تمثل التربية الدولية إحدى الموضوعات التي تلقي اهتمام بالغاً من قبل المثقفين والتربويين والباحثين من مختلف المجالات، وذلك لما تثيره التربية الدولية من تساؤلات كثيرة في الأذهان، وللمحاولات المختلفة للربط بين ما يجري على الساحة الدولية من ممارسات، وما تسعى التربية الدولية إلى نشره من مفاهيم يراها البعض بصورة خاطئة تسير في سياق هيمنة القوى العظمي المنفردة على العالم بأسره.
ونظراً لما للتربية من دور كبير في سبيل كشف الغموض وإزالة اللبس من الأذهان، رأى المؤلفان أن يخرج هذا الكتاب إلي الساحة التربوية ليكون سبيلاً لإزالة اللبس وفض الارتباط بين التربية الدولية وما تدعو إليه من مبادئ وما تحاول أن ترسيه من قواعد، وبين ما تمارسه أي قوى صغيرة كانت أم كبيرة في سبيل فرض هيمنتها علي الآخرين، بل وللتأكيد علي أن التربية الدولية هي إحدى السبل التي من شأنها إقامة مجتمع عالمي خال من النزاعات والصراعات، تحترم فيه الدول والأفراد الاختلافات الثقافية والاجتماعية والعرقية للآخر، وتؤمن بحق الجميع في العيش في سلام وأمان.
وقد حددت توصية المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة عام 1974م، مجموعة من التوصيات تهدف إلى أن التربية الدولية تعمل على إنماء الإنسان إنماء كاملاً، وإلى تعزيز احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية، وإلي زيادة جهود الأمم المتحدة لحفظ السلام العالمي.
وتعتبر التربية الدولية محصلة كل الجهود التي تبذلها كافة المؤسسات المعنية (المحلية، والإقليمية، والدولية) من أجل تحقيق التفاهم والتعاون الدولي واحترام الثقافات المختلفة والعادات لكل شعوب العالم، بمعنى الدعوة الدولية لتنمية سياسات التعاون بين كافة دول العالم في شتى المجالات، وبصفة خاصة في المجال التربوي، مع النظر إلى العالم كله كوطن واحد لكافة البشرية، واستشراف مستقبل المصالح الدولية، بما يحقق الأهداف المنشودة.
ومن هنا تأتى أهمية هذا الكتاب باعتباره مرجعا ضرورياً فى التربية الدولية، يحاول إلقاء الضوء على أهم المفاهيم الأساسية في التربية الدولية، حيث يعد الاهتمام بإضفاء البعد الدولي على النظم التعليمية مطلباً من خلال المنظور السياسي بالجوانب القومية وسيادة الدولة. وتتجلى اهتمامات التربية الدولية في حوار الحضارات، واحترام الآخر، وتفاعل الثقافات، وتدعيم المواطنة، والتسامح الثقافي، وحقوق الإنسان والطفل، ونشر السلام العالمي.
وقد تكون هذا الكتاب من الفصول التالية:
- الفصل الأول: التربية الدولية: مفاهيم أساسية، النشأة، الفلسفة، الأهمية، الأهداف، والأسس.
- الفصل الثاني: التحديات والتغيرات العالمية التي تواجه التربية الدولية.
- الفصل الثالث: أندية اليونسكو والمناهج ذات الطابع الدولي كأحد صيغ التربية الدولية.
- الفصل الرابع: شبكة مشروع المدارس المنتسبة إلى اليونسكو.
- الفصل الخامس: المدارس الدولية كأحد صيغ التربية الدولية.
- الفصل السادس: ترخيص واعتماد الشهادات الدولية المعادلة لشهادة الثانوية العامة المصرية
- الفصل السابع: الجامعات الدولية كأحد صيغ التربية الدولية.
ونرجو أن يقدم هذا الكتاب رؤية ومدخلاً مترابطاً للحديث عن التربية الدولية وصيغها المختلفة، وأن يكون لبنة أساسية في المكتبة التربوية وإثراء حقيقياً للمعرفة في مجال التربية الدولية.
وأخيراً نرجو الله العلى القدير أن يمثل هذا الكتاب إضافة جديدة للمثقفين والتربويين والباحثين والمهتمين في مجال التربية الدولية.