يعتبر القطاع الزراعي من أهم قطاعات الاقتصاد القومي المصري نظراً لأنه يقع على عاتقه توفير الاحتياجات الغذائية والكسائية والتصنيعية للمجتمع بالإضافة إلى مساهمته في التنمية الاقتصادية عن طريق زيادة الناتج القومي من خلال تقليل الواردات وزيادة الصادرات المصرية. كما يعتمد عليه الكثير من القطاعات الصناعية، كما أنه يساهم في حل مشكلة البطالة حيث أنه يستوعب ما يقرب من ثلث العمالة على المستوى القومي، كما تساهم الصادرات الزراعية في تخفيض عجز الميزان التجاري الزراعى0

      وعلى الرغم من أهمية هذا القطاع إلا أنه يعانى من بطء في معدلات النمو به, وذلك نتيجة للسياسات الزراعية في مصر حيث انصب اهتمام الدولة في عمليات التنمية على قطاع التصنيع , و تحمل قطاع الزراعة عبء تمويل التنمية الصناعية وعمليات التنمية بالقطاعات الأخرى , ولتنفيذ تلك السياسة تدخلت الدولة في قطاع الزراعة في إنتاج وتسعير وتسويق الحاصلات الزراعية خاصة الاستراتيجية كحاصلات الغذاء والتي لعل من بينها حاصلات الزيوت والتي تعتبر من المحاصيل الاستراتيجية التي تتمتع بمكانة نسبية في البنيان الاقتصادي الزراعي القومي المصري حيث تساهم بقدر كبير في الاستهلاك المحلى وتدخل في التجارة الدولية , وكما أنها تعتبر مصدر للنقد الأجنبي. ويعتبر الطلب عليها طلباً مشتقاً من الطلب على إنتاج الزيوت النباتية الغذائية والتي تشكل نمطاً غذائيا سائداً وأساسياً للمستهلك المصري. حيث أنها من المصادر الهامة للطاقة ، حيث تحتوى على 9سعر حرارى /جرام مقارنة بالكربوهيدرات والبروتين كما تحتوى على الأحماض الدهنية الغير مشبعة وبعض الأحماض الدهنية الأساسية والضرورية للجسم مثل اللينوليك واللينولينك و كذلك تحتوى على فيتامينات ذائبة في الدهون.

          وتزرع المحاصيل الزيتية مثل(الفول السوداني وفول الصويا وعباد الشمس والسمسم )للعديد من الأغراض فهي محاصيل تصنيعية تقوم عليها العديد من الصناعات الغذائية كإنتاج زيت الطعام وتضاف للخبز وتستخدم في صناعة الحلويات والصناعات الطبية كإنتاج بعض المستحضرات العلاجية والتجميلية وصناعة الأعلاف الحيوانية من الكسب المتبقي بعد استخلاص الزيت.

      و تتمثل المشكلة البحثية في أنه على الرغم من الأهمية الغذائية والاقتصادية لمحاصيل الزيوت في مصر ، وعلى الرغم من أن مصر تحتل المرتبة الأولي في إنتاجية الفدان لبعض المحاصيل الزيتية علي مستوي العالم ومع ذلك فإن البلاد تعانى من نقص في معدلات الاكتفاء الذاتي ووجود فجوة بين كل من الإنتاج المحلى والكميات المستهلكة من هذه المحاصيل مما يستلزم اللجوء إلى اتباع سياسة الاستيراد من الخارج لسد هذه الفجوة ،مما يؤدى إلى عجز في الميزان التجاري الزراعي المصري .

         كما أنه لوحظ في الآونة الأخيرة تراجع الكميات المنتجة من المحاصيل الزيتية في مصر حيث زادت نسبة الفجوة منها بين حوالى96% إلى حوالى 97% عام  2014 ، واستمرت هذه الفجوة بالتزايد وذلك نتيجة للتزايد في معدلات النمو السكاني والتي تصل إلى 1.2% سنويًا،  وهذا أدى إلى ارتفاع نسبة ما تستورده الدولة من المحاصيل الزيتية إلى حوالى  95.8% من احتياجاتها .

