التنمية البشرية : Human Development
(المفهوم، الاهداف والابعاد)
مقدمة: من المفيد جدا للباحث قبل الغوص في اعماق الموضوع المراد بحثة ان يقدم تفصيلاً بالتعاريف للمفاهيم والمصطلحات المستخدمة في الدراسة ، وذلك حتى يتسنى للقارئ ان يدرك كنه الموضوع الذي يبحث فيه ، اضافة الى زوال الغموض الذي قد يحيط بجوانب الدراسة محل البحث ، لذا فسوف نقدم اولا تفصيل لمفموم (التنمية) ومفهوم (البشرية) ثم تعريف مفصل لمفهوم (التنمية البشرية ) .حيث تتجه المضامين الحديثة لمفهوم التنمية إلى محورية الإنسان في العملية التنموية سواء تعلق ذلك ببناء القدرات أو توسيع الخيارات، بما يكرس مفهوم التنمية الإنسانية الذي نادت وتنادي به كل الإعلانات الدولية وتسعى إليه الجهود الدولية في إطار عولمة حقوق الإنسان وتنميط القيم.
تحديد مفهوم (التنمية ) :
مفهوم التنمية في اللغة العربية يشتق من لفظ "نمـّى" بمعنى الزيادة والانتشار. أما لفظ "النمو" من "نما" ينمو نماء فإنه يعني الزيادة ومنه ينمو نموًا. اما المعنى الإنجليزي للتنمية Development) ) فانه يعني التغيير الجذري للنظام القائم واستبداله بنظام آخر أكثر كفاءة وقدرة على تحقيق الأهداف وذلك وفق رؤية المخطط الاقتصادي (الخارجي غالباً) وليس وفق رؤية جماهير الشعب وثقافتها ومصالحها الوطنية بالضرورة. أما مفهوم النمو في الفكر الإسلامي فانه يُعبر عن الزيادة المرتبطة بالطهارة والبركة وأجر الآخرة وإن لم يتجاهل مع هذا "الحياة الطيبة" في الدنيا، بينما يركز مفهوم Development على البعد الدنيوي من خلال قياس النمو في المجتمعات بمؤشرات اقتصادية مادية في مجملها، حيث تقوم المجتمعات بالإنتاج الكمي، بصرف النظر عن أية غاية إنسانية، وتهتم بالنجاح التقني ولو كان مدمرًا للبيئة ولنسيج المجتمع، وتؤكد على التنظيم الاجتماعي ولو أدى إلى الاضطهاد للآخر. لقد برز مفهوم التنمية Development بداية في علم الاقتصاد حيث استُخدم للدلالة على عملية إحداث مجموعة من التغيرات الجذرية في مجتمع معين؛ بهدف إكساب ذلك المجتمع القدرة على التطور الذاتي المستمر بمعدل يضمن التحسن المتزايد في نوعية الحياة لكل أفراده، بمعنى زيادة قدرة المجتمع على الاستجابة للحاجات الأساسية والحاجات المتزايدة لأعضائه؛ بالصورة التي تكفل زيادة درجات إشباع تلك الحاجات؛ عن طريق الترشيد المستمر لاستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة، وحسن توزيع عائد ذلك الاستغلال. ثم انتقل مفهوم التنمية إلى حقل السياسة منذ ستينيات القرن العشرين؛ حيث ظهر كحقل منفرد يهتم بتطوير البلدان غير الأوربية تجاه الديمقراطية. وظهر ما يسمى بمفهوم التنمية السياسية والذي يمكن تعريفة : "بأنها عملية تغيير اجتماعي متعدد الجوانب، غايته الوصول إلى مستوى الدول الصناعية"، ويقصد بمستوى الدولة الصناعية إيجاد نظم تعددية على شاكلة النظم الأوربية تحقق النمو الاقتصادي والمشاركة الانتخابية والمنافسة السياسية، وترسخ مفاهيم الوطنية والسيادة والولاء للدولة القومية. ولاحقًا، تطور مفهوم التنمية ليرتبط بالعديد من الحقول المعرفية.
