مناهج البحث فى التربية الرياضية

مقدمة :

   إن المهتمين بمناهج البحث فى المجال التربوي والعلوم الإنسانية عموما، يختلفون فى تصنيفهم للبحوث ومناهجها، فهناك من يقتصر على تصنيف البحوث فى فئات وأنماط عريضة على أساس الهدف الرئيسي للبحث، ولما كانت البحوث تستهدف الوصف أو المقارنة، أو التفسير، فإن المنهج المتبع قد يكون وصفياً أو مقارناً أو تفسيرياً (رغم التحفظ على هذا التصنيف حسبما سنبين فيما بعد)، وهناك من يقدم تصنيفات للمناهج فقط وذلك فى ضوء الإجراءات التى تتبع فى دراسة الظاهرة أو الموضوع، بصرف النظر عن هدف البحث.       

المنهج:

   ظهر علم المناهج Methodology كعلم مستقل لدراسة المناهج والمنهجية وهو عبارة عن الدراسة المنطقية المنظمة التى تحدد المناهج أو مبادئ المناهج التى نتبعها فى سعينا للوصول إلى الحقائق.

    والمناهج ليست أشياء ثابتة. بل هى تتغير وفقا لمقتضيات العلم وأدواته وتكون قابلة للتعديل المستمر حتى تستطيع أن تفى بمطالب العلم المتجددة. فالروح المتجددة العلمية لا يمكن أن تتقدم إلا بإيجاد مناهج جديدة.   

وتعرف ناهد عرفه ( 2006م ) المنهج على أنه هو:

 الإجراءات  والخطوات الخاصة ببحث معين أو الترتيب الخاص بمهاجمة بحث معين كالبحث عن العلاقات التى قد تكون قائمة بين المتغيرات Nomothetic فى المشكلة المراد دراستها، سواء كانت طريقة مباشرة أو غير مباشرة.

وهو أيضا:

الترتيب الصائب للعمليات التى نقوم بها بصدد الكشف عن الحقيقة والبرهنة عليها.                                                    

        ومما سبق نستطيع أن نقول أن المنهج عبارة عن:

  "الأسلوب أو الطريقة التى يتبعها الباحث للوصول إلى حل المشكلة التى يبحث فيها".

تعدد المناهج:

هناك العديد من المناهج التى تستخدم فى دراسة الظواهر وإن كانت اكثر شيوعاً يتمثل فى:

1 – المنهج التجريبي.

2 – المنهج الوصفي.

3 – المنهج التاريخي.

        وسوف نتناول بالشرح إحدى هذه المناهج وهو "المنهج التجريبي"

المنهج التجريبي

مقدمة :

    يعتبر المنهج التجريبي أقرب مناهج البحوث لحل المشاكل بالطريقة العلمية. والتجريب سواء تم فى المعمل أو فى قاعدة الدراسة أو فى أى مجال آخر.. هو محاولة للتحكم فى جميع المتغيرات والعوامل الأساسية باستثناء متغير واحد.. حيث يقوم الباحث بتطويعه أو تغييره بهدف تحديد وقياس تأثيره فى العملية.  

   ويعتبر المنهج التجريبي من الطرق البحثية الهامة للكشف عن الحقائق ومن أدق أنواع المناهج العلمية. ويهدف المنهج التجريبي بشكل عام إلى تجميع البيانات وتبويبها وتصنيفها بطريقة تؤدي إلى تحديد الفروض العلمية والتحقيق فى صحتها.

ويشير كلا من: سمير جاد ومهني غنايم (2005م) أن: منهج البحث التجريبي هو منهج البحث الوحيد الذي يختبر بصدق الفروض فيما يتصل بعلاقات السبب والنتيجة. وهو يمثل أصدق مدخل لإيجاد حلول للمشكلات التربوية، نظريا وعمليا، والتقدم بعلم التربية كعلم.    

تعريف المنهج التجريبي:

التجريب هو:

        تغيير متعمد ومضبوط للشروط المحددة لحدث ما. وملاحظة التغيرات الناتجة فى الحدث ذاته وتفسريها.    

وهو أيضا:

        ملاحظة الظاهرة تحت ظروف محكومة وذلك عن طريق التحكم فى جميع التغيرات والعوامل الأساسية باستثناء متغير واحد.    

