الفصل الثالث

الأدب العبري في مرحلة الإحياء

( المرحلة الفلسطينية 1905- 1948)

 

بدأت المرحلة الفلسطينية بإنهيار المراكز الأدبية العبرية فى شرق أوروبا فى أعقاب الحرب العالمية الأولى والثورة الروسية ، وذلك لعدة أسباب ، أبرزها:

1- أن النظام الشيوعى أشهر اللغة العبرية كلغة برجوازية دينية.

2- إقدام النظام الشيوعى على سجن العديد من الأدباء اليهود.

3- هجرة العديد من يهود شرق أوروبا إلى الولايات المتحدة الأمريكية هرباً من الإضطهاد القيصرى وبحثاً عن مخرج من التردى الإقتصادى والفكرى الذى ألم بالجموع اليهودية فى شرق أوربا.

وحينما انتقل المركز الأدبي العبري ليمارس نشاطه على أرض فلسطين، لم ينتقل إليها كاستمرار للآداب المكتوبة بالعبرية في أوربا ، بل كتحوُّل في الصورة والمضمون. وتحتم على أدباء العبرية في فلسطين أن يطرحوا جانباً الموضوعات التقليدية التي تناولها الأدب العبري في أوروبا حتى ذلك الوقـت، وبدأوا يبحثـون عن موضـوعـات جديدة، وصور جديدة تتلاءم مع الوضع الاستيطاني الجديد الذي تسعى الصهيونية إلى تحقيقه.

ففي أوروبا، كان أديب العبرية يعيش واقعاً غريباً عنه ويتبنى رؤية صهيونية. وطوال هذه الفترة كانت فلسطين موضوعاً مُهمَلاً، ولم يكن هناك إلا بعض الأشعار هنا وهناك أو بعض القصص التي تناولت موضوع الحنين تحت تأثير الرومانسية الأدبية الأوربية. ولذا، حينما انتقل بعض أدباء العبرية إلى فلسطين، لم تَعُد الصهيونية مجرد أفكار يتبنونها وإنما حقائق استيطانية تؤثر في حياتهم اليومية.

وأظهرت خطوات الاستيطان الصهيوني الأولى في فلسطين مخاوف المستوطنين الجدد من أن تضيع أقدام هذا الجيل في مصير مجهول. وانعكست هذه المخاوف على الصورة الأدبية، وظل هناك سؤال أساسي يلح على وعي الأدباء الذين نزحوا إلى فلسطين: ما صورة الوجود في فلسطين؟ وهل حقاً ستُحدث تلك الثورة (الصهيونية) في داخلهم التحول الوجودي المطلوب؟

ومن ثم فقد لازم هذا التوتر الأدب العبري في تلك الفترة، وأدَّى إلى ردود فعل مختلفة تتراوح بين الاقتناع والارتباط بهذا الواقع الجديد من جهة، واليأس والإحباط من جهة أخرى. حتى إن الدارس ليمكنه أن يلمس في أدب تلك الفترة، وبسهولة، مدى الأزمة النفســية التي عاشــها المهاجـرون الجـدد، أولئك الذين ما زالوا يتخبطون في أزمة البحث عن الذات([1]).

وينتمي الأدب العبري في المرحلة الفلسطينية إلى عدة أجيال أو موجات من الهجرة ، هي([2]):-

1- جيل الاستيطان القديم والهجرة الأولى (1882 -1903 ): ويقصد بذلك اليهود الذى أقاموا هجرات صغيرة إلى أرض فلسطين إما للموت فى "أرض المعاد" أو هجرات فردية أسرية. وضمت من 20 إلى 30 ألف مهاجر. جاءت الأغلبية الساحقة من روسيا ورومانيا وبولندا (أى يهود اليديشية), وارتبطت تلك الموجة بقوانين مايو. ومن أبرز أدباء هذا الجيل "موشيه سميلنسكي" الذي اهتم بالكتابة عن أحوال الاستيطان العبري في فلسطين ، وتصوير حياة السكان الأصليين من العرب والبدو. 

2- موجة الهجرة  الثانية (1904 – 1914): وقد ضمت تقريباً عدد يتراوح بين 35 و 40 ألف يهودى. وأبرز أدباء تلك الموجة الشاعرة (راحيل) التي تعهد أول شاعرة تظهر على ساحة الشعر العبري الحديث، و(دافيد شمعوني). حيث يتميز شعرهما بالتغني بالفرح بأرض فلسطين.