فأصبح هناك التنمية الثقافية التي تسعى لرفع مستوى الثقافة في المجتمع وترقية الإنسان، وكذلك التنمية الاجتماعية التي تهدف إلى تطوير التفاعلات المجتمعية بين أطراف المجتمع: الفرد، الجماعة، المؤسسات الاجتماعية المختلفة، المنظمات الأهلية. بالإضافة لذلك استحدث مفهوم التنمية البشرية الذي يهتم بدعم قدرات الفرد وقياس مستوى معيشته وتحسين أوضاعه في المجتمع.
وهنا نورد بعض تعريفات لمفهوم التنمية والتي قدمتها جهات اقتصادية وسياسية مختلفة وهي كما يلي: - إن التنمية تعني " النمو المدروس على أسس علمية والذي قيست أبعادة بمقاييس علمية سواء كانت تنمية شاملة ومتكاملة او تنمية في احد الميادين الرئيسية مثل الميدان الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي أو الميادين الفرعية كالتنمية الصناعية أو الزراعية ،ويمكن القول أنها عملية تغيير اجتماعي مخطط يقوم بها الإنسان للانتقال بالمجتمع من وضع إلى وضع أفضل وبما يتفق مع احتياجاته وإمكانياته الاقتصادية والاجتماعية والفكرية "
"إن التنمية:" هي أي تغيير من شيء غير مرغوب فيه إلى شيء مرغوب فيه ،أو هي التوجه الفعلي للبناء نحو تحقيق أهداف متضمنة من نسق القيم " - الأمم المتحدة عرفت التنمية بأنها:" العملية التي يمكن من خلالها توحيد جهود المواطنين والحكومة لتحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمعات المحلية ولمساعدتها على الاندماج في حياة الأمة والمساهمة في تقدمها بأقصى قدر مستطاع ".
- تعريف المجلس الاقتصادي والاجتماعي في هيئة الأمم المتحدة: " تنمية المجتمع من الإجراءات الشاملة التي تستخدم لرفع مستوى المعيشة وتركيز اهتمامها – أساساً على المناطق الريفية ". - تعريف هيئة الأمم المتحدة عام 1955م: هي " العملية المرسومة لتقدم المجتمع جميعه اجتماعياً واقتصادياً، وتعتمد بقدر الإمكان على مبادرة المجتمع المحلي وإشراكه". - تعريف إدارة التعاون الدولية التابعة للأمم المتحدة: عملية للعمل الاجتماعي تساعد أفراد المجتمع على تنظيم أنفسهم للتخطيط والتنفيذ عن طريق تحديد مشاكلهم واحتياجاتهم الأساسية، والتكامل بين الخطط الفردية والجماعية لمقابلة احتياجاتهم، والقضاء على مشاكلهم، والعمل على تنفيذ هذه الخطط بالاعتماد على الموارد الذاتية للمجتمع، واستكمال هذه الموارد بالخدمات والمساعدات الفنية والمادية من جانب المؤسسات الحكومية والأهلية من خارج المجتمع المحلي. - تعريف هيئة الأمم المتحدة عام 1956م: " العمليات التي توحد جهود الأهالي وجهود السلطات الحكومية لتحسين الأحوال الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمجتمعات المحلية تحقيقاً لتكامل هذه المجتمعات في إطار حياة الأمة ومساعدتها على المساهمة في التقدم القومي". - مقدمة الاعلان العالمي عن الحق في التنمية تعرف التنمية بانها : سيرورة شاملة، اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية، تهدف الى تحقيق تقدم مستمر في حياة جميع السكان ورفاهيتهم. - التنمية تشتمل على النمو والتغير ،والتغير بدورة اجتماعي وثقافي كما هو اقتصادي وهو كيفي كما هو كمي ،والتنمية لا تعني جانبا واحدا كالجانب الاقتصادي أو السياسي ،وإنما تحيط بكافة جوانب الحياة على اختلاف صورها وأشكالها فتحدث تغيرات كيفيه عميقة وشاملة "
- التنمية هي:" عملية مخطط وشاملة تركز على عملية تغير اجتماعي واقتصادي تلحق بالبناء الاجتماعي ووظائفه وتسعى لإقامة بناء اجتماعي جديد يمكن عن طريقه إشباع الحاجات الاجتماعية للأفراد وتحقيق الرفاهية والسعادة لأبناء المجتمع والعمل على إزالة العقبات والمعوقات التي تقف حائلا دون تحقيق التنمية الاقتصادية ومعالجة المشكلات والسلبيات التي قد تصاحبها "( ). - التنمية :"هي عملية انبثاق وتفجير للإمكانيات الكامنة للأفراد والجماعات وذلك من اجل خلق وضع أفضل للفرد والمجتمع بما يكفل العيش الكريم ،لذا فأن عملية التنمية تعتمد اعتمادا قويا على التخطيط العلمي المدروس والممنهج لكي تصل البرامج المعدة من اجل التنمية إلى أهدافها ".
