المعتقدات والمفاهيم الخاطئـة المتعلقة بالبحث العلمى

        هناك بعض المفاهيم والمعتقدات الخاطئة والتى تتعلق بالبحث العلمى ويذكر "صلاح السيد قادوس" أنها تتمثل فى خمسة نقاط هامة وهى:

1- يجب أن يكون البحث جديدا ولم يطرق من قبل:

        هذا المفهوم خاطئ لأنه قد تكون المشكلة من الأهمية بحيث تبحث أكثر من مره ويكون التكرار مقصود بهدف تأكيد صحة نتائج بحوث أخرى فيكون ذلك تدعيم للبحث أو يكون إثبات العكس وبذلك يكون الباحث قد أضاف جديدا – والمهم هو عدم التكرار لمجرد التكرار الغير مقصود – كما أن البحث فى موضوعات لم يسبق تناولها يؤدى إلى بعثرة وضياع جهود الآلاف من الباحثين لبحثهم فى موضوعات واسعة لا رابط بينها.

        فأى علم من العلوم لا يعطى إثبات يقينى .. حتى علم الإحصاء .. وإنما يعطى نتائج محتملة.

2- الفرض أساس فى البحث ولكن عند اكتشاف صحته لا تستطيع أن تدعى أن البحث قد أثبت ولكن القول إنه أعطى احتمال يشير إلى كذا … وكلما أثبت الباحث خطأ فرض من الفروض كلما اقترب كثيراً من الحقيقة.

3- يجب أن يصل البحث إلى نتيجة معينة:

        من الخطأ إذا أن وصول البحث إلى نتائج طالما اتبع الأسلوب العلمى أو المنهج العلمى فى البحث سواء حققت هذه النتائج الفروض التى وضعت أو أثبتت خطأها يعتبر البحث سليماً، إذ أنه ليس من الضرورى فى كل بحث أن يوفق الباحث ويتوصل إلى الكشف عن جوانب المشكلة.

        فالبحث يعتبر سليما طالما اتبع الأسلوب العلمى حتى إذا لم يصل إلى نتيجة معينة.

4- يجب أن يصل البحث إلى حل المشكل المتناول:

        قد يصل البحث إلى حل إيجابى للمشكلة أو حل سلبى وهو أيضاً نتيجة مرضية بالرغم من عدم الوصول إلى حل للفروض الموضوعة وذلك لأن البحث استبعد حل المشكلة باستخدام هذه الفروض الموضوعية وهذا يفيد فى حد ذاته الباحثين الآخرين فى عدم استخدامهم هذه الفروض فى حل هذا المشكل وذلك يوفر عليهم كير من الوقت والجهد ووضع فروض جديدة قد تصل إلى الحل السليم، والمهم أذن هو وضع الفروض ومحاولة إثبات صحتها أو بطلانها باستخدام أسلوب علمى سواء توصلنا إلى حل المشكلة أو لم نتوصل.

5- المشكل يجب أن يكون كبيراً:

        ليس المهم حجم المشكل بقدر ما يكون له هدف قابل للتطبيق ومعاصر.

1- فهناك مشاكل صغيرة ولها أهمية كبرى وتعطى نتائج عظيمة وكبيرة فالمشكل ليس بحجمه ولكن مدى مساهمته فى تقديم إضافة علمية جديدة أو إضافة اجتماعية.

2- وهذه كلها مدركات خاطئة تشتمل كل منها على حكمه "يجب" وهذه الكلمة غير مستحبة فى البحث العلمى ولابد أن ترفع لتوضع مكانها كلمة "من المفضل، أو يحسن، أو يجوز" حيث أن لا يقين فى العلم والقوانين والنظريات.

        ويذكر "محمد زياد حمدان" فى كتابه "البحث العلمى كنظام" أن هناك أخطاء عامة يمكن أن تحدث أثناء عملية البحث العلمى وهى كما يلى:

أ- أخطاء خاصة بتخطيط البحث:

1- قبول مشكلة البحث التى تخطر ببال الباحث للوهلة الأولى أو تقترح له من الغير دون تخصيص يذكر لمدى أهميتها أو اتفاقها مع قدراته وطموحاته المستقبلية.

2- اختيار مشكلة للبحث غامضة أو واسعة المجال متشبعة فى متطلباتها التنفيذية.

3- اقتراح أسئلة فضفاضة للبحث أو أسئلة متعددة غير ضرورية أحياناً أخرى.