3- موجة الهجرة  الثالثة (1919 – 1923):  وكانت تضم بين أعضائها "جولدا مائير" ، وضمت 35 ألف يهود غالبيتهم من روسيا وبولندا ، من أبناء الطبقة العاملة. وقد عبر أدباء تلك الموجة عن التغييرات الاجتماعية والسياسية التي حدثت بعد الحرب العالمية الأولى ، والثورة البلشفية ، ودعوا إلى إحداث تغييرات بعيدة المدى في بنية التجمع اليهودي، ورغبوا في إقامة مجتمع تعاوني في القرية والمدينة. ويعتبر(إسحاق لمدان) من أبرز أدباء تلك الموجة ، وخير من عبر عن هذه التغييرات. وكذلك يبرز أفراهام شلونسكي الذي عبر في شعره عن يأس جيله.

 4- موجة الهجرة  الرابعة (1924 – 1932): ويعتبر (ناتان الترمان)، و(ليئة جولدبرج) من أبرز أدباء تلك الهجرة ، والتي أخذت دفعة قوية مع هجرة (حاييم بياليك) إلى فلسطين عام 1924. وقد برز اهتمام الترمان بالجوانب السياسية ، وقد أثرت أعماله كثيرًا في الجيل الذي تلاه. 

5- جيل البلماح([3]): ويطلق عله كذلك جيل فى البلد "דור בארץ"  . وأدباء هذا الجيل نشروا إنتاجهم الأدبى فى نهاية الثلاثينات والأربعينات. ومعظمهم من جيل الشباب ، تنوع إنتاجهم بين الشعر والنثر ، وتأثروا في أدبهم بشلونسكس والترمان على وجه الخصوص. من أبرز أدباء هذا الجيل موشيه شامير ، وحاييم جوري ، وسامخ يزهار([4])

أما مصادر التأثير في الأدب العبري في فلسطين، فهي كثيرة ومتنوعة. فأدب الهجرة الأولى كان لايزال يسير في ركاب أدب حركة التنوير، كما أن الواقعية الاجتماعية كانت تبرز بوضوح في أعمال رواد الهجرتين الأولى والثانية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأدب الذي أُنتج في أيام الهجرة الثالثة نحا منحى وضعياً.

وإذا كان أبناء الهجرة الثانية قد اعتقدوا أنه سوف تتحقق في فلسطين كل الآمال الصهيونية الاستيطانية، فإنهم سرعان ما شعروا بأنهم تعلَّقوا بآمال واهية، ولذا عاد الكثير منهم إلى حيث أتوا. أما الذين مكثوا في فلسطين، فقد أنتجوا أدباً أكد قيم الصهيونية. وخلق التناقض بين مطالب الهجرة الصهيونية وبين الواقع النفسي للمهاجرين أدبـاً مركَّبـاً يتـأرجح بين رؤية المهـاجرين والواقع المرير الذي اصطدموا به([5]).

ويمكن تحديد السمات العامة للأدب العبري في تلك المرحلة فيما يلي([6]):

1- التأثر بالطبيعة الفلسطينية، وهو ما ظهر واضحًا في أشعار راحيل، وشلونسكي.

2- بروز الشعر السياسي بشكل يفوق مثيله في المرحلة الأوروبية؛ نظرًا لكثرة الصراع بين اليهود وغيرهم في فلسطين، سواء صراع اليهود مع العرب، أو صراعهم مع الإانجليز.

3- تأرجح الأدب العبري بين الواقعية في بدايته كما يظهر في شعر الترمان ، والرمزية كما يظهر في أشعار شلونسكي.

4- بروز شعر الرثاء كغرض أساسي من أغراض الشعر العبري في المرحلة الفلسطينية في أعقاب الثورة البلشفية والثورات العربية ضد الاستيطان اليهودي.

5- تأثر اللغة العبرية باللغة العربية ودخول العديد من الألفاظ العربية إلى العبرية.