- " إن عملية التنمية تتضمن تغيرا لأبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية وهي لابد أن تصبح نمطا طبيعيا كما انه لابد من تواجد قوى قادرة من خلاله اجتياز مشاكل وعقبات هذه العملية لدفعها إلى الأمام باستمرار"
إن التعريفات السابقة لمفهوم التنمية تشير كلها إلى أن التنمية هي في الأساس عملية تستهدف النهوض بالمجتمع إلى وضع أفضل مما هو علية في كافة جوانب النشاط الإنساني الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي ...الخ بقصد تحسين مستوى حياة الفرد والمجتمع في المجالات المشار إليها وفق تخطيط علمي مدروس .
- اما مفهوم البشرية : (البشرية) هي مفهوم مشتق من كلمة (بشر) والتي يراد بها بني الانسان وقد وردت هذه الكلمة في القران الكريم في عدة مواضع منها على سبيل المثال: - (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ) ص 71. - (فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا )مريم 17. اما مفهوم التنمية البشرية( Human Development ) فقد برز في العقد الأخير من القرن الماضي وذلك بسبب تزايد الاهتمام بمفهوم حقوق الانسان اضافة الى تنامي الوعي بقيمة الإنسان ودوره في منظومة التنمية الشاملة، اضافة الى ادراك الامم والشعوب بانه لا تنمية اقتصادية او سياسية او اجتماعية دون تنمية الانسان وذلك بتعليمة وتثقيفة وتدريبة على كل الفنون والمهارات التي تساعده وتساعد مجتمعه على النهوض والتطور ، فالانسان هو الفاعل الاول والاخير في هذا الكون خاصة اذا ما ادركنا ان الكون موجود لخدمة الانسان ومسخر له وذلك تجسيدا لمفهوم الاستخلاف الذي اراده الله لهذا الانسان ، والغاية من الاستخلاف هي عمارة الكون وبناءة وتشييدة ، ويدخل كل ذلك في اطار عبادة الله سبحانه وتعالى ، قال تعالى : (واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة ) وقال تعالى :( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ).
وبناء على ذلك زاد الاهتمام بقضية الانسان وحقوقة وزاد الاهتمام بالعناية به تثقيفا وتعليما وتربية وكثرت الدراسات والبحوث والمؤتمرات التي عقدت لتحديد مفهوم التنمية البشرية وتحليل مكوناتها وأبعادها، كإشباع الحاجات الأساسية، والتنمية الاجتماعية، وتكوين رأس المال البشري، أو رفع مستوى المعيشة أو تحسين نوعية الحياة. وتستند قيمة الإنسان في ذاته وبذاته إلى منطلقات قررتها الديانات السماوية التي تنص على كرامة الإنسان والذي جعله الله خليفة في أرضه ليعمرها بالخير والصلاح.
لقد ترسخ الاقتناع بأن المحور الرئيس في عملية التنمية هو الإنسان.
بدأ مفهوم التنمية البشرية يتضح عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية وخروج البلدان التي شاركت في الحرب مصدومة من الدمار البشري والاقتصادى الهائل وخاصة الدول الخاسرة. فبدأ بعدها تطور مفهوم التنمية الاقتصادية وواكبها ظهور التنمية البشرية لسرعة إنجاز التنمية لتحقيق سرعة الخروج من النفق المظلم الذي دخلت فيه بسبب الحروب وجاء كل ذلك تكفيرا من قبل الامم المتحاربه عن خطيئتها التي ارتكبتها بحق الانسان الذي كان وقودا لحروب طاحنة .
