تعكس عملية صنع القرارات التعليمية في المجتمع الإستراتيجية والأيديولوجية لهذا المجتمع، ومن هذا المنطلق فالإدارة المركزية يتسع انتشارها في الدول الديكتاتورية التي ترمى إلى الانفراد بصنع القرارات التعليمية، أما الإدارة اللامركزية فتشير في الدول الغربية وبدرجات متفاوتة وذلك لتحقيق مزيد من الديمقراطية في إدارة التعليم ومشاركة أجهزة الحكم المحلى في صنع القرارات التعليمية ومن ثم الوصول إلى قرارات تعليمية فعالة رشيدة تتناسب وجميع الإدارات والمحليات وتتوافق مع متطلبات سوق العمل واحتياجات المجتمع الضرورية وتتمشى مع التغيرات العلمية والتكنولوجية المتلاحقة التي يشهدها مجتمع اليوم.
وأن هناك أنماط ثلاثة للقرار هي:
- القرار في ضوء الخبرات الإدارية للمدير وحدسه، إذ غالباً ما يعتمد المدير هنا على خبرته السابقة وحدسه أو إحساسه، مما قد يجعله يتخذ القرار بسرعة.
- القرار القائم على الدراسة العلمية، والإدارة هنا تقوم بدراسة المشكلة والتعرف عليها وتحليلها، ثم اختيار البديل المناسب في ضوء معايير موضوعية، وتنفيذ القرار وتقويمه، بمعنى أن القرار يحتاج إلى إتباع المناهج العلمي قبل أن يصدر.
- القرار القائم على الجمع بين الدراسة العلمية والخبرات الذاتية، والإدارة هنا تمزج بين النمطين السابقين، إذ تلجأ إلى البحث والدراسة العلمية ولا تغفل الخبرات السابقة والبصيرة والحدس والإحساس.
وعلى هذا تختلف أنماط صنع القرارات التعليمية من دولة لأخرى تبعاً لاختلاف أنماط الإدارة التعليمية والقوى والعوامل الثقافية المؤثرة في صنع القرارات.
وتتمتع عملية صنع القرار التعليمي في كندا بالمشاركة الفعالة بين جميع مستويات الإدارة التعليمية، فتشارك السلطات التعليمية المحلية بصورة مباشرة في إجراءات وعمليات صنع واتخاذ القرار التعليم ومتابعة تنفيذه على كافة المستويات الإدارية وذلك يرجع للامركزية التي تتسم بها إدارة التعليم بكندا.
وتأتى أستراليا في مقدمة الدول المتقدمة التي تعطى لعملية صنع القرارات التعليمية مساحة أوسع في المشاركة الشعبية والمحلية والمدرسية في رسم ملامح النظام التعليمي والسياسة التعليمية من خلال انتشار الهيئات السلطات والمجالس المحلية والإقليمية في جميع أنحاء أستراليا والتي تلعب دوراً رئيسياً في تصنيع القرار التعليمي وذلك لِمَ تتمتع به أستراليا من ديمقراطية واسعة لا مركزية ملموسة في إدارة التعليم وصنع واتخاذ قراراته؛ إلى الحد الذي نجعل منها نموذجاً يحتذي به في عملية صنع القرار التعليمي بالدول المركزية التي لا تعطى للمشاركة الشعبية دوراً حيوياً ملموساً في صنع القرارات التعليمية، كما تنفرد بها سلطة واحدة في صناعة تلك القرارات التعليمية، كما تنفرد بها سلطة واحدة في صناعة تلك القرارات دون إعطاء حق للسلطات الإدارية الأدنى (الإقليمية والمحلية والمدرسية) فرصاً كافية في صناعة القرار التعليمي كما هو حالياً بمصر، حيث تنفرد وزارة التربية والتعليم بحق صناعة القرارات التعليمية وإصدار القوانين المنظمة للتعليم في جمهورية مصر العربية.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية يرجع نجاحها في نظامها التعليمي إلى المدخل الملائم لاتخاذ القرارات التعليمية ولا مركزية صنع هذه القرارات، حيث تشارك السلطات التعليمية المحلية يجمع الولايات في صنع القرارات التعليمية مما يعكس مدى الثقة الكاملة في صنع القرار التعليمي.
وفى إنجلترا نجد أن عملية صنع القرار التعليمي فيها تتم من خلال المشاركة الإيجابية الفعالة من مديري المدارس وأولياء الأمور وروابط المدارس وجماعات المصالح وإدارات التعليم والأحزاب السياسية والقطاع الخاص، حيث يُدلى كل هؤلاء بآرائهم ومقترحاتهم وملاحظاتهم حول شئون التعليم واتخاذ قراراته.
وفى اليابان التي تجمع بين مزايا المركزية واللامركزية في إدارة التعليم، فعملية صنع القرار التعليمي بها تتم بصورة جماعية، حيث يتم مناقشة القرار المقترح عن طريق الوحدات الإدارية المختلفة حتى تصل إلى اتفاق عليه وحينئذ فقط يتخذ القرار.فإجراءات اتخاذ القرار في اليابان تبدأ في المستويات الإدارية الدنيا والوسطى بينما اتخاذ القرار نفسه والإشراف على تنفيذه يظل مسئولية الإدارة العليا، ويسبق تقديم الاقتراح عدة مناقشات، ومشاورات غير رسمية بين الأفراد، حيث يعطى اليابانيون أهمية كبرى للمناقشات غير الرسمية التي تسبق تقديم الاقتراحات وإصدار القرار.
وفى فرنسا على الرغم من التزامها بالأسلوب الديمقراطي في الحكم إلا أنها تمثل النمط المركزي التقليدي في إدارة التعليم وتنظيمه، حيث تنفرد السلطات المركزية باتخاذ القرارات إلا أنها في الوقت نفسه تعطى أهمية لمشاركة السلطات التعليمية والإقليمية والمحلية في صياغة السياسة التعليمية وصنع القرار التعليمي.
والكتاب الذي بين يديك عزيزى القارئ يضم أربعة فصول هي:
- الفصل الأول: صنع القرار التعليمي في الأدبيات التربوية المعاصرة.
- الفصل الثاني: صنع القرار التعليمي في جمهورية مصر العربية
- الفصل الثالث: صنع القرار التعليمي في كندا.
- الفصل الرابع: صنع القرار التعليمي في استراليا