 

 

ناتان الترمان (1910 - 1970)

من أكبر الشعراء العبريين في هذا العهد، وهو كاتب مشهور وروائي ومترجم دقيق، وهو أحد اعضاء حركة (أرض إسرائيل الكاملة )، ولد في وارسو عام 1910، هاجر اللى فلسطين عام 1925 بعد أن بلغ سني شبابه، وتخرج من كلية هرتسليا ، سافر بعدها الى فرنسا لدراسة الهندسة الزراعية، عمل في الصحافة العبرية ( هاارتس , دافار , طوريم , معاريف )، واشتهر بالعمود الاسبوعي الذي كان ينشره في صحيفة دافار، والذي كان يضمنه النقد الاجتماعي الساخر الذي كان له تأثيراعلى الشبيبة.

وضع أناشيد عبرية وترفيهية كثيرة , وألف اشعارًا في الحب والطبيعة والجمال والمناظر وأشعارا للأطفال . له ترجمات لشكسبير وراسين للعبرية ، وترجم من الكتب الكلاسيكية والحديثة العهد , وألف مسرحيتين ، وفي عام 1968 حاز على جائزة إسرائيل للأدب.

من أشعاره : ( כוכבים בחוץ كواكب في الخارج 1938 ), ( שמחת עיניים بهجة العيون 1944 ), ( מכות מצריים ضربات مصر 1947) , ( עיר היונה مدينة الحمامة 1957) . توفي عام 1970 ([7]).

 

 

אַנְשֵׁי עֲלִיָּה שְׁנִיָּה

 נָתָן אַלְתֶרְמַן

 

הֵם הָיוּ עֲלָמִים צְעִירִים,

הֵן הָיוּ עֲלָמוֹת צְעִירוֹת.

כְּעוֹלִים חֲדָשִׁים עִם צְרוֹרוֹת זְעִירִים

הִתְהַלְּכוּ בִּיהוּדָה וּבְבִקְעַת כִּנָּרוֹת.

 

הֵם (בְּעֵרֶך לִפְנֵי חֲמִשִּׁים שָׁנָה)

אַרְצָה בָּאוּ לִהְיוֹת חֲלוּצִים רִאשׁוֹנִים.

וְכָל רוֹאֵיהֶם

אָמְרוּ עֲלֵיהֶם:

אֵיזֶה מִין בְּנֵי-אָדָם מְשֻׁנִּים!

 

עוֹלִים אַרְצָה

אֶל אֶרֶץ בִּצּוֹת וּשְׁמָמוֹת.

בֶּאֱמֶת בְּנֵי-אָדָם מְשֻׁנִּים מאד!

 

הֵם אָמְרוּ: אֵין דַּי לְדַבֵּר

עַל צִיּוֹן וְעַל אֶרֶץ אָבוֹת.

צָרִיךְ לְסַקֵּל וְלַחְפֹּר בְּאֵר

וְלַחֲרשׁ וְלִזְרֹעַ. צָרִיךְ לַעֲבֹד.

 

זאת אמרו ועשו. בין בזים ושונאים

הם עמלו עד בלי כח בשדות קמשונים.

וכל רואיהם

אמרו עליהם:

איזה מִן בני-אדם משונים!

 

אומרים ועושים,

ויוצאים לעבוד.

באמת בני אדם משונים מאד.

 

 

הֵם אָמְרוּ, לׂא צָרִיךְ שֶׁנִירא

מִשּׁודֵד וּמִצַּר וְרודֵף.

יֵשׁ לָקוּם וְלָצֵאת לַשְּׁמִירָה

עַל סוסָה עִם רובֶה עַל כָּתֵף

 

הם אמרו: בלשונות נכר

מדברים היהודים. נחליט

מהיום (אל נאמר ממחר)

לדבר ולכתוב עברית

 

ובעברית שרדמה בספרים ישנים

הם זמרו, התווכחו וערכו עיתונים.

וכל רואיהם

אמרו עליהם:

איזה מִן בני-אדם משונים!

 

מדברים הם עברית

(אזניכם השומעות!)

באמת בני אדם משונים מאד.

 

 

في قصيدته (رجال الهجرة الثانية)، التي يمكن توصيفها بأنها الصياغة الشعرية لأبرز مقولات الأيديولوجية الصهيونية، يحاول الشاعر ( ناثان ألترمان) أن يرصد مشاكل الاستيطان اليهودي، سواء تلك التي واجهت جيل الرواد من أبناء الهجرة الثانية أو تلك التي عايشها بنفسه إبان الهجرة الثالثة. فالقصيدة تعد سجلاً تاريخيًا يصور الواقع المرير للاستيطان اليهودي في بدايته، ومن ناحية أخرى نجده يعظم جهود من أسماهم (رجال الهجرة الثانية) في تأسيس المجتمع اليهودي الجديد وإحياء اللغة العبرية، وجعلها لغة ثقافة وحديث يومي، ثم يجعل من نجاحهم في هذا المسعى سبباً لوصفهم بـ (التميز والتفوق المطلق) على سائر البشر، فيقول:

הֵם הָיוּ עֲלָמִים צְעִירִים,

הֵן הָיוּ עֲלָמוֹת צְעִירוֹת.