ومن هذا التاريخ بدأت الأمم المتحدة تنتهج سياسة التنمية البشرية مع الدول الفقيرة لمساعدتها في الخروج من حالة الفقر التي تعانى منها وقد ظهر الاهتمام الاممي بمفهوم التنمية البشرية من خلال الاعلان العالمي لحقوق الانسان حيث وردت تعاريف عديدة لمفهوم التنمية البشرية ففي مقدمة الاعلان العالمي عن الحق في التنمية: ” التنمية: هي سيرورة شاملة، اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية، تهدف الى تحقيق تقدم مستمر في حياة جميع السكان ورفاهيتهم، وهذه السيرورة تقوم على اساس مساهمة جميع الافراد بشكل نشيط وحر في التنمية، وعلى اساس التوزيع العادل لعائداتها" .
اما الجمعية العمومية للامم المتحدة فـ” تقر بان الانسان هو الموضوع المحوري لسيرورة التنمية، وان السياسات التنموية يجب ان تجعل من الكائن الانساني المشارك الاساسي في عملية التنمية، والمستفيد الاول منها، وتقر بان ايجاد الشروط المساعدة على تنمية الشعوب والافراد، هو المسؤولية الاولى للحكومات، كما انها تدرك ان الجهود العالمية المبذولة من اجل تطوير الالتزام بحقوق الانسان والدفاع عنها، لابد ان تتلازم مع جهود مماثلة من اجل اقامة نظام اقتصادي عالمي جديد، “.
لقد ازداد الاهتمام بمصطلح التنمية البشرية منذ التسعينات وبدأ يظهر جليا في محاضر الاجتماعات وخطابات القادة وصناع القرا السياسي والاقتصادي وزاد الاهتمام به على مستوى العالم بأسره منذ ذلك الحين ، كما لعب البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وتقاريره السنوية عن التنمية البشرية دورا بارزا في نشر وترسيخ هذا المصطلح.
حيث صدر تقرير التنمية عام 1994من الأمم المتحدة الذي أكد فيه ان التنمية البشرية هي نموذج من نماذج التنمية والتي من خلالها يمكن لجميع الأشخاص من توسيع نطاق قدراتهم البشرية إلى أقصى حد ممكن وتوظيفها أفضل توظيف في جميع الميادين. وهو يحمى كذلك خيارات الاجيال التي لم تولد بعد.
ويخلص التقرير إلى أن التنمية المستدامة تعالج الإنصاف داخل الجيل الواحد وبين الأجيال المتعاقبة>
وبناءً على ذلك يمكننا تعريف المفهوم بانها : عملية توسيع اختيارات الشعوب والمستهدف بهذا هو أن يتمتع الإنسان بمستوى مرتفع من الدخل وبحياة طويلة وصحية بجانب تنمية القدرات الإنسانية من خلال توفير فرص ملائمة للتعليم. ففى عام 1991 صدر تقرير التنمية والذي أكد فيه ان التنمية البشرية لا تؤدى مهامها بدون أن يكون هناك نموا اقتصاديا مصاحبا وإلا لن يكون هناك تحقيق في تحسن في الأحوال البشرية عموما. وهناك من يطلق عليها اسم التنمية الانسانية وهو يأتي في إطار تطور مضامين مفهوم التنمية، استحدث مفهوم التنمية الإنسانية، وجعلت من المفهوم عنوانا لأول تقرير عن التنمية الإنسانية في نطاق الوطن العربي، تبناه برنامج الأمم المتحدة عام 2002.
ويرى نادر فرجاني محرر التقرير إلى أن نقطة الانطلاق في مفهوم التنمية الإنسانية هو أن لجميع البشر لمجرد كونهم بشرا حق أصيل في العيش الكريم جسدا ونفسا. وكذلك فإن مفهوم الرفاه الإنساني في التنمية لا يقف عند المعايير الاقتصادية الضيقة، أو حتى عند التنعم المادي، أو إشباع الحاجات الأساسية وما شابه، ولكنه يمتد إلى الأمور المعنوية التي تؤكد سمو الإنسانية مثل التمتع بالمعرفة، بالحرية و احترام وتحقيق الذات.