        ويرى " بيفردج " (1950م): أن التجربة تتضمن أن يجعل الباحث حدثا معينا يحدث تحت ظروف معينة مع استبعاد جميع التأثيرات الخارجية على قدر الإمكان ويكون باستطاعة الباحث وملاحظة ذلك بدقة حتى يتمكن من اكتشاف العلاقات بين الظواهر المختلفة للوصول إلى حل للمشكلة. 

ولقد تعددت الآراء حول تعريف المنهج التجريبي ونذكر منها:

    البحث التجريبي هو: إثبات الفروض عن طريق التجريب- حيث يستخدم التجربة ويتبع عدد من الإجراءات اللازمة لضبط تأثير العوامل الأخرى غير العامل التجريبي.            

ويعرف جابر عبد الحميد جابر وأحمد خيرة كاظم نقلاً عن عمر محمد التومي البحث التجريبي بما يلى:

"البحث التجريبي هو ذلك النوع من البحوث الذي يستخدم التجربة فى اختبار فرض يقرر علاقة بين عاملين أو متغيرين وذلك عن طريق الدراسة للمواقف المتقابلة التى ضبطت كل المتغيرات ما عدا المتغير الذى يهتم الباحث بدراسة تأثيره".

    ومما سبق نستطيع أن نعرف المنهج "البحث" التجريبي على أنه عبارة عن: التوصل إلى حل للمشكلات موضوع الدراسة عن طريق إجراء التجارب العلمية وذلك للتعرف على العلاقة بين الظواهر المختلفة والتحقق من الفروض التى يضعها الباحث لحل مشكلته.

ظهور المنهج التجريبي وتطوره:

        ظهر المنهج التجريبي وتم تطبيقه بكفاءة عالية فى العلوم الطبيعية أولا، ثم انتقل فيما بعد إلى العلوم الإنسانية على أيدي مجموعة من العلماء الأفذاذ الذين أكدت أعمالهم إمكانية الوصول بمستوى الدقة والضبط فى بعض فروع العلوم الإنسانية إلى ما يقارب نظيره فى بعض فروع العلوم الطبيعية، ونذكر من هؤلاء العلماء والباحثين: أوجيست كونت، كلود برنار، سيتوارت شابن،  مورينو، فرانسيس بيكون، ستيوارت ميل وغيرهم.

1 – أوجيست كونت:

          يفرق كونت بين نوعين من التجريب، أحدهما يعرف بالتجريب المباشر والآخر بالتجريب غير المباشر، والتجريب المباشر يقوم على الملاحظة التى تأخذ أساليب متعددة بما يتناسب مع طبيعة الظاهرة التى يتم بحثها، وتستلزم الملاحظة إعمال العقل لتصور الشئ موضوع الملاحظة، وبالتالى لابد من وجود فكرة سابقة عن الموضوع الذى تتم ملاحظته. أما التجريب غير المباشر، فيقوم على مجموعة من الفروض التى يسعي البحث للتحقق منها. وفى هذا النوع من التجريب يبدأ الباحث بعملية استقراء قائمة على الملاحظة المرتكزة على فكرة متصورة عن الموضوع وكذلك على فرض أو أكثر.

2 – كلود برنار:

        تمثل أبحاث (كلود برنار) فى مجال الطب التجريبي دعامة أساسية للبحوث التجريبية فى المجالات الأخرى بما فى ذلك العلوم الإنسانية. لقد وضع (برنار) فلسفته وتطبيقاته البحثية اعتماداً على نوعين من الاستدلال، الأول يتمثل فى الاستدلال البحثي، والثاني يتمثل فى الاستدلال الإثباتى، ويتضمن الاستدلال البحثي مرحلة الملاحظة والاستقراء من خلال الملاحظة الخارجية، بمعنى تجنب كافة أنواع الملاحظة غير المشاهدة، ثم تتم المقارنة بين المعطيات التى يتم الحصول عليها بواسطة عدد كاف من الملاحظات المتكررة، ومع تسجيل نتائج الملاحظات وفحصها يتم ربط هذه النتائج مباشرة باستخلاص الفروض عن طريق الاستقراء، أما الاستدلال الإثباتي، فيتضمن اختبار الفروض ثم المقابلة بينها وبين الوقائع. أى أن هذا النوع من الاستدلال هو نوع من الملاحظة المصحوبة بالتجريب، ولهذا يتميز أسلوب (برنار) فى الاستدلال بأنه يقوم على التحليل الواقعي الذي يساعد فى الوصول إلى مجموعة من المبادئ التى يمكن تعميمها.