4- اقتراح فرضيات غامضة، أو غير قابلة للقياس، أو تجاهلها بالكامل فى البحث أحياناً كثيرة أخرى.

5- إغفال مقصود أو غير مقصود لعامل أو جانب هام للبحث، كإغفال مراجعة الدراسات والمعارف السابقة لدرجة كافية، أو عدم تحديد وسائل وأساليب جمع وتحليل وتفسير البيانات.

6- التساهل فى تطوير خطة محكمة مدروسة للبحث، الأمر الذى يفقد الباحث بذلك أداة منظمة موجهة للمسؤوليات المقررة للحصول على الحلول المرجوة لمشكلته.

ب- أخطاء خاصة بمراجعة الدراسات والمعارف السابقة:

1- سرعة مراجعة الدراسات والمعارف السابقة، الأمر الذى يتجاوز الباحث نتيجته بعض المعلومات الهامة لبحثه، أو يؤدى به لبحث مشكلة مدروسة بالتو.

2- الاعتماد لدرجة كبيرة على المصادر الثانوية.

3- التركيز على نتائج الدراسات السابقة دون طرقها ومقاييسها وأساليب معالجتها للبيانات، الأمر الذى قد يفقد معه الباحث بعض المعلومات أو الأفكار الموجهة لأدوات وإجراءات وطرق بحثه.

4- مراجعة نوع محدد من مصادر الدراسات والمعارف السابقة كالمجلات، أو الدوريات الأخرى المتخصصة، مهملاً بذلك دراسات ومعارف أخرى تحتوى عليها المصادر غير المطروقة.

5- الخطأ فى كتابة أسماء مراجع الدراسات والمعارف السابقة للبحث، أو عدم كتابتها بالكامل أحياناً الأمر الذى يوقعه فى "ورطة" إعادة عمل قام به مسبقاً.

ج- أخطاء خاصة بمنهجية البحث:

1- التهاون فى اقتراح منهجية متكاملة تأخذ فى اعتبارها كافة خطوات مراحل البحث وما تتطلبه كل منها من تنفيذ وأدوات ومقاييس وعمليات احصائية تحليلية وتفسيرية، الأمر الذى يؤدى إلى بطء انجاز البحث، أو تخبط عملياته أو انحرافه عن المهمات والأغراض المقررة له.

2- التهاون فى اختيار عينات أو مصادر البحث، مؤدياً ذلك للحصول على أنواع ثانوية أو غير كافية منعا للبيانات المطلوبة.

3- الإهمال فى توصيف سكان البحث، (فى البحوث الوصفية والتجريبية والعملية غالباً) الأمر الذى يؤدى لاختيار عينات وبيانات قد لا تمثل بالكامل المشكلة التى يجرى بحثها.

4- الميل لاختيار اختبارات وأساليب سهلة أو محدودة أقل بكثير مما يتطلبه البحث، إرضاء أو تسهيلاً لمهمات لعينات المختارة أو البيئات التى يجرى فيها.

5- جمع البيانات وتنفيذ العديد من مهمات البحث ثم اقتراح منهجية تتواءم مع ذلك، متبعاً المنطق الأعرج الذى يقوم على توفير "العربة قبل الحصان" القادر على جرها.

6- التهاون فى تدريب عينات البحث والقوى العاملة المتعاونة مع الباحث، كلياً أو جزئياً على كيفية تنفيذ أو استخدام منهجية البحث وما تشتمل عليه من أساليب وأدوات ومقاييس بيئات.

7- استخدام أعداد محدودة من العينات مؤدياً لبيانات غير ذات قيمة علمية أو تطبيقية عامة.

8- احتواء أدوات ومقاييس وأساليب جمع البيانات على عناصر أو أسئلة كثيرة أعلى مما هو متوفر من الوقت أو قدرة العينات على الرغبة أو التحمل فى الإجابة على كل المطلوب.

9- استعمال أدوات ومقاييس وأساليب غير ملائمة فى لغتها لعينات البحث.

د- أخطاء خاصة بجمع بيانات البحث:

1- فقدان الألفة بين الباحث وبيئات وعينات البحث، مؤثراً ذلك على صلاحية عمليات القياس والبيانات، خاصة فى البحوث التجريبية والوصفية والعملية.