كما يرى بأن مصطلح الخيارات الوارد في تقارير التنمية الإنسانية، يعبر عن مفهوم أرقى، يعود للاقتصادي الهندي أمارتياسن A.SEN أطلقه في الثمانينات ألا وهو الأحقيات الذي يعبر عن الحق البشري الجوهري في هذه الخيارات، لذلك فإن مفهوم التنمية الإنسانية أوسع من مفاهيم التنمية العادية. ورد في تقرير التنمية الانسانية العربية للعام 2002 التعريف التالي "يمكن أن تعرف التنمية الانسانية ببساطة بأنها عملية توسيع الخيارات، ففي كل يوم يمارس الإنسان خيارات متعددة بعضها اقتصادي وبعضها اجتماعي وبعضها سياسي وبعضها ثقافي، حيث الإنسان هو محور تركيز جهود التنمية فإنه ينبغي توجيه هذه الجهود لتوسيع نطاق خيارات كل انسان في جميع ميادين سعي الانسان".
وأورد التقرير أن هذا التعريف ينطوي على الدلالات التالية: - تعزيز الخيارات الإنسانية من خلال إتاحة الفرص والتمكين. - اعتبار النمو الاقتصادي وسيلة لتحقيق الأهداف وليس غاية في حد ذاته. - تفعيل مشاركة الناس في القرارات والعمليات التي تشكل حياتهم. هذا التعريف يقودنا إلى التعريف الذي قدمه الباحث في مركز دراسات الوحدة العربية بشير مصطفى الذي يرى أن" مفهوم التنمية الإنسانية يستند إلى محورين اثنين:-
1- بناء القدرات البشرية للتوصل إلى مستوى رفاه إنساني راقي من خلال التمتع بمزايا الحياة الطويلة، الصحة، المعرفة، التعليم، الحرية.
2- توظيف قدرات التسيير في كافة النشاطات الإنسانية الاقتصادية والسياسية والمدنية"
"وفي التحليل النهائي، التنمية الإنسانية هي تنمية الناس، ومن أجل الناس، ومن قبل الناس، وتشمل تنمية الناس بناء القدرات الإنسانية عن طريق تنمية الموارد البشرية، ويعني القول"التنمـية من أجل الناس" أن مردود النمـو يجب أن يظهر في حياة الناس، والقول " التنمية من قبل الناس" يعني تمكـينهم من المشاركة بفعالية في التأثير على العمليات التي تشكل حياتهم"
فتنمية الإنسان هو جوهر التنمية الشاملة، ولا يمكن تحقيق أبعاد التنمية الأخرى بمعزل عن الإنسان، ولعل هذا ما يؤكد شمولية عملية التنمية. ولقياس مستوى التنمية الإنسانية، أورد تقرير التنمية الإنسانية مجموعة مؤشرات هي: الصحة، التعليم، المعرفة، الحرية، الحرية السياسية، التسهيلات الاقتصادية، الفرص الاجتماعية، ضمانات الشفافية، الأمن الحمائي، وتمكين النوع
وعودا على مفهوم التنمية البشرية وهو الاكثر شيوعا واستعمالا في التقارير والدراسات حيث تبين بانه هذا المفهوم قد تطور ليشمل مجالات عديدة منها : التنمية الإدارية والسياسية والثقافية، ويكون الإنسان هو القاسم المشترك في جميع المجالات السابقة. ولهذا فتطور الأبنية : الإدارية والسياسية والثقافية له مردود على عملية التنمية الفردية من حيث تطوير انماط المهارات والقيم والمشاركة الفعالة للإنسان في عملية التنمية إلى جانب الانتفاع بها. وعلى هذا يمثل منهج التنمية البشرية الركيز الاساسية التي يعتمد عليها المخططون وصانعو القرار لتهيئة الظروف الملائمة لإحداث التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وبعد كل هذا يمكن إجمال القول أن التنمية البشرية هو المنهج الذي يهتم بتحسين نوعية الموارد البشرية في المجتمع وتحسين النوعية البشرية نفسها. وفي تقريره "مبادرة من اجل التغيير"، عرف جيمس سبيث المدير التنفيذي لبرنامج الامم المتحدة الانمائي للتنمية البشرية المستدامة على النحو التالي: " التنمية البشرية المستدامة: هي تنمية لا تكتفي بتوليد النمو وحسب، بل توزع عائداته بشكل عادل ايضا. وهي تجدد البيئة بدل تدميرها، وتمكن الناس بدل تهميشهم؛ وتوسع خياراتهم وفرصهم وتؤهلهم للمشاركة في القرارات التي تؤثر في حياتهم. ان التنمية البشرية المستدامة هي تنمية في صالح الفقراء، والطبيعة، وتوفير فرص عمل، وفي صالح المرأة. انها تشدد على النمو الذي يولد فرص عمل جديدة، ويحافظ على البيئة، تنمية تزيد من تمكين الناس وتحقق العدالة فيما بينهم." غايات التنمية البشريه : تهدف عملية تنمية الانسان الى تحقيق جملة من الغايات والاهداف التي تصلح بها الحياة الانسانيه وترفع من مستوى معيشة الانسان ومنها :
1- بناء انسان قادر على مواجهة الحياة والتغيرات التى تحدث حوله بشكل ايجابى وفعال.