3 – سيتورات شابن:

        ويمتاز استخدامه للمنهج التجريبي بالتكامل إلى حد كبير، فهو يبدأ بإجراء ملاحظة موضوعية حول الظاهرة موضوع البحث، ويرى أن الملاحظة الخارجية (أى الأشياء التى تشاهد) هى أساس البحث التجريبي، وتتم تحت ظروف يحددها الباحث.

4 – مورينو والقياس السوسيومترى:

      يرجع الفضل إلى العالم (J.L-Moreno) فى تكثيف استخدام المقياس الكمى من خلال المنهج التجريبي. لقد اعتبر الاختبارات السوسيومترية نوعاً من التجريب الحقيقى الذى يستلزم التعاون الإيجابي بين الوحدات موضوع الدراسة كما يستلزم اندماج الباحث فى العمل البحثي.

        ويقوم الاختبار السوسيومترى أساساً على تحويل الاستجابات اللفظية إلى درجات أو أوزان رقمية متدرجة حسب شدة الاستجابة، فإذا افترضنا أن هناك سؤالا معيناً يتضمن ثلاث استجابات هى: أوافق بشدة، أوافق، لا أوافق. فإن الإستجابة الأولى تأخذ الرقم (2) والثانية تأخذ الرقم (1) والثالثة تأخذ الرقم (صفر).

5 – فرانسيس بيكون:

        يقوم المنهج التجريبي عند فرانسيس بيكون على ركيزتين أساسيتين، الأولى: هى تجميع المعلومات عن طريق الملاحظة، والثانية: هى تنظيم معطيات الملاحظة.

6 – سيتوارت ميل:

        كان للمفكر والفيلسوف (جون سيتوارت مل) الفضل فى استخدام التفسير المنطقي فى مجال البحث التجريبي، وقد استخدم لذلك ثلاث طرق: طريقة الاتفاق، طريقة الاختلاف، طريقة التلازم فى التغير ، وخلاصة طريقة الاتفاق أنه إذا وجدت عدة حالات تتصف بخصائص معينة، مع وجود عامل مشترك بين هذه الحالات، فإن هذا العامل يعتبر المؤثر فى الظاهرة. أما طريقة الاختلاف، فخلاصتها أنه إذا ظهرت نتيجة معينة عندما يوجد عامل معين أو تختفي عندما يستبعد هذا العامل، فإنه يكون هو المؤثر فى الظاهرة، أخيراً، فإن طريقة التلازم فى التغير تعنى أنه إذا حدث تغير فى مقدار أو قيمة عامل حسب التغير فى مقدار أو قيمة عامل آخر، ثم تبين أن التغير الأخير لا يحدث إذا لم يحدث التغير الأول، فإن أحد العاملين سـبب أو نتيجة للعـامل الآخـر.

طبيعة البحث التجريبي:

        يقوم الباحث فى الدراسة التجريبية بوضع فرض واحد أو عدة فروض توضح العلاقة السببية المتوقعة بين بعض المتغيرات، وتجري التجربة الفعلية لتؤكد صحة أو عدم صحة الفرض التجريبي.  

        ويعد المنهج التجريبي من أفضل الطرق للبحث العلمي حيث يمدنا بمعلومات وحقائق موثوق فيها، وذلك لأنه يبدأ كما يبدأ أى منهج للتعرف على المشكلة وتحديدها ثم يقوم بعد ذلك بصياغة الفروض واستنباط ما يترتب عليها من نتائج ثم وضع تصميم تجريبي يتضمن النتائج وشروطها وعلاقتها ثم إجراء التجربة وبعدها يعمل الباحث على تنظيم هذه البيانات بطريقة غير متحيزة للأثر المفترض وجوده، ثم يقوم الباحث بإجراء اختبار دلالة مناسب للتأكد من صدق وصحة نتائج الدراسة.

مجالات البحث التجريبي:

        استخدم البحث التجريبي فى كثيرا من المجالات منها الكيميائي وغير الكيميائي والاجتماعي والتربوي والنفسي وغيرهم.. ومن أهم هذه المجالات:

أولا: البحث التجريبي فى العلوم الطبيعية

        إن أهم ما يميز النشاط العلمي الدقيق هو استخدام أسلوب التجربة. والتجارب المعملية تستخدم على نطاق واسع فى دراسة الظواهر الفيزيائية والكيميائية وفى هذه التجارب يستطيع الباحث أن يتحكم بدرجة كبيرة من الدقة فى المتغيرات المؤثرة فى الظواهر موضوع الدراسة، وذلك بواسطة أدوات ومقاييس تتوافر لها خصائص الثبات والصدق والموضوعية والدقة.