2- تعديل الباحث لبيئة أو عوامل البحث تسهيلاً للحصول على البيانات المطلوبة، مشوها بذلك طبيعة حدوث النتائج بالصيغ التى قصدها البحث أساساً.

3- إهمال توضيح أغراض وطبيعة الأدوات والمقاييس المستخدمة فى جمع البيانات، لعينات البحث، مؤثراً ذلك على كيفيات ودقة استعمال الأفراد المعنيين بإدارتها.

4- استخدام أدوات ومقاييس متدنية الصلاحية، منتجة بذلك بيانات خاطئة أو ناقصة نسبياً.

5- استخدام أدوات ومقاييس لا يقوى الباحث نفسه على استخدامها لعدم كفاية علمية وظيفية الأمر الذى يفقده القدرة على تمييز "غث البيانات من سمينها" كما يقال أحياناً أو يوصله لبيانات غير تلك التى يقصدها.

6- التقاعس عن اختبار صلاحية الوسائل والمقاييس المقترحة لجمع البيانات.

7- الاعتماد على المصادر الثانوية فى جمع البيانات، دون الرئيسية كما هو مفروض.

8- فشل الباحث فى تمييز تحيز أفراد أو عينات البحث ومن ثم اتخاذ الإجراءات المناسبة التى تساعده فى تجنب أو تحييد الآثار السلبية لهذا التحيز على صلاحية البيانات.

هـ- أخطاء خاصة باستعمال الوسائل الإحصائية:

1- استعمال وسائل واختبارات احصائية غير مناسبة كلياً أو جزئياً لطبيعة بيانات البحث.

2- استعمال وسائل واختبارات احصائية شكلياً دون دمج ما تعنيه نتائجها فى استنتاجات البحث.

3- تجنب استعمال وسائل واختبارات احصائية تخوفاً أو رهبة، نتيجة شعور الباحث بعدم كفايته العملية التطبيقية، بينما يدعو البحث لذلك.

4- اختيار الوسائل والاختبارات الاحصائية بعد جمع البيانات كحال الفرد الذى يقوم بتفصيل ثوب ثم يبدأ بعدئذ بالبحث عن شخص يلائم قياسه الأمر الذى قد لا يجده أبداً.

5- استعمال نوع أو وسيلة واختبار واحد فى معالجة البيانات إحصائياً بينما تستدعى نظراً لتنوعها أكر من ذلك.

6- استعمال أساليب لتنظيم وتحليل البيانات لا تتفق كاملاً مع طبيعة ما هو متوفر، أو غير كافية لأنواع وكميات هذه البيانات.

7- افتراض علاقة السبب/ النتيجة فى بحث الارتباط بينما لا يتعدى الاقتران أو المرافقة فى مثل هذا الحال.

8- الاكتفاء بتقرير الحقائق، دون دمجها معاً وصياغة استنتاجات منطقية مفيدة كما يتوقع عادة.

9- التفسير غير الكامل أو الناقص لبيانات البحث.

10- السماح للميول الشخصية بالتدخل فى إجراءات وتفسير بيانات البحث.

و- أخطاء خاصة بتقرير البحث:

1- الإهمال فى تجميع الأفكار والبيانات والاقتراحات والملاحظات التى تتوفر أثناء تنفيذ البحث، مما يؤدى لفقدان الباحث لها نتيجة عامل النسيان غالباً، حيث تظهر عادة حاجة ماسة إليها خلال إعداد التقرير.

2- تقديم فقرة أو فصل الدراسات والمعارف السابقة بصيغ وفقرات مشتتة يسرد الباحث فى كل منها معلومات غير هامة أحياناً … دون دمجها معاً بأسلوب منطقى مفيد كما يجب.

3- استعمال الاقتباس الحرفى بكرة ودون مناسبة أحياناً.

4- إغفال وصف أو كتابة عنصر أو أكثر جزئياً أو كلياً يخص البحث، كما يلاحظ فى عرض مشكلة البحث وما يتبعها عادة من خلفية وأهداف وأسئلة وفرضيات، أو فى كتابة منهجية البحث بمكوناتها العملية والاحصائية المتنوعة، أو فى تحليل وتفسير البيانات واستخلاص الاستنتاجات المناسبة، أو تعريف مصطلحات البحث أو غيرها.

5- إهمال لغة ودقة وتسلسل عبارات وفقرات التقرير، وملاحظة أخطاء لغوية ومطبعية وإحصائية متعددة خلال ذلك.