2- مساعدة الفرد على التفكير بشكل ايجابى وخلاق وتغيير نظرته من نظره سطحيه الى نظرة اكثر عمقا وبشكل مختلف للحياة من حوله.
3- تعليم الفرد على اتقان مهارات الاتصال الفعال وذلك من اجل اثراء تواصل الفرد بالمجتمع بشكل اخلاقى ومؤثر يعبر فيه الفرد عن نفسه ويتولد شئ من الارتياح بينه وبين اسرته واصدقائه وزملاء العمل وقائديه .
4- مساعدة الفرد في تطوير ادائة وقدراته وذلك من اجل ايجاد الوظيفة المناسبه له وكيفيه الحصول عليها ومايحتاجه لذلك من مؤهلات ودورات سمات فى الشخصيه.
5- تعليمة مهارات وفنون التعامل وكيفيه تعامله مع فريق العمل ومع قائد الفريق ويجب ان يتفهم الفرد انه مهما كان دوره صغيرا الا انه سيكون مؤثرا اذا ما قام به على النحو الامثل وعمل على اظهار ابداعاته الخلاقه به. فهو قائد المهمة التى يقوم بها مهما صغرت.
6- تعليم الانسان قيمة والهمية الوقت وتدريبة على مهرات اوفنون ادارة الوقت وتعليمة كيفيه استغلال طاقاته ومواهبه ووضع اهداف لحياته.
7- كيفيه التعامل مع المشكلات التى تواجه الفرد بشكل ايجابى, وفعال والبحث عن المخارج والحلول. ويمكن تلخيص غايات التنمية البشرية في ما قدمة جيمس سبيث في تقريره "مبادرة من اجل التغيير"، حيث عرف جيمس سبيث المدير التنفيذي لبرنامج الامم المتحدة الانمائي للتنمية البشرية المستدامة على النحو التالي:
" التنمية البشرية المستدامة: هي تنمية لا تكتفي بتوليد النمو وحسب، بل توزع عائداته بشكل عادل ايضا. وهي تجدد البيئة بدل تدميرها، وتمكن الناس بدل تهميشهم؛ وتوسع خياراتهم وفرصهم وتؤهلهم للمشاركة في القرارات التي تؤثر في حياتهم. ان التنمية البشرية المستدامة هي تنمية في صالح الفقراء، والطبيعة، وتوفير فرص عمل، وفي صالح المرأة. انها تشدد على النمو الذي يولد فرص عمل جديدة، ويحافظ على البيئة، تنمية تزيد من تمكين الناس وتحقق العدالة فيما بينهم." أهم عوامل التنمية البشرية: التنمية البشرية يجب ان تتصف بالشمول والسعه وذلك لتحتوي كل ما يحيط بحياة الانسان ، اي كل مجالات الحياة التي يتعامل معها ، وهي بلا شك تشمل كل جوانب الحياة الانسانية ، ومن ابرز ما تشتمل علية التنمية البشرية من عوامل هو :
1. العوامل الاجتماعية: نمو ثقافة العمل والإنجاز وتغير المفاهيم المقترنة ببعض المهن والحرف.
2. العوامل الطبقية :مرونة البناء الاجتماعى والمساواة الاجتماعية.
3. العوامل السياسية : عدم احتكار السلطة وتحقيق الديمقراطية.
4. العوامل النفسية٠ضرورة تهيئة المناخ النفسى العام والتشجيع على التنمية
5. العوامل السكانية : الاستغلال الامثل للموارد البشرية
6. الظروف السكانية : ارتفاع مستويات المعيشة وانخفاض الكثافة السكانية.