ثانيا: البحث التجريبي فى العلوم السيكولوجية

        إن دراسة تاريخ علم النفس وتطوره تبين لنا أن تجارب معملية كثيرة قد أجريت لمعرفة طبيعة الدوافع والعقل المنعكس، وذكاء الحيوان، وانتقال أثر التدريب، والإدراك وكانت هذه التجارب تجرى عادة على الحيوانات، ومن أمثلة ذلك:

( أ ) تجارب بافلوف على الكلاب.

( ب ) تجارب لاشلي على الفئران.

( ج ) تجارب تورنديك على القطط.

( د ) تجارب الجشطلت على القردة.

        وقد مهدت هذه التجارب لتجارب أخري تدرس السلوك الإنساني مثل:

  • تجارب وثورنديك على انتقال أثر التعلم.
  • تجارب أبنجيهوس على التذكر.
  • تجارب كانون على الانفعالات.
  • تجارب وطسن على سلوك الأطفال. وغير ذلك من التجارب الرائدة فى هذا المجال.

ثالثا: البحث التجريبي التربوي

        تجري البحوث التجريبية عادة على التلاميذ فى المدارس، ومن الطبيعي أن الباحث سوف يواجه بعدد كبير من المتغيرات المؤثرة فى التجربة. ومن أمثلتها أعمار التلاميذ والتحصيل الدراسي، والذكاء، والعمر العقلي، والانتباه، والدافعية، والميول والاتجاهات، ومنها أيضا المستويات الاجتماعية الاقتصادية للتلاميذ.

        ولكن من ناحية أخرى يستخدم الباحث مجموعة المقاييس الدقيقة للحصول على بيانات من مثل هذه المتغيرات السابقة، ويستخدم نتائج هذه المقاييس بعد تطبيقها على التلاميذ فى تحديد مجموعات تجريبية وأخرى ضابطة تتكافأ فيما بينها بالنسبة للمتغيرات المراد ضبطها فى التجربة.

رابعا: البحث التجريبي الاجتماعي

 يمكن للباحث أن يستخدم مجموعتين متشابهتين إلى حد كبير من حيث حجم الأسرة ومتوسط الدخل والطبقة المهنية وغير ذلك. ويعطى المجموعة الأولى برنامج اجتماعـي توجيـهي (تجريبي)، وتترك المجموعة الثانية بمثابة المجموعة الضـابطة.

مميزات المنهج التجريبي:

        يعتبر المنهج التجريبي أكثر المناهج العلمية دقة وكفاءة فى الوصول إلى نتائج موثوق بها، ويرجع ذلك إلى العديد من الأسباب هى:

  • يتيح الفرصة لتكرار التجربة تحت شروط واحدة، مما ييسر تحقيق الملاحظات وجمع البيانات عن طريق أكثر من باحث مما يؤدى إلى نتائج أكثر صدقاً وثباتاً.
  • يتيح الفرصة للباحث أن يتحكم فى متغير معين عن قصد (المتغير المستقل) والتعرف على تأثيره على المتغير أو المتغيرات التابعة فى التجربة مع تثبيت المتغيرات الأخري والتى يمكن أن تؤثر على المتغير التابع، وبذلك يستطيع الباحث تحليل علاقات السبب والنتيجة.

أما صلاح السيد قادوس (1995م) فيرى أن مميزات المنهج التجريبي هى:

  • يستطيع الباحث تهيأة وترتيب ظروف الظاهرة موضوع الدراسة بدلا من انتظار الظروف.
  • عندما يتمكن الباحث من تهيأة وترتيب ظروف الظاهرة المراد دراستها يصبح فى إمكانه تغير الاشتراطات والظروف التى تحدث فيها بدلا من تقبله لها كما وقعت.
  • يمكن من تغير أحد أو بعض العوامل التى تخضع لها تلك الظاهرة المراد دراستها وبذلك يمكن تحديد علاقات هذه العوامل والظروف بالنسبة للظاهرة.
  • يمكن تكرار الظاهرة تبعا لرغبة الباحث ثم يسمح بدقة الملاحظة والتسجيل.
  • يمكن استخدام الأجهزة والأدوات التى تتميز بالدقة مما يسمح بالتحديد الكمي للظاهرة ومعالجتها.
  • يتميز بنتائجه الفعالة التى لا تقبل الشك فى معظم تجاربه.

