد المزرعة الذين يعملون بمهنة الزراعة ( العمالة العائلية ) تبين أن ذلك المتوسط بلغ أقصاه بالمزارع ذات العمالة الزراعية بالفئة الحيازية الثانية ( من 5-10 عامل ) وذلك بمركزي طما ودار السلام علي حد سواء كما بلغ ذلك المتوسط أدناه بالمزارع ذات العمالة الزراعية ( أكثر من 10عامل ) وذلك بالمحاصيل موضع الدراسة .

3- وعند حساب متوسط كميات الموارد الزراعية المستخدمة لزراعة المحاصيل وفقاً لمتوسط الكفاءة الفنية بالمزارع المقدرة بأقل من 70% ونظيرتها المقدرة بأكبر من ذلك تبين أن هناك زيادة في استخدام معظم الموارد الزراعية المستغلة في زراعة المحاصيل موضع الدراسة بالمزارع ذات الكفاءة العالية أكثر منها بمزارع ذات الكفاءة الفنية المنخفضة .

      وفي النهاية توصي الدراسة ببعض التوصيات والتي لعل من أهمها :

  • الاهتمام بالعمليات الزراعية المتعلقة بخدمة الأرض وإتباع الدورة الزراعية للحفاظ علي تهوية و خصوبة التربة وبالتالي رفع كفاءتها الإنتاجية.
  • إتباع التوصيات الفنية و الإرشادية المتعلقة بالحجم الأمثل الواجب استخدامه في عناصر الإنتاج المختلفة بهدف زيادة الإنتاج وتقليل التكاليف الإنتاجية .
  • الاعتماد علي العنصر البشري في إجراء بعض العمليات الإنتاجية ، فضلا عن المتابعة والإشراف المستمر علي هذه المزارع خاصة الحائزين غير المتفرغين للزراعة .