لقد شهدت السنوات الأخيرة اتجاهاً حديثاً فى الإدارة المدرسية، فلم تعد وظيفة هذه الإدارة هى تسيير شئون المدرسة سيراً روتينياً، ولم تعد وظيفة مدير المدرسة مجرد المحافظة على النظام المدرسى فى المدرسة، والتأكد من سير الدراسة وفق الجدول المدرسى الموضوع، وحصر حضور وغياب التلاميذ والعمل على إتقانهم للمواد الدراسية، بل أصبح محور العمل فى هذه الإدارة يرتكز على التلميذ وتوفير كل الظروف والإمكانات التى تساعد على توجيه نموه الجسمى والعقلى والروحى وجهة سليمة، والتى تعمل على تحسين العملية التربوية لتحقيق هذا النمو. كما أصبح يدور حول تحقيق الأهداف الاجتماعية التى يدين بها المجتمع، وبالتالى أصبح تحقيق الأهداف التربوية والاجتماعية هو محور الارتكاز فى عمل الإدارة المدرسية حالياً بعد أن كان دورها فيما مضى يضيع وسط الاهتمام بالنواحى الإدارية، وبالتالى لم تعد المدارس فى الوقت الراهن مجرد أدوات تدار كالآلات بل أصبحت المدرسة كائن حى يهتم بإصلاحه وترقيته وتطويره خبرات فنية وتربوية.

والتنظيم الإدارى الموجود فى المدرسة والتى يرأسها مدير يعتبر مثالاً لمجموعة عمل متكامل، متضافر فى إتمامه جهود فريق من العاملين فى المدرسة، هى فى حقيقتها مثل واضح لتكامل الخبرة التربوية إدارياً أو فنياً، فى حين أن هذه الجهود المبذولة والموزعة بين الأفراد فى الفريق المتكامل قد تفشل أو تتفتت على صخرة الإدارة المدرسية السيئة والممثلة في مدير المدرسة ومساعديه، سواء فى طريقة الإدارة، أو أسلوب الإدارة وفلسفتها، أو نمط القيادة المدرسية.

ويفقد التنظيم الإدارى فى المدرسة فاعليته بفقد قدرته على تحقيق الأهداف التربوية للمدرسة، وهو ما وجد من أجله، وبالتالى ينعدم وجوده، وهنا تتضح العلاقة الوطيدة بين كل من نمط الإدارة المدرسية وفاعلية التنظيم الإدارى المدرسة، حيث أن نمط الإدارة المدرسية بصورته السلبية، يعكس عدم الاستقرار، الذى ينعكس بدوره على فعالية العملية التربوية، أى أن النمط الإداري الذى يستخدمه مدير المدرسة يؤثر سلباً أو إيجاباً على تحقيق الأهداف التربوية للمدرسة، كما ينعكس ذلك على عمل المعلمين وتعاملهم مع التلاميذ داخل الفصل.

وعلى هذا يتضح أن مدير المدرسة الذى يهيئ الجو المناسب داخل البيئة المدرسية ويشجع العمل التعاونى،ويدعم تبادل الرأى تجاه حل المشكلات التى تواجه المدرسة يسهم إسهاماً فعالاً فى تقدم ورقى الأداء المدرسى، وتحقيق أفضل النتائج بأكفأ الطرق، وقدرة المدرسة على تلبية المتطلبات المجتمعية المتجددة.

وتمثل الإدارة المدرسية المستوى الإجرائى للسياسة التعليمية، فهى تمثل المستوى الأخير فى الإدارة التعليمية الذى يتم فيه ممارسة العمل التربوى بطريقة مباشرة مع قطاعات واسعة من التلاميذ والمعلمين وأولياء أمور التلاميذ وغيرهم من أفراد المجتمع المحلى، الذين لهم علاقة ومصلحة مباشرة، أو غير مباشرة بالعمل المدرسى، الأمر الذى أدى إلى تنوع مجالات عمل الإدارة المدرسية، ولاشك أن وعى مدير المدرسة بهذه المجالات سوف يزيد فعالية الإدارة المدرسية وكفاءتها، فمدير المدرسة يمكن اعتباره الوجه المباشر والفعال للعمل الإدارى والتربوى، بل أن أهمية مدير المدرسة فى الإدارة المدرسية تنطلق من حقيقة أنه العامل المباشر والمؤثر فى تحقيق وتنفيذ ما يرسم من سياسة تربوية تعليمية، وما يتوقع منها أن تحققه من أهداف التكيف الاجتماعى مع متطلبات البيئة.

والكتاب الذى بين يديك عزيزى القارئ يضم خمسة فصول تتناول بالدراسة والتحليل الموضوعات التالية:

الفصل الأول: الإدارة المدرسية فى جمهورية مصر العربية

الفصل الثانى:   المهارات القيادية والإدارية لمديرى المدارس.

الفصل الثالث: الاتصالات التربوية الفعالة.

الفصل الرابع:  بعض النماذج الإدارية الحديثة فى الإدارة المدرسية.

الفصل الخامس: التنمية المهنية والتدريب أثناء الخدمة للقيادات التربوية والمعلمين.