כְּעוֹלִים חֲדָשִׁים עִם צְרוֹרוֹת זְעִירִים

הִתְהַלְּכוּ בִּיהוּדָה וּבְבִקְעַת כִּנָּרוֹת.

ويحاول الترمان ترسيخ وَهْمِ (التميُّز) في نفسية قارئه اليهودي، بشكل خاص، عبْر صياغة هذا الوهم على شكل لازمة شعرية([8]) راح يكررها، عقب كل مقطع من مقاطع قصيدته السبعة، واصفاً فيها رجال الهجرة اليهودية الثانية، بقوله:

הֵם (בְּעֵרֶך לִפְנֵי חֲמִשִּׁים שָׁנָה)

אַרְצָה בָּאוּ לִהְיוֹת חֲלוּצִים רִאשׁוֹנִים.

וְכָל רוֹאֵיהֶם

אָמְרוּ עֲלֵיהֶם:

אֵיזֶה מִין בְּנֵי-אָדָם מְשֻׁנִּים!

وسعياً منه لزيادة إيهام قارئه بـصحة زعمه في تميُّز أولئك اليهود، صاغ هذا الزعم على شكل صيحة إعجاب جَهِدَ لكي يُبديها عفوية، وهي تنطلق من فم الذين شاهدوا إنجازات رجال الهجرة الثانية، موحياً بأن أولئك المشاهدين محايدون، أي ليسوا يهوداً، ليضفي على شهادتهم ما يُوهِم بصحتها أكثر.

كما يسعى لإيهام قارئِه، بأن العرب الذين وَجدَ المهاجر اليهوديُّ نفسَه مضطراً لمواجهتهم على أرض فلسطين ليسوا أصحابها الأصليين، وذلك بأسلوب بعيد عن المباشرة ، يعتمد على لقطات فنية سريعة، تسعى إلى تأكيد ذلك الوهم، في وعي القارئ، عبر دفعه إلى  التساؤل متعجباً: كيف يمكن أن يكون العربُ أصحابَ هذه الأرض، ثم يتركونها قفراً. فيقول:

עוֹלִים אַרְצָה

אֶל אֶרֶץ בִּצּוֹת וּשְׁמָמוֹת.

בֶּאֱמֶת בְּנֵי-אָדָם מְשֻׁנִּים מאד!

وهو يحاول التدليل على تفوق اليهود في بناء الحضارة وعمارة الخراب من خلال تحويل (أرض الآباء والأجداد) إلى جنات وحدائق بعد أن كانت مجرد (أرض خربة) وصحراء ليس فيها غير الشوك ، حين وصلتها طلائع مهاجريهم ، ويبالغ في وصف ما أسماه (إنجازات) أولئك المهاجرين الذين ما إن رأوا فلسطين، بعد وصولهم إليها، على تلك الحال (البائسة) من (الخراب والتخلف)، حتى تنادوا إلى التشاور مقررين عمارة تلك الأرض:

הֵם אָמְרוּ: אֵין דַּי לְדַבֵּר

עַל צִיּוֹן וְעַל אֶרֶץ אָבוֹת.

צָרִיךְ לְסַקֵּל וְלַחְפֹּר בְּאֵר

וְלַחֲרשׁ וְלִזְרֹעַ. צָרִיךְ לַעֲבֹד.

