تبذل القيادات التربوية المعنية بالتعليم في مصر بوجه عام، والتعليم ما قبل الجامعي بوجه خاص جهوداً مستمرة من أجل تحسين وتطوير التعليم، والارتقاء بمستواه؛ ويظهر ذلك في التوجه نحو تطبيق اللامركزية بالتعليم وانتقال السلطات والصلاحيات إلى مستوى المدرسة، وجعلها وحدة إدارية قائمة بذاتها، بهدف تحسين المخرجات التعليمية ومنح المدارس درجة كبيرة من الاستقلالية، والمرونة الإدارية، ودعم العلاقات الإنسانية التي تتميز بالانفتاح والتعاون والالتزام المتبادل مع المجتمع المحيط بها، والاهتمام بالأداء الإداري على اعتبار أنه أحد أهم أساليب تطوير العملية التعليمية.
وبذلك تعد اللامركزية ظاهرة مهمة في إصلاح وتحديث إدارة المدرسة فهي تتمشى مع مبدأ الجودة وتحقق مدخل الإدارة المرتكزة إلى المدرسة وهذا المدخل يجب أن يكون المبدأ الأساسي لإدارة المدرسة حيث يهتم بإعطاء المدرسة القوة والمسئولية لحل المشاكل عملياً بمعنى أن اللامركزية تهدف إلى الكفاءة وتقوم بمساهمة فعالة في جودة التعليم.
وتحتل قضية الجودة في التعليم أهمية كبرى في شتى أنحاء العالم، خاصة في ظل التحديات المعاصرة التي تواجهه، والمتمثلة في الثورة المعلوماتية، والتقدم الهائل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، واستخدام تكنولوجيا عالية المستوى في مختلف ميادين العمل، والتغير في طبيعة المهن وما يتطلبه سوق العمل من كفايات، والتنافس الشديد بين مؤسسات التعليم علي مختلف مراحله، والتي فرضت علي كافة المؤسسات التعليمية تطوير أدائها لوظائفها المختلفة لتحقيق معايير الجودة والاعتماد.
فعلي مستوى وظيفة التعليم أصبحت كافة المؤسسات التعليمية مطالبة بتخريج نوعية معينة من الخريجين ذوي المواصفات وشروط محددة معترف بها عالمياً، بحيث يستطيع الخريج التعامل مع معطيات التقدم العلمي والتكنولوجي واستيعاب التغيرات الهائلة في كافة المجالات. ومن ثم أصبح علي المؤسسات التعليمية ضرورة التحول من نمط الإدارة المدرسية التقليدية إلي الإدارة المدرسية الإلكترونية استجابة للتحديات المعاصرة ولتحقيق جودة الأداء لوظائفها المختلفة.
كما يعد مفهوم الإدارة الإبداعية من المفاهيم الحديثة التي تمتد لتشمل سلوك العاملين، والبحث عن التجديد والإبداع في طرق العمل الإداري، من خلال المرور بعدد من المراحل مثل: التصور، وتكوين الفكرة، ومعالجة المشكلات ووضع الحلول المناسبة لها، والتطوير، والاستخدام، والاستعداد الشخصي للفرد " المدير "المبدع، والظروف المناسبة لتحقيقه، والتدريب في ظل برامج تطويرية جديدة للعاملين في مضمونها، وشكلها، ووجود نظام إداري جديد يتبع عمليات إدارية جديدة ومبدعة.
والتمكين الإداري للمعلمين في المدرسة وسيلة جيدة للتعامل مع العنصر البشري وإدارته بشكل يحقق التفوق والنجاح للمدرسة، كما أنه الأسلوب الأفضل الذي يتمشى مع عهد العلم والمعرفة والثروة المعلوماتية، فهو يعتمد علي الرقابة الذاتية بالتعاون مع مدير المدرسة علي أنه موجه ومساعد ومدرب نحو تحقيق الأهداف التي تسعى المدرسة إلي تحقيقها، فاحترام الفرد والتعامل مع الإنسان علي أنه بالغ وعاقل وراشد يشكل مصدراً مهماً وأساسياً من مصادر تحقيق التميز والتفوق.
ويعد مدخل إعادة المهندسة مدخل إصلاحي يهدف إلي التغيير الجذري في أداء المؤسسة التعليمية، من خلال إعادة اكتشافها و تبني مفاهيم وممارسات جديدة تحكم العمل بها. ونطاق التغيير يشمل العديد من الجوانب مثل الممارسات والنظم والسياسات والبنية التنظيمية السائدة، كما يشمل إعادة توجيه كافة العاملين بالمؤسسة التعليمية، وإعادة تدريبهم علي المفاهيم والممارسات الجديدة. ويستند هذا المدخل إلي المعرفة كوسيلة لتجديد العمليات ذات القيمة المضافة. ويهدف التغيير الجذري لإعادة الهندسة إلى زيادة قدرة المؤسسة التعليمية علي الاستجابة للمتغيرات البيئية المحيطة بالمؤسسة التعليمية، وتحسين العمل، وزيادة الكفاءة والإنتاجية.
والكتاب الذي بين يديك عزيزى القارئ يضم خمسة فصول تتناول بالدراسة والتحليل الموضوعات التالية:
الفصل الأول: مدخل الإدارة الذاتية للمدرسة.
الفصل الثاني: مدخل الإدارة الإلكترونية.
الفصل الثالث: مدخل الإدارة الإبداعية.
الفصل الرابع: مدخل التمكين الإداري للمعلمين.
الفصل الخامس: مدخل إعادة هندسة العمليات.