خطوات المنهج التجريبي:

        يقوم المنهج التجريبي على اتباع بعض الخطوات أثناء تطبيقه ويذكر خير الدين على عويس (1997م) أن الخطوات المستخدمة فى البحث التجريبي وهى نفسها المستخدمة فى مناهج البحث الأخري وهى:

  • اختيار وتحديد المشكلة.
  • اختيار أفراد العينة وطرق الاختبار والقياس.
  • اختيار التصميم التجريبي.
  • تنفيذ الإجراءات.
  • تحليل البيانات.
  • التوصل إلى الاستنتاجات.          

ويرى محمد عوض العايدي (2005م) أن خطوات البحث التجريبي تتمثل فى:

  • اختيار مشكلة أو ظاهرة البحث.
  • تحديد الهدف من التجربة تحديداً دقيقاً.
  • تحديد العوامل أو المتغيرات التجريبية التى سيتم استخدامها لمعرفة تأثيرها فى ظاهرة البحث، على أن يعرف التأثير الذى يلعبه كل عامل أو متغير.
  • اختيار نوع التجربة وتصميم القياسات بغرض الوصول إلى نتائج دقيقة وسليمة.

أنواع التصميمات التجريبية:

        يقوم المنهج التجريبي على تصميمات تجريبية تناسب هدف البحث وطبيعته وعادة ما تصنف هذه التصميمات وفق عدد من المجموعات أو العينات التى تجري عليها الدراسة، وهناك تصميمات تجريبية تجري على مجموعة واحدة وأخرى تجري على أكثر من مجموعة.

أ ) التصميمات التجريبية ذات المجموعة الواحدة:

        يجرى هذا النوع من التصميمات على مجموعة واحدة ويمتاز بسهولته أنه لا يتطلب إعادة تنظيم أو توزيع أفراد مجموعة ومن الناحية النظرية فإن هذا التصميم يتضمن ضبطا أفضل طالما أن جميع خصائص أفراد المجموعة قد أحكم ضبطها تلك الخصائص التى تمثل المتغيرات المستقلة التى تؤثر فى الظاهرة ويستخدم التصميم التجريبي على المجموعة الواحدة وفق أحد مستويين:

الأول: المستوى الأحادي.

  • إجراء اختبار قبلي على المجموعة وذلك قبل إدخال المتغير المستقل ويكون الاختبار على الظاهرة محل الدراسة ويتم تسجيل نتائج هذا الاختبار.
  • إدخال المتغير المستقل.
  • إجراء اختبار بعدي لقياس تأثير المتغير المستقل على المتغير التابع وتسجيل نتائج هذا الاختبار.
  • حساب الفروق بين نتائج الاختبار القبلي ونتائج الاختبار البعدي، ثم معرفة الدلالة الإحصائية لهذه الفروق.

الثانى: المستوى الثنائي:

        ويقصد به استخدام المجموعة الواحدة لكي تمر بمرحلتين إحداهما تضبط الأخرى وذلك على النحو التالى:

  • إجراء اختبار قبلي على المجموعة. أى قبل إدخال المتغير المستقل ويكون هذا الاختبار على الظاهرة المدروسة.
  • استخدام الأساليب العادية مع المجموعة. تلك الأساليب التى تمثل عامل الضبط.
  • إجراء اختبار بعدى على أفراد المجموعة وحساب متوسط التغير فى المتغير التابع.
  • إجراء اختبار قبلى آخر بشأن متغير مستقل جديد أى قبل إدخال هذا المتغير.
  • إدخال المتغير المستقل الجديد.
  • إجراء اختبار بعدى (أى بعد إدخال المتغير المستقل الجديد) على المجموعة وحساب متوسط التغير فى المتغير التابع.
  • المقارنة بين المتوسطين بحيث تتم معرفة الفروق بين المتوسطين ومعرفة الدلالة الإحصائية لهذه الفروق.

