أصبحت التربية المقارنة علماً متداخل التخصصات، تتكون بنيتها المعرفية من معلومات تربوية ومعلومات غير تربوية، وتتمثل الغاية الأساسية لهذا العلم فى زيادة المعرفة التربوية على الصعيد الدولى، سواء على المستوى الأكاديمى أو التطبيقى، وفى استشراق مستقبل تربوى أفضل من خلال طرح سياسات تربوية مستقبلية، وحلول مستقبلية للمشكلات والقضايا التربوية بما يتلائم والتغيرات العالمية والمتطلبات المستقبلية سواء كان ذلك على مستوى العالم أم على مستوى الدولة الواحدة.

ومع تزايد الاهتمام بعلم التربية المقارنة من قبل رجال التربية المقارنة والمخططين التربويين والمنفذين للسياسات التعليمية والباحثين والدارسين فى مجال الدراسات التربوية المقارنة، ومن أبرز الاهتمامات فى ميدان التربية المقارنة، زيادة الاهتمام بالإطار النظرى للدراسات التربوية المقارنة، وتقوم أهمية هذا الإطار النظرى على الأصول والنظريات والفروض والمبادئ والنماذج التى تستند إليها، وتساعد دارس التربية المقارنة فى نفس الوقت على تحليل ودراسة الجوانب المختلفة للعملية التربوية والعلاقات الوظيفية التى تحكمها.

وبالرغم من أن دارس التربية المقارنة يدرس- عادة المناهج أو المداخل المختلفة للدراسات التربوية المقارنة، إلا أن المتابع لمخططات الدراسات والبحوث ورسائل الماجستير والدكتوراه فى هذا المجال... يمكنه أن يلاحظ أن غالبيتها- إن لم تكن جميعها- تقع فى ثلاثة محاور هى:

  • المحور الأول: الدراسات والبحوث التى تكشف عن واقع النظام التعليمى فى دولة معينة، ومقارنته بواقع النظم التعليمية فى دولة أخرى، أو عدة دول أخرى، بهدف مقارنة هذه النظم بنظيراتها فى الدول الأخرى.
  • المحور الثانى: وهى مجموعة الدراسات والبحوث التى تكشف- عادة- عن تطور نظم التعليم فى فترتين زمنيتين مختلفتين، فمثل هذه الدراسات والبحوث لا تهتم بوصف النظام التعليمى كما هو كائن الآن، ولكنها تولى اهتمامها بدراسة تطور هذا النظام خلال فترة تاريخية معينة، وعقد المقارنة بين أسلوب تطور هذا النظام بنظم التعليم فى دول أخرى، ولأى مدى استجاب هذا النظام- أو ذاك- خلال تطورها عبر التاريخ إلى القوى والعوامل الثقافية المؤثرة، وكيف أدت القوى والعوامل الثقافية الواحدة إلى نتائج مختلفة فى النظم التعليمية أو جزئياتها.
  • المحور الثالث: وهى مجموعة الدراسات والبحوث فى مجال التربية المقارنة، التى تهتم بالتغيرات التى يمكن إحداثها على نظام تعليمى، أو على جزئية منه، بقصد تطويره أو إصلاحه، مستهدين- فى ذلك- بخبرات دولة معينة أو عدة دول، أو فى ضوء بعض الاتجاهات العالمية المعاصرة أو المستقبلية، التى يمكن أن تؤثر فى النظام التعليمى موضوع الدراسة.

ومن المهم ألا يخلط دارس التربية المقارنة بين هذه المحاور المختلفة، وأن يكون لديه الحس البحثى الذى يجعله يتوجه ببحثه وأدواته نحو الهدف الذى يسعى لتحقيقه.

وإن كان هناك تأكيدات على وجود عدة مؤلفات قيمة فى مجال التربية المقارنة، إلا أن المكتبة العربية ما زالت فى حاجة ماسة إلى المزيد من الكتابات والمؤلفات والدراسات والبحوث التى تثرى مجالات الحقل التربوى المقارن، وبصفة خاصة ما ينتمى إلى الأصول المنهجية فى التربية المقارنة، وكذلك النظم التعليمية فى الدول المختلفة.

ومن هنا تأتى أهمية هذا الكتاب باعتباره مرجعا ضرورياً فى التربية المقارنة يجمع بين الأصول النظرية والعلمية من ناحية وبين الجوانب التطبيقية والممارسات العملية من ناحية أخرى.

وقد تناولنا فى الفصل الأول، التربية المقارنة (المفهوم- الأهداف- مجالات البحث)، وقد استعرضنا فيه مفهوم التربية المقارنة وأهدافها، ومجالات البحث فى التربية المقارنة، ومصادر البيانات أو المعلومات فى التربية المقارنة، وصعوبات البحث فى التربية المقارنة.

وفى الفصل الثانى، تحدثنا عن تطور التربية المقارنة وتطور مناهجها، وقد تناولنا فيه المراحل التالية: مرحلة النقل أو الاستعارة (المنهج الوصفي)، ومرحلة القوى والعوامل الثقافية (المنهج التاريخى)، ومرحلة المنهجية العلمية (المنهج العلمى)، وأخيراً تناولنا العرب والتربية المقارنة.

وفى الفصل الثالث، تناولنا مناهج البحث فى التربية، وقد اقتصرت معالجتنا على المناهج التالية: المنهج التاريخى أو الاستردادي، والمنهج الوصفي، والمنهج التجريبي، والمنهج المقارن.

وفى الفصل الرابع، تحدثنا عن بعض المداخل البحثية فى التربية المقارنة، تناولنا فيه بالدراسة والتحليل المداخل البحثية التالية:مدخل إسحق كاندل، ومدخل نيقولاس هانز، ومدخل جورج بيريدى، ومدخل برايان هولمز، ومدخل هارولد نوح وماكس إكستاين فى دراسة التربية المقارنة.

  وفى الفصل الخامس: تحدثنا عن "نظام التعليم الإلزامى فى جمهورية مصر العربية"، تناولنا بالدراسة والتحليل تعليم ما قبل المدرسة الابتدائية ومرحلة التعليم الإلزامى فى جمهورية مصر العربية.

وفى الفصل السادس: تحدثنا عن "نظام التعليم الإلزامى فى فرنسا"، تناولنا بالدراسة والتحليل تعليم ما قبل المدرسة الابتدائية ومرحلة التعليم الإلزامى فى فرنسا.

وفى الفصل السابع: تحدثنا عن "نظام التعليم الإلزامى فى جمهورية الصين الشعبية"، تناولنا بالدراسة والتحليل تعليم ما قبل المدرسة الابتدائية ومرحلة التعليم الإلزامي فى جمهورية الصين الشعبية.

أما فى الفصل الثامن: تحدثنا عن "نظام التعليم الإلزامى فى اليابان"، فقد تناولنا بالدراسة والتحليل تعليم ما قبل المدرسة الابتدائية و مرحلة التعليم الإلزامي فى اليابان.