7. العوامل الصحية : تحسن مستويات الرعاية الصحية وانخفاض الوفيات وارتفاع معدلات الحياة.
8. أوضاع العمل : تطور تقسيم العمل وارتفاع المهارات الفنية والإدارية.
9. العوامل التقنية : استخدام التقنية وتوطينها .
10.الأوضاع الإدارية : تطور أساليب الإدارة واعتماد أسلوب التخطيط. ابعاد التنمية البشرية يشير كثير من الباحثين في مجال التنمية البشريه ان للتنمية بعدين هما : - الأول: يهتم بمستوى تطوير المهارات والقدرات حيث يهتم بالنمو الإنساني في مختلف مراحل الحياة لتنمية قدرات الإنسان، طاقاته البدنية، العقلية، النفسية، الاجتماعية، المهارية الروحانية .
- الثاني : هو البعد الاقتصادي البشري: حيث أن التنمية البشرية عملية تتصل باستثمار الموارد والمدخلات والأنشطة الاقتصادية التي تولد الثروة والإنتاج لتنمية القدرات البشرية عن طريق الاهتمام بتطوير الهياكل و البنية المؤسسية التي تتيح المشاركة والانتفاع بمختلف القدرات لدى كل الناس. لا شك ان التنمية البشرية تساهم في تحقيق النمو الاقتصادي، والتطور المضطرد في انتاج الثروات، وتحسين الانتاجية، لانها من الشروط الضرورية لتحقيق التنمية، ، حيث يرى كثير من الباحثين انها هناك ارتباط ايجابي بين التنمية البشرية والنمو الاقتصادي وخاصة اذا تم اتباع السياسات التالية:
أولا: التركيز على الاستثمار في التعليم والصحة، وتطوير مهارات الناس.
ثانياً: التشديد على بلوغ توزيع اكثر عدالة للدخل والاصول الإنتاجية.
ثالثا: خلق فرص عمل افضل بشكل مستمر.
رابعاً: اعتماد سياسة مناسبة للإنفاق الاجتماعي، تتضمن قيام الدولة بتأمين الخدمات الاجتماعية الأساسية، وإنشاء شبكات الأمان الاجتماعي الضرورية، بالتلازم مع تمكين الناس وتقوية قدراتهم.
ويجب ان تتصف التنمية البشرية بالاستدامة وهذا يعني ان تكون "التنمية عملية شاملة لسياسات اقتصادية وتجارية واجتماعية، تجعل التنمية عملية قابلة للاستمرار من وجهة نظر اقتصادية، واجتماعية وبيئية". ويتطلب ذلك: - عدم توريث الأجيال القادمة ديونا اقتصادية، او اجتماعية، تعجز عن مواجهتها. - العقلانية في استثمار الموارد الطبيعية، وما يتطلبه ذلك من تعديل في أنماط النمو ومعدلاته، والتكنولوجيا المستخدمة. - تعديل أنماط الاستهلاك المبددة للموارد الطبيعية والتي هي غير قابلة للاستمرار. - تحقيق العدالة والإنصاف في التوزيع. وفي الجانب الاجتماعي فأن القطاعات الاجتماعية تلعب دوراً مهماً في الإنتاج الاقتصادي، باعتبارها استثماراً إلى جانب كونها خدمات. ولقد أثبت كثير من دراسات اقتصاديات التعليم أثره في تحسين إنتاجية الفرد، وفي زيادة الإنتاج بصورة عامة.
كما أثبتت كذلك العلاقة بين التعليم وانخفاض معدل وفيات الأطفال، وتنظيم الأسرة، وتوسيع قاعدة المشاركة الاقتصادية والسياسية. وبالتالي يمكننا القول أن التنمية البشرية تستهدف توفير الشروط والظروف التي تمكن الإنسان – كل إنسان – من تحقيق إنسانيته – كل إنسانيته، وأن هذا التحقيق لذاتية الإنسان يشمل مختلف مقوماتها وخصائصها، وهو خط البداية في تصور مطالب الإنجاز الإنمائي، وهو كذلك خط النهاية في تقويم ذلك الإنجاز على آجاله القريبة والمتوسطة والبعيدة.