ب ) التصميمات التجريبية ذات المجموعات المتعددة:

       وتسمى هذه التصميمات بطرق (المجموعات المتكافئة) وقد تجري على مجموعتين إحداهما تجريبية والأخري ضابطة، وقد تجري على مجموعة تجريبية واحدة وأكثر من مجموعة ضابطة. كما قد تجري على مجموعة ضابطة واحدة وأكثر من مجموعة تجريبية ولابد من ضرورة وجود التكافؤ أى التشابه إن لم يكن التماسك بين المجموعات والحكمة من ذلك تتمثل فى أن تكافؤ المجموعات يضمن إلى حد كبير ضبط العوامل التى تؤثر فى المتغير التابع (أى فى الظاهرة المدروسة) بحيث يمكن القول بأن التغير فى تلك الظاهرة إنما يرجع إلى المتغير المستقل وليس إلى الاختلاف فى الخصائص بين الأفراد فى المجموعة التجريبية ولكن كيف يمكن تحقيق التكافؤ بين المجموعات فى البحث التجريبي فى الواقع هناك مجموعة من الأساليب يتمثل أهمها فيما يلى:

  • الالتزام بالأصل الكلي فى اختبار العينة بمعنى اختيار المفحوصين من مجتمع أصلي واحد إلا إذا كان اختلاف المجتمع سيكون بمثابة متغير مستقل.
  • العشوائية فى اختيار العينة بمعنى إتاحة الفرصة لكل الأفراد لأن يكونوا ضمن العينة التى ستجرى عليها الدراسة.
  • الضبط الإحصائي لكافة المتغيرات التى تؤثر فى المتغير التابع بحيث تكون المجموعات متكافئة فى هذه المتغيرات ويؤدى هذا الإجراء إلى ضمان التكافؤ بين المجموعتين.
  • استخدام الأزواج المتماثلة بمعنى اختيار المفحوصين على أساس زوجي (الأول يتشابه مع الثانى) فى الخصائص أو المتغيرات التى تؤثر فى نتائج التجربة ويتم اختيار أحدهما عشوائيا ليكون ضمن المجموعة التجريبية بينما يوضع الثانى ضمن المجموعة الضابطة واستخدام الأزواج المتماثلة يمكن أن يتم على أساس أكثر من خاصية أو متغير كمتغير الجنس ومتغير الذكاء على أن تكونا المجموعتين متساويتين من حيث الذكاء ويتم اختيار إحداهما عشوائيا لتكون ضمن المجموعة التجريبية بينما توضع الأخرى ضمن المجموعة الضابطة.

أهم أشكال التصميمات التجريبية التى تعتمد على أكثر من مجموعة:

1 – طريقة القياس القبلي لمجموعة ضابطة والقياس البعدى لمجموعة تجريبية:

        تتلخص هذه الطريقة فى الآتي:

  • يختار الباحث مجموعتين متكافئتين من مجتمع أصلي واحد. افترض أننا اخترنا مجموعتين متماثلتين من طلاب كلية التربية ونريد معرفة أثر طريقة تدريس حديثة فى زيادة مستوى التحصيل.
  • إجراء قياس قبلي للمتغير التابع (مستوى التحصيل) وذلك للمجموعة الأولي فقط (المجموعة الضابطة).
  • استخدام الطريقة الحديثة فى التدريس مع المجموعة الثانية وهى المجموعة التجريبية وعلى أساس افتراض التكافؤ بين المجموعتين فإن الباحث يفترض أن المجموعة الأولي ستحصل على نفس الدرجات التى حصلت عليها المجموعة الثانية لو أنه تم تطبيق القياس البعدى على المجموعة الأولي.
  • مقارنة نتائج القياس القبلي للمجموعة الأولي بنتائج القياس البعدى للمجموعة الثانية وحساب الفروق بين نتائج القياسين ومعرفة الدلالة الإحصائية لهذه الفروق.

2 – طريقة القياس البعدي للمجموعتين التجريبية والضابطة:

        وتتمثل هذه الطريقة فى:

  • اختيار مجموعتين متكافئتين وبصورة عشوائية إحداهما تجريبية والأخري ضابطة.
  • تتعرض المجموعة التجريبية للمتغير المستقل.
  • يتم قياس المتغير التابع وذلك بالنسبة للمجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة ومقارنة نتائج المجموعتين.
  • معرفة الدلالة الإحصائية للفروق بين المجموعتين ولأن المجموعتين يفترض فيهما التكافؤ والعشوائية فى اختيار المفردات فإن الفروق بين القياس البعدي للمجموعة التجريبية والقياس البعدى للمجموعة الضابطة يعزي إلى المتغير المستقل.

