يشير مصطلح "العلوم الإنسانية" إلى العلوم التي تهتم بدراسة الإنسان من حيث هو معطى موضوعي، اي كظاهرة خارجية يمكن تفسيرها وتحديدها وفق قواعد منتظمة وقوانين حتمية، ثابتة وموضوعية. وقد كان ميلادها تعبيرا عن رغبة الإنسان في معرفة ذاته وفهم حقيقته كظاهرة بعيدا عن مجال التأملات والمفاهيم الفلسفية الميتافيزيقية التي انطلق منها الفلاسفة في نظرتهم للإنسان...

   وقد جاءت نشأة فكرة العلوم الإنسانية متأخرة مقارنة بالعلوم الطبيعية، غير أن النشأة المتأخرة للعلوم الإنسانية بالمقارنة مع العلوم الطبيعية التجريبية لها  دلالة هامة في هذا الإطار؛ فبعد التقدم الكبير الذي حققته العلوم الطبيعية والتجريبية في تفسير الطبيعة والتنبؤ بها، ومن ثمة التمكن من التحكم بها والسيطرة عليها، ارتقى طموح الإنسان إلى فهم ذاته والتحكم فيها وفق نموذج عقلاني علمي أثبت فعاليته في دراسة الطبيعة، فأغرى بتطبيق واستثمار مكتسباته في مجال دراسة الإنسان.