        ولما كان المصدر الرئيسي للزيوت النباتية هي المحاصيل الزيتية فإن هذا التراجع في إنتاج المحاصيل الزيتية انعكس بالتالي على إنتاج الزيوت النباتية منها ، حيث بلغ الإنتاج المحلى منها حوالى 200 ألف طن سنويًّا، بينما الاستهلاك بلغ حوالى 1.6 مليون طن سنويًّا ، بمعنى أن هناك عجزاً  بين الإنتاج والاستهلاك  قدربحوالى1.4 مليون طن يتم استيرادها من الخارج ، أي أن مصر تستورد ما يقرب من حوالى 98% من احتياجاتها من الزيوت ، ويعتبر متوسط نصيب الفرد المصري من الزيوت والبالغ حوالى 20 كجم/ سنة أقل من نظيره عالمياً والذي يبلغ حوالى 32 كجم/سنة. ومن ثم فإنه يجب دراسة المحاصيل الزيتية للوقوف على بعض المؤشرات الهامة ( الإنتاجية و/أو الاستهلاكية ) التي قد تساعد في معرفة أهم المعوقات التي تحول دون زيادة الإنتاجية الفدانية كما وكيفا لتقليل العجز بين الكميات المنتجة والمستهلكة محليا من هذه المحاصيل

واستنادا إلى المشكلة البحثية سالفة الذكر، فإن الدراسة تهدف إلى التالي:تحليل الوضع الراهن ودراسة المؤشرات الإنتاجية والاقتصادية  لمحصول عباد الشمس .

ولقد اعتمدت الدراسة علي أسلوب التحليل الإحصائي الوصفي والكمي، حيث تم استخدام التمثيل الرياضي للعلاقات الاقتصادية من جهة عند تقدير أهم المؤشرات إنتاجية والاقتصادية للمحاصيل موضع الدراسة ، كما تم استخدام الطرق والأساليب الإحصائية مثل استخدام أسلوب تحليل الانحدار البسيط والمتعدد في صورتيه الخطية واللوغاريتمية ، وأسلوب تحليل التباين وطريقة أقل فرق معنوي (L,S,D) ، وكذلك تم استخدام  معامل الارتباط " سبيرمان " للرتب والدرجات0 

ومن خلال النتائج التي تم الحصول عليها من الدراسة تبين التالي:

         ومن خلال دراسة المؤشرات الإنتاجية بالنسبة لمحصول عباد الشمس ومن نتائج الاتجاه الزمني العام ، فقد تبين وجود زيادة سنوية معنوية إحصائياً في متوسط الإنتاجية الفدانية  بلغت حوالى 0.02 طناً , بمعدل زيادة سنوية قدر بحوالي 1.90% , بينما تبين وجود انخفاض سنوي معنوي إحصائياً في كل من المساحة المزروعة و الإنتاج الكلى بلغ حوالى 1618.03فداناً و1215.46طناً على الترتيب ، يعادل حوالي 5.47% و 4.03% على الترتيب خلال متوسط فترة الدراسة.

       ومن نتائج معامل "سبيرمان للرتب والدرجات" بين تراتيب المحافظات المختلفة وفقاً للمساحة المزروعة ومتوسط الإنتاجية الفدانية من محصول عباد الشمس تبين أنه قدر لهما  بحوالي 0.804 و0.434 على الترتيب خلال الفترتين(2000/2002) – (2012/2014)، مما يوضح بأن التغيرات الحادثة في المساحة المزروعة من المحصول في معظم محافظات مصر خلال الفترة الثانية كانت أقل من نظريتها الحادثة في متوسط الإنتاج من المحصول خلال متوسط فترتى الدراسة.

      و فيما يتعلق بالمساحة المزروعة من محصول عباد الشمس على مستوى أهم محافظات مصر، اتضح أن هناك زيادة سنوية (معنوية إحصائياً) قدرت بحوالي 4.68 فداناً تعادل حوالي 22.28% بمحافظة الشرقية , بينما تبين أن هناك انخفاضاً في تلك المتوسطات  قدر بحوالى16.26 فداناً و251.57 فداناً و619.37 فداناً و232.48 فداناً و629.43 فداناً و26.88 فدانا تعادل حوالى 14.21% و14.41% و7.72% و6.79% و10.77% و8.34%  بكل من محافظات الدقهلية وبنى سويف والفيوم  والمنيا  وأسيوط وسوهاج على الترتيب خلال الفترة موضع الدراسة .   

