مقدمة

لقد أصبحت قضية تحديث المنظمات التعليمية وتطويرها من أهم قضايا التعليم في العصر الحالي، وخاصة مع ازدياد حدة المنافسة بين المنظمات التعليمية، والتغيرات التكنولوجية، والثورة المعرفية، والتقدم العلمي والتقني في الاتصالات ونظم المعلومات إلى طريق العولمة والكيانات الاقتصادية الكبيرة والمنظمة العالمية للتجارة واتفاقية الجات، والنظام العالمي الجديد.

لذا فان من بين الاستراتيجيات التي اتبعتها الدولة هي العمل على تطوير قطاع التعليم بغية تقديم أفضل الخدمات التعليمية لأبناء المجتمع المصري، والوصول إلى تحقيق منظمات تعليمية عصرية قوامها التعامل مع البرامج التعليمية المتطورة وتوظيف التكنولوجيا والاتصالات الحديثة للقيام بكافة جوانب العملية التعليمية المختلفة، وتقديم خدمة تعليمية عالية الجودة، والقدرة على تحقيق الميزة التنافسية مع المنظمات التعليمية الأخرى، بالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في تقديم الخدمات التعليمية، بالإضافة الى تبادل المعلومات بين أعضاء هيئة التدريس وكافة العاملين في المنظمة التعليمية، وكذلك بين الأطراف العملية التعليمية وأصحاب المصلحة، بما يساعد على اتخاذ القرار ورفع كفاءة الأداء وفاعليته في المنظمة التعليمية.

 ظهر مفهوم التطوير التنظيمي كثمرة من ثمار التطورات العالمية، وكوسيلة فاعلة تمكن الإدارة التعليمية من القيام بدورها من خلال تطوير الفكر الإداري التقليدي، وتيسير الإجراءات، واستخدام التكنولوجيا في تحقيق جودة المخرجات أو الخدمات التي تقدمها المنظمة التعليمية، وفي الوقت ذاته المحافظة على كفاءة الأداء عبر التخطيط العلمي للتغيير، والتشخيص الميداني للمشكلات التي تواجه المنظمة التعليمية، والتكامل والشمول في التطوير.

ويعرف التطوير التنظيمي بأنه الاستجابة للتغيير، واستراتيجية تعليمية معقدة تهدف إلى تغيير المعتقدات، والاتجاهات، والقيم، والمهارات، والعلاقات، حتى يستطيع التنظيم التأقلم لاستيعاب التحديات التقنية، ومعدلات التغيير المتسارعة.

وتنبع اهمية التطوير التنظيمي من كون العصر الذي نعيش فيه هو عصر التغيرات والتطورات السريعة في بيئة المنظمة الداخلية والخارجية، لذلك ينظر إليه على أنه استراتيجية شاملة بعيدة المدى، لأن هدفه يتمثل في تطوير المنظمة بكل مكوناتها وعناصرها، وبالتالي تحسينها ونقلها من مرحلة الى أخرى، وتتمثل هذه الأهمية في التالي:

-      أنه يقوم على أسس علمية مخططة واستراتيجيات متنوعة للاستفادة من الإمكانات المتاحة ولا يقوم على المبادرات المفاجئة والعشوائية.

-      أن الهدف الأساسي له هو تطوير شامل للمنظمات، وليس إجراء تغيير لأجل التغيير فقط.

-      أنه يستند على الإلمام بمختلف العلوم السلوكية والاجتماعية، التقنية والمعرفية في إحداث التطوير.

-      أنه جهد مستمر، يتعامل مع التغيير على المدى طويل الأجل والمتوسط، وهذا يعني أن تطبيقه يحتاج إلى فترة زمنية محددة.

-      يعتمد على مشاركة ودعم الإدارة العليا في التطوير التنظيمي، لأن مشاركتها تضمن الدعم والتأييد للبرنامج التطويري ويساعد على التصدي لمقاومة التغيير.

-      إنه يحتوي على رؤية مستقبلية للمنظمات.

-      اشتراك عدد كبير من الأفراد في بناء الرؤية المستقبلية وتطوير استراتيجية الوصول الى ذلك.

-      يساعد على عملية التعلم للفرد والفريق والتنظيم بأكمله، أي أنه يركز على الأهداف والعمليات بشكل خاص، وكذلك عملية التعلم التنظيمي على أنها وسيلة لتطوير قدرة المنظمة على التغيير.

-      تغيير الثقافة ضروري للتطوير الحقيقي للمنظمة، ويقصد بها الافتراضات الأساسية والقيم والاتجاهات والمعايير السلوكية.

وعلى إثر التحديات التي تعيشها أغلب المنظمات في عالم اليوم فإن منظمات التعليم في العصر الراهن الذي تتسارع فيه التطورات العلمية والتقنية تواجه نفس التحديات، وعليه يحتل التطوير التنظيمي مرتبة متقدمة ضمن اهتمامات واضعي سياسات التطوير والتنمية التعليمية، لما له من بعد مؤثر على المدى الطويل في تحقيق أهداف المنظمة التعليمية، وبرامجها المخطط لها، حيث يعكس التطوير التنظيمي للمنظمة التعليمية مقدار الجهود البشرية المبذولة للارتقاء بمستوى المنظمة بما يحقق لها القدرة على تجاوز مشكلاتها، والانطلاق في وضع الاستراتيجية المستقبلية المناسبة التي تكفل لها تحقيق برامجها التعليمية المستهدفة.

والكتاب الذي بين يديك عزيزي القارئ يضم ثمانية فصول هي:

الفصل الأول: التطوير التنظيمي: مفهومه، أهدافه، خصائصه، عناصره، مبرراته.

الفصل الثاني: التطوير التنظيمي: نظرياته، أبعاده، مراحله، أساليبه، معوقاته. 

الفصل الثالث: مدخل النظم.

الفصل الرابع: مدخل إدارة الجودة الشاملة.

 الفصل الخامس: مدخل إعادة هندسة العمليات.

الفصل السادس: مدخل إعادة الهيكلة التنظيمية.

الفصل السابع: بعض مداخل التدخل الجزئي للتطوير التنظيمي.

الفصل الثامن: نماذج تطبيقية للتطوير التنظيمي للجامعات المصرية.

ونأمل أن يسد هذا الكتاب ركناً من المكتبة العربية والمكتبة المصرية، فيما يتعلق بالتطوير التنظيمي في المنظمات التعليمية من حيث: مفهومه، أهدافه، خصائصه، عناصره، مبرراته، نظرياته، أبعاده، مراحله، أساليبه، معوقاته، بعض مداخل التطوير الشامل والجزئي.

وفى النهاية ندعو الله سبحانه وتعالى أن ينفع به جيل القراء من الطلاب بكليات التربية – معلمي المستقبل – والدارسين والباحثين في مجال الإدارة التعليمية.