وفي ذروة هذه الاحتفالية بإنجازات (العبقرية اليهودية)، لم ينس الترمان أن يقارن بين الفلسطينيين الذين يصفهم بـ (البدائيين المتخلفين والعدوانيين الأغبياء)، وبين عدوهم المهاجر الصهيوني، الذي يصوِّره في صورة مَن لا مثيل له في تمدنه وتحضره. وهو يتعمَّد عدم إظهار العرب في قصيدته، إلا بعد نجاح مهاجريه في تحويل ما أسماه (حقول الشوك) التي كانت تغطي أرض فلسطين، حسب زعمه، إلى (جنات عدن).. وبالطبع، لا يظهر العرب، في هذه القصيدة، كسكان شرفاء وأصحاب أرض غيورين على أرضهم، ساعين إلى تحريرها وطرد الأغراب منها، بل كـ (لصوص)، كل همهم سرقة محاصيل أولئك المستوطنين وتخريب منجزاتهم الحضارية أو تدميرها!!.. يتضح ذلك من هذه الكلمات التي وضعها (ألترمان) على لسان مهاجريه، وهدَفَ منها إلى الحطِّ من قيمة العربي بقدر إعلاء قيمة اليهودي المهاجر، مؤكداً أنه، بهذا التغيير، لم يعد في تلك الأرض (خواء حضاري)، بل حضارة حديثة متقدمة، ومن واجب الذين شيَّدوها وواجب أبنائهم أن يدافعوا عنها بكل ما لديهم..

הֵם אָמְרוּ, לׂא צָרִיךְ שֶׁנִירא

מִשּׁודֵד וּמִצַּר וְרודֵף.

יֵשׁ לָקוּם וְלָצֵאת לַשְּׁמִירָה

עַל סוסָה עִם רובֶה עַל כָּתֵף

وفي سبيل اختلاق هوية ثقافية مشتركة، يحضُّ ألترمان جماهير اليهود من المهاجرين على إحياء العبرية القديمة، وجعلها لغة ثقافة وحديث يومي، ثم يجعل من نجاحهم في هذا المسعى سبباً لوصفهم بـ (التميز والتفوق المطلق) على سائر البشر!! فيقول على لسان أولئك المهاجرين:

הם אמרו: בלשונות נכר

מדברים היהודים. נחליט

מהיום (אל נאמר ממחר)

לדבר ולכתוב עברית

 

ובעברית שרדמה בספרים ישנים

הם זמרו, התווכחו וערכו עיתונים.

וכל רואיהם

אמרו עליהם:

איזה מִן בני-אדם משונים!

 

מדברים הם עברית

(אזניכם השומעות!)

באמת בני אדם משונים מאד.

 

إنها دعوة واضحة، يُطلقها (ألترمان) بهذه النبرة الاحتفالية الصاخبة، ليحثَّ الجماهير من اليهود، على التخلي عن اللغات التي ألِفوا التحدث والتفكير والكتابة بها، في مواطن سكناهم الأصلية، قبل أن تقتلعهم الصهيونية منها، وتُرسلهم مهاجرين إلى فلسطين.. دعوة لهم تحفزهم إلى التحوُّل عن تلك اللغات التي يصفها الشاعر بـ (الغريبة) إلى العبرية؛ لأنها يجب أن تكون (لغتهم القومية) الوحيدة، في (وطنهم القومي)، كما أن مثل هذا التحوُّل يبرهن على تميزهم وتفوقهم، بعدما نجحوا في إحياء تلك اللغة من سباتها، فصارت- بعد سنين طوال من مرقدها في كتبهم القديمة- لغة ثقافة وحياة يومية، كما زعم.

 

 

[1] ) المسيري، مرجع سابق ، ص 304

[2] ) الشعر العبري الحديث ، مراحله وقضاياه، مرجع سابق ، ص 17- 18

[3] ) البلماح (פַלְמָ''ח) هو اختصار للعبارة العبرية: פְּלוגות  מַחַץ : أي السرايا الضاربة أو كتائب الانقضاض.

-  דוד שגיב: מלון שגיב , ערבי-עברי , עברי-ערבי , הוצ' שוקן, תל-אביב 2008 , עמ' 951

[4] ) אורציון ברתנא: הספרות העברית בארץ-ישראל , דור הפלמ"ח

http://lib.cet.ac.il/pages/item.asp?item=2354 – 4/3/2017 – 1:55 AM
 

[5] ) المسيري ، مرجع سابق ، ص 304

[6] ) الشعر العبري الحديث، مراحله وقضاياه، مرجع سابق ، ص 20- 21 (بتصرف)

[7] ) افرايم ومناحم تلمي , معجم المصطلحات الصهيونية , ترجمة أحمد بركات العجرمي , دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية , عمان , 1988 , ص 26.

[8] ) אֵיזֶה מִין בְּנֵי-אָדָם מְשֻׁנִּים!