     وفيما يتعلق بمتوسط الإنتاجية الفدانية من محصول عباد الشمس على مستوى أهم محافظات مصر اتضح أن هناك زيادة معنوية إحصائيا قدرت بحوالي 0.01طنا و0.09طنا و0.01طنا و0.03 طنا ، تعادل حوالى1.05% و15.79% و0.74% و2.07%  بكل من محافظات البحيرة والقليوبية وبنى سويف و سوهاج على الترتيب .بينما كان هناك انخفاضاً في تلك المتوسطات الإنتاجية قدر بحوالى0.06 طناً تعادل حوالى 11.11% بمحافظة الدقهلية  خلال الفترة موضع الدراسة.

     وفيما يتعلق بالإنتاج الكلى من محصول عباد الشمس على مستوى أهم محافظات مصر،  اتضح أن هناك زيادة معنوية إحصائيا قدرت بحوالي 5.03  طنا ، تعادل 24.50% بمحافظة الشرقية. بينما كان هناك انخفاضاً في متوسط الإنتاج الكلى( معنوي إحصائياً) قدر بحوالى12.84 طناً و309.52 طناً و 528.22 طناً و607.02طناً تعادل حوالى 15.27% و13.46% و7.68% و 10.51% بكل من محافظات الدقهلية وبنى سويف والفيوم و أسيوط على الترتيب. ولم تثبت المعنوية الإحصائية لباقي المحافظات خلال فترة الدراسة سالفة الذكر.

         ومن نتائج دراسة المؤشرات الاقتصادية لمحصول عباد الشمس ومن نتائج  الاتجاه الزمني العام ، فقد تبين وجود زيادة سنوية معنوية إحصائياً بلغت حوالى 195.75 جنيهاًو251.66 جنيهاً و149.46 جنيهاً و102.21جنيها في كل من متوسط سعر الأردب و الإيرادات الفدانية و التكاليف الفدانية وصافى العائد الفدانى على الترتيب , بمعدل زيادة سنوية قدر بحوالي 8.87% و10.70% و9.05% 14.59% على الترتيب من المتوسط العام لهذه المؤشرات خلال فترة الدراسة.

       ومن نتائج دراسة الميزان الغذائي لمحصول عباد الشمس في مصر ، تبين وجود زيادة سنوية معنوية إحصائياً في كل من الاستهلاك المحلى و كمية الواردات وكمية الصادرات ومتوسط نصيب الفرد قدرت بحوالي 26.9 ألف طن و29.80 ألف طن و3.52 ألف طن و 0.29 كجم/سنة على الترتيب بمعدل زيادة سنوية قدر بحوالي 13.58% و14.82% و19% و11.42% على الترتيب, بينما كان هناك انخفاضا في الفجوة الغذائية قدر بحوالي 26.18 الف طن بمعدل انخفاض سنوي قدر بحوالي 14.36% خلال متوسط فترة الدراسة.

      ومن نتائج دراسة دالة استجابة العرض لمحصول عباد الشمس وجد أن أكثر العوامل تأثيراً إيجابياً على المساحة المزروعة من المحصول هي جملة التكاليف الفدانية منه في العام السابق , حيث بزيادة جملة التكاليف الفدانية في عام ما بنسبة 1 % سوف تعمل على خفض المساحة المزروعة من المحصول بنسبة 2.08%  في العام التالي.

         ومن نتائج دراسة دالة صافى العائد الفدانى لمحصول عباد الشمس وجد أن اكثر العوامل المؤثرة إيجابية على صافى العائد الفدانى من المحصول هو متوسط الإنتاجية الفدانية ، حيث عند حدوث زيادة مقدراها 1% في متوسط الإنتاجية الفدانية منه سوف يترتب عليها زيادة في متوسط  صافي الدخل الفدانى من محصول عباد الشمس  بحوالي 3.27 %  خلال الفترة موضع الدراسة.

      ومن نتائج التحليل المقارن بين متوسطات الإنتاج من عباد الشمس بأهم المحافظات المنتجة له تبين بأن كل من محافظات سوهاج وبنى سويف والجيزة كانت تحتل الترتيب الأول بين محافظات مصر المنتجة لمحصول عباد الشمس . بينما كانت محافظات البحيرة والاسكندرية وأسيوط في الترتيب الثاني . بينما جاءت باقي المحافظات في الترتيب الثالث والأخير.