3 – طريقة القياس القبلي والقياس البعدي لكل من المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة:

        وتتلخص هذه الطريقة فى:

  • اختيار مجموعتين متماثلتين.
  • إجراء قياس قبلي للمجموعتين بشأن الظاهرة التى يتم بحثها.
  • تتعرض المجموعة الأولي للمتغير المستقل، أم المجموعة الثانية فلا تتعرض للمتغير المستقل.
  • إجراء قياس بعدى للمجموعتين.
  • حساب الفروق بين نتائج القياس القبلي ونتائج القياس البعدى للمجموعة الأولي والمجموعة الثانية.
  • معرفة معنوية الفروق بين نتائج القياسين وذلك بالنسبة لكل مجموعة.

وهذا التصميم يضبط المتغيرات المرتبطة بتأثير القياس القبلي كما يضبط العوامل العارضة المؤثرة فى المتغير التابع ففى حالة المجموعة الأولي يكون الفارق بين القياسين القبلي والبعدى يمثل تأثير القياس القبلي والمتغير المستقل والعوامل العارضة.

        وفى حالة المجموعة الثانية يكون الفارق بين القياسين يمثل تأثير القياس القبلي وتأثير العوامل العارضة وبالتالى فإن الفارق بين القياسين فى المجموعة الأولي والقياسين فى المجموعة الثانية يمثل تأثير المتغير المستقل على المتغير التابع.                               

بعض المفاهيم والمصطلحات المستخدمة فى المنهج التجريبي:

     هناك العديد من المفاهيم والمصطلحات المستخدمة فى البحوث التجريبية ونذكر منها:

المتغير المستقل:

        هو المتغير التجريبي- المتغير المراد معرفة تأثيره على الظاهرة (برنامج رياضي- تأثير اختبار معين).

المتغير التابع:

        هو المتغير الناتج من تأثير المتغير التجريبي أى من البرنامج المنفذ.

والمجموعة التجريبية:

        هى مجموعة المفحوصين الذين يخضعون للمعالجة الجديدة أو المتغير التجريبي الذى قيد البحث والذى نريد معرفة أثره فى الوقت الذى تعطى فيه المجموعة الضابطة معالجة مختلفة أو المعالجة المعتادة as usual.

والمجموعة الضابطة:

        ضرورية لضبط نتائج الدراسة وبهدف المقارنة لكى نرى إن كانت المعالجة الجديدة أكثر فعالية من الأسلوب المعتاد أو التقليدي أو لتحديد إن كان أحد الأساليب أكثر فعالية من غيره.

        ومما سبق نستطيع أن نعرض موجزاً للمفاهيم والمصطلحات المستخدمة فى البحث التجريبي:

المتغير المستقل (التجريبي):

        هو المتغير الذى يتحكم فيه الباحث عن طريق تثبيت جميع المتغيرات ما عدا متغير واحد.

المتغير التابع (المتغير المتأثر):

        هو المتغير الذى يتغير المتغير المستقل أى هو العامل الذى يتبع العامل المستقل.

المجموعة التجريبية:

        هى العينة التى يستخدم معها المتغير التجريبي (المستقل).

المجموعة الضابطة:

        هى العينة التى لا يجرى عليها أى تغير تجريبي.

التجارب الضابطة:

        تتلخص التجربة الضابطة فى استخدام مجموعتين من الأفراد يتشابهان فى جميع الظروف تقريبا ما عدا ظرفا أو متغيرا واحدا، ووجود هذا المتغير أو غيابه يمثل المتغير المستقل (التجريبي) فى هذه التجربة.   

العوامل التى يجب مراعاتها فى الموقف التجريبي:

  • ضرورة تكوين مجموعتين متساويتين حيث يتم ضبط جميع المتغيرات المتعلقة بالتجربة بالنسبة للمجموعتين (السن- الجنس- القدرة الحركية العامة).
  • ضرورة وجود مجموعة ضابطة- وهى فى الموقف السابق المجموعة التى لم يتوفر لديها الدافع (المجموعة ذات الدافع المنخفض) حتى يتسنى لنا مقارنة المجموعة التجريبية بها.
  • ضرورة تصميم التجربة تصميما دقيقا حتى نتمكن من التعرف على التأثير الحقيقى للمتغير التجريبي (المتغير المستقل).